أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد المريز - على متن الخطوط الجوية العربية السورية














المزيد.....

على متن الخطوط الجوية العربية السورية


خالد المريز

الحوار المتمدن-العدد: 1099 - 2005 / 2 / 4 - 09:25
المحور: الادب والفن
    


عندما حجزت لأعود إلى دمشق للمرة الأولى على متن الخطوط الجوية العربية السورية، بعد عدة أعوام من العمل والتنقل في أوربا، لم يخطر ببالي أنني سأكتشف ما لم يكن في الحسبان. في الطائرة وقبل إقلاعها، إضافة إلى وجود عدد من المخابرات يترصدون كل شيء بنظرات تنم عن فجاجة مريعة، كان ضجيج المسافرين السوريين يبعث على التساؤل فيما إذا كان هؤلاء يشعرون بالتعب على الإطلاق أو بالأحرى إن كانوا يفعلون شيئاً في حياتهم إلا الكلام. في المقاعد الأمامية في الجهة اليمنى من الطائرة جلس رجل بجانب النافذة حركات ذلك الرجل تدل بكل وضوح على أنه وراء هدف ما وكأنه يريد أن يكلم أحداً من طاقم الطائرة ولا يجده.. أو كأنه يجلس على مسامير تغز في مؤخرته فينهز متوقفاً ناظراً إلى اليسار والخلف والأمام متمعناً في وجوه جميع المسافرين وفجأة صرخ بأعالي صوته وبلهجة دمشقية: "ولك أبو هيثم أنتي هون أنتي! آه يا مسبِّع الكارات آه .. أي ما المرة الماضية شفتك مسافر عا فرانسا لمّن أنا كنت مع السيد الرئيس!؟" تساءلت في نفسي: " أيريد هذا أن يتكلم مع أبو هيثم مسبع الكارات أم يبغي أن يسمعنا أنه هو الذي يسافر، ومع الرئيس!؟" وأما "أبو هيثم" فبدا وكأنه انتشى بخمر أن يعرف البقية عنه أنه مسبّع الكارات وكثير السفر فأسرع باتجاه مخاطِبِه وبدأ الاثنان درز بعضهما البعض بقبل الخد والفم... ثم دارت بينهما أحاديث متعددة أعتقد أنه تتسبب لمن يستمع إليها بإصغاء بالتهاب بواسير مزمن! ومن هذه الأحاديث مثلاً قال أحدهما للآخر: "ولك الكلاب عم يحكوا عن البترول بسوريا.. أي ما بيعرفوا أنو عنا آبار مغطاية بتكفينا آلاف السنين كل أبر منها دهب دهب بفضل الله وفضل السيد الرئيس!... " بعد زمن من الانتظار، حسبته دهراً، بدأت نداءات طاقم الطائرة إلى المسافرين بالجلوس في أماكنهم المخصصة وربط الأحزمة استعداداً للإقلاع. عند تحرك الطائرة بدأ الجميع ينظرون من النوافذ ويترقبون إلى أن تسارعت حركتها ومن ثم أقلعت وهنا شرع أحدهم بالصراخ: " اعتلى اعتلي اعتلى.. الله أكبر..." وبدأ الجميع بالتصفيق الحار ثم سأل أحدهم بأعلى صوته: "شلون شفتللي الإقلاع !؟" وصرخ آخر: "يا أخي الطيارين السوريين مَهَرَا مَهَرَا ..." ورد عليه آخر: "الطيارين السوريين هم الأوائل في العالم بالخبرة في الطيران ولديهم شهادات وجوائز عالمية تشهد بذلك.." وأنا أستمع إلى تلك التعليقات كنت أتساءل بيني وبين نفسي: ماذا يعرف هؤلاء عن طيران وطياري العالم؟ وإن انعدمت حوادث الطيران مع طائرات العربية السورية فالفضل في ذلك يعود لقلة الطيران وقلة عدد الرحلات... ماذا كان هؤلاء سيقولون عن شركات الطيران العالمية التي تُقلع طائراتها بمعدل كذا طائرة خلال ثواني؟ وكذلك كنت أقارن، في سري، بين الأوربي المسافر والذي لا وقت لديه للعلاك والذي يحمل الكتاب ويبدأ بالقراءة منذ لحظة صعوده إلى الطائرة إلى أن ينزل منها. في كل الأحوال، أتحفنا السادة المسافرين في مدة لا تقل عن نصف الرحلة للكلام عن الطيارين السوريين المهرة وإقلاعهم المتميز. بعد زمن قصير من الإقلاع ظهر أحد أعضاء طاقم الطائرة لعرض تعليمات السلامة والأمان لنا. الصفة الأولى المتميزة في ذلك الكائن هو رأسه الذي يشبه مثلث متساوي الساقين وقاعدته في الأعلى، لذلك الرجل صلعة حاول إخفاءها بإطالة شعره من ناحية الرأس اليسرى ومن ثم إلصاقه فوق ضلع المثلث الثالث في الأعلى، ولا أخفيكم سراً أنني مازلت أعتقد أن سبب توظيفه في ذلك المكان هو شكل رأسه الذي يشبه إلى حد كبير رأس حافظ الأسد (وهو سبب كاف للوظيفة في شركة الطيران السورية). لن أطيل عليكم سيرة يامرحومي البي، عندما بدأ ذلك بتنفيذ الحركات المترافقة مع تعليمات الطوارئ والأمان والنجاة والسلامة، لا أراكم الله مكروهاً، فقد كشر عن أسنانه وهو يرفع يده نحو الأعلى ليرينا كيف نسحب الكمّام الذي ينزل تلقائياً لم أعرف وقتها فيما إذا كان المشهد يثير موجة ضحك أم موجة بكاء...! بعد انتهاء العرض الآنف الذكر بدأ "الكابتن" يتكلم في اللغة العربية قائلاً: "حضرات السادة المسافرين الكابتن آدنان أوداييم يحييكم...." ولم أعرف أن اسم الكابتن هو "عدنان عُديّم" إلى أن بدأ هذا يتكلم في اللغة الإنكليزية حيث لفظ اسمه بالشكل الصحيح بعكس مافعله عندما تكلم في اللغة العربية..! ترى لماذا أراد إسماعنا كعرب سوريين أن اسمه "أدنان أو داييم" وكأنه إفرنجياًً يلفظ ذلك الاسم ويصعب عليه لفظ حرف العين "ع"!؟ الله أعلم! بعد قليل حضرت "المضيفة" تجر عربة الأكل ولا أخفيكم سراً أن رائحة عرق جسدها اختلطت مع روائح القميص الذي ترتديه مما يبعث رائحة وخاذة منفرة ومقرفة جداً...لم أكن لأتكلم عنها وعن رائحتها بهذا الشكل لو أنني لم أر كيف بدأت تشاجر رجلاً مسناً أراد أن يشرب للمرة الثانية فوبخته لكثرة طلباته...
لا أدري كم مرة سألت نفسي متى تنتهي الرحلة ونصل أخيراً! عند الاستعداد للهبوط بدأت جموع المسافرين المعجبين بالطيارين السوريين تترقب إلى أن لامست الطائرة أرض "مطار دمشق الدولي" عندها باشرت تلك الجوع بالتصفيق وتعالت الأصوات: "الله أكبر زقفة شباب..." " مهره مهره مهره الطيارين السوريين ..." وتعالت الأسئلة: "شلون شفتللي الهبوط؟ " و "شلون شفتللي الإقلاع؟".
عند وضع قدمي في المطار بدأت معاناة من نوع آخر جعلتني أنسى تجربة داخل الطائرة لأحس أنها كانت مؤنسة تجاه ما لقيته من حراس دولة البعث.
تل سنون



#خالد_المريز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اشتروا جزيرة لتأويكم وسموها سورية الأسد: باليقظة لا بالحلم أ ...
- حلم سوري 3 ميراج طيارك هرب يقول ما أقوى العرب
- حلم رقم 2 وبلاغ مدني رقم واحد من دمشق
- المخابرات السورية ستتشوق لتفسيره لي ولكننا لسنا مسؤولين عن أ ...


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد المريز - على متن الخطوط الجوية العربية السورية