أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزهة المكي - بين الفكر و الواقع في السياسة















المزيد.....

بين الفكر و الواقع في السياسة


نزهة المكي

الحوار المتمدن-العدد: 3670 - 2012 / 3 / 17 - 13:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بين الفكر و الواقع في السياسة :
من الاخطاء الجسيمة و القاتلة التي تقع فيها احزاب اليسار شانها شأن باقي التنظيمات التي تستند لافكار او ايديولوجيات معينة ، محاولته التقيد بالنصوص و النظريات و فرضها على الواقع ، بادبياتها و شعاراتها و منهجياتها ، تماما كما يفعل ما يسمى بتنظيمات الاسلام السياسي ، هذا النهج يوقعه في المحظور وهو الغاء الآخر , هذه الآفة تاتي غالبا بسبب التثقيف الاحادي الجانب الذي يدور في فلك الفكر او العقيدة التي يتبناها المرئ ، فترى القارء من هؤلاء لا يتلذذ الا بالقراءات التي تدغدغ قناعاته كما لا ينصب اهتمامه الا على الجوانب المضيئة منها مما يملأ نفسه غرورا بان ما لديه هو الاصح و الاجدر بان يسود على الساحة ، فيبدأ بشحذ كل قدراته لبدأ معركته الاقصائية و الاستئصالية لكل من يخالفه مستعملا جميع الوسائل الممكنة من اجل بلوغ هدفه حتى وان كانت مشروعة كالانتخابات مثلا التي سيجيد استعمالها كذريعة حق يراد بها باطل ، و يسلط هدفه نحو السلطة فهي العصا الغليظة التي تمكنه من بلوغ هدفه في اقرب وقت ممكن , فالنصوص و النظريات تتاثر كثيرا بالنزعات الفردية و هي تندمج مع خلفيات الفرد او المجموعة الثقافية و النفسية و التجارب الخاصة و بالتالي فاننا نجد دائما عدد كبير من المجموعات تتبنى فكرا واحدا او عقيدة واحدة لكنها تتفرق في تنظيمات و مجموعات تكون احيانا متصارعة او متقاتلة ، لهذا لا يمكننا اطلاقا ان ننطلق من النصوص و النظريات و الافكار ، و انما من الواقع ، فالواقع هو المحك الحقيقي لصحة او نجاعة اي فكر او نظرية لانه يضعها في غرفة الاختبار و تحت المجهر فان هي انسجمت مع الواقع المعاش و المعطيات الحية التي تتحرك في الساحة و استطاعت الاندماج معها فانها ستضيف حتما ما ينفع الناس و يرتقي بحياتهم لكن ان لم تستطع الانسجام فستظل نشازا و مادة خارجة عن الموضوع حتى لو كانت من المعادن النفيسة و لها بريقها الجذاب .
فالواقع اذن كما وصفه الدكتور خالص جلبي في كتابه استراتيجية الحل السلمي : " ( الواقع ) أكبر من النصوص لإنه يشكل المصدر الذي يراه البشر جميعاً، ولإن الواقع هو النص مجسداً، في حين أن النصوص تتعلق بالخلفية الثقافية التي يحملها البشر والتي بموجبها يفهمون النصوص ويتعاملون بها ويختلفون بل ويتنازعون بل ويفتك بعضهم ببعض من أجل الخلافات في وجهات النظر وهم يواجهون النصوص ."
بالنسبة للفكر الماركسي فان صاحبه لم يبدع نظريته من فراغ ولم تكن وحيا اوحي اليه بل جاءت نتيجة لدراسات و ابحاث متنوعة شملت عددا كبيرا من مناحي الحياة و استفادت من الجوانب المضيئة لافكار و تجارب من سبقوه بعد ان تجسدت في الواقع
فقد انطلق اذن من الواقع سواء الذي و قع في الماضي أي التاريخ او الذي يعايشه فخرج بمنظومته الفكرية التي انسجمت كثيرا مع تطلعات اكبر مجموعة بشرية كانت في امس الحاجة اليها للخروج من واقع مزري و ظلم اجتماعي و بذلك كتب لها النجاح
بمرور الوقت فان الافكار تتبالى و الواقع يتغير فتتسع الهوة اكثر فاكثر بين الفكر القديم و الواقع الجديد و بالتالي يكون الانسان او المنظر و المثقف او المصلح مطالب بتجديد فكره و تطويعه لمستجدات الواقع و متطلبات المجموعات البشرية خاصة تلك التي تعاني من صعوبات في الحياة و لا تتمتع بكامل حقوقها الانسانية ، هذه المحاولة قد نجدها عند بعض المجموعات الضيقة او الافراد مثل ما حصل مع المفكر و الشيوعي الراحل محمود امين العالم في نظريته التي اسماها " تمصير الماركسية " فبعد صدامات مع السلطة ثم المجتمع خرج بنظيرته هاته في محاولة منه للتجديد في الفكر الماركسي و تطويعه للواقع المصري ، فاستطاع ان يخترق الفكر الاسلامي السائد الذي امتلك الساحة الشعبية و يصل بافكاره للطبقات الكادحة و العاملة بعيدا عن شعارات و ادبيات الماركسية المعروفة ، فانتزع قطاعات مهمة من هذه الطبقات من اوهام الحلول الخرافية و حرك فيها النزعات التحررية و انتصر لاول مرة في تاريخ الشيوعية في بلاد العرب من تهمة الالحاد و التنكر للدين مذكرا ان الشيوعيين كانوا اول من بنى مسجدا بالمعتقل الحربي الذي اجتمعت فيه كل التيارات و اصحاب الافكار المناهضة للسلطة بمصر آنذاك ، بمعنى كل التيارات و الافكار المطالبة بالاصلاح و التغيير حسب نظريات و مفاهيم متعددة ، فالمعتقلات السياسية تضم في العادة النخبة الحية من المجتمع و رؤوس التيارات التي لها وزن و صدى في المجتمع و تشكل ازعاجا للسلطة القائمة التي ترغب في استمرار نظامها و لا تقبل التغيير . وهي كذلك رغم ما يكتنفها من محن ، فرصة للمصلح او المطالب بالتغيير للاقتراب اكثر من الافكار و التيارات الحية في مجتمعه و مواجهتها بشكل مباشر بعيدا عن أي تاثيرات و عصبيات من شانها ان تعزز موقفه بشكل اعمى كما يحصل مع الاحزاب السياسية على الساحة التي كلما زاد اتساع نطاق الحرية امامها و رحب مناخها الا و ازدادت تعصبا لنهجها و فكرها . بالمعتقل السياسي اذن هناك فرصة للحوار البناء و المكشوف بين كل تيارات المعارضة و فرصة ايضا للوحدة و الاجتماع على الافكار و القناعات المشتركة التي غالبا ما تتراجع على الساحة لصالح الافكار النخبوية و الذاتية و الانانية للتيارات وهي تنعم بحرية التعبير و التدبير . من المعتقل السياسي اذن خرج محمود امين العالم بنظريته " تمصير الماركسية " التي لم تعطي اولى ثمارها و باكورتها الا في وقت متاخرمن حياته و ذلك حين تعهدها كفكرة للتغيير و الاصلاح بعيدا عن الكيانات التنظيمية و شعاراتها و ادبياتها و تغلغل باهدافها و غاياتها في المجتمع و بين الطبقات العاملة و النشطة التي تعرف الحيف و القهر مسترشدا بثقافة الشعب و ادبياته التي يغلب عليها الخطاب الديني . و كان من قبل قد استنفذ طاقة عظيمة و محاولات متكررة من اجل جعل الفكرة كنقطة او ركيزة لتوحيد التيارات اليسارية الا ان محاولاته باءت بالفشل لان التنظيمات السياسية عادة ما تتقيد بنصوص مشتقة من نص الفكرة الاصل فلا تقبل الحركة الا في اتجاه احادي و محدود يعجز عن استيعاب الافكار الاخرى التي يكون بينها ما يناقض فكرته و بالتالي لا يكون لها هامش مهم للحوار البناء او الاستعداد الكافي لتقبل الآخر .
يمكننا ان نرصد هذه الظاهرة في الساحة الفلسطينية و بالتحديد في الازمة القائمة الان بين فتح و حماس فواقع الفلسطيني المعاش سواء من هذا الفصيل او ذاك واحد سواء في المعاناة او التطلعات لكن الخلاف ياتي من تعلق القيادات بالنصوص و الشعارات ، اما النصوص فمن طبيعة الانسان ان يختلف في تفسيرها و من حقه ذلك ايضا ، لكن ليس من المفيد له ان يحتكم اليها بل الاحتكام دائما يجب ان يكون للواقع لان الواقع المعاش هو مخبر كل الافكار و الاطروحات الفكرية فمن انسجم مع نسيج المجتمع كان له البقاء و نعم بالاستقرار ومن لم يستطع الاستقرار فعليه ان يراجع نفسه و الا يناطح صخرة المجتمع او يعمد للقوة فحد السيف يمكن ان يقود للسلطة لكنه ليس المكان الانسب للجلوس و الاستقرار !!!



#نزهة_المكي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية الفلسطينية : ارموها في الزبالة !!!
- المرأة : التجميل و عولمة الجمال
- و تغسل لي البنطلوووون !!!


المزيد.....




- السعودية.. وفاة -الأمير النائم- بعد دخوله في غيبوبة دامت 21 ...
- السعودية.. من هو -الأمير النائم- بعد إعلان وفاته إثر تعرضه ل ...
- مباحثات أردنية سورية أمريكية لدعم تنفيذ اتفاق الهدنة في السو ...
- بهدف الوصول إلى السويداء.. استمرار توافد مقاتلي العشائر إلى ...
- الرسوم الجمركية الأمريكية على البرازيل تؤثر سلبًا على المسته ...
- لماذا فضل فيرتز الانتقال لليفربول وليس إلى بايرن ميونيخ؟
- فيتنام: مقتل 34 شخصا وفقدان أخرين إثر انقلاب قارب سياحي فى خ ...
- قراءة في موجة انتحار الجنود الإسرائيليين.. أعراض ما بعد الحر ...
- واشنطن بوست: تخفيضات تمويل البث العام تترك سكان الريف الأمير ...
- 104 شهداء والاحتلال يتمادى باستهداف طالبي المساعدات في غزة


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزهة المكي - بين الفكر و الواقع في السياسة