أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - همسات نورانية















المزيد.....

همسات نورانية


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3673 - 2012 / 3 / 20 - 22:08
المحور: الادب والفن
    


همسات نورانية
1
في كل يوم يكبر الفقد في قلبي
أبحث عنك يا أمي في كل زاوية صغيرة في قلبي
أفتش عن ذكريات لنا هنا أو هناك
أنتظر أن يرن الهاتف كل صباح ليوقظني على صوتك
لكنه لا يجيب ..
وأبقى أجرُّ النهار الثقيل جراً حتى
يأتيني المساء فأنتظرك في الحلم
لكن الحلم يا أمي يبقى فيه شيئ لا أفهمه
فهل فسرتيه لي يا أم
هل فسرتي لي سرُّ هذا الغياب ؟
أشتاقك


2
لو انتظرت قليلاً يا أمي
هناك بقايا حديث على شفتي لم أكمله بعد
وفنجان قهوتك لا تزال الأبخرة تتصاعد منه
قهوتك حلوة أليس كذلك ..؟
كنت تقولين لي قهوة الصباح يجب أن تكون حلوة يا ميساء
أما قهوة العصر فتلك اشربيها مرّة كما تشائين
ولكني كنت أشربها مرّة صباح مساء !
هل تعطيني بعض السكر يا أمي ..
لأسحق هذا المرار
لأذيب هذا المرار
علّه يتبخر من أفقي مع الأبخرة الصاعدة من فنجانك
هذه الحياة باردة جداّ ليس فيها دفء حبك
ليس فيها دفء حضنك
خالية من أحاديث الصباح وخالية من صباح الخير يا أمي
التي اعتدت أن أبدأ صباحاتي فيها
ومع ذلك صباح الخير يا أمي
اعذريني
اعذريني يا أم فلا يكون الصباح صباحاً دون أن تترأسي عناوينه .

3
تعب قلبي من فرط البكاء يا أمي
ولا أريد أن أقض مضجع روحك الطاهرة
لا أريد أن أؤرقك أكثر
لكني يا أم لولا أنني أرتدي حالة الحداد
لولا أن الحزن يلبسني كجورب ضيق
لكنت خلعت عني ثوب الحداد
لأريك يا أم طعناتهم على جسدي
مزقوا قلبي يا أم
مزقوا قلبي
ودماء قلبي تسيل تحت ثوب الحداد
دموع عيني تفضح بكائي أحياناً
وأحياناً أدفنها في قلبي
لكنها تنفض الكفن وتخرج إليَّ تبكي طعناتهم
ماذا أفعل بهم يا أم
كيف أرد طعناتهم وسيوف غدرهم عن قلبي
قولي يا أمي كيف أرد هذا الكيد .


4
هل الخيانة حلوة المذاق إلى هذا الحد يا أمي الذي فيه البعض يدمنون ؟
أسئلة تجول في خاطري وتمزق أفقي يا أمي
وهم كما هم
في غيّهم يعمهون
في سكرتهم يغرقون
في مديِّ جبروتهم وغلّهم يمزقون أفقي
ولا يتوبون يا أم
إنهم لا يتوبون . .

5
عام جديد يا أمي يهلُّ علينا
وأنا أقبع هنا في ظلام الأمس
أجراس تُقرع في الخارج .. وصخب شديد
وأنا سكون الوحدة يلفني .
بالأمس طالعني وجه أبي
كان بودي أن أرتمي في حضنه كطفلة صغيرة
وأتدلل عليه وأقول له تمنياتي للعام الجديد
لكن حتى الطفلة التي في داخلي غادرتني ..
غادرت برحيلكما
لذلك أنا وحدي يا أمي
العام الجديد يفتح عليَّ الباب ويدخل
وأنا كما أنا لا أسعى لاستقباله
قديمي هو جديدي يا أمي
وهي أيام ..
باردة .. كئيبة .. فارغة ..
حتى معايدتك لم تصلني لهذا العام
قديمي هو جديدي
لا عام يحلو لي من دونكما
لا عام جديد ولا قديم يا أمي



6

تمرُّ النهارات بطيئة جداً في انتظار الليل
وأنا فيما مضى كنت أكره الليل
كان الليل يخيفني .. ويشعرني بالوحدة
وكان الصباح يحمل صوتك أذاناً لأول النهار
كنت أغتسل من همومي
وأطرح كل ما يؤرقني
على مسمعك
وتعود دماء الحياة تسري في عروقي
أما اليوم فصوتك غائب
وحديثك غائب
والنهارات طويلة ..
مملة ..
حزينة ..
وأنا وحيدة ..
أقلب صفحات النهارات
لا لشيء
لا أنتظر شيئاً
قد أكون أنتظر نهاراً يحمل صوتك
يغسلني من همومي
ويحررني من أرقي
وينشر لي شمساً حانية تجفف كل ألمي
لذلك أنا أقلب هذه النهارات
وأنتظر الليل .. حتى تأتيني في المنام
ويبقى هو أملي الآن
أنتظرك اليوم ..
الليلة ..
أن تأتي في المنام
أمي
عليك وعلى أبي السلام


7
ماما
مشتاقة أقول ماما
مشتاقة أنادي ماما
مشتاقة أحكي وأقول وأفضفض وأشتكي وأبكي وأتذمر .
مشتاقة أعود لطبيعتي
كم هو صعب التأقلم مع هذه الحياة من دونك ؟
كم هو صعب ؟
صعب جداً يا أم .. صعب جداً .
وهذا الذي يعرف " بالتعود " و" الاعتياد " أنا لم أفهمه ..
ولم أعتاد عليه بعد .
هل هيئ إليك أني نسيتك !
لا يا ماما أنا ما نسيتك .. أنا ما نسيت ..
لكنّي أعيش داخل دوامة كبيرة
بين مدّ وجزر ..
رياح عاصفة تمرُّ في أفقي فتعصف بكل شيء ..
بعدها قد تصفو الحياة وقد لا تصفو
وأبقى من مكتئبة إلى ضجرة إلى وحيدة
أهرع إلى الهاتف .. أكلم الجميع ..
فأشعر بعدها بفراغ كبير ..
أشعر بمعنى الفقد الحقيقي .
تعبت يا أم .. تعبت من فقدك ..
كل يوم أشعر أنك استعجلت الرحيل
استعجلت الرحيل يا ماما
استعجلت الرحيل .

8
كل شيء توقف برحيلك يا أم .
كل شيء توقف ..
حتى عقارب الساعة أصبحت تدور بلا وعيٍّ منها ..
تقفز هنا .. تقفز هناك ..
لكن كل شيء على حاله .
من يدفعني للأمام ..
من يدفعني يا أم للأمام ..
قلبي تجمد ..
القلوب جميعها من حولي تجمدت ..
القلوب قد تكون تصحرت ..
أو تحجرت ..
أو توقفت ..
القلوب لم تعد تقفز كعقارب الوقت ..
كل شيء يقفز ويدور إلا هذه القلوب ..
أصبحت تماثيلَ من لحم !
كلها تنظر إلى الأفق ..
تنتظر شيئاً ما ..
شيئاً يُدب الحراك في هذه القلوب المتجمدة .
أمي
هل تستطيعين العودة ؟
هل تعودين لبعض الوقت ؟
من غيرك يرمم هذا الخراب ..
من غيرك يرأب هذا الصدع ..
ويجبر هذا الكسر ..
ويذيب هذا التجمد ..
ويزرع هذا التصحر ..
ويكسر قوالب الحجر ..
من غيرك يبعث الحياة فينا ..
وفي قلوبنا التي أصابها التجمد ..
كم خسرناك يا أم ..
كم خسرناك ..
كم خسرناك .

_9_
عيد أم دون أمي
اعتذر من كل قلب حطمته دون أن أدري
أعتذر حين كنت أحتفي بك عن غير قصد
كنت بعيدة عني
وكان يمزقني الشوق
وكانت الكلمات تسكّن وجعي
كنت أقذفها يميناً ويساراً كحبات المطر
وكانت تنام على كفي دموعهم دون أن أدري
وأعتذر وأعتذر وأعتذر
وأقول أمي بعيدة وقلبي لا يرحم
اليوم أنا أفهم .. اليوم فقط أنا أفهم
أنَّ جميع عبارات الاعتذار كانت لا تكفي
وأن يوم واحد من دون أمي هو الجحيم
فكيف كنت أعيش في الجنة ولا أدري
أو كنت أدري ..
أمي .. ما أقساه من يوم على قلبي .
ما أقساه من يوم على قلبي
خانتني العبرات فلم أعد أرى أمامي
سأعود يا أمي
سأعود لأرسل إليك وحدك الكلمات
من قلبي إليك مباشرة
وسأغمض عيون الآخرين
لا أريد دموعاً من أحد
أفيض أنهاراً من الحزن والشوق
ما أقساه من يوم يا أمي .



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليل وعسكر
- اعشق البحر
- غصة أسمها أنتَ .
- كالحلم
- سوزان .. سنبلة آذار .
- يدك التي تكتبني
- حماقات صغيرة
- إلى متى حبيبي ؟
- ورطة
- رسائل إلى أمي .. الرسالة السابعة والأخيرة .
- رسائل إلى أمي .. الرسالة السادسة .
- رسائل إلى أمي .. الرسالة الخامسة .
- رسائل إلى أمي .. الرسالة الرابعة .
- رسائل إلى أمي .. الرسالة الثالثة .
- رسائل إلى أمي .. الرسالة الثانية .
- رسائل إلى أمي
- دينا عروس تشرين
- فداء .. عصفورة كانون .
- هل كنتَ رقماً ؟
- -هنا أو هناك أو شرق المتوسط مرة أخرى -


المزيد.....




- روسيا.. جمهورية القرم تخطط لتدشين أكبر استوديو سينمائي في جن ...
- من معالم القدس.. تعرّف على مقام رابعة العدوية
- القضاء العراقي يوقف عرض مسلسل -عالم الست وهيبة- المثير للجدل ...
- “اعتمد رسميا”… جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024/1445 للش ...
- كونشيرتو الكَمان لمَندِلسون الذي ألهَم الرَحابِنة
- التهافت على الضلال
- -أشقر وشعره كيرلي وحلو-..مشهد من مسلسل مصري يثير الغضب بمواق ...
- الإيطالي جوسيبي كونتي يدعو إلى وقف إطلاق النار في كل مكان في ...
- جوامع العراق ومساجده التاريخية.. صروح علمية ومراكز إشعاع حضا ...
- مصر.. الفنان أحمد حلمي يكشف معلومات عن الراحل علاء ولي الدين ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - همسات نورانية