هل نختزل الفجوة بين البصرة واربيل ؟

صادق جعفر العلي

الحوار المتمدن-العدد: 3674 - 2012 / 3 / 21 - 14:22
المحور: الصناعة والزراعة
    

من يزور محافظة اربيل في كردستان العراق او (هاولير) كما يسميها إخوتنا الكرد ، وينشر كشافاته على طول امتداد المدينة ، تعتورة الرعشة ، ويتحسس غصته وهو يستحضر مدينة الشط والنخل والهور ، البصرة التي تمتلك كل مقومات الجمال .. نعم يتعجب وينبهر ، ويبقى فاغر الفم ، وهو يؤكد أن مدينة كأربيل خرجت من معطف العراق لتصبح شكلا آخر ، وحالة ثانية ، ووصفا جديدا .. مدينة حالمة تزاحم من يحلم بالتطور والجمال . أما عن كل التداخلات والمداخلات والأسئلة والأسباب ومسبباتها وغيرها مما طرحته وأنا أتجول في شوارع هذه المدينة ، وعن اختلافها الكلي عن البصرة ، فحسمته بجواب واحد هو (الاستثمار) نعم الاستثمار الذي يقلل حيرة أجوبتنا ، ويختزل الهوة بيننا والعالم الآخر .. ولكن هذا الاستثمار يجب أن يكون استثمارا شجاعا ينعزل كليا عن الدائرة البيروقراطية والشكلية والروتينية التي تجعل مشاريعنا مشاريعا سلحفاتية بطيئة تتناسب وحجم خطواتنا الوئيدة .
واعتقد هنا أن لقائي الأخير بالسيد محافظ البصرة جعلني اطمئن من أن الرجل يعمل جاهدا على تذليل منغصات ومعرقلات الاستثمار ، لاسيما وان تجربته غنية كما قال هو في رصد حالات الاستثمار في دول زارها وعاش فيها .. وهو الذي أفصح لنا عن أمور إدارية تحول دون سرعة انجاز المشاريع إن لم نقل تسوفها او تلغيها !! . وعليه نقول هنا إننا ليس مع الاستثمار ككلمة وحالة تقليدية ، بل إننا مع عملية (الاستثمار الشجاع) الذي يخلف كل متعلقاته وإدارياته خلف ظهره ، ويشق عباب المستحيل من دون أن يلتفت إلى الحلقات البيروقراطية والروتينية الضيقة ، التي جعلتنا في مربعنا الأول .. ولكنني لا أقول هنا من أننا ننحي الجوانب الإدارية او نجتازها ، لاسيما ونحن نعلم أن نجاح المشاريع يكمن بإداراتها الناجحة .. ولكننا مع أن تكون تلك الإدارات إدارات واعية عاملة سريعة ، تجتاز أعتاب التكرار والفتور وتخطو خطوات استثنائية حاسمة باتجاه تحصيل المنجزات .
لا بأس أن نذّكر هنا إلى أن للخبرات أثرها ودورها الذهبي في أغناء تجربة المدن والدول المتقدمة والحية ، وان بصرتنا المبدعة عامرة زاخرة بمثل هذه الخبرات والعقول ، التي لو استقطبت بموضوعية وحياد لقصّرت من فجوة الزمن وأشوط مسافاته ، وقربت لنا الوصول نحو أعتاب ومقتربات ما نطمح .. نعم نحن نؤكد على اليد الأخرى التي تشارك اليد الأولى ، ونحن هنا لا ننتظر تصفيق اليد قبل اكتمال المنجز، بل ننتظر اكتمال ذلك المنجز لنهم بالتصفيق ، ونجعل اليد الأولى تلامس أختها .
أستطيع أن أقول بحسرة : إن الشط والنخل والهور ، والبحر والصحراء والنهر ، جميعها مقومات داعمة لأي مشروع استثماري ، وهي ما تتفرد به هذه المحافظة دون غيرها محافظات عراقنا العزيز ، نعم ، يوجد الجبل في اربيل ، ولكن لا يوجد بحر او نخل او هور او ... اعتقد أننا نمسك بخيوط متينة تقودنا إلى مشاريع عملاقة ، ولكن العصافير التي ارتبطت بهذه الخيوط نشيطة وسريعة الطيران وبعيدة التحليق ، مما يجعلنا نفقد دائما بدايات تلك الخيوط ونتحسر على ذلك العنان الذي يضم تلك العصافير .

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات