أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر عتيق - ومضات نقدية في إبداع غسان كنفاني














المزيد.....

ومضات نقدية في إبداع غسان كنفاني


عمر عتيق
أستاذ جامعي

(Omar Ateeq)


الحوار المتمدن-العدد: 3783 - 2012 / 7 / 9 - 00:42
المحور: الادب والفن
    



أُدركُ أن ما سأقوله يعد حروفا مبعثرة أمام أسفار إبداع غسان كنفاني الذي جسد شمولية الفن في إبداعاته وحقق تضافر الفنون في الرواية والمسرحية والنقد و المقال الصحافي والرسم والفلسفة والفكر . فقد أبدع في صهر الفكر والفلسفة في المتن الروائي مما جعل رواياته كنوزا فكرية ثقافية . من أبرز الأيقونات الفكرية التي تتجلى في رواياته هي الوطن والثورة والعودة والحرية والشهادة ( الموت ) . ومن حسن العزاء لنا أن نستذكر بعض الإشراقات الفكرية التي وردت في حنايا رواياته ، تلك الإشراقات التي أضحت مبادئ وشعارات تختزل الثوابت الوطنية في الخطاب الثقافي الفلسطيني ، ففي فلسفة الحياة والموت يقول غسان : (لا تمت قبل أن تكون. ندا) و(إن قضية الموت ليست على الإطلاق قضية الميت..إنها قضية الباقين ) و(إن الموت السلبي للمقهورين و المظلومين مجرد انتحار و هروب وخيبة و فشل...) هكذا تتجلى فلسفة الحياة والموت في أدب كنفاني ؛ إذ تؤسس هذه الأقوال ثقافة للحياة ...ثقافة تقتضي أن يكون للإنسان رسالة يحقق بها ذاته ، وأن يكون له قضية يحيا من أجلها ويموت من أجلها ما دام الموت أمرا حتميا .. وبهذا المعنى يصبح الموت من أجل رسالة وقضية.. حياة للآخرين . وفي هذا السياق يقول غسان : (إن الإنسان هو في نهاية الأمر قضية )
. والموت في أدب غسان ليس فناء ، بل هو بداية حياة ، الموت في فكره غياب وحضور ؛ غياب فرد وحضور جماعة .. انكسار مؤقت وانتصار دائم ...لذلك حظي الشهيد في رواياته بفضاء مقدس ، وبدت الكتابة الإبداعية أمام عظمة الشهيد خجولة وصغيرة القدر والشأن ، وفي هذا يقول غسان : ( إن كل قيمة كلماتي كانت في أنها تعويض صفيق و تافه لغياب السلاح..و إنها تنحدر الآن أمام شروق الرجال الحقيقيين الذين يموتون كل يوم في سبيل شيء أحترمه ) .
ولا تنفصل ثقافة الموت عن فلسفة الثورة ما دام الإنسان خُلق ليثور على القهر والظلم ، ويتجلى هذا التعالق الوجودي بين ثقافة الموت وفلسفة الثورة بقول غسان : ((الثورة وحدها هي المؤهلة لاستقطاب الموت..الثورة وحدها هي التي توجه الموت..و تستخدمه )).
ويرصد غسان كنفاني ثنائية الثابت والمتحول في الخريطة السياسية والخطاب الفكري للمقاومة ، الثابت الذي يتجسد بالوطن بتجلياته التي يشكلها النزوح والاحتلال واللجوء والمنفى والمقاومة والعودة ، والمتغير الذي يتجسد بالرؤى السياسية للتيارات والأحزاب الفكرية ، وقد يمتد المتغير إلى مواقف بعض القادة الذين أخرجوا قطار المقاومة عن مساره الوطني ، وقد عبر كنفاني عن ثنائية الثابت والمتغير بقوله : ( إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية..فالأجدر بنا أن نغير المدافعين..لا أن نغير القضية ) .
وقد تهافتت أقلام النقاد والمفكرين لوصف الأبعاد الإنسانية والفضاءات الوطنية في إبداعات كنفاني ، ولعل ما يجسد القامة الشامخة لكنفاني ما سطره محمود درويش في قوله : ((كان الفلسطيني الوحيد الذي أعطى الجواب القاطع الساطع، وكانت الشهادة شهادة، وكأنه أحد النادرين الذين أعطوا الحبر زخم الدم، وفي وسعنا أن نقول أن غسان قد نقل الحبر إلى مرتبة الشرف وأعطاه قيمة الدم، كان غسان كنفاني يعرف لماذا يكتب ولمن يكتب ولكنه كان يعرف أيضا أن قيمة هاتين المسألتين مشروطة لإنتاج الفن بإتقان تطبيق المسألة الأخرى كيف يكتب)) .

ولا تتسع هذه المداخلة للحديث عن الفضاء النقدي لإبداعات غسان كنفاني ، فقد كُتب الكثير عن رواياته ، وما زالت بنيتها السردية وتقنياتها الفنية تثير شهوة النقاد ...وتشكل غير رواية تحديا منهجيا نقديا انطلاقا من أنها نصوص خالدة لا يُطفئ الزمنُ توهجها . وسأشير في هذه المداخلة إلى بعض الإضاءات النقدية لتكون وميضا خاطفا على بعض رواياته ، وبخاصة الثالوث الروائي المتكامل الذي يتمثل بروايات رجال في الشمس و ما تبقى لكم و أم سعد ؛ فالروايات الثلاث تشكل نسيجا فكريا تطوريا في الفكر البنيوي للمقاومة الفلسطينية ، وترصد تحول القضية الفلسطينية من مرحلة االنزوح واللجوء والمنفى في رواية رجال في الشمس( 1963 ) التي تصور محاولة الفلسطيني نفض غبار القهر والذل والجوع في مخيمات الشتات ، فيمضي نحو جنائن النعيم والخيرات ( الكويت ) ، لكنه لم يفلح في الوصول إليها فيموت مخنوقا في الخزان في وسط صحراء تفيض بخيرات النفط ، فرجال في الشمس تجسد محاولة التغيير الفاشلة التي أدت إلى الموت . أما رواية ما تبقى لكم(1966 ) التي سطرت حكاية النزوح واللجوء فتجسد مرحلة الاستعداد للمواجهة التي تتمثل بتصدي حامد في وسط صحراء النقب لجندي الاحتلال وتصدي شقيقته ( مريم ) لزكريا رمز الخيانة والرذيلة ، واللافت أن الصحراء تشكل ثنائية دلالية تحولية ففي رجال في الشمس كانت معادلا سلبيا لمحاولة الثورة على المنفى والجوع ، أما في ما تبقى لكم فالصحراء معادل ايجابي ؛ لأن حامد تغلب على خوفه وتردده فقهر الصحراء وتغلب على الجندي . أما رواية أم سعد( 1969 ) فهي الرصاصة التي أضاءت فضاء العودة في أدب المقاومة لدى غسان كنفاني ؛ فغصن الدالية اليابس الذي زرعته أم سعد أثمر عنبا ... فالهزيمة لا بد أن تتحول إلى نصر .. والانكسار إلى انتصار . وهي الرواية التي مهدت لرواية ( عائد إلى حيفا 1970 ) .



#عمر_عتيق (هاشتاغ)       Omar_Ateeq#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لمسات فنية في مجموعة ( فراشة الحواس ) للأديبة آمال غزال
- تقنيات أسلوبية في قصيدة (بيان الطفل الفلسطيني الثائر ) للشاع ...
- عرش النار
- مسرحية عودة الحارث للأديبة انتصار عباس


المزيد.....




- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...
- وصمة الدم... لا الطُهر قصة قصيرة من الأدب النسوي


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر عتيق - ومضات نقدية في إبداع غسان كنفاني