أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والحلول المحتملة آ- امكانية الفهم الصحيح للشرق الاوسط ماهي المشكلة وكيف تطورت ؟ -4















المزيد.....



الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والحلول المحتملة آ- امكانية الفهم الصحيح للشرق الاوسط ماهي المشكلة وكيف تطورت ؟ -4


عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1104 - 2005 / 2 / 9 - 09:49
المحور: القضية الكردية
    


4 – ثمة بضعة ظواهر أخرى داخل المشاكل الشرق أوسطية، تستوجب التعريف. فظواهر الإثنية، الأمَّة، الوطن، العنف، الطبقة، المُلكية، والاقتصاد وغيرها؛ لا تزال بعيدة عن التعريف على الصعيد الاصطلاحي. فاصطلاح الظواهر بمستواها التعريفي لا يزال غير منقى من شوائب الدروع الأيديولوجية الشوفينية. ولم تُطرَح بعد القيمة العلمية الحقيقية لهذه الظواهر في الثقافة الشرق أوسطية. حيث يُنظَر إليها إما بمنظار الأيديولوجية الدينية، أو بمنظار القوموية الشوفينية؛ ليسفر ذلك عن نتائج مشحونة بالعقم والانسداد، حسبما يُرتأى لها. ولا تُطرَح في الميدان بعض التساؤلات، من قبيل: ما هي قيمة ومكانة وثقل ظواهر الإثنية، الأمة، الوطن، العنف، المُلكية والاقتصاد؟ عَمَّ تعبِّر العلاقة فيما بينها؟ بل ويُجعَل من الحقيقة ضحية للإرشادات الأيديولوجية السائدة. أما السياسة، فتتقرب منها بتهكم وتهجم أناني عبر إرشادات أشد سوءاً. ولا تُولى أية فرصة لإبداء المواقف العقلانية المنطقية، أو العادلة الديمقراطية. وكأنه ثمة إحساس سائد يفيد بأن تنوير الظواهر بسلوكيات علمية خارج النطاق الأيديولوجي والسياسي، سيُفسِد كل الألاعيب المحاكة. وإبقاء الحقائق متوارية في الظلمات الداكنة في منطقة الشرق الأوسط، هو وظيفة هامة أُنيطت بها السياسة والمجال التعليمي. وبدون النجاح فيها يستحيل القيام بإجراءات فن السلطة. يمر إبطال السحر من الشفافية والنقاوة.
لقد وضعنا ثقلنا بما فيه الكفاية على الإثنية (جماعات الكلان، القبيلة، العشيرة، والشعب). وسعينا لإظهار مسار نشوئها وتطورها وتحولاتها، وإنْ بشكل غير مباشر. لا تزال الإثنية واقعاً يحافظ على وزنه في الشرق الأوسط، وإنْ ليس بالقدر الذي كانت عليه قديماً. وهي أكثر توطداً في المناطق الجبلية والريفية، في حين أنها تركت محلها في المدن للطرائق الدينية والجماعات المشابهة. وبما أن المواطَنة والديمقراطية لم تترسخا بشكل كامل، فلكلٍ إثنيته وجماعته التي ينتمي إليها. والدول أيضاً تراقب الأشكال الأخرى للوجود الإثني، بقدر مراقبتها للأسرة. ذلك أنه من الصعب الفلاح في السياسة، دون الأخذ في الحسبان قوة العشائر الموجودة. ولكونها لم تنصهر في بوتقة التمايز الطبقي ولا النزعات القومية بشكل تام، يزداد التعقيد الاجتماعي أكثر. لكن هذا مهم من ناحية حملها لثقافة النَّسَب كعضو مقاوِم تاريخياً. إن الرفض الجاف والمحض لها، ليس بتقرب واقعي ولا ناجع. بل من المهم تناول الأواصر الإثنية ودراستها بعناية، وتحليلها بصحة؛ بغرض الفصل بين الإثنية وبين الميول المنزلقة في القوموية المصغرة والسياسة الضيقة كساحة أساسية. فبقدر ما يؤدي الاتجاه الأول إلى نتائج صائبة، قد ينمُّ الثاني عن قدر مماثل من النتائج الخاطئة والوخيمة.
يشكل مصطلحَا "الأمة" و"القومية" مشكلة قائمة في المجتمع الشرق أوسطي، أكثر مما يشكلان الحل. لقد ابتُكِر مصطلح "الأمة" ومن ثم "القومية"، وبُذِِلت المساعي لتحليلهما في فترة المَرْكَنتَلية (الرأسمالية التجارية) كفترة ولادة ونشوء للرأسمالية؛ قبل تحديد احتياجات السوق الوطنية، أو رسم حدود اللغة القديمة. يُعبِّر مصطلح "الأمة" عن مفهوم الأمة الجماعة المعتنقة لدين ما بمعناه المحدود بإطار اللغة. وهو في مضمونه مصطلح سياسي أكثر منه سوسيولوجي. حيث يتم التقرب منه بمآرب سياسية. هو يلبي احتياجات المطالبة بتكوين الدولة ضمن حدود أكثر استقراراً وسلامة. وهذا المصطلح له أهميته بالنسبة للدول، والتي تنبع من أرضيته السياسية، أكثر مما تنبع من أرضيته الإثنية. فحتى في مفهوم "الأمة النقية" تبرز الحقائق السياسية للعيان بكل وضوح. وبالطبع، تبرز من خلف هذه السياسة أيضاً مشكلة السوق. فالسوق والسياسة هما رَحِم الشعب.
لا يتمتع مصطلح الأمة بالقيمة التي تتمتع بها الإثنية من الناحية السوسيولوجية. فالإثنية هي إحدى الظواهر السوسيولوجية الوطيدة. والإثنية كقوم تشبه الأمة. و"القوم" يختلف في مضمونه عن الأمة، حيث يعتمد على خلفية لم تتطور فيها بعد قيم السوق والسياسة. وفي منطقة الشرق الأوسط يتم الالتفاف حول القومية أكثر منها حول الأمة. والقومية – أو القوموية – تحل محل العلاقات الدينية المتراخية والواهنة. وهي ضرب من الدين الدنيوي. كما أنها الآلة الأولية لمشروعية الدولة. إذ من الصعب تسيير شؤون الدولة دون الارتكاز إلى الدين والقوموية. فالدين بالأصل هو جينة (مورثة) الدولة، والقوموية هي شكلها الحديث.
لا يتحلى مصطلح الأمة والقومية بأية قيمة للحل الاجتماعي في راهننا. بل، وخلافاً لذلك، فهو يُصَعِّب الحلول ويعقدها بمواراته إياها تحت غطاء الأمة والقوموية. من المهم تعريف هذه الظاهرة والمصطلحات – التي لا يمتد ماضيها حتى قرن واحد فقط – ضمن واقعها هي. قد تفضي السلوكيات والمواقف السياسية والأيديولوجية المستندة إلى القومية أو الأمة بشكل بحت، إلى العديد من الأخطاء. فالأدوار التي لعبتها القوميات البالغة المرتبة الشوفينية، واضحة للعيان في الحروب المندلعة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. هذا ومنشور أمام العيان النتائج التي تقود إليها كافة القومويات عموماً في الشرق الأوسط، والقوموية العربية – الإسرائيلية على وجه التخصيص؛ وما تتسبب فيه من عقم وعمليات دموية وآلام جسيمة، بسبب استثمارها في مآرب سياسية. من المهم بمكان عدم اللجوء إلى القوموية إطلاقاً في السياسة والأنشطة الأيديولوجية، واستخدام ظاهرة "الأمة" كمادة أو عنصر أولي في حال مساهمتها في الحلول الاجتماعية، لا غير. وإلا، ففي حالة العكس، لن ينمّ الأمر عن نتائج سوى تجذير الفوضى بسبب الاشتراطات الأيديولوجية (مثلما هي الحال في أوروبا) التي تتميز أصلاً بأرضية متينة في منطقة الشرق الأوسط.
إلى جانب امتداد مصطلح "الوطن" إلى القديم الغابر كمكان للاستيطان والاستقرار، إلا إنه حديث باعتباره الجغرافيا التي تستند إليها الدولة القومية، حيث تعمل بالحدود السياسية أساساً بدلاً من الحدود الإثنية. والفارق الكامن بين الشرق الأوسط وأوروبا، هو رسم الأول للحدود التي تستند إليها الدولة، لا الحدود اللغوية، لدى تحديده التخوم القومية. بهذه الحالة يغدو الوطن ظاهرة سياسية. فكل دولة تشكل وطناً بمعناه العصري. لا يمكننا صياغة تعريف صحيح للوطن عبر التقربات الأيديولوجية والسياسية. هذا ولا تكفي الحدود اللغوية أيضاً لتشكيل الوطن. لذا، فتقييمنا له كمصطلح ثقافي سيقرِّبنا من الحقيقة أكثر. يمكن تسمية المساحات الجغرافية التي تتجاوز نطاق القومية السياسية وتمتلك تاريخاً أقدم منها بكثير، حيث استقرت فيها الشعوب القديمة على مر التاريخ الطويل؛ باسم الوطن. ومثلما يقال أنه لكل شعب وطن، فثمة أوطان مشتركة للشعوب المتعايشة بشكل متداخل أيضاً.
إذا ما تناولنا الشرق الأوسط ككل متكامل، فإن تقسيمه ضمن حدود على الطراز الأوروبي يخلق معه مصاعب شتى. ذلك أن التكامل والخاصيات متوطدان للغاية. فالروابط الاقتصادية والاجتماعية هي التي تحدد تسمية أي مكان ما بالاسم اللازم له. أما التقسيمات السياسية الإرغامية، فليست وطيدة بقدر القيم المخلوقة عبر التاريخ. أدت الحدود السياسية المرسومة في نهايات الحرب العالمية الأولى، إلى تحريف مصطلح الوطن؛ أو بالأحرى إلى ولادة المشاكل المعنية بالوطن الحقيقي. إن الواقع السياسي المتكامل لمنطقة الشرق الأوسط يشل من واقعية الخريطة السياسية المعروفة اليوم. كما تستلزم ديناميكية السياسة تكامُلَ الساحات الجغرافية على نحو مغاير لما هي عليه. ويتطلب الوضع القائم الصراع الدولي العالمي، ويؤجج النعرات القوموية، كما هي الحال في المشكلة الفلسطينية – الإسرائيلية، أو في مشكلة كردستان العراق.
إن تقاليد الإمبراطورية الشرق أوسطية أقرب أكثر إلى الفيدرالية. فالبنية الإدارية والسياسية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة وعرفتها، كانت فيدرالية، منذ أولى الإمبراطوريات وحتى الإمبراطورية العثمانية الأخيرة. إنها فيدرالية مرتكزة إلى المناطق الواسعة الخاصة، وأشبه بحال الولايات المتحدة الأمريكية في راهننا. تنبع المشكلة الاساسية للشرق الأوسط فيما يخص موضوع الوطن، من عدم العودة ثانية إلى الوضعية الفيدرالية التقليدية المألوفة، وإلى التجزئات والتقسيمات غير الواقعية، وغير اللازمة، وغير المجدية، فيما بين العديد من الدول القومية. ومن دون تخطي هذا الوضع، سيكون من الصعب بلوغ مفهوم أكثر واقعية بشأن الوطن والمواطَنة.
تتميز ظاهرة "الطبقة" بمعاني سوسيولوجية أقل مما يُتَصوَّر لها في أنظمة المجتمعات. فالروابط الأكثر تأثيراً في المجتمع هي الروابط الأيديولوجية والسياسية والإثنية، وغيرها من المجموعات والأصناف. في حين أن الحركية ذات الوعي الطبقي تكون محدودة. يكون التمايز الطبقي ضرورة لا بد منها في المجتمعات الهرمية والدولتية. ذلك أنه لا يمكن للهرمية أو الدولة أن تتطور، دون تَشَكل ظاهرة الطبقة. لكن، ومن الجانب الآخر، لا يمكن القضاء على أية بنية للدولة أو الهرمية من قِبَل الطبقة الاجتماعية السفلى التي تشكل الدعامة الأساسية لها. التمايز الطبقي والتدول ظاهرتان تشترطان وجود بعضهما البعض، ومنوطتان ببعضهما البعض. قد يكون ثمة صراع ضارٍ بينهما. لكن وفاقهما أمر لا مفر منه في منتهى المآل. تشكل الطبقة الحاكمة على الدولة، والطبقة المحكومة من قِبَلها قريناً (ثنائية) جدلياً. وتكون الدولة هي الوضع القائم والسلوك المتبع فيما بين هذه الثنائية، بحيث لا يمكنها الصمود أو الثبات في حال غياب أحد عنصرَيها. فبغياب الطبقة لا تتشكل الدولة. في حين أن الإصرار على تشكيل الطبقة يعني تماماً الإصرار على الدولة. أما مديح الطبقة المسحوقة، فيتحول في آخر المطاف إلى مديح للدولة المهضومة والمقبولة، بشكل أو بآخر.
إن قول "دولة الطبقةالعمالية" خاطئ كمصطلح. فهذا القول لا يعني سوى "إنني أخلق بورجوازيتي بيدي". والتجربة السوفييتية برهان ضارب للنظر في هذا المضمار. أما الشكل الأصح تماماً في موضوع الصراع الطبقي، فيتمثل في عدم عيش التمايز الطبقي على الصعيدين الأيديولوجي والعملي. وهذا ما مفاده العيش على شكل "فرد حر" أو "مجموعة إثنية" أو أي ضرب من ضروب الجماعات. حينها لا يتبقى من الدولة سوى جهاز تنسيقي، أو منظومة تسمى "الأمن العام والمصلحة العامة المشتركة"، والتي تحدَّد وفق إرادة المجتمع المشتركة.
يُعاش التمايز الطبقي بأنقى أشكاله وأكثرها أصالة في الحضارة الشرق أوسطية، في عهد نشوء الحضارة السومرية والمصرية. حيث يجد معناه في الميثولوجيا على شكل مخلوقات إلهية، وأخري طينية. إنه تمايز جذري. وقد تحول هذا التمايز في الأديان التوحيدية، ليتخذ شكل "أهالي الأنبياء" (أهل البيت) و"الأمة". في حين يمنح سيدنا موسى صلاحية "الكهانة" للقبيلة الأقرب إليه من بين القبائل العبرية؛ ليباشر بذلك بإبراز تمايز طبقي خاص به. أما سيدنا عيسى فتتبين منزلته بالبدء بتمرد الفقراء تجاه طبقة الكهنة بالأرجح. وشهدت المسيحية أيضاً تمايزاً طبقياً فيما بعد بحذوها حذو الإمبراطورية الرومانية. فبينما أسَّست الطبقة العليا للكنيسة دولتها الدينية، تمكنت من تطوير تمايز طبقي خاص في الأسفل بين صفوف الشعب، تحت غطاء ديني.
أما في الديانة الإسلامية، فيُعاش التمايز الطبقي على نحو مختلف. فبينما تتأسس الدولة الإسلامية على يد الخلفاء الراشدين المفتقرين إلى العمق الأيديولوجي، وعلى أرضية تتكون بالأرجح من بقايا الدولتين البيزنطية والساسانية؛ تحولت الأمة، كمجموعة واسعة من المؤمنين، إلى الدعامة الأساسية لهذه الدولة. و"الأمة" هنا، تعبِّر عن شريحة المجتمع المؤمنة كلياً بالدولة الإسلامية، والمعتادة على إطاعتها المطلقة. إن غطاء الأمة يدثر وجه التمايز الطبقي الحقيقي، ويجذبه نحو الوفاق.
تظهر أمامنا هنا الهوية الاجتماعية الديمقراطية للأديان التوحيدية: إنها الوفاق الوطني. إن سيدنا عيسى في حقيقته ثمل ثورية طبقية. فـ"الآريوسية" (Ariusçuluk) في الديانة المسيحية، وخاصة في فترة التدول، تمثل المقاومة الطبقية الضارية والعتيدة للفقراء. ويُشاهَد الاتجاه عينه في ظاهرة تمثيل المذهب العلوي للفقراء ولمجموعات الشعب المسحوقة في الديانة الإسلامية، في نفس الوقت الذي يتدول فيه المذهب السنّي. أي أن الطبقات لا تظهر ببناها العارية المكشوفة في منطقة الشرق الأوسط. بل تنتصب أمامنا على الدوام متقمصة ومرتدية الأغطية الإثنية والدينية والمذهبية. بمعنى آخر، يجب العثور على التمايز الطبقي في أعماق الأغطية الأيديولوجية والإثنية والمذهبية الغائرة. والصراعات الحاصلة إنما تُشِيد بالخصائص نفسها. ويتواجد على الدوام مضمون طبقي في كل صراع إثني أو ديني أو مذهبي أو فكري أو …الخ. يجب وضع هذه الحقيقة نصب العين دائماً لدى القيام بتحليل أي ظاهرة اجتماعية كانت.
لدى تصارع الطبقات في الشرق الأوسط الراهن على الدولة (كما في العراق مثلاً)، يبرز ذلك في العلاقات القائمة بين المذاهب العربية، العلوية الشيعية منها والسنية من جهة، وبين الإثنية الكردية وجماعات الأقليات الأخرى من الجهة الثانية. أي أن الظاهرة الطبقية تعاش في أغوار البنى الأيديولوجية والدينية والإثنية للدولة والشعب كرعيّة تابعة، على السواء. لهذا السبب لا تتسم الأحزاب الطبقية العلنية ذات الطراز الغربي بمعنى حقيقي فيها. لذا، سيكون من الأنجع أكثر ألا نهمل مسألة التمايز الطبقي أو نغفل عنها إطلاقاً، ولكن أن نراقب شكلها الملموس والمرئي الخاص بها بعين واقعية. وبالتالي أن نعمل على تحليلها دون الوقوع في مفهوم الإسقاط الزائد أو الانزلاق في المفهوم الطبقي الفظ (كالقول بالطبقة العمالية أو القروية مثلاً)؛ وأن نطور الممارسات العملية ونطبقها بموجب ذلك. وإلا، ففي حالة العكس، ستغدو ظاهرة الطبقية آلة أو وسيلة تقبع في أعماق العقم واللاحل، مثلما هو عليه الأمر في يومنا الحاضر.
لم تنجُ الأحزاب الشيوعية الكلاسيكية، والديمقراطية الاجتماعية، والتحررية الوطنية من ملاقاة الفشل والهزيمة، بسبب تقرباتها الطبقية الحديثة. لهذه التقربات الفظة دورها البارز في عدم فلاح الأحزاب الشيوعية والديمقراطية الاجتماعية والقومية الراديكالية، بأي شكل من الأشكال، في كل من إيران، العراق، تركيا، مصر، وسوريا. بل، وخلافاً لذلك، أدت – ورغم مساعيها المهمة – إلى هزيمتها النكراء تجاه التيارات التي عرفت كيف تستخدم الغطاء الديني بمهارة في الصراع على السلطة (كالشيعة، الإخوان المسلمين، حركة حماس، حزب الله، وغيرها).
تتشكل ظاهرة "المُلكية" أيضاً في أغوار عواطف الانتساب الاجتماعي والهوية الاجتماعية، إلى جانب بروزها إلى الوسط في فترة التمايز الطبقي من سياق التطور الاجتماعي. قد يكون من الناجع الفصل بين شكلين من أشكال المُلكية. حيث بالمقدور تعريف المُلكية الجماعية أساساً بأنها إرادة التصرف بأي شيء تستدعيه الضرورة المشتركة من أجل مجموعة منظمة معينة. فكل فرد من الجماعة له نفس الحق في التصرف (الانتفاع من إرادة الاستخدام والاستهلاك) بالشيء المعني. في الحقيقة، لا يمكن القول بأنها مُلكية بكل معنى الكلمة، انطلاقاً من ماهيتها هذه. فالجماعية تعني إنكار المُلكية الخاصة.
أما المُلكية الخاصة، فتعني إرادة التصرف والاستهلاك المتزايدة من قِبَل الفرد أو مجموعة الأفراد، على حساب المُلكية الجماعية العامة. تمثل الحضارةُ الشرق أوسطية المجتمعَ الأقدم الذي شهد المُلكية، انطلاقاً من نوعيتها الأقدم في معايشتها التمايز الطبقي. وقد تَشَكَّل التدوُّل بتأسيس مُلكية في أطرافه، بحيث تشهد النوعين الجماعي والخاص من المُلكية بشكل متداخل. بمعنى آخر، فقد تشكل نظام مُلكي جماعي وخاص متداخل مع التدول، وليس على الشاكلة التي تقول بتأسس أصحاب المُلكية الخاصة أولاً، ومن ثم بناء نموذج الاستيلاء على الدولة. وبقدر تدول الشريحة العليا، تكون صاحبة للمُلكية. فالدولة بحد ذاتها تعني الإعلان عن الحدود التي تهمين عليها بأنها مُلك لها. والدولة ذاتها هي أكبر شراكة مُلكية. وهي وحدة للمُلكية الخاصة. كما أنها تسمح بوجود محدود للمُلكية الخاصة في الشرائح السفلية والوسطى، والتي بدورها لا تتخلص أبداً من مصادرتها على التوالي. لهذا السبب لا تتطور المُلكية الخاصة فيما بينها كثيراً. ذلك أنه ما من ضمان جدي للمُلكية الخاصة خارج إطار الدولة. يوضح هذا الوضع – بما فيه الكفاية – أسباب عدم تطور المُلكية الخاصة بقدر ما تطورت في الغرب. فطراز تكوُّن الدولة عامل مؤثر أولي في تحديد كيفية تطوير التملك.
أفسح تحجيم الدولة الغربية منذ بدايتها من قِبَل الشرائح البورجوازية الأرستقراطية المتميزة بمكانتها الراسخة من حيث المُلكية الخاصة؛ المجال لتكوين مؤسسة المُلكية الخاصة بشكل أقوى وأكثر تعزيزاً. وقد برهنت تجربة الحضارة الغربية على أن المُلكية الخاصة أكثر إبداعاً وخلاقية من مُلكية الدولة.
أما المُلكية الجماعية الكامنة في أغوار المجتمع، فقد استمرت في تواجدها بالأرجح ضمن العائلة والقبيلة والمذهب وغيرها من المجموعات والجماعات. ثمة أهمية قصوى يتميز بها موضوع عدم الخلط بين هذه المُلكية الجماعية، وبين المُلكية الجماعية – الخاصة الموجودة في الدولة. فشكلُ المُلكية الأكثر رجعية وطفيلية وافتقاراً للإبداع هو ذاك الموجود في الدولة. يجب رؤية الإفراط في المُلكية داخل الدولة كأهم عامل للتخلف الاقتصادي السائد في منطقة الشرق الأوسط. تَكبُتُ الدولة ونظامها المُلكي المتعاظم كورم اجتماعي خبيث، أنفاس المجتمع. وغالباً ما تتطابق معاني المُلكية والدولة معاً. وتداخُل معاني "المُلك – المَلِك – التملك" إنما يشير إلى هذه الظاهرة ويُبرِزها. وإذا ما قمنا بتعميم تصنيفي سنحصل على النتائج التالية: "الإله = صاحب كل شيء"، "دولة المَلك الإله = المَلك الإله صاحب كل شيء"، "المَلك الإله = مؤسسة الدولة"، "مؤسسة الدولة = الدولة صاحبة كل شيء". سيكون من الصعب جداً تحقيق التطور الاجتماعي، ما لم تحلَّل هذه العلاقة الكائنة بين الدولة والمُلكية بالمستوى الأمثل. إن الكل المتكامل للدولة المقيِّدة للعلاقة السليمة الكائنة بين الفرد والمجتمع، وكذلك للأموال المقتصَدة التي استولت عليها؛ إنما هو مُلكية.
الاقتصاد مصطلح كوني. ويمكن تعريفه بأعم الأشكال بأنه إجراءات البيع والشراء وتبادل السلع، كما في حادثة الأيض (التغيرات الكيماوية) الحاصلة في عالم الأحياء برمته. فالحصول على مادة حية من المادة الجامدة، واستهلاكها وتحويلها ثانية إلى مادة جامدة؛ إنما يشكل مضمون الأنشطة الاقتصادية. جلي بسطوع تام استحالة افتقار المجتمع لهذه الأنشطة في تكونه وديمومة وجوده. لكن الحقيقة الأخرى المتعلقة بهذا الشأن هي أنه لا اقتصاد بلا حيوية (يمكن تعريف هذه الحيوية بأنها الذهنية أو الروح). بالتالي فوضع الثقل على عنصر واحد فقط لدى تحليل هذه الظاهرة، يفضي إلى نتائج خاطئة. إذن، فالأسلوب الأصح والأسلم هو تحليل الذهنية والاقتصاد بشكل متداخل (المجموعات الاجتماعية البينية، الدولة والعائلة، وبشكل أعم الظواهر السياسية والاجتماعية معاً). أما التحليلات المعنية بالاقتصاد لوحده، أو بالذهنية بشكل منفرد؛ فتؤدي إلى أخطاء تماثل ما لتعريف الفيل بشَعره. بقدر ما تكون الذهنية خلاقة ومنتجة، يكون التأثير الاقتصادي معطاء ومثمراً. يتضح من الأمثلة التاريخية أن الفترة ما بين 6000 – 4000ق.م التي شهدت الثورة النيوليتية، هي إحدى الحقب التي كانت ذهنية الإنسان فيها في ذروة عطائها (وقد حصل هذا في الحواف الداخلية لسلسلة جبال أمانوس وطوروس وزاغروس، والمعروفة باسم الهلال الخصيب). هذا وقد أسفر العطاء الاقتصادي على ضفاف بحر إيجة عن ولادة الحضارات الكريتية والإغريقية والرومانية. ارتباطاً بذلك، حدثت الثورات الفكرية والفلسفية والعلمية. علاوة على أن ذهنية النهضة أدت إلى ولادة أعظم اقتصاد أوروبي. التأثيرات إذاًَ متبادلة ومغذية لبعضها البعض.
إن العصور الاقتصادية الناجمة عن التطور الذهني بارزة في الحضارة الشرق أوسطية. مقابل ذلك، فما حصل في هذه الذهنية من انقطاع عن عالَم الظواهر، والانقطاع المتتالي عن الفيزياء في عالم الميتافيزيقيا، والغوص في عالم الخيال والأوهام والتصورات المبهمة والضبابية؛ كان المؤثر الأساسي في انخفاض مستوى العطاء الاقتصادي. فبقدر انفصال ميتافيزيقية الشرق الأوسط عن عالَم الظواهر (الميثولوجية منها والدينية والفلسفية) وانهماكها بالمصطلحات المجردة؛ مهَّدت بنفس الدرجة السبيل للانحسار والتدهور الاقتصادي. إن التركيز على الإلهيات (اللاهوت)، وسلوك اتجاه العداوة تجاه الفلسفة المؤدية إلى صياغة التعريف الصحيح للعالَم الطبيعي على وجه الخصوص، وعدم تطوير الفكر الفلسفي والعلمي؛ قاد في المجال الاقتصادي أيضاً إلى التخبط في عقم أشد وأعمق، وعدم التطور، بل والتسمر في الأساليب النيوليتية التي كانت شائعة قبل الآن بآلاف السنين.
من المحال حدوث ازدهار ونمو اقتصادي راسخ ودائمي ومؤسساتي في الشرق الأوسط، ما لم تمر المنطقة بتطورات ذهنية على شاكلة النهضة والإصلاح والتنوير. هذه هي الحقيقة المتوارية خلف دوافع العجز عن القيام بالإنماء، سواء على يد الدولة، أو عن طريق الأفراد بشكل خاص؛ وخلف أسباب السفالة والبطالة المتفاقمة التي تجترها الجماهير. لا يمكن أن تفلح هذه المنطقة الأغنى بمواردها، في ثورتها الاقتصادية، ما لم تمر بالثورة الذهنية الجذرية. حينها بالتالي، لن تقدر على النوء عن عبء المشاكل المتفاقمة كالبطالة والفاقة والعَوَز. لن يسفر البحث عن الحل عن أية نتائج في الشرق الأوسط، ما لم توضع الثورة الذهنية والديمقراطية في نواة الحل الاقتصادي. وحتى إن حدثت التطورات، فلن تذهب أبعد من لعب دور الضمادات. إذاً، فالأسلوب الأصح هو اتخاذ العلاقة الموجودة بين الاقتصاد والذهنية والديمقراطية أساساً، والتوجه نحو الحل بناءً على هذه الخلفية.
من المهم تسليط الضوء على ظاهرتَي السلالة والطرائقية ارتباطاً بالدولة والدين، أثناء توضيحنا لبعض المصطلحات. حيث أن إكمال التعريف سيبقى محمَّلاً بالنواقص، إنْ لم نُلقِ الضوء على دور السلالة والطرائقية في الحضارة الشرق أوسطية.
السلالاتية ظاهرة ملفتة للنظر، متصاعدة داخل العائلة والدولة، ومشحونة بالعناصر الإثنية والميثولوجية الدينية. وفي كل تصاعد أو انهيار للعوائل والدول في كل زمان، لعبت سلالة محددة دورها البالغ الأهمية في ذلك. ويندر التفكير بدولة بلا سلالة. تسري هذه القاعدة، حتى في يومنا الحالي بنسبة كبيرة. بالإمكان الإشارة إلى قوة ومتانة بنية العائلة البطرياركية كسبب لذلك. إنها جينة (مورثة) الدولة البطرياركية (الأبوية السلطوية). بالتالي، بمقدور أقوى العائلات البطرياركية التسامي إلى طابق دولة السلالة. هكذا تصبح السلالة بذاتها دولة. والسلالاتية مؤسسة يمكن إرجاع أصولها إلى ما قبل آلاف السنين. ولها آثارها العريضة جداً في الدولة والمجتمع على السواء. إنها أشبه بمجمع للطبقة الحاكمة والمجموعة الإثنية والعقيدة الدينية. ويكمن حُسْن طالعها – من جانب آخر – في تأثيرها عبر سلالات النَّسَب أزماناً طويلة. هذا وتُعَد مساعِدة أيضاً من أجل التوسع المكاني عبر الزيجات الحاصلة بين السلالات. هذه المزايا توضح بجلاء دوافع تأسيس الدولة داخل السلالات أولاً.
من المهم عدم غض الطرف عن المؤسسة السلالاتية باعتبارها تشكل بؤرة متينة في التطور الدولتي بقدر التطور الاجتماعي. والحضارة الشرق أوسطية، بمعنى من معانيها، تُحمَل وتُنقَل عبر السلالات. نخص بالذكر هنا سلالات الدولة كأمثلة تركت بصماتها على التاريخ أكثر من غيرها. فبينما تتميز السلالات الخارجة عن نطاق الدولة بثقلها الراجح في الحضارة الغربية، تبرز نجومية وشهرة السلالات المرتبطة بالدولة أكثر في الشرق. السلالاتية في الوقت نفسه مدرسة، ونموذج اجتماعي. فبعد حدوث التطورات المهمة في مدرسة أو أنموذج السلالة، يتم نقلها إلى المجتمع. وحتى المجموعات الإثنية والشعوب، كثيراً ما تُعرَف بأسماء السلالات. والحوادث التي تلعب فيها الأدوار الرئيسية، ليست بقليلة العدد. فأقوى الإثنيات والشعوب يتم ذكرها بذكر اسم أو قوة السلات التي أبرزوها من ضمنهم. فالأمويون، العباسيون، الأيوبيون، السلاجقة والعثمانيون، البرامكة؛ إنما يعنون في الوقت نفسه الشعب العربي أو التركي أو الكردي أو الفارسي.
من الجوهري عدم إنكار واقع السلالة، ولا إعلاء شأنها، باعتبارها لا تزال تحافظ على وجودها في الأوساط الذهنية والمادية في راهننا. والسبيل الأكثر واقعية هو تناولها كظاهرة اجتماعية، وجذبها إلى الأرضية الديمقراطية الاعتيادية. فبقدر عدم الوقوع في الشغف بالسلالاتية، من المهم التقرب منها بشكل تحليلي، مع الإدراك التام بأنها واقعة اجتماعية. وإلا فقد يقود التقرب المعاكس إلى إفراز نتائج سياسية واجتماعية وخيمة بحق، وإلى تجذير الأزمات أكثر. ستُدرَك أهمية الموضوع بجلاء أكبر، إذا ما أشرنا إلى النتائج المأساوية المروِّعة التي أفرزها مرض السلالة الصَّدَّامية في العراق مؤخراً.
الطرائقية أيضاً كالسلالاتية. لكنها تنتشر بالأرجح في الميدان الديني والمذهبي. وهي تعتمد أساساً على تطبيق المبادئ الدينية العامة حسب المراحل الزمنية والمكانية الملموسة. يتم تعبئة الثغرات الناجمة عن ضعف التنظيم الديني العام، عبر التنظيمات الطرائقية. وتتحول الأديان إلى قوة تنظيمية ملموسة عبر الطرائق والمذاهب بالأغلب. لذا، من الطبيعي أن تتواجد الطرائق والمذاهب في كل أماكن تواجد الأديان. والطرائقية حادثة معايشة الدين بحالة أكثر كثافة وتنظيماً. وما دامت كذلك، فإن شخصيات وزعماء الطرائق والمنظِّمين لها تلعب دوراً مهماً. فأينما يتواجد فراغ أو ثغرة ما، تكون الطريقة الدينية هناك. نخص بالذكر هنا الجماهير التي لا تروي الدولة ظمأها، فتهرع إلى تنظيمات على شاكلة الطريقة الدينية. وفي الظروف التي تكون فيها العائلة ضيقة النطاق، والدولة مكاناً صعب المنال؛ يكون احتمال وجود التنظيمات الطرائقية قوياً، في حال غابت فيها التنظيمات الاجتماعية الأقوى.
أما التنظيم المذهبي، فهو الحالة الأكثر تقليدية والأوسع نطاقاً للطرائقية. ثمة العديد من الطرائق التي ترى حاجة في أن تكون نصف علنية بهدف الحماية من الدولة، وتخطي حدود العائلة الضيقة الآفاق. وبينما تكون بعضها تابعة للدولة، يكون البعض الآخر منها مناهضاً حاداً لها. عادة ما يكون الشرق الأوسط أشبه بمجتمع من الطرائق الدينية. وقد لعبت الطرائق الدينية أدواراً مهمة لدى بروزها في الفترات التاريخية التي عجزت فيها الإثنية عن تلبية متطلباتها بشكل تام (وخاصة في المدن)، وبقيت فيها العائلة ضيقة الآفاق، واعتَبَرَت الدولة نفسها أنها بمفردها تشكل الكل بالكل. في الحقيقة، فالطرائق الباطنية السرية البارزة في العصور الوسطى، ليست سوى أحزاب لطبقة الفقراء. ومن أشهرها الطريقة الباطنية لـ"حسن الصبّاح" (1100 – 1250م)، حيث قَضَّت مضاجع السلاطنة والوزراء السلاجقة، الذين كانوا يمثلون السلالة الحاكمة والمذهب الحاكم، وأدمَت أفئدتهم وعقولهم. والفاطميون، والخوارج، والعلويون أيضاً يمثلون تقاليد مشابهة. إن الطرائق الدينية والجماعات الشبيهة بها في الحقيقة ضرب من ضروب مؤسسات المجتمع المدني في المجتمع الشرق أوسطي.
بما أن ظاهرة الطريقة الدينية تنبع من الفراغ الاجتماعي، فهي تستدعي الدراسة الموضوعية لها. وبما أنها مؤسسات شبه سياسية وشبه اجتماعية، فإن أدوارها تتميز بأهمية ملحوظة، سواء بالنسبة للسلطة أو المعارضة. إذ لا مفر من تواجد مثل هذه التنظيمات في الأماكن والفترات التي تكون التطورات العلمية فيها محدودة، والمفاهيم الديمقراطية غائبة. يكمن السبيل لتجاوز كل ذلك، في تطوير علم الاجتماع والنضال والصراع الديمقراطي. أي أن الطريق الصحيح للانشغال بالطرائق المتردية بنسبة ملحوظة، والتي تلعب دور وسيلة أشبه بدور الشركات ذات العلاقات المنفعية المتعددة في يومنا الراهن؛ تتمثل في تعبئة الشعب بالعلم والديمقراطية، وتحقيقهما له. هذا بدوره يتطلب الإيمان بالعلم بقدر عمق إيمان أصحاب الطرائق كأقل تقدير، وإيلائه قيمته، وسلوك المواقف العازمة والعنيدة الدائمة في سبيل الديمقراطية. والأسلوب الأكثر تأثيراً في حل التزمُّت وتفكيكه هو، عدم إنكار المجموعات الجماعاتية الممتدة في جذورها إلى ما قبل مئات السنين. بل الإدراك بوجود مكان لها أيضاً ضمن الديمقراطية، وإبداء الموقف الديمقراطي منها بموجب ذلك.
بالمقدور إبداء مواقف مشابهة من أجل بعض التنظيمات الحزبية السياسية وبعض منظمات المجتمع المدني، التي يمكننا تسميتها بالطرائق الحديثة بالمعنى الأوسع نطاقاً. يتحلى النظر إلى ظاهرة المجتمع المدني من آفاق أوسع بأهمية كبرى في حاضرنا، في الشروط التي تتشابك فيها الأواصر العائلية والقَبَلية والعقائدية مع الأواصر الأيديولوجية الأكثر عمومية. هذا وقد يسفر توحيد العناصر الكلاسيكية للمجتمع المدني مع العناصر العصرية، عن نتائج أكثر معطائية وإثماراً. ذلك أن مؤسسات المجتمع المدني التي لا ترتكز إلى الماضي والتقاليد، قد تمر بمشكلة الأصول والجذور. بالتالي، ثمة خطر جفافها السريع أيضاً. بمعنى آخر، فأي حركة أيديولوجية أو سياسية أو اجتماعية أو فنية تعجز عن عقد علاقتها مع التقاليد، لن تكون فرصتها في النجاح دائمة راسخة، ولن تنجو من كونها وقتية ومؤقتة كالموضة. نخص بالذكر هنا ضرورة استنباط الدروس من فشل اليسار الذي استخف بالتقاليد وازدراها، لدى تأسيس مؤسسات المجتمع المدني والحركات السياسية الديمقراطية ذات الآفاق الشاسعة، والعاقدة أواصرها مجدداً مع التقاليد. حينها ستكون قادرة على صياغة الحل في النفاذ من الأزمة، وبالتالي تكون ناجحة وموفقة.



#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والح ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والح ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والح ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط ، وا ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني 3- العودة الى الأيكولوجيا الاجتما ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني -2 تحرير الجنسوية الاجتماعية
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع) بصدد ال ...
- الدفاع عن الشعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع )بصدد ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع) بصدد ال ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية (مشاريع)بصدد الم ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني ب- افكار تخطيطية(مشاريع) بصدد الم ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ- اللب التاريخي للقيم المشاعية و ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني اللب التاريخي للقيم المشاعية والد ...
- الدفاع عن شعب الفصل الثاني آ - اللب التاريخي للقيم المشاعية ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - الدفاع عن شعب الفصل الثالث الفوضى في حضارة الشرق الاوسط والحلول المحتملة آ- امكانية الفهم الصحيح للشرق الاوسط ماهي المشكلة وكيف تطورت ؟ -4