أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - سعيد العليمى - الأوهام الدستورية - فلاديمير لينين















المزيد.....



الأوهام الدستورية - فلاديمير لينين


سعيد العليمى

الحوار المتمدن-العدد: 3678 - 2012 / 3 / 25 - 17:16
المحور: الارشيف الماركسي
    


الاوهام الدستورية ف . لينين

الأوهام الدستورية هى تلك الاوهام التى نصفها بأنها خطأ سياسي , ويحدث ذلك حين يعتقد الناس فى وجود نظام عادى قانونى ، منتظم وله شرعية - بإختصار نظام "دستورى" ، رغم أنه لا يوجد من الناحية الفعلية . قد يبدو للوهلة الأولى أنه فى روسيا اليوم ، أى فى يوليو 1917 ، لا يمكن أن تنشأ مسألة الأوهام الدستورية , حيث لم يوضع لدينا دستور بعد . ولكن سوف يكون من فادح الخطأ التفكير على هذا النحو . ففى الواقع فإن السمة الجوهرية للوضع السياسى الراهن فى روسيا هو أن هناك عددا واسعا للغاية من الناس يتبنى أوهاما دستورية ، وعليه فإنه لمن المستحيل فهم أى شيئ عن الوضع السياسي الراهن فى روسيا دون تقييم هذا الأمر. ويقينا لا يمكن أن نخطو خطوه واحده بإتجاه صياغة صحيحة لمهامنا التاكتيكية فى روسيا اليوم ما لم نركزبشكل منهجى وبصرامه قبل اى شيئ على تعرية الأوهام الدستورية وكشف جذورها معيدين تأسيس منظور سياسى دقيق .

دعونا نتناول ثلاثة أفكار وهى الأشد نموذجية وتمثيلا للأوهام الدستورية الراهنة , وعلينا ان نتمعن فيها بعناية .

الفكرة رقم 1: هى أن بلادنا توشك ان يكون لها جمعية تأسيسية ومن ثم فإن كل ما يجرى الآن هو مؤقت ، عرضى غير جوهرى وغير قاطع، وكل شيئ سوف يراجع قريبا وينظم بدقة من قبل الجمعية التأسيسية .

الفكرة رقم 2: أن أحزاباً معينة مثل الإشتراكيين الثوريين أو المناشفة أو حلفائهما يحوزون أغلبيه واضحة لاجدال فيها فى صفوف الشعب او فى المؤسسات الأكثر نفوذا مثل السوفيتيات ، ومن ثم ، فإن إرادة هذه الأحزاب والمؤسسات، مثل إرادة أغلبية الشعب بشكل عام ، لا يمكن أن يتم تجاهلها وبالأحرى لا يمكن إنتهاكها فى روسيا الجمهورية الديمقراطية والثورية .

الفكرة رقم 3: هى أن هناك إجراء معينا مثل إغلاق صحيفة البرافدا ، لم يعتبر شرعيا سواء من قبل الحكومة المؤقتة أو من قبل السوفييتات، لقد كان مرحلة إنتقالية فحسب ، حدثا عارضا لا يمكن على الإطلاق اعتباره شيئاً قاطعاً ومحددا .
-1-
دعونا نفحص كل فكرة من هذه الأفكار .
وعدت الحكومة المؤقتة الأولى انها ستعقد جمعية تأسيسة . وإعتبرت أن وظيفتها الأساسية هى ان تعد البلاد لجمعية تأسيسة . وحددت الحكومة المؤقتة الثانية يوم 30سبتمبر موعدا لعقد الجمعية التأسيسة . وأعادت الحكومة المؤقتة التالية بمهابة تأكيد هذا التاريخ .

مع ذلك ، فالإحتمالات واحد فى المائه أن تنعقد الجمعيه التأسيسية فى هذا التاريخ . وحتى اذا إنعقدت، فالإحتمالات مرة أخرى واحد فى المائة ألا تكون عاجزة ولا نفع فيها كما كانت الدوماالأولى – إلى ان تنتصر ثورة ثانية فى روسيا . حتى ُتقَدِرَ هذا ، عليك أن تنفصل للحظة عن الصخب الحالى من الجمل الفارغة ، و الوعود و الأعمال التافهة التى تشوش تفكيرك ، وأنظر إلى الشئ الرئيسى ، أى الى ما يحدد كل شيئ فى الحياة العامة – الصراع الطبقى .
من الواضح أن البورجوازية فى روسيا قد باتت وثيقة الارتباط بملاك الأرض . وهذا ماتظهره الصحافه كلها : وتبينه الانتخابات ، و كامل سياسه حزب الكاديت والاحزاب التى تقع على يمينه ، كما تشى به الخطب التى تلقى فى "مؤتمرات"، الاشخاص" المعنية " . تفهم البورجوازية تماما مالا يفهمه الثرثارون الإشتراكيون الثوريون البورجوازيون الصغار والمناشفة اليساريون ، وهو أن الملكية الخاصة للارض لا يمكن أن تلغى فى روسيا بدون تعويض ، دون القيام بثورة إقتصادية عملاقة ، وبوضع البنوك تحت رقابه شعبيه وتأميم المؤسسات وتبنى اشد الإجراءات الثورية صرامة ضد الرأسمال . وتفهم البورجوازية ذلك تماما . وفى ذات الوقت ، على أية حال ، عليهم أن يعرفوا ، ويروا ويشعروا أن الغالبية العظمى من الفلاحين فى روسيا سوف تنعطف اكثر الى اليسىارمن شيرنوف وكذلك لاعلان مصادره الملكيات العقارية . لأن البورجوازية تعرف أفضل كم من التنازلات الجزئية العديدة قد قدمت لهم من قبل شيرنوف ، مثلا من 6 مايو حتى 2 يوليو حول تأخير وحجب المطالب الفلاحية المتعددة ، وكذلك كم من الجهد إقتضى من يمين الإشتراكيين الثوريين (صدق أولا تصدق يعتبر تشرنوف كرجل " وسطى " من قبل الأشتراكيين الثوريين !) فى مؤتمر الفلاحين وفى اللجنة التنفيذية لمؤتمر مندوبى فلاحى عموم روسيا لطمأنه الفلاحين وتغذيتهم بالوعود .

تختلف البورجوازية الكبيرة عن البورجوازية الصغيرة فى أنها تعلمت من تجربتها الإقتصادية والسياسية الشروط التى يحفظ فيها "النظام" ( أى إخضاع الشعب ) فى ظل الرأسمالية . إن البورجوازيين هم رجال اعمال يقومون بمعاملات تجارية كبيرة ومعتادون على تناول حتى الأمور السياسية بطريقة تشبه بدقة إدارة الأعمال . إنهم يمسكون الثور من قرنيه ( عمليون ) ولا يضعون ثقتهم فى الكلمات .

سوف تأتى الجمعية التأسيسية فى روسيا اليوم بأغلبية من الفلاحين الذين يقفون أكثر على اليسار من الاشتراكيين الثوريين . البورجوازية تعرف ذلك ومن ثم تميل إلى حشد مقاومة عارمة لاى انعقاد مبكر لها فمع انعقاد الجمعية التاسيسية سوف يكون من المستحيل , اويصعب بشكل متزايد مواصلة الحرب الامبريالية بروح الاتفاقيات السرية التى عقدها نيقولا الثانى او حماية الملكية العقارية او دفع تعويض مقابلها.الحرب لن تنتظر. والصراع الطبقى لن ينتظر. لقد كان هذا امرا واضحا حتى فى الوهلة القصيرة التى امتدت من 28 فبراير الى 21 ابريل.

كانت هناك منذ بدايات الثورة الاولى وجهتا نظر بصدد الجمعية التأسيسية. ترنح الاشتراكيون الثوريون والمناشفة تماما تحت وطاة الاوهام الدستورية ونظروا للامربسذاجة البورجوازية الصغيرة التى لا تسمع عن الصراع الطبقى : لقد اعلنت الجمعية التاسيسية , ستكون هناك جمعية تاسيسية وهذا هو جماع الامر بالنسبة لها ! وكل شئ اخر هو من صنع الشيطان . بينما قال البلاشفة : يمكن للقوة والسلطة المتزايدة للسوفيتات ان تضمن انعقاد ونجاح الجمعية التاسيسية . لقد اكد المناشفة والاشتراكيون الثوريون على المرسوم : الاعلان , الوعد, بيان دعوة جمعية تاسيسية. بينما اكد البلاشفة على الصراع الطبقى : اذا كان للسوفيتات ان تنتصر,سوف يكون من المؤكد ان تجتمع الجمعية التاسيسية, واذا لم تنتصر فلن يكون لدينا مثل هذا اليقين .
هذا هو ماحدث تماما بالفعل . لقد شنت البورجوازية على طول المدى بشكل مكشوف وبشكل مستتر نضالامتصلا لاهوادة فيه ضد دعوة الجمعية التاسيسية. كان هذاالصراع مشوبا بالرغبة فى تاجيل انعقادها الى مابعد الحرب. لقد عبر ذلك عن نفسه من خلال حقيقة انهم اجلوا تاريخ انعقادها عدة مرات .واذا بهم بعد 18 يونيو او بعد اكثر من شهرمن تشكيل الوزارة الائتلافية , قاموا اخيرا بتعيين تاريخ الانعقاد , وقالت جريدة بورجوازية موسكوفية بان هذا قد تم تحت ضغط الدعاية البلشفية. وقد نشرت جريدة برافدا مقتبسا دقيقا من هذه الصحيفة.

بعد4 يوليوحين قاد خنوع وجبن الاشتراكيين الثوريين والمناشفة الى "انتصار"الثورة المضادة تسربت جملة قصيرة ولكن ذات دلالة بالغة-الانعقاد "المبكر المستحيل" للجمعية التاسيسية !!- تسربت الى جريدة ريش . وفى 16يوليو ظهر موضوع فى جريدة فوليا نارودا وروسكايا فوليا,افاد بان الكاديت قد اصروا على تاجيل انعقاد الجمعية التاسيسية تحت ذريعة انه من "المستحيل" عقدها فى مثل هذه المهلة " القصيرة ", واضاف بان المنشفى تسيريتيلى خادم الثورة المضادة قد اقر بتأجيلهاحتى 20 نوفمبر!

مما لاشك فيه ان هذا الموضوع قد تسرب ضد ارادة البورجوازية التى لايمكن ان تستفيد من مثل هذه " الانكشافات " ولكنه انكشف واذ ترك المضادون للثورة انفسهم يركضون وراء 4 يوليو فقد عتموا الحقيقة. وفى ذروة استهلال استيلاء البورجوازية المضادة للثورة على السلطة بعد 4 يوليو تبع ذلك فورا " اجراء شديد الصرامة " ضد دعوة الجمعية التأسيسية.

هذه حقيقة وهذه الحقيقة تكشف عن العبثية القصوى للاوهام الدستورية ومالم تقم ثورة جديدة فى روسيا , مالم تجرى الاطاحة بسلطة البورجوازية المعادية للثورة (بصفة اولية الكاديت) ومالم يسحب الشعب ثقته من حزبى الاشتراكيين الثوريين والمناشفة , اى الاحزاب المساومة مع البورجوازية فان الجمعية التاسيسية اما لن تتحقق ابدا اوانها ستكون من نمط جمعيات " ثرثارى فرانكفورت" (3) اى جمعيةعاجزة تافهة من البورجوازيين الصغارالخائفين حتى الموت من الحرب ومن منظور أن البورجوازية "تقاطع الحكومة" وممزقون بلا حول ولاطول بين الجهود المسعورة فى ان يحكموا بدون البورجوازية والخوف من السير بدونها.

ان مسألة الجمعية التاسيسية خاضعة لمسالة سياق وحصاد الصراع الطبقى بين البروليتاريا والبورجوازية. افشت جريدة رابوتشايا جازيتا منذ بعض الوقت ملاحظة تفيد بأن الجمعية التاسيسية سوف تكون جمعية وطنية .ان هذا مثل على التبجح الخاوى البائس المحتقرلخدامنا المناشفة المرتبطين بالبورجوازية المناهضة للثورة .اذا لم تكن شيئا من نمط "ثرثارى فرانكفورت" او الدوما الاولى , اذا كان لها ان تكون جمعية وطنية , فلابد ان تواتيها الشجاعة , والقدرة والقوة على توجيه ضربات لارحمة فيها ضد المناهضين للثورة بدلا من عقد مساومات معهم . لهذا السبب لابد ان تكون السلطة فى يد الطبقة الاكثر تقدما والاشد تصميما وثورية فى ايامنا. لهذا الغرض يجب ان تدعم هذه الطبقة من قبل جمهور الفقراء المدينيين والريفيين (اشباه البروليتاريين) . لهذا السبب فان البورجوازية المناهضة للثورة اى بصفة اولية الكاديت وكبار ضباط الجيش يجب ان يتم التعامل معهم بلا رحمة. هذه هى الشروط الواقعية , الطبقية , المادية الضرورية لعقد جمعية .عليك فقط ان تسجل هذه الشروط بطريقة دقيقة وواضحة لتفهم غباوة رابوتشايا جازيتا المتبجحة والحماقة التامة للاوهام الدستورية التى يحتضنها الاشتراكيون الثوريون والمناشفة بصدد جمعية تأسيسية فى روسيا اليوم.

- 2 -

حين انتقد ماركس"الاشتراكيين الديموقراطيين"البورجوازيين الصغار عام 1848 كان قاسيا بصفة خاصة فى ادانتهم لاستعمالهم المفرط للجمل الجوفاء حول " الشعب " واغلبية الشعب بصفة عامة. (4) وانه لامر جيد ان نتذكر هذا عند تناول الفكرة الثانية , عند تحليل الاوهام الدستورية عن "الاغلبية".

حتى يمكن للاغلبية أن تقرر فى الدولة بالفعل , فلابد من توفر شروط معينة , احدهذه الشروط التأسيس الجدى لنظام سياسى , شكل لسلطة الدولة , يجعل من الممكن تقرير الامور بواسطة الاغلبية وضمان ترجمة هذه الامكانية الى واقع . هذا شئ .اما المسألة الأخرى فهى ان التركيب الطبقى لهذه الاغلبية والعلاقة الداخلية بين هذه الطبقات داخلها (وخارجها) ينبغى ان تمكنها من جر عربة الدولة بتنظيم وفعالية. يعرف اى ماركسى ان هذين الشرطين العيانيين يلعبان دورا حاسما فى مسالة الاغلبية الشعبية وفى اتجاه شؤون الدولة وجهة تتوافق مع ارادة الاغلبية. ومع ذلك فان الادب السياسى للاشتراكيين الثوريين والمناشفة , وسلوكهم السياسى بالاحرى, يشى بافتقار تام لفهم هذين الشرطين.

اذا كانت السلطة السياسية فى ايدى طبقة تتفق مصالحها مع مصالح الاغلبية , يمكن لتلك الدولة ان تحكم حقا بالتوافق مع مصالح الاغلبية. ولكن اذا كانت السلطة السياسية فى ايدى طبقة تتباين مصالحها مع مصالح الاغلبية , فان اى شكل من اشكال حكم الاغلبية ينحوا الى ان يصبح خداعا او قمعا للاغلبية . وتقدم كل الجمهوريات البورجوازية مئات والاف الامثلة من هذا النوع . وفى روسيا فان البورجوزية تحكم الحياة الاقتصادية والسياسية. ومصالحها , خاصة خلال الحرب الامبريالية تتناقض بعنف مع مصالح الاغلبية. وعلى ذلك فمن وجهة نظر مادية وماركسية , وليس من وجهة نظرحقوقية قانونية شكلية, يجب ان نعرض هذا التناقض , ونحارب الخداع البورجوازى للشعب.

لقد بين واثبت اشتراكيونا الثوريون ومناشفتنا تماما , وعلى النقيض , ان دورهم الحقيقى يتمثل فى كونهم اداة البورجوازية فى خداع الشعب (الاغلبية) , وكونهم وسيط الخداع ومن المسهمين فيه وهذا بغض النظر عن ان هناك افرادا مخلصون من الاشتراكيين الثوريين والمناشفة تتمثل وجهات نظرهم الجوهرية السياسية فى انه يمكن الخروج من الحرب الامبريالية وتحقيق" السلام دون الحاقات وتعويضات"و بدون دكتاتورية البروليتاريا وانتصار الاشتراكية, وانه من الممكن تامين نقل الارض الى الشعب دون تعويض وتحقيق"سيطرة "على الانتاج لصالح الشعب بدون هذا الشرط – فإن هذه الافكار الجوهرية السياسية للاشتراكيين الثوريين والمناشفة (وبالطبع الاقتصادية) هى فى الممارسة,ليست شيئا سوى خداع ذات بورجوازى صغير, او خداع الجماهير(الاغلبية) بواسطة البورجوازية وهو نفس الشئ .

هذا هو"تعديلنا"الاول والاساسى لمسالة الاغلبية كما يفهمها ديموقراطيوا البورجوازية الصغيرة , واشتراكيون من نمط لوى بلان ,الاشتراكيون الثوريون والمناشفة. ماهى فى الواقع قيمة "الاغلبية" حين تكون الاغلبية شيئا شكليا فقط وحين تكون الاغلبية من الناحية المادية هى اغلبية الاحزاب التى تخدع بها البورجوازية الاغلبية؟

وبالطبع- يقودنا هذا الى" تعديلنا " الثانى الى الشرط الثانى من الشروط الجوهرية المذكورة اعلاه - فهذا الخداع يمكن ان يفهم بدقة فقط اذا ماتحققنا من جذوره الطبقية ومعناه الطبقى .هذا ليس خداعا للذات,وليس (اذا ماعرضنا ذلك بوضوح) "احتيالا" ، ولكنها فكرة ولدها الوهم انبثقت من الوضع الاقتصادى الذى تجد فيه الطبقة نفسها.ان البورجوازى الصغيريوجد فى وضع اقتصادى , واوضاع حياته تجعل من المواتى ان لايستطيع مقاومة خداع ذاته,انه ينجذب بلاارادة وبشكل حتمى لوهلة نحو البورجوازية واللحظة التالية نحو البروليتاريا. ومن المستحيل اقتصاديا بالنسبة له ان يتابع خطا "مستقلا".

ان ماضيه يجذبه نحو البورجوازية, ومستقبله يجذبه ناحية البروليتاريا .تقديره الصائب يشده ناحية الاخيرة وتحيزه" 5" (اذا ما استخدمنا تعبيرا مالوفا لدى ماركس) يشده ناحية الاولى . حتى تصبح اغلبية الشعب اغلبية فعلية فى ادارة الدولة , الخادم الحقيقى لمصالح الاغلبية,الحامى الحقيقى لمصالحها , وما الى ذلك , يتعين توفر شرط طبقى, وهو , ضرورة ان تنضم اغلبية البورجوازية الصغيرة بقواها للبروليتاريا الثورية , على الاقل فى اللحظة الحاسمة والمكان الحاسم.

بدون هذا , فان الاغلبية تكون مجرد وهم قد يتجلى للحظة , قد يبرق او يلتمع , قد تصنع ضوضاء وتكلل بالغار , ولكنها محكوم عليها بشكل مطلق ومحتوم بالاخفاق مع ذلك. وهذا , عرضا , ماقاد الاشتركيون الثوريون والمناشفة الى كارثة , كما بينت الثورة الروسية فى يوليو1917.

اضف الى ذلك , فان الثورة تختلف عن الوضع" العادى" فى الدولة وتحديدا لان القضايا التى تتعلق بحياة الدولة يقررها الصراع الطبقى المباشر والصراع الشعبى وصولا الى الصراع المسلح . ولا يمكن ان يكون الامر على غير هذا النحو حين تكون الجماهير حرة ومسلحة. تتضمن هذه الحقيقة الجوهرية انه لايكفى فى وقت الثورة التحقق من "ارادة الاغلبية"- يجب ان تبرهن على انك الاقوى فى اللحظة الحاسمة وفى المكان الحاسم , يجب ان تنتصر . بدءا بحرب الفلاحين فى القرون الوسطى فى المانيا, وعبر كل الحركات والحقب الثورية الكبرى, بما فيها ثورات 1848 ،1871، 1905 راينا امثلة عديدة على ان الاقلية الافضل تنظيما , الاوعى سياسيا والافضل تسليحا تملى ارادتها على الاغلبية وتهزمها.

لقد اكد فريدريك انجلز بصفة خاصة على الدرس الذى ينبغى استخلاصه من التجربة , الدرس الذى يعتبر الى حد معين عاما بالنسبة لانتفاضة الفلاحين فى المانيا فى القرن السادس عشر وبالنسبة الى ثورة 1848 فى المانيا , اى , غياب وحدة العمل والافتقار الى التمركز من جانب المضطهدين نظرا لوضعهم البورجوازى الصغير فى الحياة . (6 ) .إن تناول الامر من وجهة النظر هذه , يؤدى بنا الى نفس النتيجة , اى , انه لايمكن ولاتستطيع اغلبية بسيطة من جماهير البورجوازية الصغيرة ان تحسم شيئا , لأن الملايين غير المتحدة من الملاك الريفيين الصغاريمكن ان يحوزوا التنظيم , والوعى السياسى فى العمل ومركزة العمل فقط (وهو امر لازم للنصر) حين يقادوا اما من قبل البورجوازية او من قبل البروليتاريا.

نحن نعلم ان مشاكل الحياة الاجتماعية فى المدى الطويل تحل بواسطة الصراع الطبقى فى اشد اشكاله ضراوة وشراسة- الحرب الاهلية فى هذه الحرب , كما فى اى حرب اخرى- وهى حقيقة معروفة ايضا ولم يجادل فيها اى احد من ناحية المبدا- فان الاقتصاد هو الذى يقرر.انه لمن النموذجى وذوالدلالة تماما انه بينما لاينكر الاشتراكيون الثوريون والمناشفة , هذا "من ناحية المبدأ" وبينما يدركون تماما الطابع الراسمالى لروسيا اليوم , فانهم لايستطيعون ان يواجهوا هذه الحقيقة برصانه. فهم خائفون من ان يعترفوا بحقيقة ان كل بلد راسمالى , بما فيه روسيا , منقسم من الناحية الاساسية الى ثلاث قوى رئيسية : البورجوازية , البورجوازية الصغيرة والبروليتاريا.الاولى والثالثة معروفة ومعترف بها من الجميع . مع ذلك فان الثانية - والتى تمثل بالفعل الاغلبية العددية ! -لايهتم احد بان يقيمها بواقعية , من الناحية الاقتصادية او السياسية او العسكرية.


الحقيقة لاتنافق . لذا يستنكف الاشتراكيون الثوريون والمناشفة عن ان يتعرفوا على انفسهم.


-3-
حينما كنت اوشك على البدء فى هذا المقال, كان اغلاق جريدة البرافدا مجرد"حادثة", مسألة لم تكن الحكومة قد اضفت عليها صفة قانونية بعد. اما الان , بعد 16 يوليو فقد اغلقت الحكومة البرافدا رسميا.

اذا نظر اليه تاريخيا وككل , عبر عملية اعداده وتنفيذه , يلقى هذا الاجراء ضوءا باهرا على "طبيعة الدستور فى روسيا" وعلى خطر الاوهام الدستورية.

انه من المعروف ان حزب الكاديت,الذى يتزعمه ميليوكوف وجريدة رش ظلوا يطالبون باتخاذ اجراءات قمعية ضد البلاشفة منذ ابريل.هذا الطلب باتخاذ اجراءات قمعية,الذى قدم باشكال مختلفه-من مقالات "اشبه بمقالات رجال الدولة" فى جريدة رش الى صرخات ميليوكوف المتكررة "اعتقلوهم"(لينين والبلاشفة الاخرين)-قد كان واحدا من المكونات العظمى , ان لم يكن المكون الاعظم للبرنامج السياسى الرسمى للكاديت فى الثورة.

لقد كان حزب الكاديت يطالب بشكل منهجى وبغير كلل وبصفة مستمرة باتخاذ اجراءات قمعية ضد البلاشفة قبل الكسينسكى وشركاه بوقت طويل وفى يونيو ويوليو اخترع واصطنع التهمة الكاذبة التى تلطخ سمعة اى احد بان البلاشفة كانوا جواسيس المانا وتلقوا اموالا من المانيا , وقبل ذلك بوقت طويل التهمة الكاذبة-و هى تناهض الحقائق المعروفة والوثائق المنشورة-عن "الانتفاضة المسلحة"او عن "التمرد". وماداموا قد استجابوا لهذا الطلب , كيف يتعين علينا ان نفكر فى شرف او ذكاء هؤلاء الذين ينسون , اويتظاهرون بانهم ينسون , الاصل الطبقى والحزبى الحقيقى لهذا الطلب؟كيف يمكن لنا بحق السماء ان نمتنع عن وصف الجهود العابثة التى يقوم بها الاشتراكيون الثوريون والمناشفة بانها تزييف فظ او غباوة سياسية لاتصدق حين يريدون ان يثبتوا انهم يعتقدون ان "المصادفة"التى تبدت فى 4 يوليوبشان الاجراءات القمعية ضد البلاشفة كانت حادثا"عرضيا" او "معزولا"؟يتعين بالتاكيد ان يكون هناك حد لتشويه الوقائع التاريخية التى لا جدال فيها!

عليك ان تقارن فقط حركة20-21 ابريل مع حركة 3-4 يوليو حتى تدرك فورا انهما متشابهتان فى طبيعتيهما:كلتاهما تضمنتا وقائع موضوعية مثل الانفجار الشعبى العفوى للغضب, نفاد الصبر والنقمة , الطلقات الاستفزازية من اليمين , القتل فى نيفسكى , الصرخات الافترائية من البورجوازية , خاصة الكاديت انتهاء الى "لقد كانت جماعة لينين هى التى اطلقت النار فى نيفسكى"تفاقم واستفحال الصراع الشديد بين العمال والبورجوازية , التشوش التام لاحزاب البورجوازية الصغيرة , الاشتراكيون الثوريون والمناشفة , ومدى التذبذب المريع فى سياساتهم وفى مقاربتهم لمسالة سلطة الدولة بصفة عامة. يقدم لنا9-10 يونيو و18 يونيو نفس الصورة الطبقية تماما وإن بشكل مختلف.

ان مجرى الاحداث واضح بما يكفى:انه يظهرتنامى السخط الشعبى ونفاد الصبر والنقمة واستفحال شديد للصراع بين البروليتاريا والبورجوازية, خاصة من اجل تحقيق النفوذعلى جماهير البورجوازية الصغيرة. ويرتبط بهذا تطوران تاريخيان هامان للغاية اللذان جعلا الاشتراكيين الثوريين والمناشفة معتمدون على الكاديت المناهضون للثورة .هذان التطوران هما , اولا, تشكيل وزارة ائتلافية فى 6 مايوحيث تبين انهم عالة طفيليون على البورجوازية , متورطين بعقد صفقات واتفاقات مع الاخيرة مقدمين لهم آلاف "الخدمات", مؤخرين الاجراءات الثورية الاشد جوهرية مرة بعد اخرى, وثانيا,الهجوم على الجبهة. وقد تضمن الهجوم بشكل لاراد له العودة للحرب الامبريالية, وزيادة قصوى فى نفوذ,ووزن ودور البورجوازية , الشوفينية الاشد انتشارا بين الشعب , واخيرا وليس آخرا, انتقال السلطة- اولا السلطة العسكرية ثم سلطة الدولة بصفة عامة-الى الرتب العليا من ضباط الجيش المناهضين للثورة.

كان هذا هو مجرى الاحداث التاريخية فى الفترة بين 20-21 ابريل و3-4 يوليو الذى عمق وزاد حدة التناقضات الطبقية , والذى مكن البورجوازية المناهضة للثورة بعد 4 يوليو من ان تنجز ماظهر بغاية الوضوح فى20-21ابريل من انه برنامجهم وتاكتكيهم , هدفهم المباشر وطرائقهم "النظيفة" التى كان لها ان تؤدى لتحقيق هذا الهدف.


لايمكن لشئ ان يكون اكثر خلوا من المغزى من الناحية التاريخية, اشد اثارة للشفقة من الناحية النظرية او اكثر سخفا من الناحية العملية من التعبير المبتذل (الذى ردد صداه عرضا ل.مارتوف كذلك)عن 4 يوليو, من ان البلاشفة قد"تسببوا" فى هزيمة انفسهم وقد ترتبت هذه الهزيمة على نزعتهم"المغامرة" الخاصة , و هكذا , وما الى ذلك. كل هذا العواء , كل هذه الجدالات التى انتهت الى انه"لم يكن يتعين علينا" ان نشترك ( فى محاولة اضفاء طابع"سلمى منظم" على الغضب والنقمة الشعبية الشرعية تماما!!) , هى اما ردة محضة , اذ تأتى من البلاشفة , او التعبير العادى عن الحالة المروعة والمشوشة للبورجوازية الصغيرة. فى الواقع الفعلى , فان حركة 3-4 يوليو قد نمت من حركة20-21 ابريل وماتلاها بشكل حتمى كما يعقب الصيف الربيع. لقد كان واجب الحزب البروليتارى المطلق ان يبقى مع الجماهير وان يحاول ان يضفى طابعا سلميا ومنظما على اعمالها المبررة بدلا من ان ينتحى جانبا ويغسل يديه مثل بنطس البيلاطى , بناء على الادعاء المتحذلق بان الجماهير لم تكن منظمةحتى اخررجل فيها ، وان حركتها قد ارتكبت احيانا بعض التجاوزات- وكأنه لم تكن هناك تجاوزات فى 20-21 ابريل,وكأنه قد وجدت فى التاريخ ابدا حركات شعبية ذات شان خالية من التجاوزات !

لقد حدثت هزيمة البلاشفة بعد 4 يوليو بشكل محتوم تاريخيا ترتيبا على مجرى الاحداث السابق لانه فى 20-21 ابريل لم تكن البورجوازية الصغيرة وقادتها , الاشتراكيون الثوريون والمناشفة مرتبطون بالهجوم ولم يكونوا قد تورطوا بعد بصفقاتهم مع البورجوازية فى "الوزارة الائتلافية"بينما كانوا فى 4 يوليو وثيقى الارتباط ومتورطون ولم يكن امامهم سوى الانصياع للتعاون ( فى اتخاذ الاجراءات القمعية,فى حملات الافتراء,فى المجازر) مع الكاديت المناهضين للثورة.فى 4 يوليو انزلق الاشتراكيون والمناشفة الى الابد الى مستنقع الثورة المضادة , وقد كانوا ينزلقون نحوه بثبات خلال شهر مايو ويونيو بسبب دورهم فى الحكومة الائتلافية وموافقتهم على سياسة الهجوم.


قد يبدو اننا قد انحرفنا عن موضوعنا, وهو اغلاق جريدة البرافدا, وقمنا باجراء تقويم تاريخى لاحداث 4 يوليو .ولكن الامر يبدو من الظاهر هكذا , غير انه لايمكن فهم اى من الحدثين الا فى ارتباطه بالآخر. لقد رأينا انه لو نظرنا للأمر وصلته الداخلية بالاحداث , اى اغلاق البرافدا , ثم القيام بالاعتقالات واشكال الاضطهاد الاخرى للبلاشفة لرأينا انها جميعا ليست شيئا سوى تحقيق البرنامج الدائم للثورة المضادة ,والكاديت بصفة خاصة.

سوف يكون أمرا كاشفا للغاية ان نرى من نفذ بصفة خاصة هذا البرنامج وبأية وسائل؟

دعونا ننظر الى الحقائق.فى 2-3 يوليو كانت الحركة تنمو: كان الشعب يغلى غاضبا بسبب تراخى الحكومة, وارتفاع تكاليف المعيشة والاضطراب الاقتصادى والهجوم.انسحب الكاديت , لاعبين لعبة التراجع مقدمين انذارا للاشتراكيين الثوريين والمناشفة, تاركينهم, مربوطين بالسلطة ولكن بغير سلطة , جاعلينهم يسددون ثمن هزيمة الشعب ونقمته.

حاول البلاشفة فى 2-3 يوليو ان يكبحوا الجماهير عن الحركة . وقد اعترف بذلك حتى شاهد عيان من جريدة دييلونارودا التى قدمت تقريرا عما حدث فى فوج جريناديير فى 2 يوليو.فاضت الحركة فى مساء 3 يوليو, وصاغ البلاشفة نداءً مؤكدين على ضرورة ان تكون الحركة"سلمية ومنظمة".فى 4 يوليو زادت الطلقات المستفزة من اليمين عدد الضحايا من كلا الجانبين .وينبغى ان نشير الى أن وعد اللجنة التنفيذية بتقصى الحوادث , وإصدار نشرتين يوميا , الخ الخ , قد ظل وعدا فارغا! لم يفعل الاشتراكيون الثوريون شيئا ما,انهم لم يطبعوا حتى قائمة كاملة بأسماء الموتى من الجانبين!!

صاغ البلاشفة فى ليلة 4 يوليو نداءً لوقف الحركة وطبعته جريدة البرافدا فى نفس الليلة. ولكن فى نفس هذه الليلة , اولا, بدأت قوى الثورة المضادة فى الوصول الى بتروجراد (من الواضح ان ذلك تم بناء على إستدعاء او إقرار الاشتراكيين الثوريين والمناشفة , وسوفييتاتهم- وهى مسألة"دقيقة" جرى بالطبع التزام أشد الصمت نحوها حتى الآن مع أن اى قدر من السرية بات أمرا ماضيا!) ثانيا , فى نفس هذه الليلة قام الكاديت العسكريون وأشباههم,ومن الواضح انهم كانوا يتحركون بناء على تعليمات بولوفيتسييف , وبأمر منه , وكذلك من هيئة الأركان , بهجمات على البلاشفة. وفى ليلة4-5 يوليوحدث هجوم على مكاتب البرافدا. وجرى تحطيم مطبعتها"ترود" فى 5-6 يوليو, واغتيل عامل اسمه فوينوف فى ساطعة النهار لانه كان يحمل جريدة ليستوك برافدى من المطبعة , كما جرى اقتحام المنازل والإعتقالات وسط البلاشفة ونزع سلاح الفيالق الثورية.

من الذى بدأ هذا كله؟لا الحكومة ولاالسوفيتتات,ولكن العصابة العسكرية المناهضة للثورة التى تلتف حول هيئة الاركان والتى تتصرف تحت اسم "المخابرات المضادة" مروجة اكاذيب بيريفيرزييف والكسينسكى من اجل استفزاز الجيش , وما الى ذلك.

الحكومة غائبة. وايضا السوفيتيات , وهم يرتعشون خوفا على مصيرهم فهم يتلقون رسائل متلاحقة بأن القوزاق قد يأتون ويحطمونهم . وبدأت صحافة المائة السود والكاديت , التى قادت عملية مطاردة البلاشفة , فى مطاردة السوفيتيات.

لقد قيد الاشتراكيون الثوريون والمناشفة انفسهم تماما بسبب كامل سياساتهم . ولأنهم مقيدون , فقد إستدعوا (او احتملوا أن تستدعى ) القوات المناهضة للثورة الى بتروجراد. وقد قيدهم ذلك أكثر. لقد غرقوا فى أدنى مستنقع قذر الثورة المضادة . وصرفوا بجبن لجنتهم الخاصة , التى كانوا قد عينوها للتحقيق فى"قضية" البلاشفة.و لقد خانوا البلاشفة بصفة اساسية لصالح المناهضين للثورة . و شاركوا بخساسة فى مراسم جنازة القوزاق الذين قتلوا , وبهذا تزلفوا للثورة المضادة.

انهم مقيدون تماما.انهم فى قاع المستنقع.

انهم يجربون هذا وذاك وشيئا آخر,فهم يعطون كيرينسكى الوزارة , ويذهبون الى كانوسسا الى الكاديت , وينظمون"زيمسكى سوبور" او"تتويجا"للحكومة المناهضة للثورة فى موسكو (7).كيرنسكى يقيل بولوفتسييف.

ولكن لاشئ يتأتى من كل هذه الجهود. فهى لم تغير باى حال واقع الأحوال .أقال كيرينسكى بولوفتسييف, ولكنه فى نفس الوقت يجسد ويضفى شرعية على اجراءات وسياسات بولوفتسييف , فهو يغلق البرافدا , يطبق عقوبة الاعدام على الجنود , يحظر الاجتماعات على الجبهة , ويواصل اعتقال البلاشفة ( حتى كولنتاى!) تطبيقا لبرنامج ألكسينسكى.

إن "طبيعة الدستور فى روسيا" تتجلى بوضوح صارخ : الهجوم على الجبهة والائتلاف مع الكاديت فى المؤخرة قد ألقيا الاشتراكيين الثوريين والمناشفة فى مستنقع الثورة المضادة. فى الواقع , فان سلطة الدولة تنتقل الى ايدى المناهضين للثورة, العصابة العسكرية.ان كيرنسكى وحكومة تسيريتلى وتشيرنوف هم مجرد ستار لها. فهم مضطرون لاضفاء الشرعية على اجراءاتها , وأفعالها وسياساتها بعد حدوثها.

ان المساومات الدائرة بين الكاديت وكيرينسكى , تسريتيلى وتشيرنوف ذات اهمية ثانوية , ان لم تكن بلا أهمية اطلاقا . وسواء كسب الكاديت فى هذه المساومة , أو صمد تسيريتلى وتشيرنوف "وحدهما" فلن يكون لهذا أثر على واقع الاوضاع الفعلية.الحقيقة الاساسية الواضحة هى ان الاشتراكيين الثوريين والمناشفة قد تأرجحوا باتجاه المناهضين للثورة (تأرجحا فرضته السياسة التى تابعوها منذ 6 مايو).

ان دورة التطور الحزبى قد اكتملت.لقد إنزلق الاشتراكيون الثوريون والمناشفة بثبات نحو القاع - بدءا من تعبيرهم عن" الثقة " فى كيرنسكى فى28 فبراير حتى 6 مايو الذى ربطهم بمناهضى الثورة , حتى 5 يوليو , حين بلغوا القاع .

اننا نصل الى مرحلة جديدة. ان انتصار المناهضين للثورة قد خيب أمل الشعب فى حزبى الاشتراكيين الثوريين والمناشفة وهذا يمهد الطريق للجماهير حتى تتبنى سياسة دعم البروليتاريا الثورية.

**********








(1) هذه الكلمات الاربعة كتبها لينين باللغة الانجليزية-المحرر- لينين.

(2) طبع مقال "الاوهام الدستورية" أولا فى جريدة رابوتشى اى سولدات فى 1917 وبعد ذلك ظهر فى كراس تحت عنوان "الوضع الراهن". لتفادى اضطهاد الجريدة ولضمان سرية استعدادات البلاشفة للانتفاضة المسلحة , احل الناشرون عبارة"بما فيها الاشكال الصعبة"محل"بما فيها النضال المسلح".
(3) يشير لينين هنا الى برلمان فرانكفورت , وهو جمعية وطنية عقدت فى مايو 1848 , بعد ثورة مارس . وقد كانت أغلبيتها تنتمى الى البورجوازية الليبرالية , وقد انخرطت فى مناقشات عقيمة حول مسودة دستور ,تاركة السلطة بين ايدى الملك.
(4) الاحالة الى كارل ماركس , كتابه الثامن عشر من بروميير , لويس بونابرت (كارل ماركس وفريدريك انجلز, المختارات , المجلد الاول , موسكو,1973 ص394-487 ).

(5) انظر كارل ماركس , الثامن عشر من بروميير , لويس بونابرت (كارل ماركس وفردريك انجلز, المختارات , المجلد الاول , موسكو ,1973 ,ص480)
(6) انظر فريدريك انجلز , حرب الفلاحين فى المانيا , موسكو,1965 .

(7) الاشارة هنا الى مؤتمر الدولة الذى أعدت له الحكومة المؤقتة.لقد دعى له فى موسكو فى 12 اغسطس(25 ) , 1917 و كان معظم المندوبين من ملاك الارض , واعضاء فى الطبقة البورجوازية , وجنرالات , وضباط , وقادة القوزاق . وكان الوفد السوفييتى مكونا من المناشفة والاشتراكيين الثوريين . وكان متوقعا للمؤتمر ان يحشدالقوى المناهضة للثورة من البورجوازية وملاك الارض لهزيمة الثورة . وضع كل من كورنيلوف , الكسييف , كاليدين وآخرين برنامجا لتحطيم الثورة. وهدد كيرنسكى فى خطابه بأن يقمع الحركة الثورية وان يمنع الفلاحين من الاستيلاء على الملكيات العقارية . دعت اللجنة المركزية للحزب البلشفى الطبقة العاملة لأن تنضم فى عمل احتجاجى ضد المؤتمر.نظم البلاشفة يوم افتتاح المؤتمر اضرابا عاما ليوم واحد فى موسكو شمل اكثر من 400,000ألف مضرب من الشعب. وعقدت اجتماعات احتجاجية واضرابات فى عدة مدن اخرى.


*******

مصدر المقال: لينين,الاعمال الكاملة, دار التقدم ,1977,موسكو,المجلد 25, ص ص 196- 210 . (الانجليزية)



#سعيد_العليمى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اجهزة القمع وبعض اساليبها فى مناهضة الثورة - ف . لينين
- لمحة عن المفهوم الماركسى للدستور
- قوة القانون : - الاساس الخفى للسلطة -
- امام القانون -- قصة قصيرة
- دون كيشوتيوا الثورة والعاصفة الثورية المقبلة
- المسيحية والاشتراكية
- المادية التاريخية والممارسة الانسانية
- النظرية الماركسية حول الدولة والقانون
- النظريات الماركسية المعاصرة حول القانون والدولة والايديولوجي ...
- سيمياء الخطاب القانونى السلطوى
- جذور الراديكالية الدينية المعاصرة فى الفليبين
- الرؤية الفكرية فى مأساة الحلاج بين الصوفية والثورة
- العرق اليهودى بين الاسطورة التاريخية والمنهج العلمى


المزيد.....




- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...


المزيد.....

- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين
- ثلاثة مفاهيم للثورة / ليون تروتسكي
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج / محمد عادل زكى
- تحديث.تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ
- تقرير الوفد السيبيري(1903) ليون تروتسكى / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - سعيد العليمى - الأوهام الدستورية - فلاديمير لينين