أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إبراهيم جركس - المأزق الأخلاقي للحروب














المزيد.....

المأزق الأخلاقي للحروب


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 3713 - 2012 / 4 / 30 - 15:15
المحور: حقوق الانسان
    



لم تفارقني تلك المشاعر والأحاسيس التي خبرتها في إحدى المرّات وأنّا في معرض للمقاومة الفلسطينية بجامعة دمشق عندما رأيت صورة معلقة على لوح الجرائم الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني حيث كلن في الصورة ثلاث جنود إسرائيليين يضعون أرجلهم فوق جثّة شاب فلسطيني كانوا قد قتلوه للتو وأمامهم جندي رابع يصورهم تلك الصورة التذكارية التي لطالما آلمتني وخلّفت ندبة لن تمحي أبداً في قلبي.
هل هذا الشعور بالنصر عندما يقتل القاتل أو الصياد ضحيته هو شعور شائع عند جميع البشر، ألم نرى صوراً لأناس يقفون متباهين وهم يمسكون بفرائسهم: رجل يقف مبتسماً وهو يمسك بذيل سمكة انتشلها من البحر، رجل يمسك بأذني ارنب ميت مضرّج بالدماء مفاخراً بصيده، ظبي مصرح على الأرض والدماء تسيل منه وثلاثة رجال يقفون فوقه مفاخرين بجائزتهم... رجل يحمل رأس شاب وينشد أدعية مفاخراً ببطولته التي حقّقها بذبحه إياه "كالنعاج"!!!!... صبي يحمل بيده رزمة من أيادٍ بشرية مقطوعة ...
أتركك عزيزي القارئ مع هذه المقالة القصيرة التي كتبها الصحفي والناشط كيري باتون والتي قد تلخّص المسألة برمّتها...
كيري باتون/ ترجمة: إبراهيم جركس
مجلّة المفكر الأمريكي American Thinker 20 أبريل 2012
بصفتي صيّاد قوس نهم، لا يسعني إلا التفكير بذلك الظبي المرقّط الذي يدخل ضمن نطاق مرمى سهمي. آخذ نفساً عميقاً، قبل أن أفلت السهم.
لم يسبق لي أن فكّرت بتلك الظبية نائمة في عشّها تحضن صغارها الرضّع قبل أن تخرج بهم إلى المرعى. لا... فأنا صيّاد. يجب استبعاد تلك الأفكار كلياً من رأسي وذلك لكي أجل من عملية القتل سريعة وغير مؤلمة قدر الإمكان.
لا يمكنني أن أفكر بحياة الظبي العاطفية لأنّني إن فكّرت فهذا الأمر سيصعّب عليّ مهمّتي. أنا المفترس، وكثيراً ما آخذ صوراً لضحاياي، إذ أنّها جائزتي التي غنمتها.
بعض المعادين للصيد سيقولون عني بأني مهووس بحبّي لممارسة الصيد. وآخرون يمكنهم أن يتعلّقوا بشغفي بسهولة ليحصلوا على تلك الجائزة السنوية. فقط أولئك الذين يمارسون عملية الصيد يفهمون ماذا أعني.
عملية صيد الحيوانات شبيهة جداً بعملية صيد أعداء أمريكا، قد تختلف الضحية، لكنّ الدواعي السيكولوجية هي نفسها تماماً. ما أن أغادر مسكني، أقوم بضغط الزر وأبدأ سيكولوجياً تغيير حالة الوعي لديّ. أنا في حالة صيد.
جنودنا، على غرار أعدائنا، يمرّون عبر عملية سيكولوجية مماثلة. وتعرف هذه العملية باسم لاأنسنة الآخرين أو تشويه صورتهم الإنسانية dehumanization أو تحت مسمّى آخر شيطنة الآخر Demonization. وهذه الحالة هي الحالة النفسية التي تنظر من خلالها إلى عدوّك بصفته شرّاً صافياً. ولاأنسنة الآخر هي الحالة النفسية عند فرد يرغب بقتل الآخر. وبشكل ملفت للانتباه، نلاحظ أنّ القاتل لا يظهر ضحيته بمظهر إنساني، بل يظهرها بأي بمظهر آخر ما عدا المظهر الإنساني.
هذه التغيّرات السيكولوجية هامّة جداً وحسّاسة خلال فترة الصراع. فإذا لم يستطع الشخص تغيير حالته العقلية حين يشتبك مع العدو، فمن المحتمل جداً أن يتحوّل هو إلى الضحية.
خلال الحرب العالمية الثانية، ضُمِنَت قابلية أمريكا للبقاء بينما كنّا نقاتل أعدائنا. لقد ضمنت لأنّ الأمريكيين اعتنقوا قابلية محاربينا للتجريد من الإنسانية. في الواقع، حتى فرانكلين د. روزفلت انخرط في هذه العملية من التجريد عندما قبل هدية مميّزة من عضو الكونغرس فرانسيس والتر _افتتاحية رسالة مكتوبة بعظم ساعد جندي ياباني. كتب عضو الكونغرس والتر معتذراً إلى روزفلت: ((أنا آسف فهذا جزء صغير جداً من التشريح الياباني))
في الثاني والعشرين من شهر مايو عام 1944، قامت مجلّة Life magazine بنشر صورة الأسبوع، وهي عن امرأة أمريكية تحمل رأس جندي ياباني متحلّل. كان هذا الرأس هدية أرسلها إليها حبيبها الذي يخدم ملازم أول في الباسيفيك. كانت تمسك الرأس المقطوع بفخر، وذلك جرّاء معرفتها أنّ حبيبها قتل واحداً من أعداء أمريكا.
حدث ذلك في الفترة التي كان فيها سلاح البحرية الأمريكية يستخدم جميع أساليب التجريد الإنساني والشيطنة المتوفّرة آنذاك. خلال الحرب العالمية الثانية، أصدر سلاح البحرية رخصاً رسمية للقتل جاء فيها: ((موسم الصيد... بدون حدود... رخصة لقتل اليابانيين... ذخيرة لا تنتهي ومعدّات مجانية والدفع مباشرةً... انضم إلى سلاح البحرية الأمريكية وقتل بين صفوف قوات المارينز))
كانت الحرب العالمية الثانية هي الحرب الأخيرة، ومن دون أي شك، كتب النصر للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها. لقد أثبتت عملية اللاأنسنة نفعها، لكن مع الزمن، تمّ وضع تعليمات معيّنة لقواتنا للحفاظ على كرامة الموتى وحمايتها.
بعد ذلك بحوالي سبعين عاماً، خاض جنودنا أطول حرب دخلتها أمريكا. انتقدت الكثير من وسائل الإعلام أعمال جنودنا الانتقاصية، كحرق القرآن مثلاً والتبوّل عليه. والآن نشرت صحيفة لوس أنجلس تايمز LA Times صوراً عمرها سنتين لجنود أمريكان من فرقة النخبة المجوقلة الثانية والثمانون وهم يتصوّرون مع جثث قتلى من طالبان. كم واحداً من النقاّد قام بالضغط على الزناد لينهي حياة إنسان آخر؟
أنا لا أدافع هنا عن الأفعال الانتقاصية لجنودنا السالفة الذكر، لكن من الصعب جداً فهم التغيرات السيكولوجية التي يمرّ بها جنودنا من أجل الحفاظ على البقاء. بمقارنة هذه الحالة بالظبي الذي غنمته يصبح الأمر مفهوماً بالنسبة للصياد النهم. فذلك الصياد سيفهم ما أعنيه هنا. وبينما قد لا يعجبنا نحن الأمر، يفهم العديد من المقاتلين معنى أخذك لصورة مع قتلاك. وهذا أمر خاطئ من الناحيتين الاجتماعية والثقافية... لكن من الناحية النفسية، يبدو الأمر حقيقياً فعلاً.
والتاريخ يثبت ذلك.....



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرآن المنحول [1]
- التاريخ النصي للقرآن (أرثر جيفري)
- الله: فيروس عقلي مميت [2]
- الله: فيروس عقلي مميت [1]
- قفشات -أمّ المؤمنين-: هنيئاً لكم
- الفكر الحر في العالم الإسلامي ونظرية صراع الحضارات
- قصة جين الحرية: أميل إيماني
- الدين السياسي: بديل عن الدين، أم أنه دين جديد؟
- من هم مؤلفو القرآن (4)
- من هم مؤلفو القرآن (3)
- من هم مؤلفو القرآن (2)
- من هم مؤلّفو القرآن (1)
- فيروس العقل: الفيروسات العقلية الدينية
- تصوّروا عالماً بلا أديان... ريتشارد دوكينز
- ما الله؟... Ali Sina
- الأسباب الجيدة والسيئة للإيمان... ريتشارد دوكينز
- ما الفائدة من الدين؟... ريتشارد دوكينز
- أكذوبة الإصلاح الإسلامي... Ali Sina
- جدال حول القرآن... حوار مع كريستوف لوكسنبرغ
- فلسفة الإلحاد... إيما غولدمان


المزيد.....




- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إبراهيم جركس - المأزق الأخلاقي للحروب