أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يونس الخشاب - قصص من الفلوجة















المزيد.....

قصص من الفلوجة


يونس الخشاب

الحوار المتمدن-العدد: 1106 - 2005 / 2 / 11 - 11:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


سوف تستمر هذه القصص بالظهور من بين ركام خرائب الفلوجة لسنوات . كلا ، ربما لاجيال ..
ان الطبيب الذي يجالسني في غرفة فندق في عمان ، حيث يقيم الآن كلاجئ ، كان يدلي بحديثه شرط ان لا يكشف هويته . فقد تحدث عن مشاهداته في بريطانيا ، وهو الآن تحت تهديد الجيش الامريكي اذا عاد للعراق .
" لقد بدأت الكلام عما حدث في الفلوجة خلال كلا الحصارين ، كي الفت الانتباه ، وقد كبس الامريكان منزلي ثلاث
مرات " ويستمر بالحديث بسرعة بحيث اجد صعوبة في متابعة تسجيل حديثه ، ان عليه ان يقص مشاهداته ، وكطبيب
يعمل في داخل الفلوجة ، امتلك آلة تصوير فيديو واثباتات بالصور لكل القصص التي حدثني عنها .
" لقد دخلت الفلوجة مع البعثة الطبية والانسانية البريطانية في نهاية كانون الاول ، وبقيت فيها الى نهاية كانون الثاني "
وكما يوضح ، " ولكنني كنت فيها قبل ذلك لكي اعمل مع الناس وانظر احتياجاتهم ، عليه كنت هناك منذ بداية كانون الاول ."
وعندما سألته ليوضح عما شاهده حينما دخل الفلوجة اول مرة في كانون الاول يعقب على ذلك بالقول انه اشبه باعصار " تسونامي " قد ضرب المدينة .
" الفلوجة محاطة بمخيمات اللاجئين حيث يعيش الناس في الخيام والسيارات القديمة ، انها تذكرني باللاجئين الفلسطينيين .رأيت اطفالا مصابين بالسعال من شدة البرد وغياب الادوية .والاغلبية الساحقة تركوا بيوتهم دون
ان يأخذوا شيئاً ، لا نقود ،فكيف سيتمكنون من العيش بالاعتماد على المعونات الانسانية فقط ؟ "
في واحد من المخيمات ، كما يقول الاطباء ، يعيش 1200 طالب في سبعة خيام .
" ان الكارثة التي سببها هذا الحصار هي اسوأ بكثير من الحصار الاول ،والذي عشت تفاصيله " يضيف قائلاً ،ثم
يحدثني انه سيستخدم قصة كمثال .
" احدى القصص عن صبية صغيرة لها من العمر 16 سنة ، " حيث استطاع توثيقها بآلة الفيديو مؤخراً ، " لقد بقيت لمدة ثلاثة ايام مع افراد عائلتها الذين قتلوا في منزلهم . عندما دخل الجنود الى بيتها كانت هذه الفتاة مع والدها ، والدتها واخيها البالغ من العمر 12 سنة وأختيها الصغيرتين . راقبت الجنود يدخلون و يطلقون النار على ابيها وامها في الحال
دون ان يقولوا شيئاً ."
لقد استطاعت ان تختفي مع اخيها وراء الثلاجة لتكون شاهدة عيان على جريمة حرب من الدرجة الاولى .
" ثم شرعوا بضرب الاختين الصغيرتين ، ثم اطلقوا عليهم الرصاص في الرأس " . بعد ذلك جن جنون الاخ الصغير
ثم ركض باتجاه الجنود صارخاً في وجوههم ، غير انهم أردوه قتيلاً .
"استمرت في الاختباء بعد ان غادر الجنود وبقيت مع اختيها لانهما كانتا تنزفان ، غير انهما لا تزالا على قيد الحياة . كانت مرتعبة من طلب النجدة من احد خوفاُ من عودة الجنود لقتلها هي ايضاً . وهكذا بقيت لمدة ثلاثة ايام بدون طعام او
ماء .في النهاية شاهدها احد القناصة الامريكان واخذها الى المستشفى " ، ثم اضاف مذكراً اياي ان كل تلك الشهادة هي موثقة في الفيلم .
ثم اخبرني باختصار قصة أخرى موثقة عن أُم كانت في بيتها خلال الحصار . " في اليوم الخامس من الحصار قصف منزلها ، فسقط السقف على ابنها باتراُ كلا ساقيه " ويضيف ان الابن كان يستخدم كلتا يديه ليشرح لامه انه اصيب في
ساقيه ، " ولساعات كانت الام لا تجرؤ على الظهور في الخارج لانهم كانوا قد اعلنوا انهم سيطلقون النار على كل من
يتحرك في الشارع . وهكذا كل ما استطاعت ان تفعله هو لف ساقية ببطانية ومراقبته يموت تحت بصرها ."
توقف متحدثي ليلتقط انفاسه ، ليستمر في حديثه ، " كل ما استطيع قوله ان الفلوجة تبدو وكأن اعصاراُ ك " تسونامي "
قد ضربها . ليس هناك عوائل كثيرة بعد الحصار ، غير انهم معدمون لا يمتلكون اي شئ . ان معاناتهم هي فوق تصوراتنا . وحين سمح الامريكان لنا بالدخول في نهاية المطاف كان الناس يجاهدون للحصول على بطانية ."
" واحد من زملائي هو الدكتور صالح الصاوي ، كان يتكلم بغضب ضد الامريكان . كان في المستشفى الرئيسي
حينما كبسوا المستشفى في بداية الحصار . دخلوا الى غرفة العمليات حيث كان الاطباء يجرون عملية جراحية لمريض
... وكان هناك لانه الطبيب المسؤول عن التخدير . دخلوا ببساطيلهم واعتدوا على الاطباء بالضرب واخذوهم جميعاً تاركين المريض على منضدة العمليات ليموت ".
في حينها ، تناقلت وسائل الاعلام العربية هذه القصة .
يحدثني الطبيب عن قصف العيادة الطبية في حي نزال خلال الاسبوع الاول من الحصار .
" احتوت هذه العيادة على كل المساعدات الاجنبية وكل المعدات الطبية التي كانت بحوزتنا . وكل القادة العسكريون الامريكان كانوا على دراية بذلك ، حيث سبق وان اخبرناهم كي لا يقصفوننا . لكن تلك العيادة كانت من بين العيادات التي قصفت ، ومنذ الاسبوع الاول من الحصار تم قصفها مرتين ."
ثم يضيف قائلاً ، " طبعاً استهدفوا في قصفهم كل سيارات الاسعاف وكافة الاطباء . الجميع يعرف ذلك ."
وقد اخبرني الطبيب انه مع زملاء له يحاولون مقاضاة الجيش الامريكي عن الحوادث التالية ، والتي يمتلك اشرطة
توثيقية بها .
انها قصة سمعتها من العديد من اللاجئين في بغداد كذلك ... في نهاية شهر تشرين الثاني بينما كان الحصار لا يزال
سارياُ .

" خلال الاسبوع الثاني من الحصار دخلوا واعلنوا ان على كافة العوائل مغادرة بيوتها والتجمع عند تقاطع الشارع
على ان يحملوا رايات بيضاء . وقد اعطوهم مهلة لمدة 72 ساعة للمغادرة بعد ذلك سيعتبرون من الاعداء " يقول
محدثي.
لقد وثقنا هذه القصة بآلة الفيديو ، عائلة من 12 فرداً ، بضمنهم احد الاقارب مع ابنه البالغ من العمر سبع سنوات.
سمعوا هذه التعليمات فغادروا مع ما استطاعوا حمله من طعام ونقود ، واعلام بيضاء .وعندما وصلوا الى تقاطع الشارع حيث كان الناس يتجمهرون ، سمعوا احد الجنود يصرخ بالانكليزية " الآن " وبدأ الرمي من كل صوب ."
كان افراد العائلة جميعا يحملون الاعلام البيضاء ، كما تقول التعليمات ، وطبقا للشاب الذي ادلى بشهادته . ومع ذلك فقد شاهد امه تسقط برصاص القناصة وبعد ذلك والده ـ أمه اصيبت في الرأس وأبوه في القلب ـ وكلتا عمتيه ، بعد ذلك اصيب اخاه في الرقبة . وقد ذكر هذا الرجل انه حينما نهض من الارض طالبا النجدة اصيب بطلق في جانبه .
" بعد ساعات رفع ذراعه طالبا المساعدة فاصابوه في يده " ويستمر الدكتور بحديثه " وبعد فترة اخرى رفع ذراعه فاصابوه بيده "
طفل صغير ـ في السادسة من عمره كان واقفاً فوق جثث ابويه , باكياُ ، اصابوه قتيلاً هو الآخر .
"كل من نهض اطلق عليه النار " ويضيف ان لديه صور القتلى اضافة الى صور جروح اولئك الناجين .
" وحين هبط الظلام زحف البعض من هؤلاء مع الرجل الذي تحدث الي ، مع ابنه واخته وزوجة اخيه الى بناية قريبة حيث بقوا فيها لمدة ثمانية ايام . كان لديهم كوب واحد من الماء اعطوه للصغير . وقد استخدموا زيت الطعام في علاج جروحهم التي التهبت بطبيعة الحال ، واستطاعوا العثور على بعض الجذور والتمر كطعام ".
ويتوقف هنا . عيناه تتجول في الغرفة بينما تمر السيارات فوق الشوارع المبللة بالمطر .
لقد غادر الفلوجة في نهاية كانون الثاني ، فسألته كيف كانت الامور حينما غادر .
" ربما عاد 25% من السكان الى المدينة ، لكن لا يزال لا اطباء هناك . ان كراهية الفلوجيين لكل امريكي الآن لا تصدق ، ولا احد يستطيع لومهم . والاهانات عند نقاط التفتيش تجعل الناس اكثر غضباُ . لقد كنت هناك ورأيت ان كل من يرفع مجرد نظره يهدد ويضرب من قبل الجنود الامريكان والجنود العراقيين على السواء ... احد الرجال فعل ذلك ورفع بصره ، وعندما حاول الجندي العراقي ان يهينه استولى هذا الرجل على سلاح الجندي الواقف الى جواره وقتل اثنان من هؤلاء الجنود ، وطبعا قُتل بعد ذلك .
اخبرني الطبيب انهم يوقفوا الناس في طوابير لساعات طويلة في كل مرة ، اضافة الى ان الجيش الامريكي يحاول ان يعمل افلاماً دعائية من هذه المشاهد .
" لقد شاهدتهم يستخدمون وسائل الاعلام ـ وفي الثاني من كانون الثاني وعند نقطة التفتيش شمالي الفلوجة ، كانوا يمنحوا الناس مائتي دولار لكل عائلة تعود الى الفلوجة بحيث يستطيعون تصوير مشاهد عودتهم وهم يقفون في طوابير غير ان احداُ لم يبد رغبة في الرجوع آنذاك ." " لقد ذكرني ذلك بالقصة التي اخبرني بها احد زملائي في كانون الثاني . فآنذاك كان فريق من ال CNN يصاحب الجيش لكي يصوروا كناسي ومنظفي الشوارع الذين احضروهم على انهم سكان الفلوجة والجنود يوزعون الحلوى على الاطفال .
" يتوجب عليك فهم الكراهية التي تسبب بها هؤلاء .. فقد اصبح من الصعب جداً على العراقي ، بضمنهم انا نفسي ان اميز بين الامريكان كحكومة والامريكان كشعب .
ان قصته تشبه قصص الاخرين التي لا تحصى .
"كان ابن عمي رجلاً فقيراً من اهالي الفلوجة " ويوضح قائلاً " لا يعرف غير العمل وبيته واسرته مكونة من زوجته وخمس بنات. في تموز من عام 2003 دخل الجنود الامريكان بيته واوقظوهم جميعا من النوم . سحبوهم الى الغرفة الرئيسية من البيت واعدموا ابن عمي امام عيون عائلته ، ثم غادروا هكذا ببساطة ."
يتوقف قليلا ثم يرفع يديه متسائلاُ : " الآن كيف سيشعر هؤلاء الناس ازاء الامريكان ؟"

http://dahrjamailiraq.com/



#يونس_الخشاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفط والنخب
- مستقبل العراق والاحتلال الامريكي ما بعد الانتخابات
- نفط العراق مقابل السلطة السياسية
- النخب العميلة
- اشحذوا سكاكينكم ..فالانتخابات قادمة
- الاستفتاء بدل الانتخابات
- انهم يخفون معالم جريمتهم ، أليس كذلك ؟
- روبرت فيسك.. عن العراق
- بصمات نغروبونتي
- هل ستصبح الموصل فلوجة ثانية ؟
- - تسونامي- يضرب العراق
- نعومي كلاين عن العراق
- من المستحيل ارجاع المارد الى القمقم
- الفلوجة -رواية شاهد عيان
- في رسالة الكترونية لمكتب التحقيق الفدرالي،الرئيس هو الذي سمح ...
- الماغنا كارتا- والليبرالية الجديدة -
- في الانتخابات العراقية، منظمات امريكية تعمل من وراء الكواليس
- الانتخابات بين النخب السياسية والمواطن المهمش
- انها حرب اعلام
- الفلوجة : ادلة على جرائم حرب


المزيد.....




- شاهد: تسليم شعلة دورة الألعاب الأولمبية رسميا إلى فرنسا
- مقتل عمّال يمنيين في قصف لأكبر حقل للغاز في كردستان العراق
- زيلينسكي: القوات الأوكرانية بصدد تشكيل ألوية جديدة
- هل أعلن عمدة ليفربول إسلامه؟ وما حقيقة الفيديو المتداول على ...
- رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية يتهرب من سؤال حول -عجز ...
- وسائل إعلام: الإدارة الأمريكية قررت عدم فرض عقوبات على وحدات ...
- مقتل -أربعة عمّال يمنيين- بقصف على حقل للغاز في كردستان العر ...
- البيت الأبيض: ليس لدينا أنظمة -باتريوت- متاحة الآن لتسليمها ...
- بايدن يعترف بأنه فكر في الانتحار بعد وفاة زوجته وابنته
- هل تنجح مصر بوقف الاجتياح الإسرائيلي المحتمل لرفح؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - يونس الخشاب - قصص من الفلوجة