أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد حماد - الجمهورية البرلمانية هي الحل















المزيد.....

الجمهورية البرلمانية هي الحل


محمد حماد

الحوار المتمدن-العدد: 1087 - 2005 / 1 / 23 - 12:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


تخطيء أي قوة سياسية (إخوان أو غير الإخوان) إن تصورت أنها تستطيع أن تنجو بنفسها بعيدا عن المصير الأسوأ الذي ينتظرنا جميعا إذا لم نبادر دون تلكؤ إلى الدخول الفوري في عملية الإصلاح الدستوري التي تأخرت عن موعدها الطبيعي لأكثر من عقدين من الزمان، فتعديل الدستور الآن أصبح قضية حياة لهذا الموات السياسي الذي ضرب البلاد والأحزاب والقوى والاتجاهات السياسية في كل الأرجاء.
وتخطيء أي قوة سياسية إن هي تصورت أنها مطالبة بحماية بعض نصوص الدستور، رغم أنها – في الوقت نفسه- ترفض نصوصاً أخرى فيه، وتطالب مع الجميع بتعديل النصوص التي تولد نظاما قائما على حكم الفرد وتعطيه سلطات مطلقة وصلاحيات استبدادية !
إن لم يكن لدينا مئة سبب يدعوننا بإلحاح إلى إعادة النظر في الدستور الحالي، فيكفي أن نطالب بتعديله لإحداث توازن يمنع تضخم سلطات الرئيس التى تجعل منه الحاكم الفرد والزعيم الأوحد والقائد الملهم، وهي في الحقيقة سلطات تجعل من القابض عليها فرعونا يتجبر، بل وتخلق منه إلها يعبد!.
ألا يكفي سببا أن الدستور الحالي جرى اختراقه على أكثر من صعيد وجرى إدخال تعديلات أرادها الحاكم إلى نصوصه، وكبرت مساحة الترقيع فيه حتى أصبح دستوراً لا يصلح للاستخدام الآدمي؟
ألا يدفعنا إلى تعديل الدستور أن النظام السياسي في مصر مهدد بالتحول القسري إلى نظام وراثي، يعتمد حكم "العائلة" في الواقع، رغم نصوص الدستور التي جعلت الرئيس يحلف بأغلظ الأيمان على أن يحافظ على النظام الجمهوري وعلى سلامة أراضي الدولة؟
والبادي للعيان أن الأزمة في مصر شاملة ولابد أن تتحول المطالبة بالإصلاح السياسي إلى المطالبة بالإصلاح الشامل، وأن يكون البند الأول في هذا الإصلاح الشامل ليس تعديلاً دستورياً محدوداً يخص سلطات الرئيس ومدة ولايته، بل يكون تعديلاً للنظام السياسي الحاكم برمته، وتحويله – عبر نصوص دستورية – من نظام استبدادي شمولي إلى نظام برلماني دستوري، تتوازن فيه السلطات الحاكمة مع سلطة المجتمع الممثلة في هيئاته المدنية ونقاباته وجمعياته الأهلية، ويعود التوازن بين السلطات الحاكمة نفسها، فلا تجور سلطة على أخرى، ولا تبقى كل السلطات الحقيقية في يد شخص أياً كان وأياً كانت الظروف!
ولا يجدر بنا العودة مرة أخرى للموازنة بين إصلاح سياسي دستوري مطلوب وبين إصلاح اقتصادي اجتماعي بات أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، والعجيب أن المطالبين بتأجيل الإصلاح السياسي حتى ننتهي من الإصلاح الاقتصادي هم أنفسهم الذين ظلوا يحكموننا طوال ربع قرن تحت هذه اللافتة المزرية، ووصل حال الاقتصاد فيها إلى حال أسوء من حال السياسة!
والناعقون بأن المطالب العادية للناس العاديين ( من غير النخبة المثقفة ) لا يدخل فيها تعديل الدستور أو إلغاء الطوارئ أو كل المصطلحات والألفاظ الدالة على الإصلاح السياسي برمته، يعرفون قبل غيرهم أن مثال العربة التي توضع قبل الحصان أو الدجاجة التي تولد قبل البيضة،( فالبيضة مششت والفرخة ماتت)، ولم يعد يجدي مثل هذا الكلام الفارغ في أوضاع تردت إلى ما تردت إليه الأوضاع في مصر، فلا الإصلاح الاقتصادي المرفوع شعاره منذ عقدين تحقق، ولا الإصلاح السياسي المؤجل يبدو في الأفق، وأخشى أن أقول أنه لا إصلاح إلا إذا تغيرت طبيعة النظام وصيغته الحالية إلى طبيعة تعددية فعلاً، وصيغة تعبر عن توازن المصالح التي يجب أن يرعاها الدستور.
نحن لا نطالب بدستور يتحول إلى نصوص على الورق لا قيمة لها ولا وزن أمام رغبات الحاكم وأهوائه، ولكننا نريد دستوراً يحكم الحاكم لا أن يتحكم فيه الحاكم ويغيره متى شاء ولا يغيره إذا أراد، وكذلك فإننا لا نطالب الرئيس بإصدار تعديل دستوري يستفتي عليه الشعب، ولكننا نطالب بتشكيل جمعية وطنية تأسيسية تكون مهمتها وضع الدستور الجديد لا يتضمن برامج سياسية، ولكنه يتضمن الثوابت والقواعد التي يقوم عليها النظام السياسي في البلاد!
لابد أن نعدل هذا الدستور حتى لا يصبح شرط الاستمرار في منصب الرئاسة مجرد أن يبقى الرئيس على قيد الحياة، فالدستور الحالي لا يطلب من رئيس الجمهورية شيء إلا أن يعيش ليبقى في منصبه، ولا يلزمه بفترة ما يرجع بعدها إلى صفوف الشعب، بل وترك له الحبل على الغارب ليبقى بدل المدة الرئاسية الواحدة خمس أو ست مدد حتى ينسى الشعب الحاكم السابق، ولا يأمل في أن يعيش حتى يرى الحاكم التالي، فنحن لا يعيش لنا رئيس سابق أبدا، والرئيس السابق عندنا هو الرئيس الذي فارق الحياة!.
لابد أن نعدل هذا الدستور لنمنح أنفسنا دستورا يعامل الرئيس باعتباره واحداً من البشر يصيب ويخطيء، لا أن يجعل منه صاحب القرارات التاريخية، وصاحب التوجيهات الحكيمة لمرؤوسيه في أشياء تخصصوا فيها، ولا يعرفها السيد الرئيس ولا يعرف عنها إلا ما تعرفه خالتي صفية، ومع ذلك يقف الواحد منهم وبلاهة الأطفال في كلماته يقول انه فعل كذا بناء على تعليمات السيد الرئيس!
نريد دستورا يجعل مجلس الشعب سلطة حقيقية لا ينتقص منها سلطات رئيس الجمهورية، وتحوله رقيبا فعليا على الحكومة، تختار الأغلبية فيه رئيس الوزراء حتى لا يكون موظفا لدى الرئيس يزيحه وقت ما يريد، أو يلبسه مساوئ النظام إذا ادلهمت الأمور..
نريد دستورا يمنح رئيس الوزراء والحكومة سلطة حقيقة في تقرير سياسة الحكم، فرئيس الوزراء عندنا مجرد موظف كبير لا يملك إلا الولاء الشخصي للرئيس( أو لنجله) لأنه إذا رضى عنه ثبته، وإذا غضب عليه أقاله، فلا سلطة له إزاء الرئيس، ولا يعمل إلا بتوجيهاته، وليس طبقا لبرنامج حكومته التي انتخبها الشعب على أساسه!.
نريد دستورا يعيد الاختصاص في اختيار رئيس الجمهورية إلي الشعب الجدير دون غيره بأن يكون وحده، ولا أحد غيره الذي يختار رئيسه بنفسه، وبدون أية واسطة، ومن بين أكثر من مرشح وعن طريق الاختيار الحر المباشر، وعلي أساس برامج، مع فتح باب الترشيح واسعا دون قيود أو عوائق، أمام أي كفاءة وطنية لخوض معركة الانتخابات الرئاسية!.
نريد دستوراً لا يعطي نسبة 50% للعمال والفلاحين، خاصة وأننا شهدنا في ظل هذا النص كيف جرى التنازل عن كل المكتسبات التي حازها العمال والفلاحون، دون أي رد فعل من نسبة 50% بمجلس الشعب، ولا نسبة 100% من النقابات العمالية!
نريد دستوراً لا تكون كل قيمته نصاً مهجوراً عن أن الإسلام هو دين الدولة وأن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، وتحت هذا النص تجري عملية استخدام الدين لترسيخ واقع الاستبداد والانفراد بالحكم والانتقال من نظام رئاسي مستبد إلى نظام عائلي وراثي أكثر استبداداً وأشد تخلفاً!
نريد دستورا يرفع الوصاية عن الأزهر ويمنع التدخل في شئون الكنيسة، ويضمن لكل المواطنين حقوقا متساوية لا تفريق فيها على أساس من الدين.
نريد دستور ليس فيه نص عن أن نظام الدولة اشتراكي في بلد ليس فيه من الاشتراكية إلا بعض الكتب المهجورة التي تتحدث عنها، وليس فيه من الديمقراطية إلا حرية العويل التي قد تتحول في بعض الأحيان إلى حرية النباح!
نريد دستوراً لا ينص على أن النظام السياسي يقوم على التعددية الحزبية، ثم في التطبيق لا نجد إلا أحزاباً هجرتها الجماهير، وأفرغت من الكوادر القادرة على الفكر والحركة، وأصبحت لا ينعق فيها إلا غربان الحكومة، أو بوم اليأس!
نحن لا نريد دستوراً جديداً يحوي برامج سياسية للقوى السياسية الموجودة على الساحة، فالدستور المطلوب يجب أن يعتمد على القواعد الراسخة والثوابت التي تلقى إجماعاً وطنياً والأسس التي يقوم عليها تداول السلطة في البلاد.
لا نريد دستوراً مفرقاً بين آراء واتجاهات شتى، ولكننا نريد دستوراً يجمع بين هذه الآراء والاتجاهات في إطار نظام يكفل الحرية للجميع، ويضمن للجميع عرض أنفسهم أمام محكمة الاقتراع التي تختار البرنامج الأنسب لكل مرحلة في تطور البلاد.
نريد أن ننتقل من نظام رئاسي استبدادي إلى نظام ديمقراطي برلماني تتوازن فيه السلطات الحاكمة، ويتحول فيه المركز الرئيسي في النظام من فرد إلى مجموعة مؤسسات لها من الصلاحيات ما لا تفتئت به على الأخرى، ولا تنقص دورها ولا تصادره.
نريد دستوراً فيه أقل النصوص وأوضحها وأبسطها وأكثرها مباشرة في التعبير عن الإجماع الوطني على إقامة حياة ديمقراطية سليمة في المجتمع.
إن الحالة المصرية التي تمتد في التاريخ إلى ما قبل الميلاد بآلاف السنين والقائمة على حكم الفرد، لن يكون تطويرها وإصلاحها حقيقياً إلا إذا انتقلنا من الحكم الفردي إلى حكم المؤسسات الدستورية، ولن تتحقق هذه الحالة في مصر إلا عبر إقامة جمهورية برلمانية، يكون القول الفصل فيها لصندوق الاقتراع الذي يأتي بالحكومة ويسقطها عبر عملية انتخابات مضمونة النزاهة والحيدة!
تلك مسيرة الألف ميل، وعلينا الآن أن نخطو خطوتنا الأولى تجاه المستقبل، تلك الخطوة التي تبدأ من الدستور الجديد!



#محمد_حماد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نسأل الرئيس مبارك؟
- كفاية استقرار واستمرار
- قمة اشهار العجز
- استعباط القائد التاريخي
- الأخ قائد ثورة الفاتح سابقًا المغلق حالياً
- سؤال بريء - ديمقراطية بالتدريج الممل


المزيد.....




- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- السيسي يصدر قرارا جمهوريا بفصل موظف في النيابة العامة
- قادة الاتحاد الأوروبي يدعون إلى اعتماد مقترحات استخدام أرباح ...
- خلافا لتصريحات مسؤولين أمريكيين.. البنتاغون يؤكد أن الصين لا ...
- محكمة تونسية تقضي بسجن الصحافي بوغلاب المعروف بانتقاده لرئيس ...
- بايدن ضد ترامب.. الانتخابات الحقيقية بدأت
- يشمل المسيرات والصواريخ.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع عقوبا ...
- بعد هجوم الأحد.. كيف تستعد إيران للرد الإسرائيلي المحتمل؟
- استمرار المساعي لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وإيران
- كيف يتم التخلص من الحطام والنفايات الفضائية؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - محمد حماد - الجمهورية البرلمانية هي الحل