أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قرافلي - في الحاجة الى الاخر ب- في الحاجة الى الاخر 2_3














المزيد.....

في الحاجة الى الاخر ب- في الحاجة الى الاخر 2_3


محمد قرافلي

الحوار المتمدن-العدد: 3669 - 2012 / 3 / 16 - 19:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الحاجة إلى الآخر 2/3

ب- في الحاجة إلى الآخر
لنتأمل المقطع التالي المقتبس من رواية "ميشيل تورنييه" Michel Tournier " الجمعة أو مآسي/أقاصي المحيط الهادي"، والذي اختاره الكاتب نفسه لمساءلة تجربة الوحدة والعلاقة مع الآخر:
لا تمثل تجربة الوحدة التي وجدتني مستغرقا فيها منذ غرق السفينة "لافرجينيla virginie" وضعية قارة. انه وسط مقفر يدمرني تدريجيا وبدون هوادة وبكل ما يحمله من معنى تدميري. في اليوم الأول وجدتني أتراوح بين شكلين متخيلين كلية من المجتمعات الإنسانية: طاقم السفينة المفقود وساكنة الجزيرة والتي اعتقدتها لا محالة مأهولة. لا تزال حرارة لقاءاتي برفاق السفينة تعمني وأنا أتابع في مخيلتي الحوار الذي انقطع بسبب العاصفة. تبين لي فيما بعد أنها جزيرة مقفرة، وأنا أتوغل في مكان بدون روح ولكنه ينبض حياة. ومن ورائي يتوارى رفاقي البؤساء وسط الظلام. بينما صوتي بدأ يخفت ويتعب من شدة المناجاة فان أصواتهم قد انطفأت منذ مدة طويلة. منذ ذلك الحين وأنا أتابع برهبة مثيرة صيرورة افتقاد إنسانيتي والتي أحسست بأنها مهمة جد شاقة . أدرك الآن أن كل إنسان يحمل بداخله أو على عاتقه عبئا هشا ومركبا من العادات والإجابات وردود الأفعال، من الميكانيزمات والانشغالات، من الأحلام والإلزامات التي تكونت ولا تزال في التشكل من خلال اللمسات المستمرة لبني جنسه. محروم من طعم الحياة، تلك النفحة الرقيقة والتي ما فتئت تذبل وتتلاشى. يمثل الآخر الحلقة الأساس من عالمي... في كل يوم أقيس ما أدين به للآخر مع الأخذ بالحسبان كل الاعتبارات المستجدة والتي تشكل صرحي الشخصي. اعرف ما يتهددني بفقد المقدرة على الكلام، لذا فان قلقي هذا جعلني أقاوم بشراسة تلك السقطة الأخيرة. كما أن علاقاتي نفسها بالأشياء افتقدت عفويتها نتيجة وحدتي. عندما يقحم فنان في لوحته أو نحات على هامش معلمته شخصيات فليس ذلك مجرد شغف بالإكسسوارات لأنها(الشخصيات) تضفي أفقا والاهم من ذلك تشكل نقط ارتكاز لرؤى ممكنة والتي تضيف إلى النقطة الواقعية للراصد معالم أساسية وضرورية.
في "سبرنزا Speranza " لا يوجد إلا منظور واحد، منظوري أنا، وهو متجرد من كل معيارية، ولم تحصل تلك التجردية بين عشية وضحاها. في البدء وبسبب باعث لاشعوري كنت أضع مراقبين افتراضيين لتخوم مملكتي على قمم الهضاب وخلف تلك الصخرة أو بين أغصان تلك الشجرة. هكذا صارت الجزيرة مسيجة بحقل من تداخل الأقطاب وتخارجها والذي يجعلها متميزة ويضفي عليها المعقولية. وذلك ما يصنعه كل إنسان سوي في وضعية سوية. لم اخذ في الوعي بهذه الوظيفة شانها شان وظائف أخرى إلا بعدما بدأت في التلاشي والضياع مني. واليوم أصبحت حقيقة. إن خط رؤيتي ينعكس على ذاته وكل ما لم تبصره عيناي هو بالنسبة لي مجهول مطلق... في كل مكان وحيث لا أوجد الآن يخيم ظلام يستحيل اختراقه...
اعرف الان ان الارض التي تطأها قدماي ولكي لا تهتزتحتاج لاخرين مثلي كي يعمروها. لمواجهة وهم الرؤية والسراب والهلوسة، احلام اليقظة والاستيهام، الهذيان واضطرابات السماع... ملاذنا الامن من كل ذلك هو اخونا، جارنا، صديقنا او عدونا، المهم احدا ما اعظم، آلهة، أحد ما.
Vendredi ou les limbes du Pacifique, collection Folio, Éd. Gallimard, 1972, pp. 53-55



#محمد_قرافلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحاجة الى الاخر أ- تجربة الوحدة
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 5)- أطباء الحض ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 4)غ- أطباء الح ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 3) ت- أطباء ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 2) ب- أطباء ال ...
- هكذا تحتفل النساء........
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 1) الاغراق في ...
- في حضرة الاحلام والرؤى


المزيد.....




- هل يثير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران زخما لوقف ح ...
- أول اعتراف رسمي.. وزير الخارجية الإيراني: أضرار كبيرة طالت ا ...
- مصادر إسرائيلية تتحدث عن قتال صعب وإجلاء جنود جرحى بخان يونس ...
- هل تجبر عمليات المقاومة نتنياهو على إبرام صفقة شاملة في غزة؟ ...
- تزايد اختطاف الأطفال على يد جماعات مسلحة بموزمبيق
- فتح الحدود بين إريتريا وإثيوبيا دون إعلان رسمي.. ما القصة؟
- دينيس فيلنوف يقود أولى مغامرات جيمس بوند تحت راية أمازون
- لماذا فشلت إسرائيل في كسر إيران؟
- انقسام في الكونغرس بعد أول إفادة بشأن ضرب إيران
- البيت الأبيض لخامنئي: -عليك أن تحفظ ماء وجهك-


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قرافلي - في الحاجة الى الاخر ب- في الحاجة الى الاخر 2_3