أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلال جويد - صباح مثل بسطال ثقيل














المزيد.....

صباح مثل بسطال ثقيل


دلال جويد
(DALAL JWAYYED)


الحوار المتمدن-العدد: 3671 - 2012 / 3 / 18 - 19:13
المحور: الادب والفن
    


ثقيل جدا هذا الصباح، يبدو كبسطال جندي يدوس على حشيش أرواحنا فيسحقنا ولا نمتلك إلا أن نتلوى تحته..... كنا قد ألفنا الحرب حتى لم تعد تدهشنا حكايات الموت الكثيرة....... الحرب مع إيران طويلة ومملة... أصعد على سطح دارنا وأعرف من شكل النيران والانفجارات في اي منطقة بدأ الهجوم في الفاو أو نهر جاسم أو التنومة، لكن تلك الحرب مختلفة سريعة ومربكة وصادمة ولا انتصار فيها حتى لوكان وهميا؛ لذا استيقظت وانا أشعر أن بسطال حرب يجثم علينا كلنا نحن الساكنين على خط النار الأبدية.

منذ ايام والطماطم تتربع على عرش موائدنا الفقيرة، فمزارع البصرة لم تستطع تصدير محاصيلها الى المدن الاخرى وبدأ صحاب المزارع يدورون في الشوارع لبيعها باسعار زهيدة جدا، ولم يكن في السوق غيرها، كانت ربات البيوت يتفنن في الطبخ، ومن يمتلك رزا في بيته فقد حظي بوجبة عراقية مهمة هي التمن الاحمر، هذه الوجبة الوحيدة التي يمتلكها اهل البصرة في ذلك الوقت ولم يكن امامهم إلا أن يقدموها الى الجنود العائدين من الهزيمة والموت ويكاد يهلكهم التعب والجوع.

الم أقل انه صباح ثقيل هذا الصباح الذي رأيت فيه رجالا يبكون بحرقة وهم يستقبلون جيشنا العراقي الباكي والذي لم يعد باسلا فطائرات التحالف حصدت الشباب ومن

نجا عائدا من الموت لم يكن سوى رجل مهزوم في حرب لا يدري لِمَ زُج فيها.


كان الجنود يدخلون الازقة يسحبون أرجلهم العالقة في البساطيل العسكرية، يبكون كما لو انهم يبكون عن عمر بأكمله، عاصفة من البكاء تمر على أهالي الحي بينما يحاول الكبار كبحها وتهدئة الناس وتسرع الأمهات الى فرش البسط عند عتبات البيوت ليجد الجنود مكانا يجلسون فيه، لن انسى منظر الشاب الصغير الذي لم يستطع اخراج قدميه من البسطال بسبب ورهمها، كان يصرخ بينما يحاول الرجال تهدئته ولست ادري كيف أخرج سلمان ابن جيراننا المراهق سكينا حادة كشفرة وبدأ بتقطيع البسطال بهدوء ودقة حتى سحبه من قدم الجندي الموجوع، بينما كانت امي تبكي بصمت وهي تحضر كل ما تملك من زيوت ومسكنات وأربطة ولا تعرف كيف تخفف من ألم الصغير الذي لا يكبر اخوتي إلا قليلا.

اشار ابي الي وانا اعرف اشاراته فأخرجت أكبر القدور التي في البيت وشرعت اضع كل مهاراتي لأصنع وجبة من الرز الاحمر، أكملت الطبخ فحمل أبي القدر الى الشارع وبدأ بسكب الطعام للجنود المذبوحين جوعا وبكاء وتعبا وهزيمة، وهم انفسهم الذين سيذهبون نحو مدنهم البعيدة فيتربص بهم الموت على الجسور المقطوعة وفي الازقة والطرق السريعة حيث كل عسكري يقتل، وكل مدني يقتل.

انه صباح ثقيل لم نرفع رؤوسنا به من فرط ثقله، لكنه اشعل شرارة الثورة، تلك الثورة التي لم يتحدث عنها الاعلام العربي، ولا يذكرها حتى بعض العراقيين، لكني أتذكرها جيدا، اتذكرالدبابة التي كانت تطلق نيرانها بشكل عشوائي في زقاقنا، واذكر عشرات الشباب الذين أعدموا أمامنا ، بينما كنا نجلس في شاحنة كبيرة على أخوتي وأبناء عمي، كي لا يكتشفهم جنود علي كيمياوي فلا يعود لنا اخوة في الحياة.



#دلال_جويد (هاشتاغ)       DALAL_JWAYYED#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلادة حرب
- لا أتحدث عنك
- أرض حرام


المزيد.....




- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
- لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة
- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار ...
- جائزة الغونكور الفرنسية: كيف تصنع عشرة يوروهات مجدا أدبيا وم ...
- شاهد.. أول روبوت روسي يسقط على المسرح بعد الكشف عنه


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلال جويد - صباح مثل بسطال ثقيل