أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - من هو المثقف؟














المزيد.....

من هو المثقف؟


داود روفائيل خشبة

الحوار المتمدن-العدد: 3760 - 2012 / 6 / 16 - 19:23
المحور: الادب والفن
    


إن الشجاعة فى القلوب كثيرة
ووجدت شجعان العقول قليلا
أحمد شوقى

من هو المثقف؟ المثقف هو من لا يعرف شيئا، أبدا لا يعرف شيئا. حين يواجه المثقف مشكلة أو حين تطرح عليه سؤالا، حتى إن كان قد واجه المشكلة مرات ومرات من قبل، حتى إن كان السؤال قد طـُرح عليه مرات ومرات من قبل، فإنه لا يجد عنده حلا جاهزا ولا يجد عنده إجابة جاهزة، بل يبدأ يفكر فى المشكلة، يبدأ يتمعّن السؤال.
هذا المثقف ينقصنا. آفة ‘ثقافتنا’ أن عندنا حلولا جاهزة لكل المشاكل وإجابات جاهزة عن كل الأسئلة. نحن لا نعرف أن نفس المشكلة لا تبقى هى نفس المشكلة حين تعود فى آن جديد وفى مكان جديد ولا بدّ لها من فكر جديد، ونفس السؤال لا يبقى هو نفس السؤال حين يُطرح فى سياق جديد ويطلب أن يؤخذ مأخذا جديدا. ولماذا نحن لا نعرف هذا؟ لأن تربيتنا رعوية سلطوية تعطينا الحلول والإجابات جاهزة ولا تبيح لنا أن نجهد أنفسنا سعيا لحلول وإجابات نأتى بها لأنفسنا، ولأن نظم تعليمنا تتخم عقولنا بمعلومات جاهزة ولا تطالبنا بأن نبحث ولا تسمح لنا بأن نفكر، ولأن عقيدتنا تسقينا علما يقينيا يأثم من يضعه موضع المساءلة.
مرة أخرى: من هو المثقف؟ أعِد القارئ، بعد نزق السطور السابقة، أن أكون أكثر رزانة، لا أقول أكثر صدقا. عندنا أشخاص واسعو الاطلاع، راجحو الفكر، صادقو القصد، بل قد يكون لهم فى الإبداع باع، ومع ذلك تصدمك مواقفهم. لماذا؟ مرة أخرى، إنها آفة ‘ثقافتنا’. إنهم لا يستطيعون أن يتجاوزوا المسَلـَّمات الفكرية التى أرضِعوها صغارا، بل إنهم حتى لا يملكون الوعى بأنهم محكومون بهذه المسَلـَّمات – معتقدات دينية وأعراف اجتماعية وقناعات تقليدية وأحكام قيمية متوارثة، ليس خطرها الأكبر فى مضمونها حتى حين يكون المضمون فاسدا بل خطرها الأكبر فى أنها مصونة عن المساءلة وممتنعة على التمحيص. يعود بنا هذا إلى إجابات ليست جاهزة فحسب بل وتحيط بها هالة من القداسة تجعل الاقتراب منها منكرا مستنكرا.
لذا فإن دائرة الـ "تابو" فى بلادنا واسعة كثيفة، فكيف لنا أن نفكر؟ وإذا لم نفكر فكيف لنا أن نتحرر؟ وإذا لم نتحرر فكيف لنا أن نتقدم؟
إذا كان البعض منا يريدون أن يحطموا التماثيل التى أبدعها فنانونا إذ يرونها أصناما، فإن أوجب واجبات مثقفينا اليوم أن يحطموا الأصنام التى تسكن عقولنا. ليس أهم ولا أول واجبات مثقفينا اليوم أن يقدموا لنا حلولا ولا إجابات بل أن يسائلونا وأن يدفعونا لأن نسائل أنفسنا، أن يثيروا فينا الحيرة السقراطية الخلاقة التى تجعلنا ننظر فى داخلنا، نستكشف دخيلتنا ونتعرف على ذاتنا.
ليسمح لى القارئ، بعد أن وفيت بوعدى وأعطيته بعض القول الرزين، أن أعود إلى نزقى فأورد كلمات كتبتها من زمان بعيد فى بعض وريقات متناثرة. كتبت:
شىءٌ واحد يجعلنى
لا أرفض نفسى كل الرفض
ذلك أنـّى
أعرف فى نفسى بعض جنون
وكل الجهل



#داود_روفائيل_خشبة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الإخوان شركاء الثورة؟
- بكائية للثورة
- ضرورة نقد الدين
- المفهوم الفلسفى للدين
- مسيرة الفكر الإنسانانى
- دعوة للعقلانية
- ظاهرة زغلول النجار
- همس الحيّة
- مصر فى التوراة
- رسالة إلى فضيلة الشيخ يوسف القرضاوى
- دعوة للعقلانية


المزيد.....




- فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون ...
- لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
- مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
- جمعية التشكيليين العراقيين تستعد لاقامة معرض للنحت العراقي ا ...
- من الدلتا إلى العالمية.. أحمد نوار يحكي بقلب فنان وروح مناضل ...
- الأدب، أداة سياسية وعنصرية في -اسرائيل-
- إصدار كتاب جديد – إيطاليا، أغسطس 2025
- قصة احتكارات وتسويق.. كيف ابتُكر خاتم الخطوبة الماسي وبِيع ح ...
- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود روفائيل خشبة - من هو المثقف؟