أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والحلول المحتملة ب- الوضع الراهن في الشرق الاوسط ، والمستجدات المحتملة















المزيد.....

الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والحلول المحتملة ب- الوضع الراهن في الشرق الاوسط ، والمستجدات المحتملة


عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1106 - 2005 / 2 / 11 - 11:44
المحور: القضية الكردية
    


ب – الوضع الراهن في الشرق الأوسط، والمستجدات المحتملة

لا تزال صياغة التعريف الصحيح للعلاقة بين التقاليد الاجتماعية والحاضر، تشكل مشكلة في العلوم الاجتماعية. كم بمقدورنا معرفة الظواهر والأحداث والمراحل المعاشة في الحاضر، إن لم نربطها بالتقاليد؟ كم هو تأثير التقاليد على الحاضر؟ كيف يعيش المجتمع بذاته التقاليد والحاضر في آن معاً، وضمن أية مقاييس؟ من الصعب القيام بتحليلات ودراسات واقعية بشأن الوضع الراهن والمستجدات المحتملة، ما لم نرد على هذه التساؤلات. حتى إن قمنا بذلك، فستكون مليئة بالنواقص والأخطاء. لهذا الغرض نلجأ إلى الأسلوب الذي نربط فيه بين التاريخ والحاضر على الدوام. ولو ذكرتُ قناعتي مرة أخرى، فسأقول بأن التقاليد مدفونة بين ثنايا الحاضر بنسبة كبرى، وإن كانت بشكل مشَفَّر. فالظروف واللحظات الحالية لا تُطرئ التغييرات على المعطاة التقليدية، إلا بنسبة تقل كثيراً عما يتم تصوره. لكن، ومن أجل فهم ذلك في عالم الظواهر، يتحتم فك رموز بعض الشيفرات (الألغاز). يكمن وراء قيامي بصياغة التعاريف التاريخية الكثيفة، هدف فك الرموز الحاضرة المستترة.
بإمكاني الإيضاح أكثر بإعطاء مثال على ذلك. لا يساور الشكُّ أحداً – أيَّ أحدٍ معني بالقرن العشرين على الصعيدين الأيدلولوجي والسياسي – في صدق وأمانة لينين الثورية. لا أعتقد بأن لينين فك رموز السلطة أثناء انشغاله بها، على الصعيدين النظري والعملي على حد سواء. ولأنه لم يستطع فكها، فقد أدى إلى تصفية أهدافه والقضاء عليها بوساطة النظام الذي أسسه بالأرجح. هنا تكمن أهمية العجز عن فك رموز الشيفرة. ثمة كمٌّ لا يعد ولا يحصى من الحكماء الذين قاموا بصياغة تعريفات بشأن السلطة، أصح بأضعاف مضاعفة من تلك التي صاغها ثوارنا الحاليون. ربما لم يهدموا السلطة، ولكنهم لم يدنسوا أنفسهم بها أيضاً. فهل نستطيع الاستخفاف بأهميتهم؟ لم تستطع الاشتراكية المشيدة بقوالب السلطة المتبقية من عهد روسيا القيصرية، والتي استخدمها لينين في صراعه؛ الصمودَ سوى سبعين عاماً فقط. بل وانهارت دون أي مقاومة – ولو بقدر صَدَّام الذي كان منافساً اعتيادياً على السلطة – وبعد أن قدَّمت أجَلّ الخدمات التاريخية للنظام الذي طالما ناهضَته وحاربته. بل وبخيانتها للعالَم الذي تواجدت من أجله، واتحدت في أقوالها وأهدافها في سبيله؛ وذلك بعدم إخطارها إياه بالحقائق. حسب رأيي، وبدلاً من إغراق النظام اللينيني بالانتقادات المبهمة والضبابية، سيكون من الأصح الاكتفاء بالقول بأنه عجز عن "فك الرموز الكثيرة لشيفرات السلطة".
سنغالط أنفسنا ونخدعها بنسبة ملحوظة بالاعتقاد بإمكانية خلق التطورات الصحيحة المرتجاة، والمناسبة للأهداف والمآرب المرجوة؛ ما لم نحلل ونفكك الشيفرات المتصلبة النابعة من التقاليد، والمتعلقة بالظواهر والأحداث والمراحل الثورية كافة، والتي تُعرَّف عادةً بمراحل الانطلاقة والوثبة النوعية في حاضرنا الذي ندرسه على وجه الخصوص. تنبع كل رَيبتي وقلقي من العجز عن التعريف الصحيح لحاضرنا، من دون صياغة التعريفات التاريخية الاجتماعية، والتي قمتُ بطرحها هنا، وإنْ بشكل مليء بالأخطاء والنواقص. إن ما يشير إلى الأهمية البالغة لهذا الموضوع هو بالذات حياة الشرق الأوسط المليئة بالفواجع والكوارث المدهشة في ماضيه عموماً، وفي حاضرنا على وجه الخصوص. ويُجمَع بشكل عام على الحقيقة القائلة باستحالة تحليل هذه الحياة بشتى أنواع وأساليب العنف المتبعة، مهما استُخدِمَت آخر التقنيات فيها. كما من المحال خلاصها من وضعها، الذي هو أسوأ بكثير وأنكى من الوحشية، عبر المحاولات الاقتصادية والمالية والسياسية والتعليمية. لكن، ومن جانب آخر، جلي بما لا شائبة فيه، ضرورة اتباع بعض المحاولات والمساعي الحلاّلة بكل تأكيد، وبسرعة قصوى. لهذا السبب تتمتع محاولاتي التحليلية بشأن التقاليد بأهمية بارزة، رغم انتقادها ضمن إطار المصطلحات الأولية. ولدي قناعات متوغلة في العمق، تفيد باستحالة وجود أي معنى لأية مساعٍ حاضرة من دونها، أو تمخضها عن نتائج مثمرة.
انطلاقاً من هذه النقطة بالذات، لطالما تجول بخاطري لعنة البابليين المذكورة في "العهد القديم"، أثناء مرور الشرق الأوسط وكافة عواصمه أمام ناظري. هذا وتذكِّرني أيضاً بلعنة المسيحية على روما، ولعنة الشعراء السومريين على "آغاد Agad". فهل هناك من يزعم أن بغداد، القدس، مكة، أنقرة، اسطنبول، قابيل، طهران، القاهرة، وإسلام أباد ليست بمدن بابلية معاصرة؟ أيٌّ من الشعوب بمقدوره العيش في هذا الوضع المتردي والسافل والعقيم والذليل لهذه الدرجة، رغم الثقافة العظيمة الموجودة فيما بينها؟ كيف يمكن إيقاع الشعوب في هذه الحالة بالأساليب والمفاهيم التي لا مكان لها في أي كتاب من كتب فن الحرب والسلطة؟ قد يكون ممكناً العثور على معنى ما في آكلي لحوم البشر (اليام يام) الأفارقة. لكن من المستحيل أن نعثر عليه لدى الوحوش المستبدين في الشرق الأوسط الذي تتعرض شعوبه للإبادة والمجازر المعنوية والجسدية. بل من الصعب أيضاً العثور على جغرافيا أخرى مورِس فيها القتل بهذا النحو الدنيء والخياني والعشوائي الهمجي (إنه حسب ظنهم قتلٌ ماهر وحاذق)، مثلما هي الحال عليه في الشرق الأوسط.
عليَّ التطرق إلى مشكلة أخرى خاصة بالأسلوب. يقوم الرهبان الغربيون العصريون (المعنيون بالآداب والفلسفة والعلم ومختلف فروع الفن) بتقسيم تكامُل ظاهرةٍ أو حدثٍ أو مرحلة ما، أثناء دراستهم إياها. ويؤمنون باستحالة البحث والتدقيق دون إسقاطها إلى حالة جثة التشريح. هذا ما يذكِّرني دائماً بأسلوب الرهبان السومريين في معرفة مصير الإنسان من حركة النجوم في السماء. حسب رأيي، فالنتيجة هي عينها، مهما كان أحد هذين الأسلوبين علمياً والآخر ميثولوجياً. بل وإني على قناعة تامة بأن رهباننا العصريين في منزلة أدنى. فما دمتَ قادراً على تقسيم الشَّعرة أربعين قسماً، لماذا إذن لا تولي المعنى الصحيح للإبادة الجسدية والمعنوية الحاصلة في القرن العشرين، والتي تضاهي في حِدّتها كل القرون الأخرى أضعافاً مضاعفة؟ لماذا لا تتقدم بحل مثمر؟ من المستحيل تعريف أي ظاهرة أو حدث أو مرحلة، دون النظر إليها ضمن تكاملها. فالتحليل بالتقسيم إلى أجزاء لا حصر لها، يضيع الحقائق ويخفيها عن الأبصار بنسبة كبرى، ولا يجدي نفعاً من الناحية التعليمية. بل ويعيق التعلم السليم أيضاً. فطراز تكَوُّن الإنسانية مستمر دون أن يغير من مضمونه شيئاً.
لقد أفسد النظام الغربي الرأسمالي طراز التكون ذاك بأسلوبه في التقسيم والتغيير الزائد عن حده. لهذا السبب بات مجتمعاً متأزماً. يحدد الفن والفلسفة والعلم حالة ذهنية الإنسان. والذهنية، أو الروحانية، لا تقسَّم. ذلك أن التقسيم يميتها. وإماتة الإنسان في الغرب على هذه الشاكلة مهيمنة ومتفشية، بل ويتم نشرها في كل أرجاء العالم أيضاً. الجانب الأهم في حكمة الإنسان هو كونه كلٌّ متكامل. النبوة هي الحكمة المكتسِبة مرتبة القداسة العظمى. وتتأتى مصاعبها من قدرتها على التقرب بشكل متكامل. كل مؤسسة اجتماعية (أو ممثليتها) لا تهضم العلم والفلسفة والفن، تعمل بذلك على إبطال حقيقة التكون وإفسادها.
كخلاصة؛ يأتي كل انحراف وضلال من عدم التحلي بالمفهوم الكلي المتكامل. وتكمن الجهالة الأخطر في النظر إلى الظواهر والحوادث والمراحل بذهنية أحادية الجانب (أو بالأصح، بذهنية مقسَّمة وممزَّقة). ذلك أنها تقتل الحقيقة. هذا هو مرض العصر والنظام السائد. على سبيل المثال، يجب رؤية وجهة النظر المنطلقة من الماهيات الأكثر علمية، بأنها أكثر أشكال الجهالة مكراً وخفاء. تُعتَبَر كل علمية تفتقر إلى الروح، وفنى ذكاؤها العاطفي، مفتوحة أمام كافة أشكال المخاطر والمهالك (العلمية أصلاً، وفي الوقت عينه، تعني الذكاء التحليلي غير المضبوط). إنها ضرب من ضروب سرطان الكلام.
المشكلة ليست أن نتعلم كثيراً، بل أن نحيا حسب ما نتعلمه. يتمثل مضمون التواجد المجتمعي في إدامة التعلم كحالة ذهنية للمجتمع، وضمن تكامل شامل وبجميع الأبعاد (أي الفلسفة، العلم، والفن). هذه هي الحقيقة التي دمرها عصرنا. لهذا الغرض أصبح العلم مدمِّراً هائلاً. وما الدمار النووي – على سبيل المثال لا الحصر – سوى تعبير رمزي عن حقيقة معينة. فتصنيع الإنسان للقنبلة الذرّية تجاه نفسه وأبناء جنسه، ليس أقل وحشية من عمليات آكلي لحوم البشر (اليام يام). وعلم الاجتماع، الذي يتوجب عليه هو بالذات أن يكون مكلفاً بإعاقة هذا لتقسيم والتمزيق، وتأمين التكامل الكلي؛ إنما يتمزق بنفسه، ليصبح المنبع الأس للخطر المحدق. والنتيجة كانت اندلاع عدد لا حصر له من الحروب المحلية والإقليمية والعالمية، وتأجج النعرات القوموية، وظهور الفاشية وكافة أشكال العنف.
لهذا السبب بالذات اتخذتُ الذهنية الدينية والميثولوجية والفلسفية والعلمية والأدبية بشكل متداخل في مرافعتي. لا يمكن تطوير مرافعة معنية بالشعوب وبجوهر الإنسان، إلا على هذه الأرضية. فقوة مرافعةٍ ما منوطة بالقدرة على التحليل والصمود تجاه البراديغما الحضارية التي تتحامل على ذاتها.



#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والح ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والح ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والح ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والح ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والح ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط ، وا ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني 3- العودة الى الأيكولوجيا الاجتما ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني -2 تحرير الجنسوية الاجتماعية
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع) بصدد ال ...
- الدفاع عن الشعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع )بصدد ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع) بصدد ال ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع)بصدد الم ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية(مشاريع) بصدد الم ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والحلول المحتملة ب- الوضع الراهن في الشرق الاوسط ، والمستجدات المحتملة