أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسقيل قوجمان - جواب على سؤال من قارئ عراقي















المزيد.....

جواب على سؤال من قارئ عراقي


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 3723 - 2012 / 5 / 10 - 12:30
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


جواب على سؤال من قارئ عراقي
في رسالة ارسلها قارئ عراقي جاء السؤال التالي: هل الاجيال الجديدة من ابنائكم يشعرون نفس شعوركم تجاه العراق؟
عزيزي القارئ سؤالك سؤال مهم جدا ولكنه في نفس الوقت صعب الاجابة عليه. لان تهجير اليهود العراقيين من وطنهم العراق لم يكن شبيها بكل انواع التهجير الاخرى. فمن الجانب العراقي كان تهجير اليهود يعني اسقاط الجنسية العراقية عنهم وبموافقتهم. فاليهودي الذي ترك العراق بموجب هذا التهجير كان يعلم انه من الناحية الرسمية لم يعد عراقي الجنسية. لا يغير من ذلك كون هذا التهجير في الواقع السياسي نتيجة مؤامرة امبريالية كانت مقررة ومدبرة عقودا قبل ذلك.
من الناحية الثانية فور وصول اليهودي المهجر الى مطار اسرائيل كانت تمنح له الهوية الاسرائيلية ويصبح مواطنا اسرائيليا له من الناحية الرسمية كل حقوق المواطن الاسرائيلي وعليه كل واجبات المواطن الاسرائيلي. لا تغير من ذلك الصعوبات التي واجهت هؤلاء المهاجرين في المعابر وفي السكنى في الخيام وصعوبة الحصول على عمل وغير ذلك لسنوات عديدة.
لم يكن وضع جميع المهاجرين اليهود متماثلا. كان فيهم الاف العائلات البالغة العمر التي اهتمت قبل كل شيء في ايجاد وسيلة العيش لكي تنتظم حياتهم ولاعالة اطفالهم. هذه العائلات التي تكونت في العراق بقيت كما كانت في العراق، عائلات عراقية في مشاعرها ولغتها وعاداتها وطعامها لفترات طويلة. وبقيت العلاقة بين هذه العائلات وثيقة الصلة كما كانت في العراق. واختلفت المواقف السياسية لهذه العائلات تجاه اسرائيل فكان الشيوعيون الذين التحقوا بالحركة الشيوعية ويساريون التحقوا بالحركات اليسارية وعائلات التحقت بالتنظيمات السياسية الاسرائيلية المختلفة حتى الصهيونية منها ومنها عائلات ابتعدت عن اي اتجاه سياسي.
ولكن كان بين المهاجرين الاف اخرى في سن الشباب لم يكونوا عائلاتهم بعد. وقد كان على هؤلاء الشباب نساء ورجالا ان يؤدوا الخدمة العسكرية. كان نمط الحياة في هذا المحيط الذي لا يقتصر على الشباب العراقي بل يضم اضافة الى المولودين في اسرائيل شبابا من مختلف بقاع العالم، نمط يختلف عن نمط حياة الشبيبة في العراق. لم يكن الجيش مقسما الى عراقيين وروس وبولونيين والمان بل كان الجميع جنودا اسرائيليين لا فرق بين شخص واخر. كان من الطبيعي ان يتكيف هؤلاء الشباب لنمط الحياة الاسرائيلية. واصبح تكوين العلاقات العائلية خاليا من الانتقائية. فالشاب العراقي قد يلتقي بشابة روسية او رومانية او بولونية او صابرية مولودة في اسرائيل والعكس بالنسبة للشابات وتكون العائلة في هذه الحالة عائلة مختلطة، ومن هذه الناحية تصبح عائلة اسرائيلية لا طابع اخر عليها. ومهما كان شعور الجانب العراقي في مثل هذه العائلة لا يمكن ان يسود فيها نمط الحياة العراقية. وتكون لغة الكلام البيتية في هذه العائلة اللغة العبرية لعدم امكان كل من الطرفين في العائلة الكلام في لغته الاصلية قبل مجيئه الى اسرائيل. لا يقتصر هذا الاندماج القومي على الجيش بل يسري في كافة ميادين الحياة، في الجامعات، في المؤسسات الحكومية، في الشركات والبنوك وفي كل مجال من مجالات الحياة.
والفئة الاخرى من المهاجرين هي الاف المهاجرين الذين كانوا في عمر الطفولة. ارسل الكثير من هؤلاء الاطفال الى القيبوصات الزراعية حيث تربوا كسائر الاطفال. ودخل الاخرون الى المدارس حيث اختلط الطلاب كطلاب اسرائليين.
كان اليهود في العراق جزءا من الشعب العراقي في كافة مجالات الحياة ولكنهم كانوا منعزلين عن الشعب العراقي دينيا كيهود كما هو الحال مع الديانات الاخرى كالمسيحيين والصابئة وغيرهم. اما في اسرائيل فلم يبق مثل هذا الانفصال الديني قائما. بقي هناك تمييز بين الشكناز والسفراد وهذا ليس موضوعنا هنا. ولكن المهم في موضوعنا ان العراقيين لم يبقوا منعزلين كطائفة مستقلة عن سائر السكان كفئة منفصلة دينيا.
واصل عدد من الادباء العارقيين الكتابة عن الحياة والذكريات العراقية واهتم الكثير من العراقيين بماضيهم واعتزوا به بصرف النظر عن اتجاهاتهم السياسية وكتب العديد عن الهجرة من وجهات نظر مختلفة وقد بلغ اهتمام العراقيين بماضيهم الى درجة اقامة متحف كبير في مدينة اسمها اور يهودا جمعوا فيه كل ما استطاعوا الحصول عليه من اثار حياتهم في العراق وجمعوا كمية كبيرة كبيرة من الكتب وصوروا بصورة مصغرة المحلات اليهودية التي كانوا قاطنين بها ومختلف المهن التي مارسوها. واصبح هذا المتحف اثرا حقيقيا يصور الحياة اليهودية بكل جوانبها في العراق. وما زالوا يعملون على توسييع هذا المتحف بما يحصلون عليه من ملابس وصور واثار اخرى. عدد من الكتاب العراقيين عن العراق تحولوا الى الكتابة باللغة العبرية بينما واصل عدد منهم الكتابة باللغة العربية.
ولكن الجيل الجديد من اليهود الذين هاجروا الى اسرائيل في عمر الطفولة حتى لدى العوائل العراقية غير المختلطة نشاوا كمواطنين اسرائيليين. واقتصرت معلوماتهم عن العراق على ما يسمعونه من ذويهم ومن قراءة ما يكتب عن حياة اليهود الماضية في العراق. انهم يعرفون العراق ليس كعراقيين وانما كمتعلمين عن بلد اخر كان اصل ابائهم منه.
يولد الطفل في اسرائيل بصرف النظر عن اصل والديه طفلا اسرئيليا. اسرائيل هي وطنه الام ولغته الام هي اللغة العبرية. تربيته العامة هي تربية اسرائيلية. اناشيده هي اناشيد اسرائيلية، الموسيقى التي يألفها ويتذوقها هي الموسيقى الاسرئيلية. لا تغير من ذلك سياسة التمييز السائدة في تمييز الشكناز على السفراد. لكي يتعلم الطفل لغة والديه الاصلية عليه ان يتعلمها كلغة اجنبية كمن يتعلم الانجليزية او الفرنسيية او الصينية.
فالجواب على سؤالك عزيزي القارئ هو لا. الاجيال الجديدة من اولادنا بصرف النظر عن شعورنا ووجهات نظرنا لا يشعرون تجاه العراق بنفس شعورنا. ومشاعرهم حول العراق كوطن ابائهم هي مشاعر مكتسبة وليست مشاعر اصليه تتكون عن طريق قصص ابائهم وعن طريق قراءة ما يكتب في هذا الموضوع.
يبدي بعض الشباب العراقي اليوم عن طيب خاطر تمنياتهم بعودة اليهود العراقيين، ذوي التاريخ العريق في العراق، الى وطنهم العراق. انهم يشعرون بعظم الخسارة التي احاقت بالشعب العراقي عند فقدانه هذا الجزء الكبير من ابنائه. يعددون الادوار التي قام بها هؤلاء في خدمة المجتمع العراقي. ومن الطبيعي ان يمجدوا افضال هذا الدور بدون ان يذكروا اية مساوئ قدمها هؤلاء اليهود بالنسبة للشعب العراقي. فاليهود العراقيين، كما هو الامر لدى كل فئة اجتماعية، لا يقتصر على الافضال بل يتضمن بعض المساوئ ايضا.
انهم يدعون اليهود العراقيين الى العودة الى وطنهم واستعادة ثرواتهم والعيش كما كانوا حين كانوا عراقيين يعيشون في وطنهم العراق. لكن هذه الدعوة تعبر عن نيات طيبة اصبحت غير قابلة للتحقيق حتى اذا اعيدت الجنسية العراقية رسميا الى كل يهودي عراقي.
ان الشخص الذي ترك العراق في سن العشرين هو اليوم اذا ما زال حيا في الثمانينات من عمره. وفي هذه العقود التي عاشها في اسرائيل نظم حياته واصبح له ابناء واحفاد وانتظمت حياته اقتصاديا. حتى لو فرضنا انه فكر في العودة الى العراق فهذا يعني انه يجب ان يبدأ حياة جديدة من حيث العمل ويعني ان عليه ان يترك كل ما بناه وكل عائلته لكي يبدأ هذه الحياة الجديدة وهو في مثل هذا العمر لا يستطيع ان يحقق ذلك.
اما الاجيال الاخرى من يهود العراق فقد اصبحوا اسرائيليين ولم يعودوا عراقيين. انهم اسرئيليون من اصل عراقي. فاذا فكر مثل هؤلاء الاسرائيليين في العودة الى العراق فانهم يعودون كاسرائيليين من اصل عراقي. فانهم لا يشعرون انهم عائدون الى وطنهم لان وطنهم هو اسرائيل ولكنهم يذهبون الى العراق كزوار اسرائيليين. واذا كانت عائلة الشخص عائلة مختلطة فان الجانب الثاني من العائلة ليس من اصل عراقي ولا تشكل الزيارة عودة الى وطنه القديم. اما الاطفال فلم يعودوا يشعرون انهم من اصل عراقي.
ان دعوة يهود العراق الى العودة الى وطنهم الام العراق ليست سوى تمنيات طيبة مستحيلة التطبيق.



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قانون فائض القيمة قانون اقتصادي خاص باسلوب الانتاج الراسمالي ...
- قانون فائض القيمة قانون اقتصادي خاص باسلوب الانتاج الراسمالي
- نحتاج الى شطف ادمغتنا ٦
- نحتاج الىِ شطف ادمغتنا ٥
- نحتاج الى شطف ادمغتنا ٤
- سياسة الانهاك لتحطيم الثورة
- نحتاج الى شطف ادمغتنا ٣
- جواب على تعليق جديد
- تحيتي الى قلم رصاص
- الثورات السلمية لن تحقق اهدافها ومطالبها ٢
- الثورات السلمية لن تحقق اهدافها ومطالبها ١
- نحتاج الى شطف ادمغتنا ٢
- قانون فناء الضدين ليس قانون نقض النقض
- نحتاج الى شطف ادمغتنا ١
- جواب على تعليق جاسم الزيرجاوي
- هل توجد قوانين طبيعية تتحكم في مسار الطبيعة والمجتمع؟٢
- تعقيقب على التعليقات بخصوص مقالي الاخير
- هل توجد قوانين طبيعية تتحكم في مسار الطبيعة والمجتمع؟١
- جواب الى نسيب عادل حطاب ٢
- الجيش المصري والمجلس العسكري الاعلى


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - حسقيل قوجمان - جواب على سؤال من قارئ عراقي