أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد الحادقة - عن الألم (2)














المزيد.....

عن الألم (2)


أحمد الحادقة

الحوار المتمدن-العدد: 3696 - 2012 / 4 / 12 - 17:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هذه خاطرة ذاتية وغير موضوعية وغير ممنهجة عن الألم، تعّبر عن حالتي وشعوري الراهن.

أمر الآن بتلك المراحل الشيقة، المرهقة والطاردة لبعضها البعض.
مرحلة "الرفض" التي تمثّل بالنسبة لي عتبة بوابات الواقع. فالرفض هو بمثابة مخدّر يبقيني اطول فترة ممكنة في الاتصال مع الواقع الخارجي. بعكس ما يراه الجميع بأن المخدّر يفصلنا عن العالم، فأنا أراه وسيلتنا الوحيدة للواقعية المفتعلة، بل للوجود الموضوعي ذاته الذي لا نملك إلا أن نقنع أنفسنا بحقيقيته دائما!

ولذلك، فأنا الآن علي أعتاب باب الرفض وبسرعة يهدأ مفعول المخدّر، وأقترب طوعا وكرها من أعتاب الإنفصال.
الإنفصال عن العالم الخارجي الذي يبدو واقعيا، لكي أعاود السقوط في وحل الذات – الحقيقة الوحيدة، التي هي بالنسبة للجميع، بل بالنسبة لي في أوقات تخديري بالواقع، لا تعتبر إلا أسطورة وخرافة مضحكة.

يظن الكثير ان للعقل وجودا مستقلا او انه ما يقوم بالإدارة المنطقية الأعلي والأحكم لحيواتنا بجميع العقد المركبة التي تكوّنها. لكني علي العكس تماما، أري ان العقل بهذا المفهوم السائد، وجوده يكاد يكون لحظي ومراهق أحيانا. وهو غير منطقي علي الإطلاق. بل أري ان الوظيفة الحقيقية للعقل هي التضليل! إنه يوهمنا دائما بمنطقية وعقلانية إختياراته ورؤاه وقراراته. لكنه ليس إلا مضلّل، ذلك المخدر الذي يبعد عنا، بل ويحمينا من المخاطر الخارجية والداخلية التي هي منبع شعورنا بالألم، وذلك كما قلت، حتي يبقينا أطول فترة ممكنة في إتصالنا بالعالم الذي نظنه خارجيا ويفصلنا عن حقيقتنا الشعورية. فهو يحرّف الكلم عن موضعه. يبذل جميع قواه لكي لا نري شيئا من العالم الخارجي. بل فقط نري ما نريد ان نراه بداخلنا.
فهو أداتنا الأمثل لتخفيف وتخدير الألم علي المستوي الفيزيقي والميتافيزيقي. هذا المخدّر يغذّي ويدعم قوات الدفاع عن الألم بداخلنا حتي تأتي لحظة السقوط في اعماق ذواتنا التي هي المخلّص والقامع معا!

فالصليب الحقيقي هو الذات. ولن تصل لهذا الخلاص إلا بالصدق الكامل والإتساق المطلق مع الذات. لحظة الإنفصال عن الخارج، بل التسليم المطلق بحقيقة عدم وجود الخارج. لحظة الحلول وتجسد الناسوت في الناسوت ذاته. أي لحظة إنتحار الأنا وتجليها في أبهي وأطلق الصور. لحظة العفوية "الحلّاجية": أنا الحق، والإنفجار "النفّري": أنا حجاب ذاتي!
هذه العملية تستلزم وجود فنّي شعوري وغير عقلي ينبذ ويتخلص من كل ما لا ضرورة له خارجيا وداخليا ليجرّده من شكله ليصل إلي الجوهر والروح. أي ان اخلق عالمي بالفراغ، فقط الفراغ! الفراغ برائحته وخريطة ألوانه الغريزية والوجودية.

الفراغ هو الحدّ الفاصل بين حقيقتنا وبين الفن. فالفن ليس إلا ما ينقصنا، كما يري "ريتشارد سيرا".
فما ينقصنا من الجانب الآخر لهذا السور الفراغي، هو أبسط الأشكال او الألوان او حتي الفراغ نفسه الذي يخلّصنا من تعقيدات موروثنا الجيني الواقعي الطاغي، إلي التقليلية، ليس فقط فنيا، بل فكريا وشعوريا ايضا.

فـ"هي" كانت ذلك المخلًص والصليب التقليلي من شوائبي الجينية والفكرية والعقلية والواقعية منذ ذلك الإنفجار الوجودي الأول ليّ، مشوّها ذاتي بعيدا عن الأشكال والصور والألوان والروائح القابلة للإحتواء او حتي المزيد من التشويه. "هي" الصليب الذي سيجرّدني من تشوهاتي ويضعني في شكل وهيئة ثابتة ومألوفة معلّق علي خشبتين متداخلتين، مع اللون الأحمر الأكثر شيوعا في التاريخ بمؤامراته وخياناته وجنونه، وقليل من رائحة العبث الجذابة لأبسط الفنانين والسياسيين والكهنة والكذبة والأنبياء.
تلك هي لوحتي التي أردت ان ترسمها "هي" لي. وجودي المغاير. وجودي الآخر.

هنا مكمن صراعي، بين الشعور الغريزي لصلب الغريزة نفسها، أو صلب الروح. الصراع بين حملي للصليب أو حمل الصليب ليّ.

أخشي ان تكون قبلة يهوذا هي الحل.. أن أصلب مخلّصي!
ربما ...


قد يتبع ...



#أحمد_الحادقة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الألم
- خطأ شائع في كتابة و فهم التاريخ.
- بعض من أوراقي السوداء !
- جحا يحكم الشعب !
- إبليس يدافع عن نفسه !!
- الرئيس المؤمن .... قصة قصيرة
- الدين ، و العلم .... هل يصح الربط بينهما؟


المزيد.....




- السعودية.. الشرطة تتدخل لمنع شخص بسلاح أبيض من إيذاء نفسه في ...
- فيضان يجتاح مناطق واسعة في تكساس وسط توقعات بمزيد من الأمطار ...
- إدانات ألمانية وأوروبية بعد تعرض نائب برلماني للضرب
- مقتل مراهق بأيدي الشرطة الأسترالية إثر شنه هجوماً بسكين
- مجتمع الميم بالعراق يخسر آخر ملاذاته العلنية: مواقع التواصل ...
- هايتي.. فرار عدد من السجناء ومقتل 4 بأيدي الشرطة
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل أحد حراس القنصل اليوناني أثناء مراس ...
- قتيلان في هجوم استهدف مرشحا لانتخابات محلية في المكسيك
- محلل سياسي مصري يعلن سقوط السردية الغربية حول الديمقراطية ال ...
- بيلاروس تتهم ليتوانيا بإعداد مسلحين للإطاحة بالحكومة في مينس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد الحادقة - عن الألم (2)