أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة الخوّاض - (انقلابات عاطفية) لأسامة الخوّاض-انقلاب في ذائقة الشعر*-بكري جابر (1)














المزيد.....

(انقلابات عاطفية) لأسامة الخوّاض-انقلاب في ذائقة الشعر*-بكري جابر (1)


أسامة الخوّاض
(Osama Elkhawad)


الحوار المتمدن-العدد: 3760 - 2012 / 6 / 16 - 19:23
المحور: الادب والفن
    


لا تني اللغة الشعرية عند أسامة الخوّاض تضع حمولتها حتى ينثال الألق شفيفا من بين ثقوب الدهشة.و يمضي النشيد دافعا أمامه جيوش الانبهار إلى حيث القصيدة تستوطن "أعالي الكلام"،فتنفتح كنوز اللغة البكر و يتدفق الجمال شلالا جزلا يغرق الروح و يغسل القول من دنس "اللت و العجِن" و طنين الكلمات.

تدخل القصيدة هنا –وحدها-بهو مغامرتها الفسيح و تمدّ يدها الطويلة إلى سلة الكلمات،فتعبث بقداسة اللغة و تربك طمأنينتها المديدة.و تمضي لكي تؤسِّس دهشتها الخاصة في اتجاه معاكس لمسيرة اللغة-الشعر المنهَك من فرط التداول و التكرار.و منذ مفتتح النشيد تعلن القصيدة صرختها المتمردة ضد السائد و المستقر حتى تؤسِّس لبنيانها الشعري المغاير المستفز:
(لا تشترونا بتلك الوعود،
و لا تجرفوا يأسنا من حقول الأماني
و لا ترجمونا بهذي الحروف العتيقةِ،
إنّا سئمنا نصوص الجدود،
سئمنا وعود الجدود،
دعونا نشاكس أجدادنا،
و نجادلهم،
فسنرمقهم –إنْ أصابوا-بعين الرضا،
و نعلِّقهم من سروايل أوهامهم،
بحبال المتاحف إنْ أخطأوا
دعونا لخبرتنا الأنثوية في الجمع بين الطبيعة،و الربِّ،و الحبِّ،و الموت،
لا توغلوا في الوراء الضبابيِّ،
سوف نصلِّبكم في جذوع الهجاء،
لكم دينكم و الجدال العقيمْ
لكم دينكم،و "عفا الله عمَّا سلفْ"
و لنا ديننا،و النهار بألوانه الدافئةْ
دعونا ندحرج آمالنا في ممرِّ الحياة الفسيح،
نصيب و نخطئ،
ننعم بالارتباك،
و نغمس في الصمت حاستنا الدنيويَّةَ،
ننْثر هجراتنا في المتاحف،
نطردها من هواجس أطفالنا القادمينَ،
و نعطي الرحيل مواطنةً من غبارْ
دعونا نؤثِّث صمت الحياة الفسيح،
فإنا سئمنا الكلام المعاد،
(كلام ركام،
كلام زكام،
منابر تذهب أخرى تجيئ)
ص 60-61

أسامة الخوَّاض شاعر يجلس قرب النبع يغرف منه و يغسل وجه القصائد من بكاء السنين.يربِّت على كتف الإغنيات،و يسند سقف الشعر (بشِعبة) المغامرة.و هي مغامرة تقوم على مستوى الشكل و المضمون.و لم تعد المغامرة تقف عند حدود اقتحام اللغة و تفجيرها،و لكن تمتد حتى تطال شكل القصيدة و معمارها.فسميولوجيا الصفحة الشعرية هنا جزء أصيل من بنية القصيدة ككل:
(و أنادي قبائل ألوانه ،و أخاطبها من وراء غناء،و أهمس "يا نيل صلِّي على ضجة الجنس في ساعديها،و سلِّمْ على شبقٍ ناعس يتبختر في مقلتيها"،و أدعو النبيذ الذي يتسلَّل من شفتيها إلى حفلةٍ في فمي،كي تصير الشفاه الغريقة مزرعةً للجنون المؤقَّت و الهلوسةْ)

نجد في هذا الديوان أطياف محمود درويش (و هل ينجو أحد من سطوة درويش)؟و شيئا من لوركا و بعضا من نيرودا،و لكن القصيدة لها نكهتها (الخوَّاضية) الخاصة.فأسامة هنا قد راكم كل هؤلاء ليغادرهم إلى قصيدته الخاصة،و لكنْ (هل غادر الشعراء من متردم)؟
(أطلقي النار و الياسمين على قلقي،
و اسكبي خمر فوضاكِ في أكؤس العابرين إلى قبلةٍ غامضةْ
أثيري هواء الجنون على غرفتي الباردةْ
انقذيني من الملل المتربِّع فوق شبابيك وقتي،
اذهبي في السحاب الخفيف،
ارسلي وحيكِ الشبقيَّ على نسمةٍ حامضةْ
ها هم الغجر القرويِّون يأتون في الفجر،
من كل دمعٍ هطولٍ،و يُلقونكِ-الأن-فوق سريري الوضيءْ
ها هم الغجر القرويِّون غطّوكِ بالصخب العابث-الصخب المتهتِّكِ،
هم يطلونكِ للرقصِ،
هم يذهبون بكِ،
انتبهي،
انفجري،
و ارقصي،
و اكشفي صدركِ الذهبيَّ،
و قدرتكِ الأنثويَّةَ في صنع معجزةٍ من جهنم ساقيك)
ص 39

تنفتح قصائد هذا الديوان على الوطن،فتضجرها مواجعه،و تؤرِّقها آلامه،و لكنها تأبى أن تنغمس في وحل البيانات السياسية رغم عن أنها لم تغادره كثيرا.و لكن شفافية القول الشعري تقِّل من وطأة تقريريتها،و تلهج القصائد بنوستالجيا شفيفة تدفع بالغنائية إلى مبتغاها:
(ذهب الذين أحبهم،
سيقوا إلى الحرب اللئيمةِ:
لمعة الأبنوس،
طلّاب المدارس،
لذعة العرق البهيجة،
قرْط جارتنا الأنيقة،
لذة الأوهام،
أطيار الحدائق،و السماء الحالمةْ
ذهب الذين أحبهم،
لم يبقَ من شدو الحياة سوى بكاء الآلهةْ
و بقيتُ فردا مثل حلمٍ في مهبِّ العاصفةْ)
ص 50

أسامة الخوَّاض شاعر يبتكر مفرداته و لغته الشعرية و يتحصّن بقلعة المغامرة ليكتب قصائد تتفتَّح شعرا كل صباح.
صدر هذا الديوان في العام الماضي عن مركز الدراسات السودانية بالقاهرة.و قد اشتمل على 14 قصيدة تفاوتت في الطول و القصر،الجدة و القِدم (أقدمها كُتبت في العام 1981 و أحدثها في العام 1999).و قد جاء الديوان في 88 صفحة من القطع الصغير و بإخراج فني للفنان عمر دفع الله.
******************************
*نُشر هذا المقال في جريدة الخرطوم في القاهرة ،العدد رقم 2414 بتاريخ 16 مايو 2000.
(1) كاتب سوداني يقيم في استراليا.



#أسامة_الخوّاض (هاشتاغ)       Osama_Elkhawad#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- *نص شعري-الكوميديا العاشقة
- نص شعري--خسوف القمر الأتبراوي-
- ماذا سأفعل بالله و الدين و اللغة العربية؟ ما قاله الفضل بن ا ...
- في الذكرى الثلاثين لميلاها -بورتريه لزينب
- انقلابات عاطفية-بيان تأسيسي مع ملحق تفسيري للبيان
- قبرُ الخوَّاض- النسخة النهائية مع هوامشها
- قامةُ الوردة الكوكبيَّة –الهواجس العاويات لكلب صيد عجوز
- الفيلادلفيات-نصوص شعرية
- بيتٌ بدويٌ على شاطئ البحر-البداوة و التحديث في الخطاب الليبي ...
- و للكمِّثرى وظيفة أخرى أو الوقائع ا لخفيَّة في حياة -منصور ا ...
- هكذا كان قلِقاً على مستقبل العشب-في رثاء عبدالخالق محجوب
- و للكِّمثرى وظيفة أخرى أو الوقائع ا لخفيَّة في حياة -منصور ا ...
- رأيت الخرطوم-انطباعات عائد إلى السودان بعد حوالي ربع قرن (1)
- اللاجئون الجنوبيون في مصر في -تغريدة البجعة-
- صورة انتفاضات السودان في الكتابات العربية
- بيروتيّات
- بنك بجنب الخصيتين-موت مدرس متجوِّل-المفارق الفكِهة
- قبر الخوّاض-تائهاً كالأراميِّ كان أبي
- دمعة على مدارج -ماريل-:قربان شعري آخر للطبقة العاملة
- الكاتب -محمد إبراهيم نقد-:جامعة صوفيا و -القراية أم دقْ- و ا ...


المزيد.....




- أسرار المدن السينمائية التي تفضلها هوليود
- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...
- الغاوون:قصيدة (مش ناوى ترجع مالسفر )الشاعر ايمن خميس بطيخ.مص ...
- الشاعر الفلسطيني مصعب أبو توهة يفوز بجائزة -بوليتزر-
- الثقافة العربية بالترجمات الهندية.. مكتبة كتارا تفتح جسرا جد ...
- ترامب يأمر بفرض رسوم جمركية على الأفلام السينمائية المنتجة خ ...
- إسرائيل: الكنيست يناقش فرض ضريبة 80? على التبرعات الأجنبية ل ...
- أسلك شائكة .. فيلم في واسط يحكي عن بطولات المقاتلين
- هوليوود مصدومة بخطة ترامب للرسوم الجمركية على صناعة السينما ...
- مؤسسة الدوحة للأفلام تعزز حضورها العالمي بـ8 أعمال في مهرجان ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أسامة الخوّاض - (انقلابات عاطفية) لأسامة الخوّاض-انقلاب في ذائقة الشعر*-بكري جابر (1)