أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رويدة العزاوي - البصمة الشعرية ، بين القصائد المائزة .. لدى زينب الخفاجي















المزيد.....

البصمة الشعرية ، بين القصائد المائزة .. لدى زينب الخفاجي


رويدة العزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3763 - 2012 / 6 / 19 - 08:43
المحور: الادب والفن
    


مقدمة : التعريف اللغوي للفظ ( البصمة )
البصمة مشتقة من البُصْم وهو : فوت ما بين طرف الخنصر إلى طرف البنصر يقال ما فارقتك شبراً ، ولا فتراً ، ولا عتباً ، ولا رتباً ، ولا بصماً ، ورجل ذو بصم أي غليظ البصم ، وبصم بصماً إذا ختم بطرف إصبعه ، والبصمة أثر الختم بالإصبع ، فالبصمة عند الإطلاق ينصرف مدلولها على بصمات الأصابع وهي : الانطباعات التي تتركها الأصابع عند ملامستها سطحها مصقولاً ، وهي طبق الأصل لأشكال الخطوط الحلمية التي تكسو جلد الأصابع وهي لا تتشابه إطلاقاً حتى في أصابع الشخص الواحد .

من هذا التعريف العلمي للبصمة بشكل عام ، نستطيع ان نستنتج المعنى الاهم في خاصية الشعر وبصمته الدلالية المؤدية للمقصد من هذه القراءة في جسد شاعرتنا التعبيري ، عملت نصوص زينب الخفاجي على خاصية ذكية جدا ، وهي استخدامها للموروث الشعبي داخل بنية القصيدة لخلق شكلا شعريا مألوفا لدى قرائه ، وذلك عن طريق إدخال الدال التاريخي والتراثي في هيكلة القصيدة ، ومحاولتها الجادة في ابتكار بصمة شعرية خاصة بها ، يجهل أو يفرط الكثير من الشعراء والشاعرات إيجادها في غاية نصوصهم ، لأنها مهمة صعبة وغير سهلة و تحتاج الى فطنة وذكاء وعمق وحكمة وبصيرة وثراء وإجادة وتنبئ وركيزة ثقافية ومَلَكة لغوية في معجم الكلام ، من خلال إندماج ذاتي مع قصائد شاعرتنا وجدتها تجنح كثيرا نحو القصائد المعبرة والمؤثرة في عمقها ودلالتها ، عندما قرأت ديوانها " الكتمان أنثى .. والبوح ذكر " سرني كثيرا ذلك الحس الانساني الشاعري المكثف المكتنز للكثير من الأشياء والجواهر ، والقائم على رمزية مبررة ذات أكثر من إتجاه ، فتارة أجدها تنّشد الى المعنى مع عناق للصورة الأنيقة المركزة - ذات الكتابة الموثوقة بالرسالة ، الحاملة لعمق التقليد وجسم الموضوع ، وأخرى أرها تنجرف صوب قافلة اللغة والانزياح بين سطورها على ناصية الخيال وخصوبة التكوين البنيوي لها ، لتُعبر بذلك عن داخلها وعن الاخر ، صانعة لنا كيانا بسيكولوجيا يُعبّر عن فرد أو جماعة ، ومرة نجدها تهتم في توظيف التراث ونسجه في عباءة القصيدة ، من خلال إيقاع متجانس خصب المضمون يحمل الفكر والأفق المعرفي بين جوانحه ، فيلاحظ على شاعرتنا ان قصائدها يستقبلها كل قارئ ، سواء كان القارئ النموذجي أو القارئ الخبير أو القارئ المقصود أو القارئ الضمني أو غيرهم من أنماط القراء ، فهم يجدون متسعا لملاذهم في نصوص الشاعرة زينب ، لما لها من تعبيرات جمالية وفنية وتفاعلية تجعلها عُرضة لرغبة التناول من قبل أفواه الجمهور وبواطن حدقهم ، إذ تجذبهم بحبل خفي يتوارى خلف طاقة شعرية مترابطة ومتماسكة تلزم طرفها الشاعرة بحرفية متقدة منسوجة بين كل النصوص التي تذرفها محبراتها من فنجان الشعر ، كقولها :
هذهِ النجمةُ لك
وهذهِ النجمةُ لي
أنظر لتلكَ النجمةِ تغارُ مثلي
بالمناسبة أنا (أغار كلش هواية ) عليك
ولأني كأي امرأةٍ سأعدُ
الفطورَ ضفافاً تحتويك
نلاحظ هذه العفوية الشعرية البليغة ذات الميزة السَمِحة التي تتلون بها جنائن هذه الشاعرة ، تحمل مجالا للفسحة التعبيرية الانثوية بكل دواخلها ، وخاصة الصوت الانثوي المكبوت الذي يرزخ تحت طاولة روحها ، فهذه الخاصية التي تجدها في كل انثى " الغيرة " درّتها شاعرتنا بلغة عفوية ، والله احسست اني امام انثى لم تبرح دلعها بعد ، وصوت انغامها على مسمع حبيبها الذي تغار عليه ( اغار كلش اهواية ) جملة عذرية جدا ، ذات سحر بغدادي اصيل بزغ من انامل شاعرتنا ، لايمكن ايجاد وبناء هذه البصمة المتعلقة بتعانق الموروث والكلام الشعبي المستهلك بين الناس ، وهو العماد الذي تقوم عليه بصمة شاعرتنا ، مع وجود ذلك الرابط الفني البنوي المحبوك من قبل ربانه ، ليجعله متشحا ببصمة مميزة لكاتبه ، دون اي اجهاد للدماغ في فك رموز الصور المعقدة التي باتت اليوم ترافقنا في موجة الحداثة لدى البعض ، بل هي تعتمد على الذكاء الشعري والايقاع المميز والخالي من الوزن ، الذي يراه بعض المعاصرين انه ميتافيزيقيا ، قائما على فلسفة الشاعر في ايجاد موسيقا داخلية للجملة الشعرية ، خالية من قيد التفعيلات الخليلية ، من خلال تناسق وترادف الكلمات مع بعضها لايجاد كون لغوي متجدد صاحب حرية مطلقة في بوحه بالمكنون ، يتأرجح على حالات تنبيهية منتظمة يتم ايجادها بين حالات البدء وسكونه والنهايات وسكونها ، ويكاد يتفق معي كل من غاص في دنيا شاعرتنا ان بصمتها الشعرية وايقاعها الدلالي له فسحة وخاصية باينة المعالم في وجه الشعر وهي القائلة :
صيرني طفلةً يداعبُها هواكْ
( اغو )
يكبرُ الحبُ هوىً
وعشقٌ أبوي السماتْ
...................................
فهذا الجرس الايقاعي لايمكن لك الخروج عنه او الانشقاق عن طريقه وانت تتلون به حسيّا ، فالمقدرة التي توصلها شاعرتنا والتناغم بين احرفها وبنيتها الايقاعية الثابتة ذات التفاعل المؤثر في نفس المتلقي هي الحقيقة الكبيرة وراء خروج نصوصها بهذه الحلّية الفاتنة ، واحتوائها على اللغز الشعري المباغت الذي يحمل جملة تكتيكية من التراكيب اللغوية المتزاوجة بين حاضرها وارثها ، مبتعدة عن الضبابية المتكلّفة التي يترجمها البعض ، بل هي ترتكز كثيرا الى المراوغات الشعرية في جُملها القائمة على التقلبات المؤشرة والمؤدية الى الاضاءة المترفة بالصورة والفكرة والنضج والمغزى ، ووجدت ان زينب من الشاعرات القليلات اللواتي قدرن ان يخلقن كونهن بعيدا عن عالم الجرأة والاثارة ، بل هي اتخذت احيانا من الاساطير وجها لها كقولها :
سأقول لأمي ..
كي تهجوك في قصيدتها الأخيرة !!!
الم يرق قلبك يوما لحال المسكينة ..
وهي تمشط الأزمنة مروءة ؟؟
و كلما يمر جيل تطلع هذه السيدة ..
لتجلس عند النهر بانتظار ( نومي )
قاطعتها أختها الصغيرة زينب...
من هو ( نومي ) ؟!
والتفتت إلي _ماما من هو هذا النومي ؟!!
قلت :
نومي رجل يصحو عند كل أنين ..
يمسح الدمع عن عين الثكالى ويحضن بين كفيه البلاد ..
وهنا تزاوج بين البصمة والاسطورة التي نتحدث عنها ، حيث ان ( نومي ) هو مقطع من اغنية تغنيها الامهات لاطفالهن كي يناموا في موروث العراق تقول : ( غزالة غزلوكي.. بالماي دعبلوكي.. كاعدة على الشط ... كاعدة تمشط .. إجاهة نومي .. كللهه كومي .. هذا حصانج اشده واركب .. على السكركب .. سكركب البرية .. لاتبجين عليه .. ابجي على حجولي .. حجولي بالف ومية )
هذه " الحتوتة " الطفولية تجعل الشعر يزواج الاسطورة بل ربما يوزايها ولا عجب في ذلك ، بالرغم من ان الاساطير معرضة للخرافة بحكم لونها الحلمي الطوباوي ، لكن مع ذلك يبقى كُنه الدلالة موجود ويفِ بغايته ، وذكاء امتزاجه عند شاعرتنا مع الشعر المميز بحداثته في نصوصها يؤدي الى معنى فخم ومهم جدا ، و مبتعدا عن لغة الرمز الغير مبرمج او المِسود الخارج عن الضبط او القياس ، على العكس ان الرمز لدى زينبنا له ميزة خاصة قائمة على التضاد او الترادف كقولها :
أعطيتهم بالأمس متكئاً وسكيناً
فلما رأوك
قالوا حاشا لله ما هذا وطناً
هذا هو الألقْ
نجد هنا المفارقة بين المتكئ والسكين وكم هو رمز مبرر ، ليس فيه غلو او تكابر او تعالي على نفيسة القارئ ، مع الحفاظ على الانزياحات اللغوية في بلاغة كل معانيها وتجلياتها الوصفية البعيدة عن الاجتراحات اللغوية ، المبنية بغاية توازي الهيكل الذي اسست لاجله القصيدة بكل طاقاتها ، والتي جعلت من خلالها نفي كاملا لوجود فرق بين الشعر الموزون وقصيدة النثر ، لذلك قامت على توظيف سيميائية فنية ضابطة لكل ايقاعات الفاظها وجملها الشعرية ودفعتها ووجبات تدفقها بين هرمونات الاسطر واعضائها الشعرية ، المرتبة ترتيبا هندسيا متبصّرا داخليا ودلاليا وصوريا ، ومعتمدة على سيكولوجية المتلقي بكل انماطه ، محاولة استعارة اكثر من قناع في النص لتتخلى من المباشرة الغير مبررة او التراكيب المُتعبة للبصر والفكر ، والتركيز على الومضات الخاصة بلونها وبصمتها التي تؤطَر بجملها الشعبية ، مما توقظ الوعي لدينا بأهمية هذه التجربة وجذوة الوقوف عندها بأكثر من جانب بين حلبتها الشعرية المستقرة الى طفح صوري مسبوك بثوب فكري انساني معبر حاملا همت المغزى بين يديه ليؤثث نموه على جسد التردد الصوري الذي شكل بصمة شاعرتنا زينب الخفاجي .
فشكرا لشعرها الذي جعلنا نطوف بعالم الانثى والذكر ، و" الياءات " القادمة ستحمل الكثير كما شممت رائحتها ، املة بالتوفيق كله لها ولمشروعها الذي اتمنى التفاتة النقاد له .



#رويدة_العزاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البصمة الشعرية ، بين القصائد المائزة .. لدى زينب الخفاجي


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رويدة العزاوي - البصمة الشعرية ، بين القصائد المائزة .. لدى زينب الخفاجي