أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - رسائل إلى أمي .. الرسالة الخامسة .














المزيد.....

رسائل إلى أمي .. الرسالة الخامسة .


ميساء البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 3636 - 2012 / 2 / 12 - 13:09
المحور: الادب والفن
    



صباح الخير يا أمي .. الخير الذي أرجوه لك .. الذي أتمناه لك .. الذي أحلم أن يعم عليك وعلينا جميعاً ونغرق في خيره الوفير ..
ولكن متى .. لا أعلم ؟
لم أكتب إليك منذ مدة طويلة .. ليس لأنني لا سمح الله أغفلت ذلك فأنت في قلبي وعقلي ووجداني حتى أنك أقرب إليَّ من حواسي الخمس .. ولكن لأنني أعلم تمام العلم أنك تميزين نبرة صوتي حين تكون متهدجة من الأرق .. وملامح وجهي حين تكون مبعثرة من التعب .. وأنا لا أريد أن أزيد من قلقك .. لا أريد أن أدخلك في عاصفة هوجاء من الأسئلة التي لا أملك عليها أية إجابة ..
ومع ذلك فأنا بخير يا أمي .
الغبار تملأ الأفق .. تتطاير بشراسة من حولي .. كأنها تصرُّ على محو خطواتنا المنثورة منذ دهر بعيد على أرصفة الشتات .. كأنها تحاول طمس ملامحنا المتعبة حتى لا يقرأ العالم سر هذا الهلاك الذي نذوب في شرنقته ولا نتحرر من خيوطه العنكبوتية التي تلتف حول رقابنا منذ تلك النكبة وما تلاها من نكبات أغفل التاريخ تسجيلها لتواطؤ منه معها ربما !
وربما نحن فعلاً أصبحنا على هامش هذا الزمان وحكاياتنا ما عادت من الأهمية لتسطر في كتب ودواين هذا الوقت .. ولا كي يتم تداولها في الصحف الرئيسة ونشرات الأخبار ..
لم أكن أحب أن نصبح نكرة يا أمي ..
لم أكن أحب أن نصبح غير مرئيين من العالم وصوتنا لم يعد يكترث أحد للملمة أصدائه المبعثرة من على أسطح الجوار ..
لم تعد ملامحنا السمراء .. ورائحة الياسمين التي تنام في ثيابنا .. وعبق الزعتر الذي يفوح من أنفاسنا ..
ما عادت تهم أحداً ..
وتلك التربة السمراء التي بقيت هناك تبكي أحبابها وفلذات أكبادها .. تبكي سواعدنا التي اشتاقت أن تداعب مهجة فؤادها .. تبكي قلوبنا التي كانت ترويها بدمع العين .. تبكي خطانا التي كانت تدغدغ الأرض تحت أقدامها فتتراقص الآمال في عيون الأطفال ويرسمون أحلاماً وردية في ليالي الشتاء ويقطفون عناقيد العنب قبل أوانه وينامون في حواكير المشمش حتى تتساقط على وجوههم من ثقل حبات الندى ..
أين نحن يا أمي من كل هذا ؟
أين نحن والذكريات تكبر في كل يوم فتبتلع جزءاً من الفؤاد .. وهذه الرياح الماكرة ما لها ولنا ؟
لماذا تحاول محو خطانا ووقع أقدامنا على أرصفة الشتات ..
لماذا تحاول محو سطور كتبناها بدمع العين وعرق الجسد ..
لماذا تحاول محو ملامح غزت وجنتيها التجاعيد وهي لا تزال تحمل حقائب العودة متجذرة على أرصفة الانتظار .. وقلب جاحد هناك يرفع بغطرسة المحتل في وجوهنا لا بحجم الكون ؟
لا لعودة السواعد الفتية لتلك التربة السمراء ..
لا لعودتي إلى ذلك الحضن كي أقطف ياسمين الصباح بشقاوة الأطفال وأصنع من حباته عقداً جميلاً أهديه لمدرسة الألعاب التي أحبها وأشتاقها لغاية اللحظة ..
أين نحن يا أم من كل هذا .. وملامحي التي أدمنت البكاء .. وصوتي الذي يرتجف من حفيف الشجر .. وحلم بدأ يغيب من سمائي أمضيت عمراً أعدَّ له أجمل الألوان .. فجاءت هذه الرياح الغاضبة تريد بعثرة كل ألواني ..
تريد محو أحلامي ..
ماذا أفعل يا أم بهذه الرياح التي تنثر الغبار في سماء أحلامي ؟
دعواتك يا أمي بمطر وفير .. بمطر غزير .. يغسل حقد هذه الرياح .. ويضيء الشمس من جديد في فضاء حياتي .



#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسائل إلى أمي .. الرسالة الرابعة .
- رسائل إلى أمي .. الرسالة الثالثة .
- رسائل إلى أمي .. الرسالة الثانية .
- رسائل إلى أمي
- دينا عروس تشرين
- فداء .. عصفورة كانون .
- هل كنتَ رقماً ؟
- -هنا أو هناك أو شرق المتوسط مرة أخرى -


المزيد.....




- باريس تودّع كلوديا كاردينال... تكريم مهيب لنجمة السينما الإي ...
- آخر -ضارب للكتّان- يحافظ في أيرلندا على تقليد نسيجي يعود إلى ...
- آلة السانتور الموسيقية الكشميرية تتحدى خطر الاندثار
- ترامب يعلن تفاصيل خطة -حكم غزة- ونتنياهو يوافق..ما مصير المق ...
- دُمُوعٌ لَمْ يُجَفِّفْهَا اَلزَّمَنْ
- جون طلب من جاره خفض صوت الموسيقى – فتعرّض لتهديد بالقتل بسكي ...
- أخطاء ترجمة غيّرت العالم: من النووي إلى -أعضاء بولندا الحساس ...
- -جيهان-.. رواية جديدة للكاتب عزام توفيق أبو السعود
- ترامب ونتنياهو.. مسرحية السلام أم هندسة الانتصار في غزة؟
- روبرت ريدفورد وهوليوود.. بَين سِحر الأداء وصِدق الرِسالة


المزيد.....

- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ميساء البشيتي - رسائل إلى أمي .. الرسالة الخامسة .