أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - غالب محسن - في ذكرى رحيل المناضلة نعمي أيوب رمو














المزيد.....

في ذكرى رحيل المناضلة نعمي أيوب رمو


غالب محسن

الحوار المتمدن-العدد: 3662 - 2012 / 3 / 9 - 20:07
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 33


عاشقة الترحال *


لم يتوقف القلبُ عن الخفقان
عبر الزمان
وحدود المكان
في أسفارِ البيوتِ السريةِ
والأسماء المستحيلةِ
في الخلايا الحزبيةِ
وفي مواكب الرحمن
في أسرار الليل والنهار
في خفايا الجنة والنار
هي الصورة
والأسطورة
هي الدرةِ المهجورة
بين زوايا الذكريات
وفي أبعاد القرارات
أيامٌ ، وأعوامٌ ، وقيامات
ترحل
وتعود
حكايات
مثل البدر مكتملاً
وسط النجوم والأقمار
ليسوع الناصري ، تسابيحٌ
وأشعار
أبانا الذي في السماوات
منك الخبزَ
ومنّا الأحزان
من غير زيادة أو نقصان
ليس مثلها أنسان
يبحث عن مكان
بل شراعٌ يعشق الأبحار

لها ، لكلِ من عرِفها ، لكلِ من لمِس يدَها ، لكلِ من في قلبهِ خفقةٌ ، لعاشقةِ الترحال ، نجتمع اليوم والحزنُ عنوان ، مثلي وغيري كثير، هو بركان ، من غيرِ حممٍ أو دخان ، بل رحمةٍ وغفران ، لرحيلِ مناضلةٍ ، فذّةٍ ، ورفيقةُ درب الشُجعان منذ أن صاحَ الزعيمُ الطيب " يا أخوان " حتى سقوط الطاغية صدام .

أنها المكافحة والشهيدة نَعمي أيوب رمو ، زوجةُ الشهيد البطل ألياس حنا كوهاري الذي أستشهدَ في زنازينِ جلادي شباط الأسود عام 1963 . وهي ذاتها أختُ الشهيد المقدام سالم أيوب رمو الذي أستشهدَ هو الآخرَ بذاتِ الأيادي القذرةِ بعد عشيرين عاماً . لكنَ نَعمي ، سليلةُ الشهداء ، لم ترثُ الشهادةَ رغمَ أنها كانت تجري في عروقِها وذاكرتِها ، بل عمِلت لها بكلِ جدٍ ومثابرة . ولمن يهزُ كتفيه مستفهماً ، بنيةٍ حسنةٍ ، ليس عليه سوى مراجعةُ سيرتها ومسيرتها وسيرى حتماً أن البطولةَ ليست الأستشهادُ في ساحاتِ الوغى فحسب بل وفي التغلبِ على المصاعبِ والمصائبِ وغدرِ الزمان . هكذا كان أوديسوس وهكذا كان يوحنا المعمدان .

أنني أعلنُ هنا أنها ليستُ شهيدةُ وطنٍ ، بل ما شئتم من الأوطان وأليكم حكاية وردة المرجان :

وحدَها ، وهي لمّا تتجاوزالثانية والعشرين ربيعاً ، وقفت في مواجهةِ قوى الظلام منذ أن ترَمَّلت و زُجَّ بها في غياهب السجون ، هي وبناتها ، وطلعت ما زال جنيناً في أحشائها ، طليعة كانت بنت أربع سنوات ومنال ، رفيقة دربي ، كانت قد أطفأت شمعةً واحدةً ليس إلا . كانت نَعمي مثلَ لبوؤةٍ في غابةٍ شبت فيها النيران ، ترتحلُ مع صغارِها من مكانٍ الى مكان ، بيوتٍ حزبيةٍ ، بياناتٍ سرّيةٍ ، في الطُرقاتِ وخلفَ الجدران ، في الوطنِ الأمِ وما بعدها من أوطان . أضطرت مثل الملايين من العراقيين لمغادرة بلدها في غربةٍ ليست لها حدود كما الأحزان ، من العراق ، بلغاريا ، سوريا ، قبرص ، الأردن ، العراق ، سوريا وأخيراً السويد . وحيدةً كانت في معظم الأحيان ، خطىً ثقيلة ، أكتافٌ نحيلة ، عنادٍ وصبرٍ وفضيلة ، ليس من قوةٍ سوى الأيمان .

نَعمي الرابطية الرائدة والشيوعية بصمت ، الصاخبة في الميادين ، أختارت الرحيلَ بهدوءٍ مُذهلٍ كأنها تَمنَحُنا حكمتَها الأخيرة ، فكانت أيامُها قبل الوداع مثل حقبةِ سنين . رباطةُ جأشٍ وهدوءٍ حكيم ، وأطنانٌ من الصبرِ والحنين . وهي في المشفى كانت تغط في غيبوبة تلو الأخرى كأنها تستعدُ ، وتخففُ صدمةَ الرحيل ، وعندما تفتح عينيها التي أنهكها الألم ، تسألُ " شلونكم " كيف هي أحوالكم وتتأسف لأنها أتعبتنا ثم تعود فتنام في غيبوبةٍ جديدةٍ أرادتها الأخيرة هذه المرة .

من أين أتاكِ كلَّ هذا الصبرِ والحنين
ستبقى ذكراك دائماً ، ما بقيت السنين
وداعاً عاشقة الترحال
فقد حان موعد الوصال
سلاماً ورِفقاً بروحِكِ
وصبراً جميلاً لكلِ مُحبيكِ


د . غالب محسن

------------------------------------------------------------------------------------
* توفت في 6 آذار 2012 في مدينة يتوبوري في السويد







#غالب_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرة أخرى مع أطيب التحيات للمؤتمر التاسع
- محنة العقل في التوحيد / جزء 2
- محنة العقل في التوحيد / جزء 1
- الدين ملجئ السياسة والثقاقة قبرها / جزء 3
- الدين ملجئ السياسة والثقاقة قبرها / جزء 2
- الدين ملجئ السياسة والثقاقة قبرها / جزء 1
- صوتُ هناء ، جلجلَ في السماء / تأملات 25
- مقدمة في نقد تأويل التأويل / جزء 4
- مقدمة في نقد تأويل التأويل // جزء 3
- مقدمة في نقد تأويل التأويل / جزء 2
- مقدمة في نقد تأويل التأويل / جزء 1
- الى المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي مع أطيب التحيات
- عندما يكون العنف طريقاً للحق / جزء 2
- عندما يكون العنف طريقاً للحق / جزء 1
- تأملات في تقييم الحركة الأنصارية / جزء 2
- نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 16 / تأملات في تقييم الحر ...
- التيار الديمقراطي بين الأمل وثقل العمل (2)
- التيار الديمقراطي بين هَم الأمل وثقل العمل (1)
- نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 13 / من غير وصايا كان الع ...
- نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 12 صَخبٌ في العقول


المزيد.....




- على وقع حرب غزة.. مشاهد لاقتحام متظاهرين في اليونان فندقًا ي ...
- هل تقود الولايات المتحدة العالم نحو حرب كونية جديدة؟
- م.م.ن.ص// -جريمة الإبادة الجماعية- على الأرض -الحرية والديمق ...
- تمخض الحوار الاجتماعي فولد ضرب الحقوق المكتسبة
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 554
- الفصائل الفلسطينية ترفض احتمال فرض أي جهة خارجية وصايتها على ...
- بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- حزب يساري بألمانيا يتبنى مقترحا بالبرلمان لدعم سعر وجبة -الش ...
- الشرطة الألمانية تفرق مئات المتظاهرين الداعمين لغزة في جامعة ...
- -لوسِد- تتوقع ارتفاع الإنفاق الرأسمالي لعام 2024


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - غالب محسن - في ذكرى رحيل المناضلة نعمي أيوب رمو