أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - يامنة كريمي - امرأة الشعوب الأصلية بين نزيف الإقصاء، وانتظارات النضال. المرأة الأمازيغية نموذجا















المزيد.....

امرأة الشعوب الأصلية بين نزيف الإقصاء، وانتظارات النضال. المرأة الأمازيغية نموذجا


يامنة كريمي
كاتبة وباحثة

(Yamna Karimi)


الحوار المتمدن-العدد: 3713 - 2012 / 4 / 30 - 19:59
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


امرأة الشعوب الأصلية بين نزيف الإقصاء، وانتظارات النضال
المرأة الأمازيغية نموذجا

يكفينا دليلا على أهمية المرأة الامازيغية أو تمغارت أن نعرف أن شمال إفريقيا أو تامزغا قد عرفت سيادة النظام الأميسي الذي استمر في معظم المناطق إلى أواخر القرن السابع الميلادي تاريخ حرب الكاهنة (ملكة الأوراس) مع حسان بن النعمان. فأمجاد ثامتوت او تمغارت والمكانة المرموقة التي شغلتها سواء داخل الأسرة أو الفضاء العام لم تنل منها السنين والأعوام، الأمر الذي جعلها تساهم في إنتاج الثقافة الأمازيغية بشكل فعال ونشيط بطبيعة الحال إلى جانب الرجل وإن كان بنوع من التميز انطلاقا من كون مهامها كانت متنوعة وشاملة ومكانتها عالية. فقد كانت زوجة وأما ومحاربة ومزارعة وحرفية ( صناعة الفخار والزرابي والملابس والخيم...) وفنانة ( غناء رقص شعر رسم كتابة...) وحاكمة وساحرة الوقت الذي كان السحر يعني العلم والحكمة والطب ... واعتبار المرأة ساحرة أو كاهنة, رمز إلى كونها عالمة بخبايا الأمور ولها بعد نظر, مما جعلها تحظى بالتشريف والتقدير. وهي تتمتع بقدرات خارقة, فهي الوحيدة التي تعرف اسم الله. وهي رمز الحب والحياة والخصوبة والبسالة والقتال. قدست وألهت لزمان طويل. إن المجال لا يتسع للتفصيل، وما استحضرناه هو فقط من باب الاستئناس أما الموضوع الذي يطرح نفسه بإلحاح وبكثير من الخطورة وهو وضعية المرأة الأمازيغية وثقافتها الأصلية في وقتنا الحالي.
بالنسبة لوضعية ثامتوت في الحاضر فهي وضعية مأساوية دون أدنى مبالغة سواء كذات منتجة للثقافة أوكموضوع سوسيو-ثقافي.
- ففيما يتعلق بثامتوت أو تمغارت كذات منتجة للثقافة، قد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن مساهمتها قد تراجعت بشكل كبير خاصة خلال الفترة الممتدة من الاستقلال حتى منتصف التسعينات وذلك لإرادة سياسية ممنهجة وظفت كل الآليات الإقتصادية والدينية والاجتماعية لمحاصرة المرأة الأمازيغية والحيلولة دون استمرارها في الإنتاج الثقافي وحفظها للذاكرة واللغة. وذلك عن طريق التهميش والتبخيس بهدف إبادة وإقبار هذه الثقافة الأصيلة والعريقة وطمس كل معالمها. وهذه الرغبة أو الغاية معلن عنها في مجموعة من أدبيات السلفيين والمحافظين والقوميين العرب. وقد تحققت تلك الغاية بنسبة كبيرة، حيث وصل الأمر بثامتوت إلى حد أن خاصمت ذاتها وكرهت ثقافتها وتنكرت لأصولها وسقطت ضحية الإستيلاب.(هناك ما لا يحصى من الدلائل الواقعية التي تثبت أن بعض النساء الأمازيغيات أصبحن يتنكرن لأصولهن وثقافتهن الأمازيغية وتحاولن الانصهار في ثقافة التيار السائد لما تقدمه هذه الأخيرة من إغراءات على عكس الثقافة الأمازيغية. فغالبا ما نسمع شابة أو امرأة تقول لا ما تنعرفش الشلحة لأنني خلاقيت في المدينة. حنا كولنا كيف كيف ...حنا كلنا مسلمين...
- اما على مستوى المرأة الامازيغية كموضوع سوسيو-ثقافي فإنها تشكل موضوعا للطعن والتجريح والتحقير والتدنيس. فالمرأة الامازيغية في متخيل التيار القومي العربي السائد أقل مرتبة وشرفا وحضارة ومسؤولية وثقة ...من مواطنتها العربية (مع التحفظ على هذا التقسيم) فبمجرد الكلام عن المرأة الامازيغية يتم استحضار مفهوم البدوية أو المتخلفة أو بائعة الهوى أو الشيخة... ومن المتداول على الأقل في المغرب أن المرأة الأمازيغية أقل صلاحية للزواج وبناء أسرة من المرأة العربية. وهذه العدوى امتدت حتى للرجل الامازيغي الذي أصبح يفضل الزواج بعربية الثقافة عوض الامازيغية على أمل أن يقطع مع الثقافة المهمشة والمغضوب عليها. وتشير كتب التاريخ إلى كون الظاهرة تمتد جذورها إلى مرحلة التوسعات الإسلامية. قال عبد الملك بن مروان (من أراد أن يتخذ جارية للتلذذ فليتخذها بربرية ومن أراد أن يتخذها للولد فليتخذها فارسية ومن أراد أن يتخذها للخدمة فليتخذها رومية). ناهيك عن الترويج لمجموعة من المغالطات التي لم أجد لها أثرا على أرض الواقع مثل أن الأمازيغي من باب إكرام الضيف أو الضيوف يقدم لهم نساءه وبناته...
لكن الحقيقة التي لا يمكن إخفاءها هي أن المرأة الأمازيغية مثل كل نساء الشعوب الأصلية قد كانت ضحية القوى الغالبة التي أخضعتها لكل أشكال العنف. و المرأة الأمازيغية قد تم الترويج لها كأداة متعة وأحيانا تحويلها إلى ذلك كشكل من أشكال الرد على المقاومة العنيفة التي خاضتها مجموعة من القبائل الأمازيغية ضد المخزن أو ضد الاستعمار. وليس من باب الصدفة أن تسود الدعارة في المناطق التي سجلت أكبر مقاومة في التاريخ المغربي الحديث و المعاصر. ولا يفوتني في هذه النقطة أن أشير أنها قد وقعت مؤخرا أحداث في منطقة من المناطق التي وسمت بالدعارة وأسفرت تحريات الأمن وتحقيقات المجتمع المدني على أن ذلك النشاط يديره ويموله ويمارسه أشخاص ونساء غرباء عن المنطقة.
وإذا كان حاضر ثامتوت قاتما ويتنافى مع أدنى مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان بناء على إرادة سياسية مبيتة ، فأي أفق ينتظرها؟
تبعا لما لدينا من حقائق ومعطيات فإن استشراف مستقبل المرأة الأمازيغية والثقافة لا يبعث على الارتياح والطمأنينة. فإذا ما استثنينا دسترة مبدأ القضاء على جميع أشكال التمييز بين الرجل والمرأة الفصل 19 من الدستور. ودسترة الامازيغية وإن كان بشكل محتشم وربطه بقانون تنظيمي يمكن استغلاله لغير صالح القضية الأمازيغية، فإن وصول الإسلام السياسي للسلطة يهدد كل المكتسبات التي راكمتها النضالات النسائية بصفة عامة والأمازيغية خصوصا. فالسلفيون، أصلا ينظرون للمرأة عموما كعورة وقاصر، فما بالك بالمرأة الامازيغية التي تجعلها خصوصيتها في مرتبة أقل من غيرها من النساء في شمال إفريقيا والشرق. ومن جهة أخرى يعتبر(ورثة الأنبياء) الثقافة الامازيغية "جاهلية" ويخضعونها لقاعدة (الإسلام يجب ما قبله) على الرغم من أن فهمهم لتلك القاعدة خاطئ. واستهزاء رئيس الحكومة من اللغة الأمازيغية وكتابتها سابقا، و تصريحات وزير الاتصال مساء الأربعاء 4 أبريل 2012 بشأن موضوع الاستفادة من وسائل الاعلام العمومي لايمكن أن ينجم عنه سوى تكريس مبدأ الدونية والتهميش اتجاه الثقافة الامازيغة الذي تشكل المرأة قلبها النابض لصالح اللغة العربية الكلاسيكية على الرغم من كون هذه الأخيرة ليست لغة حياة المغاربة أصلا، (لغة ميتة).
وعلى الرغم من هذه الأوضاع المزرية التي تعيشها تامغارت والثقافة الامازيغية، نأمل أن يتم تدارك هذه الجرائم الإنسانية التي ارتكبت في حق المرأة الامازيغية ... ودلك عن طريق أجرأة مجموعة من البنود والمواد التي تحارب التمييز. مثل المادة 2 منالإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). وديباجة الدستور المغربي ص6. حتى تتمتع ثامتوت بالظروف الملائمة للعيش الكريم في ظل ثقافتها الأصلية. ولن يتأتى ذلك سوى عن طريق تفعيل كل آليات التوعية والتحسيس بما فيها وسائل الإعلام والتواصل والبرامج الدراسية والأنشطة الثقافية. من أجل رفع الحيف والظلم والتبخيس والتدنيس الذي ألحق بثامتوت لحسابات سياسية وسلطوية رخيصة. والكشف عن حقيقة عظمتها وأهميتها كمواطنة وكدينامو الاسرة قديما وحاليا. و تمكينها من ظروف العيش الكريم ومن كل الوسائل الكفيلة لجعلها تساهم في قافلة التنمية التي يعيشها المغرب. فالمرأة الأمازيغية فاعلة كبيرة في المجتمع المغربي لكن خارج ثقافتها الأصلية، فلو أتيحت لها فرصة العمل من داخل ثقافتها فعطاءها سيكون أكثر وأهم ( علاقة الفكر باللغة والثقافة...). لقد حان الوقت لينزع ويبعد كل مغربي ذو نزعة قومية سلفية من مخياله، فكرة أن الأمازيغ مصدرا للعنف والتخلف وعدم الاستقرار لأن ذلك لا أساس له من الصحة. فالأمازيغة تشكل مكونا عريقا من المكونات الثقافية لشمال إفريقيا والشرق و هي مصدر غنى وتنوع عكس ما تتداوله التيارات السلفية التي تعرف بمعاداتها للغير أو الآخر سواء بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين...فالرهان الكبير حاليا هو تغيير العقليات بعد أن تم تجديد الدستور المغربي لأن كلاهما يكمل الآخر ويدعمه.
وعلى أي فإن, المرأة ذاكرة الشعوب وسجلها الصادق وكل شعب لا يتمتع بمبادئ وقيم وعادات وتقاليد احترام المرأة ومساواتها بالرجل, يعتبر شعبا بلا ذاكرة وبلا تاريخ. وهذا حال معظم الشعوب الإسلامية حيث المرأة المقهورة تشكل أغلبية نساءها, وتاريخها ليس سوى "جاهلية" حمل من التحريف والتغليط ما لا يطيق.

يامنة كريمي
أستاذة الاجتماعيات وباحثة في الثقافات والديانات وقضايا المرأة



#يامنة_كريمي (هاشتاغ)       Yamna_Karimi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل التنكر والإساءة لهيئة التدريس هو الحل لأزمة التعليم بالمغ ...
- الإسلام السياسي يترأس الحكومة المغربية، المنطلقات والتوقعات
- ليست ثورات عربية، إنها ثورات الديمقراطية والمساواة
- هل الدستور الجديد سيقطع مع التمييز الجندري بالمغرب؟
- الوسائط المعلوماتية بين الرفض والتأييد
- سماء السلفية تمطر وعيدا
- قداسة الفقهاء بين الحرمان والقهر وتضخم الآمال البعدية
- المداخل الإسلامية لدسترة المساواة بين الذكر والأنثى
- لغز الاختمار في ضوء القراءة السياقية
- تهنئة بمناسبة فوز الحوار المتمدن بجائزة ابن رشد للفكر الحر و ...
- الساعات الإضافية بالمغرب وممارسة العنف
- تاريخ المرأة على مقاس الذكر
- إرث المرأة بين مقاصد الإسلام وغلو الفقهاء
- المؤسسة التربوية والسلوك المدني
- السيدة خديجة الإسوة الحسنة
- سيداو تاج على رأس المرأة مرصع بكل مبادئ الحرية والكرامة
- التراث الإسلا مي,اتساع دائرة التفديس و السقوط في المحذور


المزيد.....




- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-
- شوفوا الفيديو على قناتنا وقولولنا رأيكم/ن
- دراسة تكتشف سببا غير متوقع وراء الرغبة الشديدة في تناول السك ...
- تجدد حملة القمع ضد النساء في إيران من قبل شرطة الأخلاق بسبب ...
- سوريا.. انتهاكات وقتل جماعي في مراكز احتجاز
- جانيت.. طفلة سودانية رضيعة تعرضت للاغتصاب والقتل في مصر


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - يامنة كريمي - امرأة الشعوب الأصلية بين نزيف الإقصاء، وانتظارات النضال. المرأة الأمازيغية نموذجا