أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قرافلي - احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 6) د- أطباء الحضارة والتمرد على التأصيل وخصوصية الحلم الحضاري














المزيد.....

احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 6) د- أطباء الحضارة والتمرد على التأصيل وخصوصية الحلم الحضاري


محمد قرافلي

الحوار المتمدن-العدد: 3671 - 2012 / 3 / 18 - 23:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د- أطباء الحضارة والتمرد على التأصيل وخصوصية الحلم
لم تتوقف عمليات التشخيص عند هذا الحد، لان الحدث جلل والمصاب أعظم، ولا يتعلق بمصير فرد أو جماعة، بل يختزل مصير امة وهويتها وتاريخها وتراثها، ويعكس انتظارات أبنائها التي تتزايد يوما بعد يوم ويرتفع سهم طلباتهم ويتسع حيز انتظاراتهم وفق منطق السوق وشراسة التنافسية المحمومة من حولهم في كل شئ، وحول كل شئ، حول التراب والحجر، حول الهواء والماء، حول البر والبحر، حول الشمس ومداراتها.....، وعلى مستوى أنماط العيش والرؤى للكون وللعالم وللحياة تماشيا مع متطلبات اليومي وتحدياته ورهاناته، الأمر الذي دفع بأطباء الحضارة على التناوب في الرصد والمعاينة، كلما خرج فريق للاستراحة واسترجاع النفس عوضه فريق آخر( إلى حد شبه البعض المشهد بلعبة كرة القدم، وبحلم الظفر بكاس العالم، بحيث كل طبيب فريق يأتي واعدا بحلمه ثم ما يلبث أن يمضي خائبا ومخيبا ويستمر الحلم وتستمر الخيبة ويستمر انتظار الحلم......) أشد حيوية وطراوة يجب(بفتح الياء وضم الجيم) ما قبله ويقطع معه ويتمرد عليه أحيانا، ويعيد نسخ وتحوير منجزاته أحيانا أخرى.
هكذا استولى اليأس على بعضهم وانتهى تشخيصهم إلى أن بذور الاحتضار قد تجذرت في جسد الحضارة وان فرص العودة تكاد تكون منعدمة، بيد أن تقبل تلك الحقيقة يتنافى مع أخلاقيات الطب أولا، تم لا تستسيغه الذات ثانيا مادام كل طبيب لا يرضى أن يخرج من غرفة العمليات خائبا، وثالثا فانه يعسر تجاوز الحتمية الاجتماعية والمحاكمة التاريخية، إذ سيسجل التاريخ تنكر جيل من أطباء الحضارة لروح أمهم وحلمها الحضاري وهي في أقسى اللحظات حرجا وفي أمس الحاجة إليهم. لذا لم يعد ثمة من حل سوى قراءة الفاتحة على روح الوالدة الطاهرة والدعاء لها والترحم عليها والبحث عن ثدي أم بديلة تطفح شبابا وعذرية وأنوثة واشد تحررا وتتحلى بروح الحداثة وتتقن فن العيش وتلهم النفوس والعقول وتخلصنا من ذكرى روح الوالدة ومن اسر تاريخها وماضيها.
يكمن الحل في الزواج بالمثال الذي يفرض ذاته والذي فرض علينا ذاته بالقوة في بادئ الأمر حينما اكتسحنا غازيا على ظهر دبابته وأزعج خيولنا وارهبها وكسر سيوفنا الخشبية وفض بكرة أرضنا وحملها وجعلها تبوح بخيراتها من ذهب اسود ومعادن وسرق ماءها وهواءها وسرق عنبها وحول أبناءها إلى عبيد وأسيادها إلى حراس وزبانية وفقهائها إلى دراويش ووعاظ وجواريها إلى محظيات وراقصات.... وروح ثقافتها إلى فولكلور ومتاحف للتحنيط وحلمها إلى حنين لألف وليلة ..... وفرض علينا ثانية ذاته بسلطان العلم والتقنية بعدما وفر ما يكفي من الغنيمة وكل ما تحتاجه عجلة التقنية من وقود وحطام وما يضمن رفاهية شعوبهم المظفرة. بعدما تيقن أنه ترك الحقل بين سواعد أمينة وتحت عيون بصاصين تفوق عيون النسر الملكي حدة، يكفي فقط ترويضهم وتجهيزهم ببنادق صدئة وتدريبهم فنون الصد والرد وأساليب الحصار والتطويق.....كما انه لا يزال يبهرنا اليوم بمنتجاته ومقتنياته وأحلامه الشوكولاتية ومشاريعه المستقبلية.
مادام حلمهم توغل فينا واستولى علينا فلن يكتب لنا الانعتاق إلا في الحراك فيه ومنه، استيعابه وهضمه وتجاوزه. رهان مقبول ومفتوح على المستقبل وحداثي في زمنيته، ولكنه يحتاج إلى مخاطرتين مزدوجتين ومتمايزيتن مبدئيا، قصد الانعتاق، من حيث المنطلقات والغايات.
تراهن الأولى على قطع الحبل السري وإحداث قطيعة ومحو صورة الأم من الذاكرة والتاريخ وتشطيب بصماتها وأثارها من جغرافية الأرض واجتثاث أحلامها وأطيافها من الروح ومن خريطة العقل، إنها تشبه عملية مسح الطاولة والبدء من الصفر ولفه على الرأس وعلى الخصر، وهي عملية شبه مستحيلة لان الثعبان حينما ينسلخ من جلده لا تتبدل هويته ويظل نفس الثعبان، كما أن الانقطاع عن الحبل السري لا يؤشر على القطيعة فحليب الأم وهواءها ونبضها وإيقاعاتها تظل تعزف في أحشاء وليدها. حتى وان حصل هذا الانقطاع من ابن عاق أو من فئة، فان الحشد الهائل لا يطيق الفطام، ويظل يشده الحنين إلى ثدي الأم !
أما العملية الثانية والتي هي مشروطة بتحقق الأولى، أي لحظة الانقطاع عن الحبل السري والانسلاخ عن الأم فإنها تؤشر عن نوع من التيه والمغامرة قد يطول انتظارها خاصة أن الهوة الفاصلة ليست فقط زمنية ثقافية وحضارية وإنما هي وجودية تتباين من حيث الرؤى والأحلام والنظرة للأشياء، ومن حيث الاهتمامات والانشغالات، لا مجال للمقارنة بين حضارة تحلم بما تسد به رمقها وتواري به سوءاتها وحضارة يراود أطفالها حلم السياحة في المريخ والحصول على إنسان آلي عجيب وغريب يؤنس وحشة الطفل ويرافقه في رحلة أحلامه !
يتبع...........



#محمد_قرافلي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحاجة الى الاخر 3-3 ج- في البدء كانت العلاقة
- في الحاجة الى الاخر ب- في الحاجة الى الاخر 2_3
- في الحاجة الى الاخر أ- تجربة الوحدة
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 5)- أطباء الحض ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 4)غ- أطباء الح ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 3) ت- أطباء ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 2) ب- أطباء ال ...
- هكذا تحتفل النساء........
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 1) الاغراق في ...
- في حضرة الاحلام والرؤى


المزيد.....




- قمة ترامب - شكلا ومضمونا، كل شيء مقابل لاشيء
- سوريا: فيديو متداول لـ-انشقاق قوات من قسد وانضمامها إلى العش ...
- -لا يمكن رشوة بوتين لإنهاء الحرب-- مقال رأي في التلغراف
- جدل متصاعد حول التمييز.. دعوات في فرنسا لمقاطعة المنتجعات ال ...
- رجال الإطفاء يصارعون النيران للسيطرة على حرائق الغابات المست ...
- مسؤولان سابقان في إدارة بايدن: الجيش الإسرائيلي لم يقدّم أدل ...
- جعجع يؤكد دعم المؤسسات ويعتبر تصريحات قاسم تهديدا للبنان
- الليثيوم.. المعدن الحيوي يشعل سباقا عالميا في عصر الطاقة الم ...
- صحف عالمية: الطفولة تختفي بغزة وأطفالها يخضعون لجراحات دون ت ...
- “نظرتُ خلفي ولم أرَ أحدًا”.. ناج من فيضان مفاجئ يصف مصرع حوا ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قرافلي - احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 6) د- أطباء الحضارة والتمرد على التأصيل وخصوصية الحلم الحضاري