أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد العليمى - امام القانون -- قصة قصيرة














المزيد.....

امام القانون -- قصة قصيرة


سعيد العليمى

الحوار المتمدن-العدد: 3671 - 2012 / 3 / 18 - 15:50
المحور: الادب والفن
    


امام القانون
فرانز كافكا



أمام باب القانون يقف حارس . يأتى إلى هذا الحارس رجل من الريف ويتوسل إليه طالباً الدخول إلى القانون. ولكن الحارس يقول له إنه لا يستطيع أن يأذن له بالدخول فى الوقت الحاضر . ينعم الرجل التفكير ثم يسأل عما إذا كان سيصرح له بالدخول فيما بعد . يقول الحارس ، (( هذا أمر محتمل ، ولكن ليس فى الوقت الحاضر )). إذ يظل الباب مفتوحاً كالعادة ، ويتنحى الحارس جانباً ، ينحنى الرجل محدقاً عبر المدخل إلى الداخل . عندما يلاحظ الحارس ذلك ينفجر ضاحكاً ويقول : ((إذا كنت منجذباً إليه إلى هذا الحد ما عليك إلى أن تحاول الدخول رغم اعتراضى . لكن لابد وأن تلاحظ : أننى جبار . غير أنى أقل الحراس جبروتاً . من قاعة إلى قاعة هناك حارس يلى الآخر ، وكل منهم أكثر جبروتاً من سابقة . أما الحارس الثالث فمريع بالفعل حتى أنا لا أستطيع احتمال النظر إليه )).

لم يكن الرجل الآتى من الريف يتوقع هذه المصاعب ، فهو يظن أن الوصول إلى القانون ينبغى أن يكون متاحاً بالتأكيد في كل الأزمنه ولمن أراد ، ولكن عندما يلقى الآن نظرة فاحصة على الحارس في معطفه المصنوع من الفراء . وأنفه المدبب الضخم ، ولحيته التترية السوداء الخفيفة الطويلة ، يقرر أنه من الأفضل له أن ينتظر حتى يحصل على الإذن بالدخول . يعطيه الحارس مقعداً ويدعه يجلس جانب الباب . يجلس هناك لأيام وسنوات . ويقوم بعدة محاولات حتى يسمح له بالدخول إلى حد إرهاق الحارس بإلحافه . أما الحارس فمراراً ما تحاور معه حوارات قليلة ، متسائلاًعن موطنه ، وأشياء أخرى كثيرة ، ولكنه طرح الأسئلة بغير مبالاة ، بنفس الطريقة التى يطرح بها السادة الكبار الأسئلة ، ودائماً ما ينتهى ببيان أنه لا يستطيع أن يسمح له بالدخول بعد .

ضحى الرجل الذى كان قد تزود بأشياء كثيرة من أجل رحلته ، بكل ما لديه ، مهما غلت قيمته ، حتى يرشو الحارس . يقبل الحارس كل شيئ ، غير أنه يُرفق قبوله دائماً بملاحظة : (( اننى آخذها منك حتى لا تظن أنك قد ادخرت وسعاً )) وهو يركز انتباهه دائماً خلال كل هذه السنوات تقريباً على الحارس . كما ينسى الحراس الآخرين ، ويبدو الأول بالنسبة له العقبة الوحيدة التى تحول بينه وبين الوصول إلى القانون . وهو يلعن حظه السيئ ، وقد كان بفعل ذلك في سنواته الأولى بجسارة وبصوت مرتفع ، وحين شاخ فيما بعد ، بات يتذمر بينه وبين نفسه . يصبح طفولياً في تصرفه ، وإذ يتأمل الحارس طوال العام فقد صار يعرف حتى البراغيث في ياقه معطفه المصنوع من الفرو ، وبات يتوسل إلى البراغيث كذلك حتى تعاونه فى تغيير رأى الحارس . يبدأ نظره في الضعف بمرور الوقت ، وهو لا يعرف ما إذا كان العالم يظلم بالفعل أم أن عينيه تخدعانه فحسب . ورغم الظلام فهو واع بذلك الإشعاع الذى يتدفق بقوة من بوابه القانون . لم يعد في حياته متسع طويل قبل أن يموت ، وتتجمع كل تجارب هذه السنوات الممتدة في رأسه ، وتتركز حول مسألة واحدة ، حول سؤال لم يسأله للحارس بعد . يُلوحُ له أن يأتى بقربه ، ما دام لم يعد بمستطاعه أن ينصب جسده المتيبس . كان على الحارس أن ينحني نحوه ، لأن الفارق في طولهما قد تغير كثيراً لغير صالح الرجل . يسأل الحارس : (( ماذا تريد أن تعرف الآن ) )أنت نهم لا تشبع )) . يقول الرجل (( كل امرئ يجاهد حتى يصل إلى القانون ، فكيف حدث أن خلال كل هذه السنوات العديدة لم يتوسل أحد للدخول إليه أبداً سواي ؟)) يدرك الحارس أن نهاية الرجل قد حانت ، وحتى يجعل حواسه الذاوية تلتقط الكلمات ، صاح في أذنه بأعلى صوته : (( ما من أحد آخر يمكن أن يسمح له أبداً بالدخول هنا ، مادام هذا الباب قد صنع خصيصاً لك ، ولسوف أغلقه الآن )).



#سعيد_العليمى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دون كيشوتيوا الثورة والعاصفة الثورية المقبلة
- المسيحية والاشتراكية
- المادية التاريخية والممارسة الانسانية
- النظرية الماركسية حول الدولة والقانون
- النظريات الماركسية المعاصرة حول القانون والدولة والايديولوجي ...
- سيمياء الخطاب القانونى السلطوى
- جذور الراديكالية الدينية المعاصرة فى الفليبين
- الرؤية الفكرية فى مأساة الحلاج بين الصوفية والثورة
- العرق اليهودى بين الاسطورة التاريخية والمنهج العلمى


المزيد.....




- بيت المدى يستذكر الشاعر القتيل محمود البريكان
- -سرقتُ منهم كل أسرارهم-.. كتاب يكشف خفايا 20 مخرجاً عالمياً ...
- الرئيس يستقبل رئيس مكتب الممثلية الكندية لدى فلسطين
- كتاب -عربية القرآن-: منهج جديد لتعليم اللغة العربية عبر النص ...
- حين تثور السينما.. السياسة العربية بعدسة 4 مخرجين
- إبراهيم نصر الله يفوز بجائزة نيستاد العالمية للأدب
- وفاة الممثل المغربي عبد القادر مطاع عن سن ناهزت 85 سنة
- الرئيس الإسرائيلي لنائب ترامب: يجب أن نقدم الأمل للمنطقة ولإ ...
- إسبانيا تصدر طابعًا بريديًا تكريمًا لأول مصارع ثيران عربي في ...
- حين تثور السينما.. السياسة العربية بعدسة 4 مخرجين


المزيد.....

- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور
- الذين لا يحتفلون كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد العليمى - امام القانون -- قصة قصيرة