أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد حمه خورشيد - ثورات الربيع العربي : تحليل جيوبولتيكي نقدي















المزيد.....


ثورات الربيع العربي : تحليل جيوبولتيكي نقدي


فؤاد حمه خورشيد

الحوار المتمدن-العدد: 3724 - 2012 / 5 / 11 - 00:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ثورات الربيع العربي : تحليل جيوبولتيكي نقدي

مقدمة:

توجد الآن في الولايات المتحدة و المملكة المتحدة منطلقات بحثية جديدة لدراسة و تحليل الجيوبولتيكي من منظور معاصر يطلق عليها اسم (الجغرافية الانتقادية – Critical Geopolitics) ، او كما يسميها تايلور) بالجيوبوليتكس البديلة Geopolitics Alternative) ، أو (الجيوبولتيكس الارثيذوكسية – Orthodox Geopolitics) كما يطلق عليها اوتوثل . ومن ابرز كتاب هذا النهج الجديد هم : جيرويد أوتوثل، جون أولوغلن ، جون أكنيو، كلاوس دودز، وسيمون دالبي .
تشكك هذه المجموعة من الباحثين الجيوبولتيكيين بالمفاهيم الجيويوليتيكية (التقليدية) , بما في ذلك نظمها الكوكبية , لأنها مبنية فقط على اساس القوة في العلاقات الدولية ، ويعتقدون بأن دراساتهم لا تؤسس لمدرسة جديدة في الفكر الجيوبولتيكي , بل يرون فيها مجموعة واسعة من الأفكار المترابطة الساخطة على مفاهيم القوة المجردة في التحليل الجيوبولتيكي السابق .
أن أصحاب الجيوبولتيكس ألانتقادي يرون , أيضا , ان هناك العديد من المتغيرات الجديدة التي هي خارج نطاق المقومات الجغرافية بدأت بأداء فعلها المؤثر الى الأحداث السياسية ، وهنا يدخل العامل التكنولوجي و بخاصة تكنولوجيا الإعلام و الاتصالات ثم ظاهرة الثقافة التكنولوجية العالمية ، والعولمة ،والثورة المعلوماتية التي اقتحمت كل البيوت في دون استئذان للسلطات والدكتاتوريات الحاكمة , و بخاصة في الدول النامية , باعتبارها ثقافات عابرة للحدود .

بواعث المدرسة :
نشأت هذه المدرسة بسبب نقدها المرير لكون الجيوبولتيكس التقليدي كان يعتبر (الجغرافيا) العنصر المهم الوحيد في ممارسات و تطبيقات القوة في العلاقات الدولية وفي السياسة الخارجية للدول . لذا يقول اوتوثل : ان الجيوبولتيكس ألانتقادي يقف على النقيض من ذلك لأنه مشروع نظري مشكلاتي يضع الهياكل القائمة لمكون القوة و المعرفة محل اختبار وتحليل, عكس القوالب السابقة المتحجرة.
ويرى كلاوس دودز ان هناك خمسة موضوعات لابد ان تؤخذ بنظر الاعتبار في التحليلات الجيوبولتيكية المعاصرة هي :
1. انتهاء الحرب الباردة.
2. الشركات المالية و المعلوماتية .
3. التجزئة و الدولة ذات السيادة.
4. الإقليمية.
5. وسائل الإعلام و حالات الطوارئ الإنسانية (الكوارث) والحروب .
من هنا يتضح ان كل المهتمين بالجيوبولتيكس ألانتقادي يركزون على دور تكنولوجيا الإعلام في تحفيز و تشجيع السكان(الناس)علي القيام بأفعال سياسية محددة, وفي هذا المجال يقول دودز أيضا : هناك نوع جديد في تكنولوجيا وسائل الإعلام و الاتصالات غيرت من سرعة و كثافة التغيرات السياسية الكوكبية لأنها تخلق قدرة للمتابعين من الأكاديميين والسياسيين في تفسير و توضيح أوضاع العالم ، فالمسافات حول العالم غيرتها طبيعة و سرعة تكنولوجيا الاتصالات، فالتلفزيون, حسب رأي البعض, حول المسافة الجغرافية الى مسافة كاذبة.
ويرى اوتوثل ان الجيوبولتيكس ليس علماً انفرادياً, بل هو علم جماعي وعلم واسع اجتماعياً و حضارياً , لذا فهو اكبر في ان يقرر نتائجه رجل واحد, كما في الجيوبولتيكس التقليدي، لأن ذلك يتطلب دراسة حالات تقع خارج حدود الدولة أو في داخلها .
ويضيف كلاوس دودز أيضا : يحاول العديد من الباحثين ، سعيا وراء إيجاد تعريف محدد للجيوبوليتكس, كممارسة منطقية ، التركيز على كيفية استنتاج عواقب الأحداث التي من خلالها يستطيع مختصوا او مخططوا الأمن أقلمة السياسة الدولية او تحديد توجيهاتها مكانياً ، وفي هذا المجال يقول ان هناك نوعين من الجيويوليتكس : الأول يعتمد على الجيويوليتكس الشكلي او المنهجي) (Formal Texts وهي الآراء التقليدية الخاصة بمنظري الجيوبولتيكس التقليدي . والثاني : الجيوبولتيكس العملي(practical) الذي يستنتج عواقب الأحداث بعد وقوعها ليصاغ منها الخطاب الخاص بالسياسة الخارجية. وهو مايتبناه كتاب الجيويوليتكس ألانتقادي. أي أنهم استبعدوا كلية ما آلت إليه نظريات ماكندر, وسبايكمن, ودي سيفر سكي الكوكبية التي كان العالم يجد تطبيقاتها الحادة في سنوات الحرب الباردة 1945 – 1990 .
مع كل ما تقدم نقول : لا يمكن للجيوبولتيكس ألانتقادي ان يبطل كل ما جاءت به الجيوبولتيكيا الكلاسيكية او التقليدية او الارثيذوكسية ,كما يسميها الآن أصحاب هذه المدرسة الانتقادية ,وفق رؤيتهم المتعلقة بالصراع الدولي لأحداث ما بعد انتهاء الحرب الباردة . بل نجد ان الطريق الأسلم, لفهم العوامل المحركة للأحداث و تحليلها بشكل سليم ,هو في اخذ ما يصلح للتفسير و التحليل من النظريات و الفرضيات الجيوبولتيكية الكلاسيكية ، مع الأخذ بنظر الاعتبار المتغيرات المستخدمة الموجهة او المؤثرة في الحدث السياسي ، لأن تراث الجيوبولتيكس الكلاسيكي هو جزء هام من الثقافة والمعرفة الجيوبولتيكية . لذا يعتقد بيتر تايلور، ان الجيوبولتيكس الأنتقادي يمثل ، هو الأخر ، جزء من الانعطافة (ما بعد الحداثة)في الجغرافية البشرية ، وان هؤلاء المنتقدين للجيوبولتيكس الكلاسيكي لاغنى عنهم في أي حقل من حقول البحث العلمي . كما انه ليس هناك أي سبب يمنعنا من ان نقلب الحال و نستخدم استبصا راتهم (الطازجة) في أغناء جغرافيتنا السياسية القائمة على نهج النظم العالمية ، فهي جميعاً من تراث الجغرافية السياسية . وكل الأفكار تفهم و تحلل ضمن سياقاتها التاريخية و القومية وفي إطارها الجغرافي.


النظام الجيوبولتيكي و عنصر المفاجأة :

وبالنظر للتباين الحاصل في وجهات النظر التفسيرية للأحداث ، من وجهة النظر الجيوبولتيكيين الأنتقاديين ، اكثر من اهتمامهم بالنظريات الجيوبولتيكية الكوكبية (كما عند ماكندر وسبابكمن ودي سيفر سكي و غيرهم) فقد أصبح هناك لكل نظام جيوبوليتيكي قواعده الجيوبولتيكية التي تحدد مسارات التفسيرات والاستنتاجات , وهذه القواعد, كما يقول تايلور , تمثل مبادئ إجرائية تتألف من مجموعة من الفروض الجغرافية السياسية التي تنطلق منها الدولة في صياغة سياستها الخارجية وبناء علاقاتها الدولية . وهذه القواعد تتضمن
1. تحديد مصالح الدولة.
2. تحديد مصادر التهديد التي تتعرض لها هذه المصالح.
3. الرد المخطط لمواجهة هذه التهديدات ، ان وقعت .
4. المبررات التي تقدم الاتخاذ مثل هذا الرد .

مع ذلك هناك فترات تحدث فيها انقلابات ، او تغيرات مفاجئة ، ضمن الترتيب الجيوبولتيكي الإقليمي ذو العلاقة بالوضع الجيوبولتيكي العام ،يطلق عليها (فترات الانتقال الجيوبولتيكية)او النقلة السريعة في تغير الحدث ، مثل سقوط الاتحاد السوفيتي1990 ، إنهاء النظام الشاهنشاهي الإيراني عام 1979 ، اتفاقية الجزائر بين العراق و ايران في آذار 1975 ، ضرب تنظيم القاعدة لبرجي التجارة العالمية في نيويورك عام 2001 ، وأخيراً أحداث الربيع العربي . فكل هذه المتغيرات او الأحداث الجيوبولتيكية حدثت وفق (عنصر المفاجئة)الذي لم يكن بوسع أي من الخبراء ، ذوي النظرة الجيوبولتيكية النافذة ، التنبؤ بحدوثها أو إمكانية حدوثها بهذا الشكل, الخارج عن مؤثرات العوامل الجغرافية , حتى وقعت بالفعل , و خلقت أوضاعا جيوبولتيكية محلية و دولية مغايرة جديدة ، بل ونظاماً جيوبولتيكيا جديداً في علاقات الدول و تكتلاتها بشكل يختلف بالكامل عما كان سائداً من نظم زمن سيادة النظريات الجيوبولتيكية التقليدية ، بل قد تخلق مشكلات جديدة لابد من معالجة عواقبها, كما هو حادث في ثورات الربيع العربي , او الأصح , زمن الصحوة الجماهيرية في بعض البلدان العربية.

أنماط الدراسات الجيوبولتيكية الانتقادية :-
يحدد اوتوثل أربعة أنماط في الدراسات الجيوبولتيكية وفق المدرسة الانتقادية هي،كما يوضحها الجدول :
1. الجيوبولتيكس المنهجي( Geopolitics Formal) . إشارة الى الفكر الجيوبولتيكي التقليدي ، وهي مؤسسة فكرية واسعة للجيوبولتيكس.
2. الجيوبولتيكس العملي (Practical Geopolitics) : ويرتبط هذا النمط بالسياسات الجغرافية ذات العلاقة بالممارسات اليومية للسياسة الخارجية للدول التي تشكل الهيكلية العامة لتصورات السياسة الخارجية وفق تطور الأحداث قبل صياغة قرار الولايات المتحدة للتدخل في البلقان .
3. الجيوبولتيكي الشعبي (Geopolitics Popular ) : هو ذلك النمط من الجيوبولتيكس الذي تعالجه او تثيره الصحافة ووسائل الأعلام الأخرى ، التي بدورها تمثل الثقافة الشعبية بهذا العلم . بمعنى أنه الفهم الجمعي او القومي أو ألأممي للأمكنة والشعوب والإحداث العابرة للحدود الجغرافية او السياسية .
4. الجيوبولتيكي التركيبي (Structural Geopolitics) : يهتم هذا النمط بدراسة العمليات والنزاعات التي تحدد كيف يجب ان تمارس كل الدول سياساتها الخارجية . وهذه العمليات والنزعات تشمل اليوم ، العولمة ، المعلوماتية و مخاطر انتشارها المطلق العنان ، بفعل نجاح الثورة العلمية – التكنولوجية و ثقافتها حول العالم .

جيوبولتيكية الربيع العربي:

ان ما يسميه الغرب (بالربيع العربي) هو في حقيقته الجيوبولتيكي)تساقط الدومينو العربية) الذي بدأت شرارته الأولى عندما احرق البائع المتجول(محمد البوعزيزي)نفسه تعبيراً عن احتجاجه على استبداد نظام بلاده التي كان يترأسها زين العابدين بن على الذي هزمته الجماهير الغاضبة وهروبه الى المملكة العربية السعودية في يوم الجمعة 14/1/2011 . ثم انطلقت بعد ذلك في 25/1/2011 شرارة الثورة الجماهيرية في ساحة التحرير وسط مدينة القاهرة وسائر المدن المصرية، وتنحى جرائها حسنى مبارك في 11/2/2011 ، لتنتهي بذلك فترة الجمهورية المصرية الأولى ، ولتبدأ فترتها الديمقراطية الثانية والتي لم تستقر حتى الآن.
ووفق هذا النموذج انطلقت شرارة الانتفاضة الشعبية في عموم اليمن ضد حكم علي عبد الله صالح ، ومن ثم في ليبيا حيث بدأت الجماهير بالتحرك في القسم الشرقي من البلاد في 17/2/2011 و دخلت العاصمة طرابلس في 22/8/2011 وتكللت بالنجاح بمقتل العقيد معمر ألقذافي في مدينة سيرت في 20/10/2011 .
ثم تلا ذلك اضطرابات جماهيرية واسعة في البحرين وأخيراً ثار الشعب السوري ضد دكتاتورية الأسد . ولا يستبعد أن يكون هذا الربيع استنتاجاً أكثر نضوجاً للانتفاضات التي حدثت في لبنان عام 2005 وإيران عام 2009. فهي انعكاسات لإحداث مشابهة سابقة .
جوهر الحدث الجيوبولتيكي وتقنياته : -
ان هذا الهياج الجماهيري لبعض الشعوب العربية ضد حكامها المتسلطين على رقابها بتأثير سابق من قوى الغرب ، رغم علمها بأن هذه الأنظمة الضامنة لمصالحها كانت جاثمة على براكين في الاستياء الشعبي المكبوت بالقوة لعقود من الزمن ، وهذا هو جوهر الحدث الجيوبولتيكي العربي و محركه والذي أصبح في نظر الغربيين يمثل انتفاضة سياسية للجماهير العربية المطالبة بالإصلاحات الديمقراطية, وهذا هو ماتطلق عليه الجيوبولتيكيا الانتقادية بـ(الجيوبولتيكس الشعبي) . انظر الجدول (1) ، لذا فأن هذه الانتفاضة تتطلب الدعم من (الديمقراطيات الغربية) لأنها ستؤدي ، من وجهة نظرهم ، الى تغيرات أساسية في أنظمة الحكم العربية و سياساتها السابقة ، الأمر الذي يتطلب بدوره صياغة سياسة أمريكية – اوروبية جديدة تجاه هذه الدول ـ او عدم الوقوف ضد تيارها العارم في الأقل .
ترى ماهي الأسس التحليلية لهذه (الجيوبولتيكيا الشعبية) او هذا الحراك الجماهيري الذي يشبه الطوفان وماهي محركاته ؟ هنا لابد من وضع الأسس الجيوبولتيكية الثلاث لتحليل الفعل السياسي محل اختيار وحسب تسلسلها :
1. ينبغي النظر هنا الى (جوهر الحدث) المتمثل بالسياسات الخرقاء التي تبناها الحكام العرب بدعم من القوى الخارجية تجاه شعوبهم و حرمانهم من ابسط حقوقهم الديمقراطية الأمر الذي ولد لديهم استياءً عاماً و شاملاً وخاصة لدى الشباب الأكثر ثورية وتنويراً وتطلعاً وتوقأ للحرية السياسية و الأمن و العيش الكريم في بلادهم .
2. الدور الفاعل(العامل الحدث) أي التحرك الجماهيري(السكان) في خلال استثمار تقنيات الأخبار و الاتصالات الحديثة عبر المواقع الإخبارية ووسائل الإعلام المرئية(التلفاز)ذات العلاقة المباشرة بالتطور التقني الذي ساهم في تصغير العالم وفك الحصار عن كمجتمعاته من خلال البث السريع للخبر بالصوت و الصورة بلا حواجز او حدود او رقابة, أولا بأول, لأحداث العالم الصغيرة و الكبيرة على حد سواء .
3. البيئة الإقليمية والدولية التي يجرى فيها الحدث ، فتغير الوضع الدولي ونظامه العام من سياسة فرص الأنظمة الدكتاتورية العميلة بالقوة او الانقلابات العسكرية الى سياسته التجاوب والرضوخ لإرادة الغالبية العظمى للسكان ، وبخاصة الشباب ،التواقة للتغيير والراغبة في نيل الحرية واستبدال الأنظمة الشمولية بالأنظمة الديمقراطية التعددية بالطرق السلمية, من خلال نزولها الى الشارع لتحدي القوة البوليسية لتلك الأنظمة و مواجهة قواتها العسكرية والأمنية بهتافات التغيير و المطالبة بالعدالة والديمقراطية وبمباركة مرغمة من القوى الدولية .


المفاجأة الجيوبولتيكية وتباين السياسات :

لاتزال الأوضاع غير مستقرة في بلدان الربيع العربي ، رغم نجاح الثوار في بعضها من إزالة حكامها السابقين كما في تونس و مصر و ليبيا ، لكن هذه الثورات لم تسفر عن نتائج او تغيرات نهائية واضحة ، فالحكام قد يتغيرون لكن الأنظمة السياسية لم تتغير في الغالب تغيراً جذرياً ما لك تجرى انتخابات حرة ونزيهة و بإشراف محايد على صعيد ما حصل في تونس على سبيل المثال والتيخصل فيها التيار الإسلامي المتمثل بحزب النهضة الإسلامي ب 90 مقعدا من أصل 217 مقعدا يتألف منها المجلس التأسيسي التونسي, وهذا ما يقلق الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي على حد سواء.
لايخفى بأن العالم اجمع ، وبخاصة قواه الكبرى ، يراقب عن كثب ما يجرى على الساحة العربية ، بل ان للولايات المتحدة ولدول الاتحاد الأوروبي مصلحة كبرى في احتواء وتوجيه هذه التغيرات ، ففي ليبيا حدث تدخل عسكري مباشر من قبل قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)وان المئات في قوات مشاة هذا الحلف وطائراته ساهمت في معارك المدن الليبية ، مع ذلك فأن الحالة الليبية اختلفت كثيراً عما حدث في كل من تونس و مصر واليمن و البحرين و سوريا . ولعل ذلك جاء بسبب القراءة المخطوءة للولايات المتحدة وحلفائها لحالة ، الوضع الليبي وعدم إعدادها للقوة الكافية لتوقعات مقاومة نظامه ، فجاء الرد العسكري الأطلسي قبل تهيئة القوة الكافية لأحداث التغيير السريع في ليبيا ، وكأنه كان استجابة فورية لمطلب الجامعة العربية التي طالبت بغرض حذر للطيران على ليبيا في 12/3/2011 وهي ظاهرة غير مسبوقة في الجامعة . وهكذا أدت تلك القراءة المخطوءة الى مشاكل الجيوبولتيكية غير متوقعة وتريث ملحوظ في مواقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فيما يخص دول الربيع الأخرى ، رغم كون ماجرى ويجري في اليمن و سوريا من تجاوز خطير لحقوق الإنسان قد يفوق مرات ماكان يحدث في ليبيا ، فبعد ان استخدمت الولايات المتحدة و حلفائها القوة الصلدة (Hard Power) ضد ليبيا وجدت ان استخدام القوة المرنة (Soft Power)هي البديل تجاه ما يحدث في كل من سوريا و اليمن للأسباب الجيوبولتيكية التالية :
1. التخوف من تطور الأحداث المعاكسة و بروز المقاومة الداخلية لأنصار تلك الأنظمة على غرار محادث في ليبيا.
2. التخوف من مصير الديمقراطيات الوليدة التي قد لا تكون ليبرالية كما يشتهي لغرب ، لأنها قد تتحول الى ديمقراطية دينية كما هو في ايران .
3. جهلهم بطبيعة الحكام الجدد ومدى توافق سياساتهم المستقبلية مع توجهات السياسة الغربية وضمان مصالح الغرب .
4. ثورات الربيع العربي وان كانت تتوافق وتطلعات الدول الغربية في حلحلة الأنظمة القديمة بما يخدم مشروع الشرق الأوسط الكبيرة ، الا أنها حسب رأي الغرب حركات غير مضمونة ، فالربيع العربي لايشبه تحولات انظمة اوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1989 .
5. تعدد المجموعات والقيادات الداخلية للجماهير داخل كل بلد من بلدان الربيع العربي وصعوبة تجميعهم في تكتل واحد مضمون و واضح الاهداف والتوجهات السياسية الستراتيجية , أمر يبعث الى التروي في دعم مثل هذه الحركات من جهة ، ويسهم في تخاذل مواقف بعض القوى في تأييدها كما حدث لروسيا والصين في استخدامهما لحق النقض(الفيتو)ضد قرار إدانة الحكومة السورية في مجلس الأمن . لذا فالموضوع برمته لا يزال تحت المراقبة و خارج حدود السيطرة الغربية الكاملة. فالعالم كله يعلن عن تذمره عما يحدث في اليمن وسوريا ، لكن لا أحد يجرؤ بالحديث عن التدخل العسكري هناك على غرار القرار ضد ليبيا . والكل يحذر النظام السوري من دون أن يفعل شيئاً.
6. العامل الإقليمي الذي يلعب دوراً واضحاً في سياسات و مواقف العديد من الدول ذات المصلحة في دول الربيع العربي ، فالموقف الإيراني لايزال مع النظام السوري لأسباب مذهبية ، كما ان إسرائيل قلقة عما سيحدث بعد نظام بشار الأسد من تطورات سياسية .

من كل ماتقدم يمكن القول ان (الربيع العربي) لا يزال يمثل حركة نشطة في البلدان التي حدث فيها و إن التغير حاصل في تلك البلدان، لكن المهم ليس في تغيير شخوص وقادة تلك الأنظمة وإنما في إقامة أنظمة ديموقراطية فعلا" تتبنى بشكل ستراتيجي السياسة الضامنة لحقوق السكان, ونبذ الأنظمة الشمولية والعمل وفق سياقات الأنظمة البرلمانية والانتقال السلمي للسلطة السياسية ، الا إن ذلك يتطلب الكثير من الوقت، ومزيدا" من الضحايا والشهداء ,كما هو حاصا ويحصل كل يوم في ليبيا, ومصر واليمن وسوريا، ، فالتجارب غير ناضجة وبحاج،ة الى المزيد من الوقت وبطبيعة الحال ، الكثير من المفاجات الاخرى المحيرة.
______________



#فؤاد_حمه_خورشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصالة في تأريخ الفيلية الكورد
- جيوبولتيك:دول قزمية في المسرح الدولي
- دبلوماسية مصطفى البارزاني في سنواته الأخيرة
- جيوبولتيكية الخيارينلايران:ايقاف التخصيب او الضربة القاضية
- جيوبولتيكية الواقع في سوريا
- جيوبولتيكية نقمة المكان في جغرافية كوردستان
- تخصيب اليورانيوم: جيوبولتيكية العناد الايراني والغطرسة الاسر ...
- جيوبواتيكية الحدث ومفاجأت الربيع العربي
- الفوضى الخلاقة في مصر
- ميناء مبارك والعراق
- جغرافية كوردستان وسايكولوجية الانسان الكوردي
- جيوبولتيكية الخوف بين ايران والعراق
- التحذير التركي للعراق.. جيوبولتيكية (الديك الرومي)
- القيمة الجيوستراتيجية والجيوبولتيكية لكوردستان
- جيوبولتيكية الربيع العربي
- الجيوبولتيكس والدعاية وتضليل الرأي العام
- التحليل الجيوبواتيكي للحدث السياسي


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد حمه خورشيد - ثورات الربيع العربي : تحليل جيوبولتيكي نقدي