على الكنين السكرتير التنظيمي للحزب الشيوعي السوداني في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة


على الكنين
الحوار المتمدن - العدد: 3664 - 2012 / 3 / 11 - 12:30
المحور: مقابلات و حوارات     

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا - 76 - سيكون مع الاستاذ د. على الكنين السكرتير التنظيمي للحزب الشيوعي السوداني حول: المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة .


يسخر الانسان من حوله من ثروات طبيعية لتلبية احتياجاته المادية. فالانتاج المادى هو اساس التطور الاجتماعى والعمل اساس الحياة الاجتماعية، مهما كانت ادوات العمل وضخامة الثروات الطبيعية، فهى لاشك ميتة اذا لم تلبى حاجة من حاجيات الانسان ويضفى عليها عملا ما. وبفضل العمل وبالتطور الاجتماعى الاقتصادى، تشكلت الطبقات التى تمثل مراحل تطور ذلك التطور الاجتماعى/الاقتصادى, وتكونت المجموعات الاقوى التى تستغل الاضعف، ومن ثم التى تملك المعينات على العمل والانتاج وتفرض سيطرتها على التى لاتملك. وبهذا التطور على المجتمعات الاجتماعية/الاقتصادية (مشاعية بدائية، عبودية، اقطاع، رأسمالية (التى فى رحمها ولدت الطبقة العاملة)، شاهد العالم ثورات عمالية استولت بعضها على السلطة ومارستها، ومازال العالم يشاهد معالم لثورات عمالية آتية.
اما ما هية الطبقة العاملة: فقد عرف الادب الماركسى العامل البرولتارى بأنه كل من لايملك غير قوة عمله ويؤجرها من اجل تغطية تكلفة معيشته، سوى أن كان ما يملكه من قوة عمل يدوى، او ذهنى. الشاهد هنا أنه لا يملك شيئا ويعيش على قوة عمله، التى يطرحها فى سوق العمل ليؤجرها، (حسب مؤهلاته البدنية والعقلية)، ولايبيعها فيصبح عبدا لمالكها. وتصبح علاقات العمل المكون لهذه الطبقة، اى الطبقة العاملة، هى التى تحكم الصراع بين العمل والرأسمال، اى بين العامل والرأسمالى، الذين هما طرفى التناقض.

تحاول البرجوازية فى الولايات المتحدة الامريكية انكار وجود الطبقة العاملة الحية، فلا تتحدث عن وجودها ولا تطرق لذكرها كطبقة غالبة ومسحوقة، بل تتحدث عن أن الامريكان جلهم يُكون الطبقة الوسطي، ذلك حسب دخولهم وليس على حسب العمل المأجور والغالبية التى هى اجيرة للرأسمال. بالرغم من أن 45% منهم عُرفوا بانهم طبقة عاملة فى مسح قومى، ويقول بعض الاحصائين الماسحين أن 62% من الامريكان ينتمون الى الطبقة العاملة: من عمال فى صناعة العربات والاحذية وعمال النظافة والتغليف والخدمات الاخرى.

بما أن الطبقات ليست شيئا جامدا لايتغير، لكنها نتاج للتطور التاريخى، فقد طرأ تغيرا على تركيبة الطبقة العاملة. لقد تكونت البرولتاريا فى الاصل من الاقنان الفارين والفلاحين المعدمين، والحرفيين الذين افتقروا ومن فقراء حرموا من العمل، وبالتطور الاجتماعى الاقتصادى اصبحت طبقة لها كيانها. ففى مقتطف من البيان الشيوعى: "... ومن جهة اخرى فالطبقة العاملة تحولت هى كذلك ، انها لم تعد، فى البلدان الرأسمالية المتقدمة، برولتاريا الماضى البائسة، بل لقد بلغت حجما وكبرا وتمايزا ووزنا اجتماعيا اكبر واعظم، وقد اخذت تقتنع بقدرتها على ان تكون القوة القيادية للانتاج والتغيير الاجتماعى، وكائنا ما كان تعددياتها وتناقضاتها، فهى تجابه باكثريتها الساحقة مالكى وسائل الانتاج، بصفتها، اى البرولتاريا، كتلة عاملة بالاجر (من عمال، ومستخدمين، وتقنيين، ومهندسين، واداريين، وعلماء)". ولمرة أخرى لم تعد كما كانت فقد اضفت عليها ثورة الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات والتطور التقنى فى علوم الكمبيوتر والروبوتات، جودة وسرعة وكمية فى الانتاج واحدثت تغيرات فى وسائل الانتاج عموما، فالتطور الذى طرأ عليها سوى أن كان فى قطاع الخدمات او الانتاج، احدث تغيرا فى تركيبة الطبقة العاملة وتحول قطاع كبير منها خارج سوق العمل كما واكب قطاع آخر التطور التقنى، ودفع العامل للغوص فى علوم المعرفة، وفى نفس الوقت قللت من فرص العمالة وزادت من عددية العاطلين عن العمل، خاصة فى البلاد الصناعية الكبرى. ويمكن ان نقول أن هنالك تراجع لدور الطبقة العاملة التقليدية فى عملية الانتاج فى مقابل تنامى دور شرائح اجتماعية وسطى وتحلل الحدود الطبقية القديمة، ولكن هذا التحلل لاينفى أن جُلَ هذه الشرائح تعتمد على إيجار قوة عملا وتضيف عددا للطبقة العاملة.

لقد اتاحت ثورة الاتصالات التحرك لرأسالمال المستغل فى الخدمات والانتاج بادارة محلية، وعمالة فى ومن الخارج، من موقع منشاة رأسالمال. زادت بذلك شراهة الرأسمال لزيادة الربح بالهجرة لاستغلال العمالة الرخيصة فى ما تسمى بالبلدان النامية او الهجرة للجنوب، لمزيد من الربح، ولمزيد من افقار واستغلال شعوب تلك البلدان. ازدياد مستمر فى عدد الفقراء، ويقل نصيبهم فى الثروات والدخول بينما يشكل الاجراء منهم ما بين 70% الى 90%، ويقل عدد الرأسماليين الاثرياء فى العالم وتتمركز فى ايديهم اكثر من80% من ثروات العالم حتى اصبحوا اقل من المائة شخص، وتتضخم ثرواتهم بعشرات المليارات من الدولارات. يقل عدد الطبقة العاملة ويزداد العاملين كفاءة ومهارة بفضل التطور التقنى ويقل عدد الرأسماليين ويزدادوا غنا وتزداد وتتمركز الثروة فى ايديهم وبالمثل تزداد جيوش العاطلين عن العمل ويزدادوا فقرا وعوزا. بفضل هذه الثورة تغيرت تركيبة الطبقة العاملة نوعا وكما وحتى مكانا.

نضيف الى الطبقة العاملة والمتغيرات المستمرة فى تركيبتها وعدديتها، قطاعا مهما يخرج من صلبها ويغذيها فى آن واحد، وهو قطاع العطالة، الذين فقدوا عملهم لسبب ما، او الذين لم يجدوا عملا وهم فى بداية حياتهم العملية، الباحثين عن العمل ولايجدونه ولا يملكون لمعيشتهم غير قوة عملهم التى لا يجدون لها مؤجر. ويزداد هذا القطاع عددا وظلما ويناضل بثورية من أجل التغيير. وما ثورات الربيع العربى وفى قلبها الشباب العاطلون عن العمل، مناضلون ضد ظلم الطبقات الفاسدة، ومظاهرات واعتصامات وولستريت بالولايات المتحدة الامريكية والمظاهرات التى تعم بلدان اوربا وبعض من دول افريقيا وآسيا الا دليل على ذلك والعامل المشترك فى مطالبها موضوع العطالة: الذين تعرفهم منظمة العمل الدولية بالعاطلين الذين يبحثون عن العمل ولا يجدونه. ويقدرون عام 2011 فى العالم باكثر من 200مليون بحسب تقرير ""business week عاطل.
* ثورة الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات اثرت على تركيبة الطبقة العاملة كما ونوعا
* للطبقة العاملة رصيد ثورى من العاطلين عن العمل وتستمر ثوريتهم حتى يزول ظلم عدم وجود العمل ...
* هنالك تراجع لدور الطبقة العاملة التقليدية فى عملية الانتاج فى مقابل تنامى دور شرائح اجتماعية وسطى وتحلل الحدود الطبقية القديمة .... ولكن هذه الشرائح ستظل طبقة عاملة طالما أنها لاتملك غير قوة عملها!