أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمّار المطّلبي - حمامة گلَوِي !!














المزيد.....

حمامة گلَوِي !!


عمّار المطّلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3789 - 2012 / 7 / 15 - 22:27
المحور: الادب والفن
    


في عصر أحد الأيّام، أطلّ مذيع تلفزيون الشباب مُبشِّرا المشاهدين ببرنامج خاصّ في الذكرى السنويّة لرحلة ( باص) جورج گلَوي إلى العراق .. و قد كانتْ تلكَ فرصة طيّبة لرؤية هذا الرجل الشهم، و هو يتجشّمُ عناءَ رحلةٍ طويلةٍ في الفيافي و القفار، كسراً للحصار، في باص إنكليزي ذي طابقَين، حاملاً ما خفّ وزنُهُ و غلا ثمنُه، للكبار و الصّغار، الذين أمضّهم الانتظار !
لمْ يكنْ في ذلكَ الفلم التسجيلي ما يُثير، منْ مشاهد للصحراء، و أفخاذ اللحم المشويّ، و منشورات عن الرّحلة تُوزَّع في صباح القاهرة على العُمّال المُبكّرين. أمّا ذلك الاستقبال المُبالَغ به في البوّابة الحدوديّة ( طريبيل) فيُثير الخجل و الغثيان، و يملأ القلبَ حزناً منظرُ الأطفال البائسين وهم يتراكضون في ضواحي بغداد، وراء ذلك الباص المُترنّح الأحمر .. مشاهد تُذكّر الإنسان بالجنرال مود و هو يدخل بغداد، فتدفعهُ للتساؤل: في أيّ زمنٍ نحنُ يا تُرى ؟!!
وحينَ رأى السيّد گلَوي مظاهر الحفاوة تلك، مدّ يدَهُ بمبادرةٍ كريمةٍ منه، و أطلق حمامةً بيضاء إلى سماء بغداد .
شعرت تلك الحمامة ( بنت لندن ) بالحريّة و هي تنطلق كالسهم في الفضاء، لكنْ إلى أين؟!
دارت الحمامة المهذّبة و دارتْ في سماء بغداد .. شاهدت ( الليدي) منْ عليائها الأطفالَ الحفاة يبيعون السكائر و العلكة و أكياس النايلون، و سمعتْ أيمانَهم المغلّظة بأنّ تلكَ الأكياس غير مُعادة ( تصنيع عسكري) ، و سمعتْ أحدهم يصيح بلهفة ( عمّي إشتري .. الله يخلّيك ) .. إنّها لا تعرف العربيّة بالطبع، لكنّها أحسّتْ بضيقٍ عارم حين سمعتْ تلك الكلمات .
و واصلتْ حمامة كلَوي طيرانَها، فرأتْ رجال البلديّة و في أيديهم الهراوات، يُطاردون مجموعة من أصحاب ( البَسْطيّات ) ، فحسبتْهم يؤدّون في الهواء الطلق إحدى المسرحيّات، لكنْ حين سالت الدماء، و حُمِلَت الأجساد إلى ( البيكبات )، أصابها الجنون، فانطلقت تسير بسرعةٍ وثبات، فكان في استقبالها مبنى الأمن العامّة في البلديّات، و سجن الرضوانيّة و سجن الأولمبيّة، و سجن الاستخبارات، و سجن المخابرات .. كلّما عبرتْ في طيرانها سجناً، استقبلها سجن، و كلّما تخلّصتْ منْ ورطةٍ، وجدتْ نفسَها في ورطات، حتّى ضاق صدرُها و اشتدّ لهاثُها و سالتْ دموعها ، و هي بعدُ في اليوم الأوّل، فكيفَ إذا امتدّ بها العمرُ ، مثلنا، سنواتٍ و سنوات ؟!!
المهمّ أيّها السادة و السيّدات، أنّ تلك الحمامة، حين اشتدّ تعبُها، و لمْ تعدْ تقوى على الطيران قرّرت الهبوطَ، و أسلمَتْ أمرَها لِربِّ السموات !
و كان الأمرُ هذه المرّة سهلاً، فبغدادُ، و الحمدُ لله ، فيها غابةٌ منَ النُّصبِ و الجداريّات !!
يُقال إنّ حمامة گلَوي البيضاء، هبطتْ على واحدة منْ تلك الجداريّات من غير أنْ يراها أحد. كان اللّيلُ قد عسعسَ، و المصابيحُ المُطفَأةُ في سُبات، بسبب القطع المُبرمجِ ( مكرمة ) قاهر الظلُمات !!
ذرَقَتْ حمامةُ گلَوي أوّل ذرقةٍ لها على الجداريّة، و نامتْ أولى لياليها في بغداد، لكنّها تمتمَتْ قبل النّوم عبارةً أخرى، غير عبارة ( گُدْ نايِتْ ) التي اعتادتْها في لندن، عبارة مؤلمة ، قالتها بغضبٍ و ضجر:
ـ ماذا فعلتَ يا مستر گلَوي؟!!

نُشِرَتْ و أُذيعَتْ في 26 تمّوز 2002

حمامة كلَوي بعد 2003 م

يُروى أنّ حمامة گلَوي المسكينة لجأت إلى المنطقة الخضراء هرباً بحياتها من التفجيرات و مسدّسات كواتم الصوت و الاغتيالات ، و يُقالُ إنّ تلك الحمامة قد انتهتْ مقليّةً و (محشوّة ) باللوز و الجوز و الفستق و الكشمش على إحدى الموائد التي يُقيمها في ليالي رمضان الحاج إبراهيم الأشيقر الجعفري للمُتعفّفين من رؤساء الأحزاب و النوّاب الفقراء ، تقرّباً إلى الله و طلباً لثوابه، و ( ترطيباً للأجواء ) كما اعتاد الحاج المُحسن إبراهيم الأشيقر أنْ يقول كلّما اختلف ساستنا على تقاسم عوائد الصدقات، عفواً أعني الصفقات !!!
و اليوم كلّما رأيتُ كرْشَ نائبٍ أو مُتحاصص، لا أملكُ إلاّ أنْ أتذكّر حمامة گلَوي المسكينة، مردّداً بصوتٍ عالٍ أسيف:
سِرْطوها الجماعة !!!!!!!!!



#عمّار_المطّلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحريّة فتاة عاقلة


المزيد.....




- مصر.. قرار من جهات التحقيق بخصوص صاحب واقعة الصفع من عمرو دي ...
- والد الشاب صاحب واقعة الصفع من عمرو دياب يكشف عن حالة نجله ب ...
- تابع الحلقة الجديدة 28 .. مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 28 ...
- تابع عرض مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 مترجمة عبر ترددات القن ...
- عقب فيديو الصفعة المثير للجدل..عمرو دياب يعرّض ليلى علوي لمو ...
- مترجمة وكاملة.. المؤسس عثمان الحلقة 164 بجودة HD على قناة ال ...
- -موسم طانطان- في المغرب يحتفي بتقاليد الرُّحل وثقافة الصحراء ...
- “احداث قوية” مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 عبر قناة Atv الترك ...
- ناقد مغربي يدعو إلى تفعيل -سينما المقاومة- ويتوقع تغييرا في ...
- بعد جدل الصفعة.. هكذا تفاعل مشاهير مع معجبين اقتحموا المسرح ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمّار المطّلبي - حمامة گلَوِي !!