أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - يامنة كريمي - سماء السلفية تمطر وعيدا














المزيد.....

سماء السلفية تمطر وعيدا


يامنة كريمي
كاتبة وباحثة

(Yamna Karimi)


الحوار المتمدن-العدد: 3369 - 2011 / 5 / 18 - 01:33
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


سماء السلفية تمطر وعيدا

قصدت في أحد الأيام سوقا شعبيا وسط المدينة القديمة بمكناس يعرف لدى المكناسيين ب- سوق الحفرة- و كان عبارة عن سوق من الخيام كتلك التي تعقد كل أسبوع في البوادي المغربية. لكن سوق الحفرة شيء آخر. فعندما تطأ بابه تحس وكأنك على باب قندهار. فهناك رجال بوجوه في معظمها مصفرة ومكفهرة وبعيون جاحظة من شدة ترقب المارة وخاصة المارات. وبلحي طويلة وأحيانا مخضبة بالحناء, ينتعلون "مشايات" من البلاستيك ولباسهم خشن و متدرج من الأسفل نحو الأعلى. فمن السروال الطويل إلى القميص الشرقي الأقل طولا إلى المعطف الذي ينزل تحت الركبة, إلى الجاكيت التي تصل إلى نصف الفخذ, وحول العنق يظهر لك أكثر من كول أو كولين وفوقها غطاء الرأس سواء كشعار للعروبة أو ثوب بلون القحط والتصحر. هذا على مستوى العين, أما على مستوى الأذن فإنك لا تسمع سوى أبواق الوعد والوعيد وعذاب القبر. وفي هدا الجو "الرباني" اقتربت من أحد المتاجر وكانت كلها متشابهة من ناحية المواد المعروضة حيث كانت في معظمها تعرض ملابس نسائية وخاصة التحتية وأدوات الزينة والحقائب وهذا في حد ذاته نوع من "الطعم"... وأنا ضمن النساء أختار بعض الأغراض كان صراخ الداعي من خلال آلة التسجيل يخرم طبل أذاننا ب:" لعن الله المرأة التي تخرج من البيت دون إذن ولي أمرها أوزوجها وهي بدلك عاصية وناشز وتسقط نفقتها..." وعند سماعي لذلك أدرت وجهي يمينا وشمالا لأرى إن كنت سأجد إمارة أو علامة تدل على أن ذلك الحشد الهائل من النساء اللواتي تتجمعن حول المتجر مصرح لهن بالخروج, وإن لم يكن الأمر كذلك فما هي ردة فعلهن جراء ما يسمعنه. لكن لم ألاحظ أية ردة فعل ومن شدة خيبة الأمل أطلقت ضحكة بصوت مسموع حيث إلتفتت إلي بعض النساء راغبات في معرفة ما يحدث فأومأت لهن أن كل شيء على ما يرام, فعادت كل واحدة تبحث عما تريد. وانصرفت متمردة دون أن أشتري شيئا, لأنه لا يعقل أن أدفع فلسا من جيبي لشخص يكيل للمرأة كل أنواع اللعن والشتيمة. لكن لا أنكر أنني غادرت المتجر و أنا جد متثاقلة وكأنني أحمل أكواما من الهموم والمسؤوليات مع وجود صوت بداخلي لا يتوقف عن القول:" ما العمل وما المعمول؟ ما هي الأسباب التي أوصلت المرأة إلى ما هي عليه من الذل والدونية؟
وبالفعل لا يمكن اتخاذ أي تدبير من التدابير حيال التحديات التي تواجهنا بدون رصد الأسباب ومعرفتها. فالمرأة الشعبية في المجتمع المغربي كباقي المجتمعات الإسلامية الأخرى- وإن كان بدرجات متفاوتة- تخضع لكل أشكال العنف بسبب الجنس. ويتمثل ذلك العنف في العزل والضرب واللعن والتحقير والتهميش والدونية...والحرمان من مجموعة من الحقوق المخولة لها كإنسان وكمواطنة. ولن يستغرب الفرد لهذا الوضع إذا كان يعلم بأن فبركة واقع المرأة يبدأ منذ اللفة الوردية ولعب البيت والمطبخ والعرائس. ناهيك عن أن الفرد كلما جلس أمام بعض القنوات التلفزية أو أراد إلقاء نظرة على مواقع الأنترنيت بحثا عن خبر أو موضوع يستحق الإهتمام, أو ألقى نظرة على أكشاك الكتب والمجلات على طول أحد شوارع المدن المغربية الكبرى اصطدم بركامات من الكتب "الإسلامية" باللغة العربية وحتى لغات أخرى, وبمختلف الأحجام والألوان وكلها تتكلم عن المرأة والجنس- المرأة والزينة-المرأة والحجاب-المرأة والطاعة-المرأة والسحر- المرأة والشيطان- المرأة والعذاب. وإن تعددت أشكال العرض فالخطاب واحد وهو, أن المرأة جنس وزينة وهي ملك لذكر, مما يفرض عليها العزل وطاعة الزوج وإلا مصيرها العذاب. أمام هذا الخطاب الإسلاماوي يبقى كل من يتمتع بذرة عقل تائها حائرا لا يلوي على شيء من شدة الصدمة ويمكن أن يبقى على هذا الحال لسنين طويلة وهو يتمعن في كل هذه المخلوقات البشرية التي تصدق قواعد ذلك الخطاب وتعمل به دون أدنى تشكيك في قواعد لعبة الكهنوت الإسلامي "السلفية" المقدسة. وكأن عقول البشر قد تجمدت وشلت أكثر من السابق مما سمح بتوسع مجال اللعبة وتعدد مظاهرها. فنسبة المحجبات قد ارتفعت في العشر سنوات الأخيرة وكذى عدد الداعيات، وأماكن الدعوة قد تعددت من الفيلات الفاخرة إلى الأكواخ الفقيرة ناهيك عن المساجد والأضرحة والكتاتيب أو ما يطلقون عليه دور القرآن والمدارس والأندية والملاعب والمنتزهات والحمامات العمومية ووسائل النقل العمومي والمحلات التجارية وحتى السجون... أما شتائم الدعاة ووعيدهم فلم يعد منه مفر فحيثما حلت المرأة خاصة الغير مختمرة تواجه اللعن والسب، في الشارع وحتى في حرمة المساجد.



#يامنة_كريمي (هاشتاغ)       Yamna_Karimi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قداسة الفقهاء بين الحرمان والقهر وتضخم الآمال البعدية
- المداخل الإسلامية لدسترة المساواة بين الذكر والأنثى
- لغز الاختمار في ضوء القراءة السياقية
- تهنئة بمناسبة فوز الحوار المتمدن بجائزة ابن رشد للفكر الحر و ...
- الساعات الإضافية بالمغرب وممارسة العنف
- تاريخ المرأة على مقاس الذكر
- إرث المرأة بين مقاصد الإسلام وغلو الفقهاء
- المؤسسة التربوية والسلوك المدني
- السيدة خديجة الإسوة الحسنة
- سيداو تاج على رأس المرأة مرصع بكل مبادئ الحرية والكرامة
- التراث الإسلا مي,اتساع دائرة التفديس و السقوط في المحذور


المزيد.....




- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...
- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - يامنة كريمي - سماء السلفية تمطر وعيدا