أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الثورة المصرية والثورة الرومانية على نفس الدرب سائرون















المزيد.....


الثورة المصرية والثورة الرومانية على نفس الدرب سائرون


حمدى السعيد سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3725 - 2012 / 5 / 12 - 01:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الثورة الرومانية بدأت 16 ديسمبر عام 1989 في العاصمة بوخارست استمرت لمدة إسبوع..... وتمكنت من الإطاحه بالديكتاتور نيكولاي تشاوتشيسكو....بعد ان تصاعدت اعمال العنف خلال هذا الأسبوع, حتى أدت إلى الأطاحة بالشيوعية في البلاد وأنشاء أول نظام ليبرالي في البلقان..... الجدير بالذكر ان تعرف ان رومانيا هي الدولة الوحيدة في دول البلقان التي تم التخلص فيها من النظام الأشتراكي بالعنف والدماء وإعدام الحاكم...... لقد أدت الثورة الشبابية الرومكانية إلى وفاة 1,104 شخص, بما فيهم الرئيس المخلوع وزوجتة إلينا ..... لقد مات 162 شخص في المظاهرات ضد تشاوشينكو من 16-22 ديسمبر..... والباقي 942 ماتوا ضمن أعمال الشغب قبل الاستيلاء على السلطة بواسطة هيكل سياسي جديد، يسمى جبهة الخلاص الوطني...وأصيب أكثر من 3,352 مصاب فى احداث الثورة الرومانية ....

الثورة الرومانية اندلعت بسبب الدولة البوليسية والبوليس السري المنتشر في كل مكان مما أدى لقمع الحريات والتنكيل بمن لا يمتدح الحزب الشيوعي الحاكم.... وكذلك بسبب
نظام التقشف الصارم الذي أتبعه تشاوتشيسكو لأدارة البلاد من أجل تسديد كل ديون رومانيا في سنوات قليلة......فاشتمل هذا التضييق على كل موارد الدولة , حتى التلفزيون الرسمي تم تقليل قنواته لتصبح قناة واحدة تبث لمدة ساعتين فقط يوميا .... كما كان يتم قطع الكهرباء لساعات طويلة خاصة في الليل من أجل التوفير مما جعل الشعب يعيش في فقر شديد .... أبتدع نيكولاي شاوشيسكو فكرة(القائد المعبود) فكان يتم استغلال الإعلام والاحداث الرياضية في الملاعب والشوارع له وزوجته والحزب الشيوعي....وقام بمشاريع تعكس جنون العظمة عنده مثل إنشاء (بيت الجمهورية) شديد الفخامة والأبهة وهو أكبر قصر في العالم وأيضا متحف شاوشيسكو والمستقبل الشيوعي الضخم مما أرهق ميزانية الدولة أعباءا أضافية....


قد لايعلم الكثيرين ان نيـكولاي تشاوشيسكو ديكتاتور رومانيا بدأ حياته اسكافيا .... وهذا ما يعكس سبب اطلاقه على نفسه مجموعة من الالقاب الرنانة منها: «القائد العظيم» «الملهم»......لقد بنى تشاوشيسكو لنفسه خمسة قصور عمل في أحدها 17000 رجل، فيما كان يمنع عن شعبه الخبز..... أيضا كان والده سكيرا مثل والد ستالين... وتحاشى تشاوشيسكو الإشارة إليه طوال حياته..... وعندما مات لم يحضر جنازته..... تشاوشيسكو رجل تريد رومانيا أن تنساه... هذا الرجل حكم رومانيا الشيوعية لأكثر من عشرين سنة - وكان صديقاً شخصياً للرئيس جمال عبد الناصر و الرئيس أنور السادات ....و ساهم بمجهود كبير في مساندة مصر وحركة عدم الانحياز - كما ساهم في مباحثات السلام بين مصر وإسرائيل و هو من اتصل برئيس وزراء اسرائيل مناحم بيجين لترتيب زيارة السادات لإسرائيل في 1979....


نيـكولاي تشاوشيسكو كان يتولى منصب السكرتير التنفيذي للحكم الشيوعي الروماني عام 1965، ثم تولى الرئاسة عام 1974حتى ....1989. حكم البلاد بقبضة من حديد، وإتسم حكمه بالشدة والدموية على الرغم من بعض الإنجازات في مجالات تنموية وعلمية وثقافية.... حتى قامت ثورة عليه أيدها الجيش، فهرب مع زوجته، إلا إنه لوحق ثم حوكم من قبل عدد من ضباط الشرطة العسكرية وصدر عليه وزوجته حكم الاعدام في أسرع محاكمة لديكتاتور في القرن العشرين.... أعدم مع زوجته أمام عدسات التلفزيون .... وخلفه بالحكم إيون إيليسكو....أصيب تشاوشيسكو بجنون العظمة في نهاية حياته فكان يطلق على نفسه القائد العظيم والملهم ودانوب الفكر ( نسبة لنهر الدانوب ) والمنار المضيء للإنسانية والعبقري الذي يعرف كل شيء ....كان لا يقبل أي انتقاد ولا يبدى أية رحمة لمعارضيه ومما زاد في غروره وفي جنون العظمة عنده وجود المنافقين حوله يصفونه بأوصاف مبالغ فيها كوصفه بيوليوس قيصر وبالأسكندر الأكبر ومنقذ الشعب وأن عصره هو العصر الذهبي وبأنه الشمس التي تشع الدفء .... حتى كرهه شعبة وقام بالثورة ضده...كانت الثورة الرومانية في 1989 آخر ثورات أوروبا الشرقية وأكثرها عنفًا، وجاءت بعد نشوة الانتصار، السلمي في معظمه، لمنظمة تضامن في بولندا، والثورة المخملية في تشيكوسلوفاكيا السابقة..... ففي آخر يوم له في السلطة، في 22 ديسمبر 1989، كان الرئيس الروماني نيكولاي شاوشيسكو قد أمضى 24 عامًا على رأس الحزب الشيوعي، 21 منها رئيسًا لرومانيا.... وكان الرجل يحكم في معظم فترة حكمه عن طريق إشاعة الخوف وتشجيع عبادة الفرد بشكل متطرف، وقمع كل المعارضين اعتمادًا على جهاز شرطته السري الوحشي سيئ السمعة( السيكوريتات) وأكبر شبكة من الجواسيس والمخبرين في أوروبا الشرقية..... بدأت المظاهرات في 15 ديسمبر 1989، في مدينة تيميسوارا الغربية، وكانت كرد فعل على التحرش بالقس المجري الأصل المنشق( لاسزلو توكس)..... وسرعان ما انقلبت شعارات من قبيل "نريد الخبز" إلى "يسقط شاوشيسكو"..... وفي يوم الكريسماس سنة 1989 -وبعد ثلاثة أيام من فراره من منصبه- تم إعدام شاوشيسكو وزوجته إيلينا رميًا بالرصاص...


بعد ان انفجرت المظاهرات فجأة وبشكل لم يكن متوقعاً وخصوصاً بعد أن قامت قوات الرئيس بقتل عدد من المتظاهرين من الطلبة في 20 ديسمبر من عام 1989م ....الجدير بالذكر ان المظاهرات العنيفة وصلت إلى قصر الرئيس الفخم فخرج تشاوشيسكو يخطب فيهم ..... لكن الثوار كانوا يهتفون ضده مما أضطره إلى قطع خطبته .... وفي اليوم التالي ازدادت المظاهرات حدة برغم عدد القتلى الذي فاق المئات والجرحى الذي تعدى الألوف واكتظت المستشفيات بهم واستطاع الثوارمحاصرة القصر .....وأخذت أصوات الثوار تهدر مما أصاب تشاوشيسكو بالرعب فاضطر للهرب عن طريق الممرات السرية لقصره وبواسطة طائرة هليوكوبتر حطت به هو وزوجته خارج المدينة أستقل بعدها سيارة سرقها أعوانه من إحدى المزارع للبحث عن مخبأه السري الخاص الذي لم يعرف مكانه واستطاع الفلاحون القبض عليه وتسليمه للسلطة القائمة فى البلاد ...... وحاكموه محاكمة سريعة تم تسجيلها على أشرطة سينمائية بثتها إحدى شبكات التلفزيون الفرنسية فكانت حدث العام .... تشاوشيسكو و زوجته أثناء محاكمتهما في غاية العصبية وجنون العظمة فقاموا بشتم القضاة مما اضطر المحكمة لتنفيذ حكم الإعدام بهما ....وحين رأى تشاوشيسكو جدية الموضوع أخذ يبكي كالأطفال وخصوصاً حين قام الجنود بتقييده قبل إطلاق الرصاص عليه و قامت زوجته العجوز والبالغة من العمر ثلاثة وسبعين عاماً بضرب أحد الجنود على وجهه حين حاول تقييدها قبل تنفيذ حكم الإعدام بها ....


لم تستقر رومانيا بعد ثورتها ولم تتقدم ولم تصبح دولة مدنية ديمقراطية حيث تولي الرئاسة بعد الثورة ايون ايليسكو وهو احد رجال الرئيس السابق تشاوشيسكو فقام ايليسكو بالانتقام من الثوار عن طريق الاعتقالات والاغتيالات و الاعدام لبعض الثوار بمحاكم عسكرية وبتهم ملفقة.....لقد استطاع افشال الثورة الرومانية وسرقتها منهم فالشعب الرومانى اطاح بديكتاتور ليأت بديكتاتور آخر اسمه ايون ايليسكو...ﺍﻣﺘﺪﺡ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﺍﺣﺘﻔﻰ ﺑﻬﺎ ﻓﻰ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﺔ ﺛﻢ ﺣﺪﺙ ﺍﻧﻔﻼﺕ ﺃﻣﻨﻰ ﺭﻫﻴﺐ ﻓﻰ ﺭﻭﻣﺎﻧﻴﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻧﻪ ﻣﻦ ﺗﺨﻄﻴﻂ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ... حيث ﺑﺪﺃﺕ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﺠﻬﻮﻟﻴﻦ ﻳﻬﺎﺟﻤﻮﻥ ﺑﻴﻮﺕ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﻤﻨﺸﺂﺕ ﺍﻟﺤﻴﻮﻳﺔ، ﻭﺭﺍﺡ ﺟﻨﻮﺩ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻳﺘﺼﺪﻭﻥ ﻟﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺭﻭﻣﺎﻧﻴﺎ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺣﺮﺏ ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻰ ﺇﺣﺴﺎﺱ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﻬﻠﻊ ﻭﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻷﻣﻦ....وﻣﻊ ﺍﻻﻧﻔﻼﺕ ﺍﻷﻣﻨﻰ ﺍﻟﻤﺘﻌﻤﺪ ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺻﻌﺒﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ....


ﻓﻰ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ،ﻟﻌﺐ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﻠﻨﻈﺎﻡ ﺩﻭﺭﺍ ﻣﺰﺩﻭﺟﺎ، ﻓﻬﻮ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺳﺎﻫﻢ ﻓﻰ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﺬﻋﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺸﺎﺋﻌﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﻟﻴﺔ،ﻭﻓﻰ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺭﺍﺡ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻳﻤﻌﻦ ﻓﻰ ﺗﺸﻮﻳﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﻮاﺭ ﻭﺗﻮﺍﻟﺖ ﺍﻻﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﻟﻤﻦ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺧﻮﻧﺔ ﻭﻋﻤﻼﺀويتلقون ﺃﻣﻮﺍﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺗﺨﺮﻳﺐ ﺍﻟﻮﻃﻦ.....ﻣﻊ ﺍﻟﻬﻠﻊ ﻭﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻟﻄﺎﺣﻨﺔ،ﺗﺄﺛﺮ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻮﻥ ﺑﺤﻤﻼﺕ ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﻪ ﺍﻹﻋﻼﻣﻰ ﻭﺑﺪﺃﻭﺍ ﻳﺼﺪﻗﻮﻥ ﻓﻌﻼ ﺃﻥ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﻋﻤﻼﺀ....ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺃﺣﺲ ﺍﻟﺜﻮﺍﺭ ﺑﺄﻥ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ ﻳﺴﻌﻰ ﻹﺟﻬﺎﺽ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻧﻈﻤﻮﺍ ﻣﻈﺎﻫﺮﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺭﻓﻌﺖ ﺷﻌﺎﺭ: ﻻ ﺗﺴﺮﻗﻮﺍ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ.....ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻭﺟﻪ ﻧﺪﺍﺀ عبر شاشات ﺍﻟﺘﻠﻴﻔﺰﻳﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮﻓﺎﺀ .... ﻻﺣﻆ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻭﻃﺎﻟﺒﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﺼﺪﻯ ﻟﻠﺨﻮﻧﺔ ...ﻭﻗﺎﻡ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ ﺳﺮﺍ ﺑﺎﺳﺘﺪﻋﺎﺀ ﺁﻻﻑ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺟﻢ ﻭﺃﺷﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻠﻴﺤﻬﻢ، ﻓﺎﻋﺘﺪﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭﻳﻴﻦ ﻭﻗﺘﻠﻮﺍ ﺃﻋﺪﺍﺩﺍ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻨﻬﻢ....ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﻧﻘﻄﺔ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻟﺜﻮﺭﺓ ﺭﻭﻣﺎﻧﻴﺎ......ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺘﺐ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ لاﻳﻮﻥ ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ..... ﻭﺭﺷﺢ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻠﺮﺋﺎﺳﺔ ﻭﻓﺎﺯ ﺑﺎﻟﻤﻨﺼﺐ ﻟﺪﻭﺭﺗﻴﻦ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺘﻴﻦ ﻓﻰ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻣﺰﻭﺭﺓ.....ﻭﻫﻜﺬﺍ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﻴﺔ ﻣﻔﺨﺮﺓ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﻣﺎﺩﺓ ﻟﻠﺘﻨﺪﺭ ﻭﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ.....والسبب الرئيس لفشل الثورة الرومانية انها كانت نصف ثورة فقط وليست ثورة كاملة ثورة اطاحت بطاغية واكتفت بذلك ولم تقوم بالاطاحة برجال النظام السابق ...و ها نحن على الدرب سائرون!...

ما هي أوجه الشبه والاختلاف بين رومانيا ومصر؟ فلعل تشابها واضحا هو أن سقوط الديكتاتور لم يعن انتقال السلطة للثوار بل انتقلت الثورة بعد ما يشبه الانقلاب من داخل النظام..... في حالة رومانيا استولى الصفان الثاني والثالث على الحكم في الفترة الانتقالية، وصمم هؤلاء ترتيبات المرحلة بما يضمن إعادة إنتاج مراكزهم من خلال نظام انتخابي فيه بعض التعددية.....واستغلوا في سبيل ذلك شبكات الزبونية المنتشرة في الريف والمدن الموروثة عن الحزب الشيوعي المنحل، والإعلام الذي كان لا يزال حكوميا بامتياز..... وفي مصر آلت الأمور للمجلس الأعلى للقوات المسلحة من بعد مبارك، وهو المجلس الذي يرأسه وزير دفاع مبارك نفسه لمدة عقدين من الزمن.... ولكن يثور خلاف أساسي هنا في كون المجلس العسكري أو القوات المسلحة عامة مؤسسة من مؤسسات الدولة لا يمكن أن تملأ المجال السياسي لما بعد مبارك إلا عن طريق إنشاء حزب سياسي يكون في واقع الحال تكرارا أو امتدادا للحزب الوطني، ومعه جهاز أمني يقوم بتنظيم المجال السياسي بنفس قدر الإرهاب والقمع الذي كان قائما في عصر مبارك.... ولكن يبدو بوضوح أن أعضاء المجلس-خلافا للأعضاء السابقين في الحزب الشيوعي الروماني على غرار إيليسكو-يفتقدون للخبرة السياسية بحكم عقود من عدم تسييس الجيش في مصر...... ويضاف إلى ذلك أن مشكلات إدارة البلاد حتى خلال المرحلة الانتقالية تفوق قدرتهم على تولي زمام جهاز الدولة أو احتواء الصراع الاجتماعي المتفجر سواء في شقه الخاص بالأجور الحقيقية أو في شقه الطائفي...... وبالفعل ضمان مصالح النخبة العسكرية كما هي بدون تغيير كان حاضرا بجلاء على أجندة العسكريين في مصر، ولكن ليس من خلال مصادرة المجال السياسي الآخذ في الانفتاح بعد انهيار أمن الدولة، وإنما من خلال حمل القوى السياسية على إقرار وضعية خاصة للجيش تعزله بموازنته وهيكله عن المؤسسات الديمقراطية التي قد تنشأ وقد تمارس عليه رقابة مالية أو سياسية، ومن خلال وضع آلية للسياسة الخارجية كمجلس دفاع قومي يضمن للمجلس دورا إلى جانب رئيس أو برلمان منتخبين...... والحق أن إعادة إنتاج نظام مبارك كما هو بحزب وطني يزور ويمارس البلطجة لنيل أغلبيات مصنوعة، أو بجهاز أمني مطلق اليد قد بات أمرا مستحيلا بحكم انتشار المقاومة له من جانب مختلف الفئات الاجتماعية حال محاولته الرجوع لممارسة مهامه كما هي، وينبغي أن نأخذ في الاعتبار كذلك أن انهيار نظام مبارك لم يأت إلا على خلفية تفاقم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في مصر على نحو لم تتمكن معه المؤسسات السياسية من التفاعل بالتمثيل أو تقديم حلول فمن الحكمة إذن وربما الذكاء أن يدرك العسكر أن مستقبلهم في أفضل صوره سيكون بمشاركة الدولة مع نخبة سياسية حزبية منتخبة رئاسيا وبرلمانيا...

ويضاف إلى ما سبق أن المجلس العسكري قد تلقف السلطة الواقعة من مبارك بعد عجزه عن الصمود في وجه ثورة 25يناير باعتباره آخر ما تبقى من أركان الدولة من ناحية، وقلب نظام يوليو المستبد من ناحية أخرى......ولكن لم يأت ذلك على خلفية انقلاب من داخل الجيش على مبارك بغرض التخلص منه ومن عائلته ومشروع التوريث والفساد الذي أحاط به كوسيلة لإعادة إنتاج النظام المتسلط ولكن بنخبة جديدة أقل فسادا، وأكبر دليل على ذلك أن المجلس العسكري لم يضح بمبارك مختارا رغم أن هذا يعد أساسيا لمن يرغب في تحويل الثورة إلى انقلاب ونيل رضاء الجماهير باعتبار أن الجيش يطهر الدولة، وإنما ما حدث كان تواصل الضغط الشعبي على المجلس لتصفية النظام القديم من خلال فتح المحاكمات لمبارك وعائلته وأركان نظامه، وهو ما تم بحكم الضرورة مع بقاء الكثير من الشك حول جدية هذه المحاكمات، ويثور الأمر نفسه في عدم مسارعة المجلس إلى إعادة هيكلة الداخلية: جهاز مبارك القمعي الأساسي، وعدم استبعاد فلول الحزب الوطني من المنافسة السياسية-رغم سقوطهم المروع فيما بعد.... وكان الدليل الأبلغ على موقف الجيش من مبارك هو شهادة المشير طنطاوي، والتي رفض فيها توريط مبارك في قتل المتظاهرين، وهذه كلها أدلة على أن المجلس العسكري لم يكن يخطط لتحويل الثورة إلى انقلاب، ويقف ذلك خلافا للحالة الرومانية التي أقدمت فيها أطراف في النظام على تصفية تشاوتشيسكو وزوجته جسديا، ونجحوا بالفعل في تحويل الثورة الشعبية إلى انقلاب عسكري تمخض عن قبضهم على زمام الأمور....

بيد أنه لا يجب إغفال أن المجلس العسكري في مصر قد أصبح هو مركز "الثورة المضادة" بتصديه لإعادة هيكلة الداخلية وتفويته الفرصة على عزل أعضاء الوطني الفاعلين، وفي ذلك إعادة إنتاج جزئية لنظام مبارك، من حيث السماح لمستقلي الوطني بتشغيل شبكات الزبونية والفساد والعصبية خاصة في الريف ومن خلال ثلث المقاعد المحجوزة للتنافس الفردي. ولكن ذلك لن يكون إعادة إنتاج للوطني الذي لم يكن حزبا في الأصل بعد تفككه في التسعينيات، وتكونه من أصحاب رؤوس أموال خاصة وزعماء عشائر وعائلات في الصعيد يتسابقون ويتنافسون حتى فيما بينهم على الوصول للحصانة البرلمانية وامتيازات القرب من السلطة في دولة لا تعرف تطبيق القانون بشكل متساوى. وإنما دخول هؤلاء للحياة السياسية ما بعد الثورة يعني بقاء ثقافة غير سياسية تقوم على العصبية والرشوة الانتخابية والطائفية، وهذه الثقافة من المرجح أن توجد وتعيش في بلد فيه الفقر وعدم المساواة والأمية كمصر تماما كحال بلدان فقيرة تحظى بديمقراطية إجرائية كالهند وبنغلادش وإندونيسيا....... وهذه الوضعية مختلفة تمام الاختلاف عن حال رومانيا عندما تمكن جزء من الحزب الشيوعي-مركز الثقل نسبيا في عهد تشاوتشيسكو- في إعادة إنتاج مراكزه وصلاحياته من خلال نظام شبه ديمقراطي فيه انتخابات تعددية....


ماحدث مع الثورة الرومانية هو بعينه ما يحدث في مصر..... ثورتنا سرقت منا والمجلس العسكري نجح في تقليب الناس علي الثورة والثوار والحركات والقوي الوطنية "وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" ... لذلك يجب علينا ان نفهم قبل فوات الاوان قبل ان نجد رجال النظام السابق يعودون مرة اخري لانهم سيقومون بالانتقام من الثوار الذين اطاحوا بزعيمهم والاب الروحي لهم حسنى مبارك ....ففي الثورة الرومانية نزل الشعب الروماني مع الثوار جنبا الى جنب ضد الرئيس حتى خلعوه واعدموه
و بعد عام من الثورة وفى ظل تدهور حال البلاد وعدم الاستقرار الذى خطط له ببراعة ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ ... اصبح الثوار كلما خرجوا في مظاهرات يتعرضون للضرب من الاهالي حتى قام الاهالي بحرق كل الثوار...وانتخبوا في نهاية المطاف رئيس من الفلول هو ﺇﻳﻠﻴﺴﻜﻮ ...

حمدى السعيد سالم



#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى تفهمين سيدتى بأن قلبى ليس كأى قلب
- الانقلاب الاخوانى المسلح فى العباسية يريد احلال الجماعة محل ...
- هل جماعة الاخوان تحمل الخير لمصر ام تحمله من مصر!!
- فكرعبدالمنعم ابوالفتوح الاخوانى يخطط للاستيلاء على الدولة ول ...
- مؤسسة رئاسة ام مؤسسة نخاسة
- لماذا اعتذر حمدين صباحى للاخوان وهم من لوث وشوة تاريخ عبدالن ...
- هيام العشق
- الثورة لا تلدغ من جحر الحية الاخوانية مرتين
- المجلس العسكرى والتسليح والديمقراطية الامريكية
- نعم اعرف من تكونى
- نصيحة اليك ياصاحبة العيون القاتلات
- كيف يترشح حازم ابواسماعيل وهو مسيلمة العصر
- لن اعطيك هذا الشرف
- الانقلاب الربيعى او شم النسيم
- حمار الرئاسة
- عمر سليمان قد ينجح بالتزوير والاساليب الرخيصة ولكنه لن يحصل ...
- الاخوان المفلسون يمارسون الكذب والارهاب الفكرى لتضليلنا
- الى الاخوان المفلسين : خونوا تحكموا ولكن الثورة مستمرة
- اقبضوا على عمر سليمان فورا
- شهريار والاخوان


المزيد.....




- -جريمة ضد الإنسانية-.. شاهد ما قاله طبيب من غزة بعد اكتشاف م ...
- بالفيديو.. طائرة -بوينغ- تفقد إحدى عجلاتها خلال الإقلاع
- زوجة مرتزق في أوكرانيا: لا توجد أموال سهلة لدى القوات المسلح ...
- مائتا يوم على حرب غزة، ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية
- مظاهرات في عدة عواصم ومدن في العالم دعمًا لغزة ودعوات في تل ...
- بعد مناورة عسكرية.. كوريا الشمالية تنشر صورًا لزعيمها بالقرب ...
- -زيلينسكي يعيش في عالم الخيال-.. ضابط استخبارات أمريكي يؤكد ...
- ماتفيينكو تؤكد وجود رد جاهز لدى موسكو على مصادرة الأصول الرو ...
- اتفاق جزائري تونسي ليبي على مكافحة الهجرة غير النظامية
- ماسك يهاجم أستراليا ورئيس وزرائها يصفه بـ-الملياردير المتعجر ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدى السعيد سالم - الثورة المصرية والثورة الرومانية على نفس الدرب سائرون