أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - عن الثورة والمستقبل والعلاقات بين السوريين/ حوار















المزيد.....

عن الثورة والمستقبل والعلاقات بين السوريين/ حوار


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3701 - 2012 / 4 / 18 - 19:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


الأسئلة من باحثتين سوريتين
ندرج هذه المقابلة ضمن بحث اجتماعي لمجموعة باحثين سوريين، بعنوان "سوريون لم يعودوا يهمسون"، يهدف البحث إلى سبر تصورات السوريين عن الثورة والمستقبل والعلاقات بين المكونات الاجتماعية المختلفة.

المستقبل
المرحلة المباشرة بعد سقوط النظام
1) على الرغم من أن الثورة بدأت بنفس شعبي عابر للطوائف بعيداً عن المضامين الدينية المتعصبة والمتشددة، إلا أن تنكيل النظام الشديد وتخاذل الأقليات على العموم والمشاركة المباشرة لبعض الطوائف في التشبيح والقمع، ودفع الطائفة السنية الثمن الأكبر للحرية سيدفع غالباً إلى مرارات اجتماعية إن لم نرغب بالقول حقد أو نزاع، ما هي الآليات الأنجع والأسرع لعقد مصالحة اجتماعية حقيقية وعلى المستوى الشعبي ؟
قبل كل شيء، لا بد من وقف آلة القتل والتزوير. العنف يمزق المجتمع والأفراد، ويحفر الخنادق فيما بينهم وفي دواخلهم. وتزوير صورة ما يجري يحفر خنادق بين السوريين، ويجعل المعالجة المجدية مستحيلة.
ثم إن شيئا لن يجدي دون التخلص من نظام هو مضخة تمييز مستمرة بين السوريين. وقف المضخة التي تغطي سورية بالأوساخ مقدم على البدء بالتنظيف.
وكلما تحقق هذان الهدفان أسرع كانت فرصنا أكبر في معالجة الشروخ التي يتسبب بها للنسيج الوطني، والتمزقات في نفوس كل منا.
على مستوى الأطر السياسية للثورة من المهم الحرص على خطاب وطني جامع، ربما يسهم في الحد من أسوأ الشروخ. هذا محقق عموما، لكن طلب المزيد مرغوب في هذا الشأن دوما.
المعالجة المجدية يفترض أن تنطلق بعد الثورة، وهي من شقين في تقديري. أولا مبادرات اجتماعية وسياسية لإغلاق الملفات المسمومة بروح من الإنصاف والوطنية؛ وثانيا إرساء حكم القانون والمساواة السياسية.

2) هل تعتقد أنه من أجل عقلنة التجربة السورية، وتجاوز أي أزمة مزمنة، علينا أن نقارنها بتجربة أخرى في الحاضر أو في الماضي؟ أي تجربة ؟ أم هل التجربة السورية فريدة لا يمكن مقارنتها ؟
لا أؤمن بوجود تجارب فريدة. الثورة السورية تندرج في سياق معروف، يطلق عليه أحيانا اسم "الربيع العربي". ويبدو أنها تتطلع إلى قيم عامة: الحرية، الكرامة، العدالة، الاحترام...، وهذا خلافا لحركات وثورات كثيرة عرفناها في تاريخنا وتاريخ غيرنا (ثورات ضد الاستعمار، صراعات على السلطة، انقلابات عسكرية...). ولذلك فقد خاطبت طيفا اجتماعيا عريضا في مجتمعنا، ولم توفر سببا قويا لأحد ممن لا يؤيدها كي يعاديها.
أظن أن سمة الثورة السورية أنها تستهدف النظام السياسي على أرضية القيم الإنسانية العامة. هذا جديد في تاريخنا، لكنه ليس جيدا بحال في تاريخ العالم.
أما الجديد في الثورة السورية فيقع على مستوى آخر: التغطية الذاتية الكاملة لأنشطتها. فهي لا تتمرد على احتكار مطلق للسلطة فقط، وإنما كذلك على احتكار مطلق للمعلومات والصورة.
المستوى القيمي والأخلاقي

1) اختلف المراقبون والراصدون للثورات العربية حول السمة الأبرز للثورات : ثورة جياع ؟ ثورة كرامة ؟ لماذا التسمية مهمة ؟ هل لأن التسمية تكرس فيما بعد المطلب الحقيقي للثورة ؟
ليست ثورة جياع بالقطع.
كنت من أول من سموها ثورات الكرامة، حتى قبل تفجر الثورة السورية. أميل اليوم إلى اعتبارها ثورات ضد الطغيان، تحفزها مطالب إنسانية عامة هي ما ذكرتها في الإجابة السابقة.
ويغريني أحيانا أن أصف ثوراتنا بأنها ثورات تجاوز الحد: طفح كيل مجتمعاتنا، ولم تعد تقدر على تحمل حكم الطغم السفيهة التي تتحكم بها. بدأ الأمر بجسد مشتعل في الجنوب التونسي، ثم امتد إلى مصر وليبيا واليمن والبحرين وسورية. في كلها هناك تجاوز متعدد الوجوه للحد والمعقول، تمثل في واحدة منها بتوريث الحكم، وفي أربعة بالتهيئة لتوريثه، لأبناء لا ميزة لهم غير أنهم أبناء آبائهم.
إن كان الكلام على تجاوز الحد صحيحا، فإن الثورة تكتسب شرعيتها من مجرد القيام بها، فهي تعبير عن إنسانية المجتمع الثائر وتمرده على الطغيان والتعسف.
لكن إن كان هذا الكلام صحيحا فإنه لا يوفر ضمانات لما يأتي بعد الثورات. ثورات تجاوز الحد تنهي أوضاعا غير إنسانية. ثورات سلبية أساسا. هل تبني أوضاعا أكثر إنسانية؟ سنرى.
أفترض أن التسمية مهمة من أجل التفسير والفهم، وأيضا من أجل نقد الثورة أثناء سيرها وتسديد خطاها, ومهمة كذلك كمعيار للحكم على نتائجها.

2) ما هي القيم التي بزغت بالثورة والتي ينبغي تكريسها وتجذيرها؟ وكيف؟ وخاصة أننا شاهدنا تلك الطفرة الوجدانية الثورية تخبو قليلاً في مصر بعد أشهر من الثورة في مصر (مشاركة المرأة، تكنيس الشوارع، العمل الجماعي التعاضدي، الوفاق الوطني بين الطوائف إلخ)؟ وبالنهاية هل يمكن لتلك الذروة العاطفية الجمعية أن تستمر أمداً طويلاً ؟
لا أرى صائبا الحكم على الثورات بنتائج عاجلة. أظن المهم فيها هو أنها تجربة مشكلة لجيل، جيل الشباب، وأننا لا نستطيع الحكم عليها إلا بمقياس جيلي. أنا متفائل بهذا، وإن كنت أقل تفاؤلا بالثمار السياسية المباشرة للثورات. بعد حين سيكون لدينا جيل من نساء ورجال ناضجين، أثبت أقداما على الأرض وأكثر انخراطا في العالم في آن.
وأميل إلى أن أهم ما قد تتمخض عنه الثورة السورية لن يكون مطابقا للقيم المعلنة لها بالضرورة، بل ربما يتمثل في تنبه اجتماعي وثقافي وسياسي أكبر لمسألة الطائفية التي تشغل منذ اليوم مساحة أوسع من الإدراك العام. طوال عقود حكمنا نظام طائفي (بمعنى أنه يتوسل الطائفية أداة حكم، وليس أنه يمثل أية طائفية أو يرعى مصالحها) من وراء غلالة وطنية وقومية. بعد الثورة، وأيا يكن نظام الحكم، ستكون العيون والأذهان أكثر انتباها لهذه المسألة، ولن يمكن حكم البلاد بالتلاعب الطائفي والزعبرة القومية والوطنية.
ويبدو أننا نرى اليوم تيارين متعاكسين على مستوى القيم الاجتماعية. هناك هواجس ومخاوف أقوى على المستوى الطائفي، ومزيد من الوعي الذاتي الفئوي. لكن هناك تضامن وتواصل أقوى من أي وقت سابق بين قطاعات واسعة من سكان البلد، وشعور بالإخوة ووحدة الحال، ومشاركة أقوى للطبقة الوسطى ورجال الأعمال في دعم الثورة، وأمثلة لا تحصى للشجاعة والتضحية والسمو الأخلاقي لعدد لا يحصى من السوريين في ظل الثورة.
هذه القيم الأخيرة بالطبع هي التي يتعين تكريسها.

3) هل يمكن تحويل بعضاً من الطبائع التي تجذرت في المجتمع من جراء الاستبداد الشديد إلى قيم إيجابية لا تنسف بمجمل ما ينسف (حتى لا يكون هناك لبس في هذا السؤال، أنا لا أقول أن الاستبداد ينتج قيم أخلاقية، ولكن في ظل غياب مفهوم الدولة والمؤسسات والأحزاب والمواطنة لا بد أن المجتمع الأهلي طور شيئاً ما عند الفرد يمكنه من الاستمرار، ما هو هذا الشيء كي يؤسس عليه ونبتعد عن النسف الكامل لخصائص الفرد السوري، سأعطي مثالاً من مجال التعليم، النظام الاستبدادي نسف المهارات التعبيرية، النقدية والتحليلية عند المتعلم، هناك خاصتين دخلت في طبائع المتعلم وأصبحت لا واعية هي : البصم والاستظهار من جهة وتدبير الحال والحربقة من جهة ثانية، في المستقبل علينا أن نؤسس على هذه المهارات شيئاً ما).
هذا سؤال صعب. سأحاول الإجابة عليه بمثال من عالم الثقافة وطبائع المثقفين.
طوال عقود اعتاد المثقفون السوريون على صيغ متنوعة من الرقابة الذاتية، منها التعميم (الكلام على أنظمة عربية، بينما الإحالة الضمنية إلى النظام السوري)، ومنها قول شيء ثم تخفيفه أو تعديله بشيء معاكس، ومنها دوما الامتناع عن تسمية الأشياء بأسمائها الصريحة. ولا أتصور أن تزول هذه العادات الكتابية عند جيل المثقفين الذي تربى عليها واستبطنها. لكن هل من شأن الكتابة العمومية في مرحلة ما بعد الثورة أن تنطوي على إبقاء الاهتمام حيا بالشؤون العربية في حقبة يرجح أن يستحوذ الشأن السوري على جل اهتمامنا أو كله؟ وتاليا نعثر على نعمة ما خفية في هذه النقمة الظاهرة؟ جوابي أقرب إلى التشكك والسلبية.
أيا يكن الجواب فإننا سنعيش بعد الثورة على زاد قيمي وفكري تربينا عليه في ظل الطغيان، لكن ربما ندرجه في تركيبات جديدة أو يكتسب وظائف جديدة، أصلح.

4) ما هي القيم الجديدة التي يجب أن تكرس عبر مناهج التعليم الجديدة؟
تقديري أن نظام القيم في مجتمعنا في ظل النظام الحالي يعلي من شأن السلطة أولا والثروة والامتياز ثانيا والقرابة بمختلف أشكالها ثالثا، والامتثال وامِّحاء الشخصية دوما. القيم المطلوبة هي عكس هذه. العمل أولا والمعرفة أولا والابتكار أولا.
أيضا قيم المواطنة. وحس المساواة والعدالة.
واحترام الخصوصية: ليس لك أن تتدخل في شؤون غيرك أو تفرض عليه معايير السلوك الصحيح.

5) هل المجتمع السوري قادر على إعادة إنتاج هويته الجديدة التي تستوعب الهويات جميعا ليس بصيغة التسامح الفوقي مع الأقليات القومية والدينية وما هي نوع المقومات التي تبني على أساسها إجابتك بنعم أو لا (أي القدرة على إنتاج هكذا هوية جديدة أو عدم القدرة)؟
هذا رهان. لا شيء يضمنه، لكن لا شيء يحول دون الإقدام عليه.
موضوع السياسة الأهم في سورية بعد الثورة هو ابتكار الشعب السوري، أو تشكل هوية جديدة جامعة ذات مضمون إيجابي.
لدينا سورية، لكن ليس لدينا سوريون. ولم يكد يبقى لدينا حتى عرب. هنا مسلمون ومسيحيون، وسنيون وعلويون ودروز واسماعيليون... وأكراد وأرمن وآشوريون. قضيتنا الأهم غدا، والأصعب، هي صنع السوريين. ووسائلنا في ذلك هو الموارد الوطنية والتعليم والقوانين والمؤسسات العامة.
وأنا لا أرى صائبا أن نفكر في الهوية الوطنية بالتنافي مع الهويات الفرعية، بل أن نعول على الهويات الجديدة، الوسيطة (اتحادات مهنية، أحزاب سياسية، تجمعات عمرية، تيارات ثقافية...) التي يرجح أن تتشكل في مناخ الحريات العامة، فتخفف من تصلب الهويات الدينية والإثنية، وتسهل اندراجها كلها في هوية عليا جامعة.

تحصين الديمقراطية

1) ما هي الآليات التي قد تضمن عدم رجوع استبداديات جديدة، هل يكفينا القول أن تلك الأنظمة هي حقبة تاريخية وانتهت، لن تعود؟ هل آليات الانتخاب والتمثيل النزيه وإرساء القانون كافية؟ كيف يمكن للمجتمع أن يكون رقيباً حريصاً على عدم انحراف الديمقراطية، فيما عدا توسل الآليات القانونية؟
ليس هناك آليات مضمونة. والانتخاب والتمثيل والقوانين ليست بالقطع كافية. ما يمكن أن يكون ضمانة هو استمرار المقاومات الاجتماعية ضد مخاطر الاستبداد.
وما يحصن التحول السياسي ويحول دون انتكاسه هو التحول الثقافي، أي تثبيت تجربة الكفاح ضد الاستبداد والقيم المضادة للاستبداد في الثقافة. أي أيضا التجريم الثقافي والأخلاقي، والديني، للاستبداد السياسي.

2) هي "ثورة الناس العاديين"، كيف سيبقى كلام الناس العاديين مسموعاً؟
بتنظيم أنفسهم ومقاومة تهميشهم. ليس هناك سلطات أو نخب تسمع الأصوات الخافتة. على أصوات العاديين أن تكون عالية، لا عادية.

3) هل يمكن لتجاربنا فيما بعد الربيع العربي أن تكون طليعية بمعنى أن تتجاوز شوائب التجارب الديمقراطية المعروفة في الغرب؟
هذا كثير. وهو إثقال لثوراتنا بأعباء لا يسعها في تقديري أن تنهض بها قريبا.
لكن من شأن تقدم الديمقراطية في العالم العربي أن يحصن الديمقراطية في العالم، والغرب ذاته. من شأن تعثرها أو انتكاسها أو يقوي مواقع القوى المحافظة والاستبدادية في كل مكان، بما في ذلك الغرب.
4) في حادثة الاعتراض على عرض فيلم بيرسوبوليس في تونس، برز شيء مهم، بعيداً عن المقولات الممجوجة من بروز المتعصبين والمتشددين بعد أن كانوا مؤطرين في الأنظمة الاستبدادية، برزت ضرورة توليف موضوع الحريات العامة مع خصوصيات مجتمعنا والتي يشكل الدين (على الأقل الثقافي) مكوناً مهماً في هويته، كيف ترى ذلك ؟

من وجهة تاريخية عامة، لا أرى تعارضا بين الأمرين. فقد اقترنت المراحل الأكثر ليبرالية من تاريخنا الحديث بحضور أكبر للإسلام والإسلاميين في الحياة العامة. بينما اقترن استبعاد الإسلاميين باستبعاد عام في كل بلداننا، وبتحول فرانكشتايني للإسلاميين في العديد منها، انعكس على الصعيد الفكري بعقيدة الخصوصية التي نسبها الإسلاميون لمجتمعاتنا، ونسبها لها أشد خصوم الإسلاميين أيضا. وهي فشل للعقلنة والمفهومية في الحالين.
لكن أتصور أن أمامنا صراعات دينية سياسية كبيرة في المرحلة المقبلة. ومحورها هو تقرير وحسم مسألة حرية الاعتقاد الديني، واستقلال الضمير، وضبط السلطات الدينية ومأسستها.
مرت المسيحية الغربية بلحظتين أرى أنه لا بد أن يمر بهما الإسلام: لحظة لوثر، ومضمونها إعادة بناء الدين على الإيمان الشخصي، ولحظة كانت، ومضمونها إعادة بناء الدين على الأخلاق. ولا أقر شخصيا بخصوصية متعالية على التاريخ للإسلام أو للمسيحية غيرها.

5) الثورة السورية حاولت في جملة ما حاولت أن تقيم علاقة اعتراف مباشر بين الرأي العام العالمي/ المجموعة الدولية والفرد، ألا تعتقد أن هذا يجب أن يفرز آليات جديدة في التعامل الدولي مع الأزمات تتجاوز بيروقراطية وبطء المنظمات الدولية مثل المحكمة الدولية ومجلس الأمن وما إلى ذلك؟
هذا من مفاعيل العولمة عالميا. خسرت دولنا مثل كل دول العالم السيادة المطلقة، ولم تعد قادرة على احتكار أبصار محكوميها وأسماعهم، ولن تستطيع أن تحتفظ بشيء من ولاء الأفراد والجماعات إن ظلت تتعامل معهم كأتباع. الرد على ذلك يقتضي دمقرطة واسعة، سياسية واجتماعية، لا تحجز الأفراد والجماعات عن الانخراط في العالم، بل تقويهم في ذلك، لأن العالم اليوم مكان معقد وغير آمن للضعفاء.
ومن شأن الدمقرطة الواسعة أيضا أن تكون خطوة نحو منازعة الأطر التنظيمية العالمية القائمة، وهي أوليغاركية وغير ديمقراطية، وتهيمن عليها القوى الكبرى.
على هذا المستوى، كما على مستوى كل من دولنا، لا يتحرر من لا يقاوم، ولا يسمع صوت من لا يصرخ بصوت عال.
6) ما هو السؤال الذي ترغب سبره عند عامة الناس حول المستقبل؟


الآن....
1) ما الذي يدفع بأشخاص وفئات تتطابق مصالحهم اليومية مع اتجاه ما ليعارضوه في هذه الحظة التاريخية (الأقليات بشكل خاص) هل ينجح التخويف إلى هذه الدرجة ولماذا؟
هذا هو مفعول الطائفية النوعي: نقف إلى جانب النخب القائدة في طائفتنا، وليس إلى جانب من هم مثلنا من طوائف أخرى. وهذا ليس غير معقول 100% وفي جميع الحالات. نخشى أن من شأن استقلالنا عن الطائفة أن يعرينا ويضعفنا. وهذا ليس وهما تماما في مجتمعنا اليوم، وإن يكن نزوعا محافظا وغير تحرري.
ليس هناك ما يجنيه الفرد اليوم على الإطلاق من كونه عربيا أو سوريا، لكنه يمكن أن يجني شيئا من ارتباطه بالطائفة والعشيرة، أو طبعا الولاء للحاكم والتزلف لحاشيته.
وريما يخشى كثيرون أن من شأن تغيير هذا الوضع أن يؤدي إلى معادلات طائفية أخرى، وليس أوضاعا ضامنة للمساواة.


2) هل يكفي الحراك ليصنع من الشباب السوري فاعل سياسي مستقبلي، وهل تعوض المشاركات الميدانية بحد ما عن قلة الخبرة السياسية؟
ما هو الموقع الذي يقرر الكفاية؟ والخبرة السياسية؟ ليس هناك موقع مستقل للحكم، و"الخبرة السياسية" المتاحة، لا تكاد تفيد في شيء.
أرى أن علينا وضع أنفسنا في مستوى ما يجري وما يصير، ونرى عمليات الاكتساب والتعلم التي تتحقق لهذا الجيل. ثوراتنا هي بصورة ما ثورات تحرر الجيل الشاب وبناء هويته المميزة، في مواجهة نظام الطغيان، لكن أيضا بالتمايز عن صيغ سابقة للمقاومة والثورة، وهي في عمومها صيغ متحفظة اليوم حيال الثورة، وأحيانا معادية لها تماما.
قد تكون السمة الإيجابية لهذا الجيل، وعبر الثورة بخاصة، أن خبرته السياسية تتشكل بعلاقة مباشرة مع التجربة الحية. وهي تاليا ديمقراطية في نظامها الداخلي وتكوينها قبل أن تكون ديمقراطية في تطلعها.

3) هل هناك احتمال لنكسة الثورة؟ في حال افتراض حدوث نكسة للثورة فما هي المكتسيات التي يمكن أن تكرس والتي سيكون من الممكن أن يبنى عليها؟
هذا مرهون بما نتوقعه من الثورة.
أرى أن من المبالغ فيه أن نتوقع رؤية سورية ديمقراطية مستقرة قريبا بعد خمسين عاما من حكم الحزب الواحد. المهم أن تطوى صفحة الطغيان والسفاهة، وأن ينخرط في الحياة العامة أعداد أكبر من السوريين ليتمرسوا بمصاعب الحرية ومشاقها. لهذا مفعول ديمقراطي أكيد، يكفي للقول إن الثورة السورية ثورة ديمقراطية، وإن لم تتمخض في وقت قريب عن نظام ديمقراطي ناجز.
على كل حال سورية تغيرت بصورة نهائية، والنظام خاسر حتما بسبب تطرفه وغروره ووحشيته. الاحتمالات اليوم ليست أن ينتصر النظام أو يخسر، بل بأي قدر من تدمير سورية ستنتهي سورية الأسد. ولذلك ينبغي أن تطرح الثورة على نفسها تحدي إسقاط النظام بالقدر الأقل من خراب البلد.
أرى أن من المكاسب المحققة حتى اليوم التنشيط غير المسبوق لقطاعات واسعة من المجتمع السوري، وظهور سورية بلدا مركبا متعددا، فيه أحرار كثيرون، نساء ورجال لهم أسماء وصور وسير، فضلا عن سجل مشرف من الشهداء، هم رصيدنا العظيم لمستقبل أكرم.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة في سورية، سورية في ثورة
- عدالة الثورة لا تضمن عدالة الثائرين
- النظام الطائفي ليس نظام طائفة
- الإسلاميون السوريون... توجهات منفتحة وتناقض مقيم
- الثورة كصناعة للأمل
- حوار في شأن أصول الثورة السورية وفصولها
- الحكم بالتذكر: من أصول المحنة السورية
- هذا النظام، هذه الثورة، هذا العالم: حوار حول الشأن السوري
- عن الطائفية ما بعد كرم الزيتون
- لا عودة إلى بيت الطاعة الأسدي
- عام من الثورة المستحيلة
- عام من الثورة السورية: فلنسحق الخسيس!
- من الأزمة السورية إلى المسألة السورية
- سورية، إلى أين؟ أسئلة نارين دانغيان
- عناصر أولية من أجل استراتيجية عامة للثورة السورية
- الحزب الذي لم يعد قائدا للدولة والمجتمع...
- -اختراع التقاليد- لإريك هوبسباوم
- ملامح من الوضع الراهن للأزمة السورية
- الحكم بالاحتلال!
- في الطائفية والنظام الطائفي في سورية


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - عن الثورة والمستقبل والعلاقات بين السوريين/ حوار