إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1100 - 2005 / 2 / 5 - 12:18
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
مائدة الحوار الحائر ( ب)
حيّز ، حيّز أدور فيه و أتنفّس و أكون حرّا ً
يواكين ميلر " رحلة كارسون – 1871"
تحلّق المؤتمرون حول طاولة المشروبات في الاستراحة الأولى في المؤتمر - وهي مشروبات ساخنة وباردة، على حد سواء ، شأن كل بوفيه ، ويطيب لي أن أسمّي الملتقى بأنه مؤتمر – بل ومؤتمر حوار كرديّ عربيّ - وفاء لتصوّر مسبّق ، متّفق عليه ، كما منّينا النفس به , لا كما آل إليه بغتة ! , ولعلّنا جميعاً- بعد تقديمنا أقصى ما يمكن قوله- لم نكن لنستطيع أن نقول أكثر ممّا قلناه , لو أنه تمّ الاتفاق على تسميته ب : مؤتمر أو ملتقى الحوار العربي الكردي ، وهو ما لم يوافق عليه بعض القومويين المتشدّدين، لأسباب شتّى لعلّ أولاها في مفهومهم المفهوم و الّلا مفهوم هو الاعتراف بمن لا يعترف به: أيّ الكرديّ ، بعبع خريطة الشرق الأوسط ، من يتّفق ضدّه الأضداد والأشرار- في سائر اتجاهات المنطقة عينها - وعلى مختلف هويّاتهم، و أهوائهم متجاوزين ما بعدهم من هوّات ملتقين في شهر عسل من هوى هاو!! .
كلّ يحتسي ما يرغب به من شراب بارد , أو ساخن , لا ضير ، وهم في الباحة الصّغيرة , مسمّرون في أمكنتهم , أو يجيئون ويذهبون , وكأنّي بهم سيفسحون ساحة الحوار , ينقلونه إلى مساحة أشسع ......أشسع- محصّنا ً خندقه بأكثر - في ما بعد- لو استؤنف- كرّة أخرى بعد هذه الاستراحة التي احتضنتنا عقب كلّ ذلك الأوارالملتهب من الجدل المتراوح بين قطبيّ الجدية والبيزنطية و الذي تسلّى به بعضهم ،ومارس بعض آخر طقوس احترافه ، أو التطفل عليه،كلّ على حده ، وبسب رؤاه....! .
يقترب منّي بعض المؤتمرين الكرد وهم من أكثر من حزب :
فمنهم من ينتمي إلى يكيتي ومنهم من ينتمي إلى حزب الوحدة ، ومنهم من ينتمي إلى حزب الاتحاد الديمقراطي * بالإضافة إلى تنكزار ونواف ليقولوا لي :
ها نحن مرّة أخرى نخوّلك للاستمرار بالحديث باسمنا ,على ضوء محاججاتك التي أراحتنا !، ولعلّهم قالوها لي هذه- المرّة - بإلحاح , مع أنهم كانوا قد قالوا الكلام نفسه لنا , مشعل وأنا , من قبل ، فلقد أخذ مشعل ا لتّمو مكانه – الآن - وراء المنصة الرئيسة , وكنت- مع مشعل - من أكثر المداخلين في الجلسة الأولى , من قبل وفدنا الكرديّ الذي وجد في توكيلنا الحديث - احتراماً خاصّاً , ولعلّ في مثل هذا التأكيد الجديد عاملاً ايجابياً حفّز فيّ تلك الروح, لأن ّ جميعهم جاء ليشدّ على يدي لمّا كنت قد عرضته من أفكار ..
يعلن الصّديق مشعل ا لتمو بدء الجلسة الثانية , وفي حضور فاروق سبع الليل , ووجوه جديدة بدأت تدخل القاعة , حيث نجد مندوبي صحافة , وفتاة بريطانية وسوا هم ممن لم يكونوا في القاعة من قبل .
أجل ،إنه- الآن - أصعب امتحان يخوضه مشعل , لا سيّما وانه إزاء معادلة عصّية على التوازن في حدود القاعة المكهربة ، بل قل : الملغومة ...!؟.....
يلقي زهير سالم كلمته , ويبدأ وطيس الحوار المفتوح في ما بعد :
يقول أحد غلاة القومويين وهو في سياق الردّ عليّ :
أستغرب كيف أن أكراد سوريّا يحسّون بتعاطفهم مع أكراد العراق وإيران وتركيا
أردّ عليه :
لماذا أنتم أيضاً – أينما كنتم – تبدون تعاطفكم مع أي ّ عربي ّ سواء أ كان في مصر أو في السودان أو في نيويورك،أو.....، إ ذاً لم تجيزون لأنفسكم ما تحرمونه على سواكم , فها أنتم تريدون منّا كأكراد سوريين – أن نفكّر سوريّاً فحسب - ونحن مواطنون سوريّون . بيد أنكم - تتجاوزون هذه الحدود – لتفكّروا عربيّاً - دون أن تعلموا أن الأسرة الكرديّة الواحدة لها امتدادات ضمن كلّ من كردستان تركيا ...
ينهض أحدهم مقاطعاً إياي :
انظروا ها هو يقول كردستان تركيا ...!!
أتجاهل هذه المقاطعة،وأواصل حديثي قائلاً: وكردستان إيران ...
يعود صاحبي مرّة أخرى لمقاطعتي ، مستفزا ً من في مظنته أنهم يقفون إلى جانبه:
هاهو يتجرّأ ويقول: كردستان إيران !.
يستبدّ بي الغضب لأقول- بتحدّ باد - و كردستان سوريّا.......!
أجل يا صاحبي ، رغم أننا سوريون , وأعمل طوال عمري من أجل مستقبل وكرامة سوريا بلدنا جميعا ً، كما تقرّبذلك الحركة الكرديّة في سوريا من أقصاها إلى أقصاها، يستأذن أحدهم :
لقد تحدّث إبراهيم عن صلاح الدين الأيّوبي ككرديّ - وراح يتحدّث أيضا عن سواه على أنّهم أكراد – وليعلم أخي إبراهيم , أن صلاح الدين الأيوبيّ انتصر لأنّه كان مسلماً , وكانت ثقافته إسلاميةً , ولم ينتصر لأن جيشه كان كرديّاً، فحسب , بل كان جيشاً إسلامياً...
تتحكّم بي حميّة خاصة , كي أردّ بعيداً عن منطق وأسس الحوار , منزلقاً في حفافي ردود الفعل التي بدت عليّ ، بل و لا بدّ منها إزاء لا منطق من هذا النوع.
أبدأ حديثي بآية قرآنية كريمة - يغتبط لها محمّد الحسناوي ذي الروح المرحة ليقول مازحاً:
ها هو ذا الشيوعيّ يقرأ آية من الذكر الحكيم ...!!، معتقداً- ربّما - أنني أجامل القوى الإسلامية الموجودة .......
ويلوّح لي عبيدة النّحاس- من أقصى الزاوية المقابلة حيث يجلس أمام الباب - بيده مغتبطاً , لما سمعه منّي , كي أكمل بدوري حديثي قائلاً :
لا أريد ان أتحدّث عن خصوصية صلاح الدين , ومفاهيمه , و"تركيبة" جيشه بل أسأ ل لم لم تستطع هذه الثقافة- نفسها - ومنذ 1948 أن تحرّر ولو شبراً واحداً من الأراضي المحتلة ....!؟
يستلم دفة الحديث د . فاروق سبع الليل , سليمان الحسن ود. فيصل جلول وسركيس سركيس - وعائشة العقيلي حيث أحاديثهم جميعاً متشابهة , كي يرسل إليّ تنكزار ونواف وفرهاد وصلاح وخالد وفريد الملا – صديقي الذي حضرهذه الجلسة والتقيته بعد فراق أكثر من عقدين - وغيرهم قصاصات من ورق، تذكّرني بالرّد على عدد من النّقاط التي لمسوا فيها تجنيّاً على الكرد السوريين , ألتقط أنفاسي , وأصوغ محتوى تلك القصاصات في مداخلة أخرى , أردّ بها على هؤلاء , مصرّاً على أن أمتلك أسس أدب الحوار - في حدود احترام شخص ذي الرأي المختلف , وهو ما آمل عدم الخروج عليه البتة ، ما حييت ....
.........................................................
* معذرة ً، لم أذكر اسم من لم أستأذنه مسبّقاً- ممن التقيتهم من المشاركين الكرد- حول ذكر اسمه، ماخلا هؤلاء الأصدقاء الذين اتيح لي التواصل معهم مباشرة ، أو بشكل غير مباشر ، بل قمت بإيراد الاسم الأول – فحسب – لبعضهم ،في بعض الحالات الأخرى ، متماهيّاً أو لائذاً بظلال الاسم المستعارلرحابة صدره قي مثل هذا المقام ..
**أعلمني الصّديق عبد الحميد – بعد نشر الحلقة الماضية – أنه كان قدم اعتذاره ممن دعاهم – شخصّيا ً - وبطريقته الخاصة ، مبدياً موقفه – ليس في الجلسة الأولى ، كما كنت قد أوردته ذلك في تلك الحلقة ، بل بعد انتهاء أعمال المؤتمر ،وفي الدقائق الأخيرة منه ،مؤكّدا – آنئذ - ًأنه ً سينسحب بصفة شخصية في 12-6- وهو موعد آخر ندوة لنا- أنا ومشعل - في المانيا، وأنه لم يكن مخوّلاً بحلّ اللّجنة ، وإن كان هو- منسقها- كما كنت أعلم ....
***كلّي أمل أن يتم إغناء هذه الحلقات بمناقشتها من قبل المعنيين – جميعاً – ضيوفاً ومضيفين،لاسيّماوأن هذه المادة – في أحد وجوهها – ستكون وثيقة من وثائق الحوار الوطني السوريّ – بعامّة – والكرديّ العربيّ – بخاصة – لاسيّما وإنّني كتبته –من الذاكرة القريبة – كما يخيّل إلي –لأنني اضطررت أن أتلف كلّ ما في حوزتي من وثائق و أوراق ، قبل عودتي ، وهو ما يعرفه الصديق عارف غابو أو الأصدقاء الذين ودعوني في مطار ستوكهولم ، كما سنجد ....
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟