أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - نضال عبد الكريم - مُدرستي رضّية السعداوي














المزيد.....

مُدرستي رضّية السعداوي


نضال عبد الكريم

الحوار المتمدن-العدد: 3770 - 2012 / 6 / 26 - 01:12
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


بعد عدة محطات مررت بها عندما تخلصت من هجمة النظام الدكتاتوري ضد الحزب الشيوعي عام 1978 ، وصلت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، هكذا كان اسم اليمن الجنوبي آنذاك ، ولأن الحكومة اليمنية فتحت ذراعيها لاستقبال الشيوعيين العراقيين فقد كانوا في اعداد كبيرة جدا ، التقيهم في كل مكان أذهب اليه ، ولم اكن قد اكملت دراستي في معهد الفنون الجميلة في بغداد ، اسكنوني مع خمس رفيقات وطفل صغير في غرفة كبيرة في عمارة يُطلق عليها البيكاجي والتي كانت تأوي في كل غرفها وطوابقها الثلاث شيوعيين عراقيين .

كان تحدي قبول الواقع الجديد ومواجهة المستقبل كبيرا جدا ، وانا لاأملك خبرة في الحياة ، لكن حميمية العراقيين لها نكهة خاصة آنذاك ، فهم يساعدون بعضهم ، ابواب بيوتهم مفتوحة للضيوف لتناول وجبة غداء ، يغنون اغاني الحزب ويتسامرون في المساء ، مشاعرهم جياشة ، يتذكرون من تركوهم في العراق بحزن وأمل بلقاء في يوم ما .
خطوتي الاولى في مواجهة التحدي الجديد هو حصولي على عمل في تلفزيون عدن ، الخطوة الثانية هي تقديم امتحان للحصول على الشهادة الثانوية ، واشار احدهم باني استطيع طلب المساعدة في درس اللغة العربية من الرفيقة رضّية السعداوي .

زرتها في غرفة صغيرة هى عبارة عن مستودع تابع لغرفة اكبر كانت عائلة اختها تسكنها .، وجه دائري أسمر ، لازلت اتذكر ابتسامتها عند استقبالي ، ابتسامة ذات حنان عراقي ، كان لها ضفيرتين طويلتين بعض الشيئ .
بادرتني بالسؤال ان ارغب بكأس من الشاي ، انتبهت ان كل أدق تفاصيل مستلزمات الشاي في بيوتنا التي تركناها أمامها ، مثل طاسة صغيرة لغسل الاستكانات وموقد صغير ذا فتيلة واحدة وغير ذلك ، اضافة الى صحن من الكليجة لم اكن انتظره هنا في اليمن . في تلك اللحظات شبهتُ طيبتها وبساطتها بطيبة امي وبساطتها ، لكن امي لاتحفظ شعرا من المعلقات كما كانت رضّيية تحفظ منه .
وضعت لى برنامجا للدراسة ، نلتقي مرتين اسبوعيا وفى كل مرة اجلس معها تجبرني طريقتها في التدريس ان اصغى لها بانتباه شديد ، وكنت استمتع كثيرا باسلوب تدريسها ، وطريقة قراءتها للشعر ، واسلوب اعراب الكلمات وتحريك الآحرف . كانت جادة جدا في مساعدتها لي ، وهذه صفة ملازمة لها في حياتها ، وربما اعتبرت تدريسى مهمة حزبية اضافية لها ، فابدعت في ذلك ، وكانت النتيجة اني نجحت فى الامتحان بشكل جيد ، ولم يكن ذلك لولا مساعدتها الكبيرة لي .

التقينا من جديد في معسكر للتدريب على استخدام السلاح ضمن استعدادتنا للعودة الى العراق عبر حركة الكفاح المسلح في كردستان ، لم تكن في مجموعتي ، لكني اتذكر انها في مجموعة تتدرب على الرماية المدفعية ، كان حماسها واضحا ، وجديتها النضالية مميزة .
سبقتها الى كردستان عام 1981 ، وفجأة في ربيع 1983 وفي مقر بشت ئاشان ، وجدتها امامي بوجهها الطفولي المبتسم وضفائرها المتدلية على صدرها ، ضحكنا وصرخنا ، وجلسنا نتذكر طقوس الشاي وبعض الاشعار ، غادرتنا بعد يوم الى مكان آخر ، شعرت انها تخطط لشيئ ما ، لم تخبرني هي ، ولم أتجرأ ان اسألها ، ومنذ ذلك الحين بقت صورتها في ذاكرتي ابدأ .

علمت لاحقا انها رحلت في مهمة حزبية الى داخل العراق ولم استغرب الامر ، فتركيبتها الشخصية فى الايمان المطلق بنكران الذات والتضحية والمجازفة بالحياة الشخصية من اجل مبادئ الحزب ، ربما كان من اسباب اختيارها لمثل تلك المهمة الصعبة في عقر دار الدكتاتورية .
قضت اوقاتا عصيبة في العمل السري ، ولكن اجهزة النظام القت القبض عليها ، واستشهدت تحت التعذيب . سقط نظام صدام منذ تسع سنوات ولكن ذويها لم يعثروا على جثتها ولم يسمعوا عن حكاية استشهادها من احد ما ، والمعلومات المتوافرة متضاربة وغير موثقة ، ولذلك هي لازالت مفقودة في وطنها ، لذلك اقامت عائلتها قبرا رمزيا لها .

لترقدي بسلام عزيزتي رضّية ، اينما كنتِ ، سأحكي للناس حكايتك ، وسيزدهر العراق وطنك يوما ما ، لانكم سقيتموه دمائكم الطاهرة .


26/6/2012







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات مسيرة


المزيد.....




- مداخلة النائبة البرلمانية الرفيقة لبنى الصغيري، باسم فريق ال ...
- -العمال الكردستاني- يقدم أوجلان كبيرا لمفاوضيه مع أنقرة ويطا ...
- حزب التقدم والاشتراكية ينعي وفاة الرفيق جلال عبد الكبير، رئي ...
- -أيقونات الأفيون-.. أول معرض فني يوثّق كيف حاربت الشيوعية ال ...
- بعد حل -العمال الكردستاني- ودعوة أوجلان.. الحزب الكردي في تر ...
- حول القمة العربية في بغداد!
- رسالة المجلس المستقل لعمال الكهرباء بمناسبة الأول من آيار ، ...
- بمناسبة يوم العمال العالمي – صفحات من تاريخ الحركة العمالية ...
- الإسلاميون والمشروبات الكحولية
- تصاعد المانوسفير (الفضاء الذكوري) و اليمين المتطرف


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - نضال عبد الكريم - مُدرستي رضّية السعداوي