أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الصراعُ بين التقليديين في ذروتهِ بمصر














المزيد.....

الصراعُ بين التقليديين في ذروتهِ بمصر


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3767 - 2012 / 6 / 23 - 06:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الصراع بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين يتكرر مرة أخرى بعد أزمة مارس سنة ١٩٥٤، كأن البلد لم يتطور وكأن التقاليدَ الديمقراطية لم تَسُدْ بين الجانبين.

هو عقابُ التاريخ ضد الريفيين الذين استولوا على الحكم في انقلاب يوليو ١٩٥٢، ولرفضهم تنامي البرجوازية المدنية الحرة وحزب الوفد وتصعيد نظام ديمقراطي علماني تحديثي.

البرجوازياتُ الصغيرةُ التي دخلتْ لإنتاجِ نظامٍ على مقاسها تستمر في الصراع من دون اتفاق على العودة للثوابت الديمقراطية الإنسانية.

الجسمُ القوي في هذه الفئات الوسطى الصغيرة هم الضباط الكبار الذي جذروا امتيازاتهم وسلطاتهم في المجتمع عبر المؤسسات الاقتصادية واحتكارها الكثير من المنافع.

حكمُ العسكرِ لا يريد أن يترك كل هذه الامتيازات والرفاه ويعترف بتداول السلطة والثروة الوطنية بحسب مساهمة الطبقات والسكان، مؤسِّسا مشروعات سياسية غرائبية ذاتية، فمن هيئة التحرير حتى الاتحاد القومي إلى الاتحاد الاشتراكي إلى التنظيم الطليعي إلى الحزب الوطني الديمقراطي، وهي كلها تنظيماتٌ سياسية بيروقراطية لا علاقة لها بالحياة الحقيقية.

وبعد أن دعا الضباطُ الكبار إلى القومية العربية والاشتراكية عادوا إلى الليبرالية الناقصة والديمقراطية المعلبة حكوميا، ولكن في كل هذه التحولات والرقص على الحبال السياسية الوطنية ظلت الطواقم العسكرية تديرُ البلدَ وتتحول من ايديولوجيا إلى أخرى حسب الرئيس وتوجهاته، بحيث إن العسكريين لم يقدروا حتى على تشكيل طبقة منصهرة تؤمن بمبادئ معينة.

هم ورثوا الدكتاتورية التقليدية الحاكمة السابقة من دون هوامش الليبرالية والديمقراطية، فخربوا البيئةَ السياسيةَ الثقافية المصرية خلال عقود، وهي التي كانت واعدةً بالتنوع والديمقراطية في الثلاثينيات والأربعينيات، ونتيجة القهر والإذلال للشعب الذي تبخرتْ تنظيماتُهُ الحديثة المنوعة، أو ذابتْ في كيان السلطة وحصدتْ بعضا من عطاياها، صمد بعضُ الرموز مثل سيد قطب في السجن وقبلَ الإعدامَ على أن يمد يده للنظام، وألف في السجن كتبه الداعية إلى الهجوم على العصر وحداثته (الزائفة) وروّجَ للعودة الحادة للتراث وأشكاله التقليدية.

أدت هذه الرمزيةُ المقاومةُ للاستبداد إلى تجذرِها في الأرض الشعبية، مع عدم قدرة الأشكال التحديثية المجلوبة من قبل الطبقة العسكرية الحاكمة على أن يكون لها أثر عميق واسع في الأرض الوطنية، والشعبُ لا يرى سوى الفساد والامتيازات التي تُغدقُ على أصحاب النفوذ، فلا تتغلغل هذه الأشكال والأفكار في نسيج حياته، ويعود إلى ممارسة أشكاله الدينية التقليدية.

وفيما أحب الشعبُ جمال عبدالناصر كزعيم وطني مخلص وكقائد وزع مكاسبَ مادية على الناس، لم ير منه فكرةً ديمقراطية تواصل ما أنتجتهُ الأجيالُ السابقة من نظام ديمقراطي، فيما أن سيد قطب تركَ أثرَهُ الأيديولوجي وقراءته الباترة الشمولية للإسلام في قوى سكانية راحت تتمسكُ بدعوته وتتغلغل في الممارسات والمراكز العبادية وتتغذى من الفشل المستمر للطبقةِ العسكرية الحاكمة ومغامراتها الفاشلة وفساد بعض ضباطها.

التوجه الديمقراطي التحديثي من الوفد وحكم الضباط الأحرار لم يحسم أمره بالانتقال من علاقات الإنتاج الإقطاعية إلى علاقات الإنتاج الرأسمالية، فظلَّ مُراوحا في إبقاء الأرض الزراعية خاضعة للإقطاعيين الأفراد وأسرهم، ولم يقم بنقل النساء من خانةِ الجواري إلى كونهن مواطنات حرائر، وظلت الدولةُ قوةً استبدادية متعاليةً هي التي تقرر كلَ شيء، ومذهبية دينية محافظة لا تقيمُ المساواةَ بين المواطنين والطبقات الفقيرة والغنية.

في العمق نجد الضباط والإخوان من مذهبية واحدة تقليدية وبرساميل متضادة بدلاً من أن تتجمع وتكون رأسماليةً حرة.

حداثيون زعموا انتماءهم إلى الحداثة من دون تحقيقها، فطبقة البرجوازية عبر الوفد لم تجذرْ التصنيعَ الخاص وتفككْ الإقطاعَ بمختلف أشكاله، والضباط ورثوا هذه البنيةَ التقليدية واستغلوها لمصالحهم، وكانت مشروعات الحداثة منافع لهم.

كما استغلها من جانب مضاد الإخوان وصعّدوا جوانبَها المحافظةَ واستغلوا ثغراتها وتخلفها ليضربوا خصمَهم العساكر من دون أن يتحولوا هم للحداثة والديمقراطية إلا بأشكال قشورية لا تصل إلى العمق ولإحداث تحولات جوهرية في البناء الاجتماعي والنظام. جاءت لحظةُ المواجهة الثانية بعد كل هذه العقود، وتكررت أزمةُ مارس ١٩٥٤، وكلٌّ يشد في جانب مصلحته، ويدعي بأنه هو المعبر عن الشعب.

العسكر يستغل أدواته السياسية والعسكرية الحاكمة وثغرات القانون بالحق والباطل، لكنه يتشبث بالسلطة بأي شكل من الأشكال، والإخوان صعدوا فوق رغبات الشعب الطويلة ضد هذه الطبقة العسكرية التي لا تريد أن تتزحزح عن الكراسي، لكن أقساما كبيرة من الشعب خائفة منهم، فهم لم يُعجنوا ديمقراطيا، ولم يُختبروا عبر مؤسسات شعبية تعددية طويلة، ولهم جذور في الاستبداد ورؤية شمولية مذهبية محافظة لا تخص حتى كل أهل المذهب، مما يجعل الناس حيارى ممزقين بين شموليتين أحلاهما.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تطور مشترك للديمقراطية في المنطقة
- مناضلون بلا قواعد
- الزلزالُ السوفيتي والانهيارُ العربي
- الاشتراكيةُ من حلمٍ إلى كابوس (٢-٢)
- الاشتراكية من حلم إلى كابوس (١- ٢)
- مصر والعجزُ عن تشكيلِ طبقةٍ وسطى حرة
- من رأسماليةِ الدولةِ إلى الرأسماليةِ الحرةِ
- الماديةُ والعلوم (٢-٢)
- الماديةُ والعلوم (١)
- إلتقاءُ الطائفيين ب (اليساريين)
- رأسمالياتُ الدول العالمية
- الاستعمارُ والديمقراطيةُ (٢-٢)
- الاستعمارُ والديمقراطية (١-٢)
- التحديثُ من قلبِ المدن
- هل هي ثوراتٌ أم غزوات؟
- العوامُ الخطرون
- فئاتٌ صغيرة تابعة
- الناصريون والساداتيون
- قفزتان ونموذجٌ يحترق
- الرأسماليةُ العربية وقضايا الديمقراطية (٢ -٢)


المزيد.....




- -المعجب غلطان شده من هدومه-.. نجيب ساويرس يعلق على -صفعة- عم ...
- شاهد: مظاهرة حاشدة لأمريكيين يدعمون فلسطين أمام البيت الأبيض ...
- السفر في إجازة برفقة روبوت الدردشة!
- بدء التصويت في اليوم الأخير من انتخابات البرلمان الأوروبي
- افتتاح مراكز الاقتراع في اليوم الأخير من انتخابات البرلمان ا ...
- مصر.. مصرع 6 أشخاص وإصابة 8 آخرين جراء انقلاب سيارة محملة بع ...
- إيران تتوعد باستخدام كل قوتها لإلحاق هزيمة ثقيلة بإسرائيل وإ ...
- تذكّر بتدمير الأمريكيين لمدينة دريسدن الألمانية.. مشاهد صادم ...
- شاهد كيف تصرفت فتاة عندما انفجر جهاز كمبيوتر معها فجأة
- فيديو يظهر لحظة هجوم قرش على فتيات يسبحن قرب شاطىء في فلوريد ...


المزيد.....

- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الصراعُ بين التقليديين في ذروتهِ بمصر