أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - التيار اليساري الوطني العراقي - اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة (1921-2011) : ليس ردا على ديماغوجية أيتام البعث الفاشي المفضوحة بل تذكيرا عسى ان تنفع الذكرى















المزيد.....



اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة (1921-2011) : ليس ردا على ديماغوجية أيتام البعث الفاشي المفضوحة بل تذكيرا عسى ان تنفع الذكرى


التيار اليساري الوطني العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 3642 - 2012 / 2 / 18 - 18:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة (1921-2011) : ليس ردا على ديماغوجية أيتام البعث الفاشي المفضوحة بل تذكيرا عسى ان تنفع الذكرى


تواصل فلول البعث الفاشي المتشرذمة المتشاتمة حملاتها المسعورة ضد الوطنيين العراقيين بعامة والتيار اليساري الثوري خاصة , وكعادتها المتأصلة, تستخدم اسلوب تشويه الحقائق وتزييف الوقائع في هذه الحملة الفاشية القذرة , التي تعبر عن المدرسة البعثية العميلة لاجهزة المخابرات الامريكية

ان ابواق هذه الحملات لا تكتفي بالنعيق والنباح , بل تتعدى ذلك الى التهديدات الفارغة ضد الحركة الوطنية العراقية الرافضة للاحتلال وعملائه , وتصب جام حقدها الاسود على الشيوعيين العراقيين الذين يقفون استنادا الى تأريخ حزبهم الوطني العريق ومبادئهم الثورية , يقفون ضد الاحتلال وزمرة حميد الخائنة للحزب و الشهداء , هؤلاء الثوريون الذين حاربوا البعث الفاشي على مدى اربعة عقود من حكمه الفاشستي الهمجي , ويحاربون اليوم المحتل الامريكي سيد البعث وحلفاؤه في انقلاب 8 شباط 1963 الفاشي الامريكي الاسود بالامس , سيد نفس الحلفاء عملاء 9 نيسان 2003 اليوم

ان ايتام البعث الفاشي التي ترى في المشنوق المقبور صدام حسين" شهيدا" , وبالمجرم علي كيمياوي " مناضلا اسيرا" والمجرم عزت الدوري " مقاوما " وصلاح المختار وخضير المرشدي وعبد الرزاق الدليمي ويونس الاحمد واضرابهم "قادة" جدد للحزب الفاشي , واهمة كل الوهم ان هي توهمت ان ينخدع احدا بشعاراتها المزيفة, فلا مكان للبعث الفاشي على ارض حرقها وشعب اباده ووطن سلمه على طبق من ذهب الى اسياده الامريكان

ان ذاكرة الشعب العراقي حية , وشريط البعث الاجرامي طويل وعريض, بطول البلاد وعرضها , فلا توجد بقعة من ارض الرافدين الا وتأن من الجراح نتيجة لجرائم البعث الفاشي , ولا يوجد مقاوم عراقي حقيقي الا ويرفع راية تطهير العراق من رجس البعث العميل للاستعمار

اما ايتام البعث خارج الوطن فماعليهم الا ان يعيدوا تقويم انفسهم ويتحرروا من اوهامهم , والنزعات المريضة التي تنخهرها فيهم حشرات البعث المتشرذمة المتشاتمة , ويتوبوا الى شعبهم ,عسى ان يقبل توبة من لم تلطخ اياديه بدماء الناس , وما الاستشهادات ادناه الا محاولة انسانية لمعالجة آثار التزييف والتزوير في عقولهم .. بل حتى النسيان ,هذا ان كانت لا زالت بقايا من ضمير لدى البعض من ايتام البعث خارج الوطن , ليعلنوا برائتهم من هذا الحزب العميل وجرائمه بحق الشعب والوطن , فليطلعوا على الاستشهادات ادناه :
----------------------------------------------------------------------------------------
تصريح الملك حسين في مقابلة صحفية أجراها معه محمد حسنين هيكل في 27 أيلول 1963
يقول فيها: "لقد عُقدت إجتماعات عديدة بين حزب البعث والإستخبارات الأمريكية، وعُقد أهمها في الكويت. أتعلم أن محطة إذاعة سرية تبث الى العراق كانت تزود يوم 8 شباط رجال الإنقلاب بأسماء وعناوين الشيوعيين هناك لتتمكن من إعتقالهم وإعدامهم؟1)
.

----------------------------------------------------------------------------------------
وكان كبار العسكريين المحافظين، على إختلاف ولاءاتهم، والإقطاعيون والأغوات والرجعيون وعملاء الإستعمار،يتهيأون الى ضم قواهم الى كل من يُقدم على عمل مضاد للحكم. وحين إنحصر الفعل على البعث والقوميين العرب، إستعدوا للسير وراء أي منهما. ومع أن هذين التنظيمين، كانا قد إتفقا، في بادئ الأمر، على العمل سوية، ودخلا في ما عرف ﺑ"الجبهة القومية" إلا أن القوميين العرب خرجوا عن الجبهة المذكورة بسبب الخلاف ما بين البعثيين والناصريين في سوريا، وبات كل من التنظيمين يعمل بمفرده، ويسابق الآخر لتنفيذ خطته (2).

أعلن علي صالح السعدي أمين سر القيادة القطرية في العراق بعد إنهيار حكم البعث، قائلا: )3"إننا جئنا الى السلطة بقطار أمريكا"،


--------------------------------------------------------------------------------------
وإستخدم الإنقلابيون الخداع والكذب والتزييف منذ بيانهم الأول. وكان قادة الدبابات التي هاجمت وزارة الدفاع يرددون مع الجماهير الغاضبة "ماكو زعيم إلا كريم"، ويرفعون صور قاسم لكي تتمكن الدبابات من شق طريقها وسط الجموع الغاضبة. وراح الإنقلابيون يذيعون برقيات مزورة لتأييد حركتهم من آمري الوحدات العسكرية في مختلف المواقع، كما يذكر هاني الفكيكي في "أوكار الهزيمة" ص240.
--------------------------------------------------------------------------------------
لقد تجاوز الحكام الجدد كل الحدود في تعاملهم البربري مع المناطق التي وقفت ضدهم. يقول الباحث حنا بطاطو ما يلي: "وعوملت المناطق التي وقفت في وجههم ( المتآمرين) كأنها بلد عدو. وإنتشرت قوات الحرس القومي ووحدات من القوات المسلحة تمشط البيوت وأكواخ الطين في هذه المناطق. وجرى إعدام كل شيوعي ـ حقيقي أو مفترض ـ لإبدائه أقل مقاومة أو لمجرد الإشتباه بنيته في المقاومة. وأرهق عدد الذين اعتقلوا بهذه الطريقة السجون الموجودة، فتم تحويل النوادي الرياضية ودور السينما والمساكن الخاصة وقصر النهاية، وحتى جزء من شارع الكفاح في الأيام الأولى، الى معسكرات إعتقال". أما عن القتلى فيقول بطاطو ما يلي: " في تقديرات الشيوعيين أن لا أقل من 5000 (مواطن) قتلوا في القتال الذي جرى من 8 الى 10 شباط. وقدّر مراقب دبلوماسي أجنبي حسن الإطلاع ولا يرغب في ذكر إسمه أن مجموع عدد القتلى بحوالي 1500، ويتضمن هذا الرقم ما يزيد على مئة جندي سقطوا داخل وزارة الدفاع و(شيوعيين كثيرين)" (4).


ومنذ اليوم الأول للإنقلاب وإستناداً الى البيان رقم 13 شنّ الحرس القومي حملة إعتقالات واسعة في جميع أنحاء العراق طالت عشرات الألوف من الناس، رجالاً ونساءً وأطفالاً، ولاسيما في المدارس والمعامل والجيش)5.
-----------------------------------------------------------------------------------
ويقول البيان الذي ذيّل بإسم الحزب الشيوعي العراقي ووزع في الساعة العاشرة من صباح 8 شباط ما يلي:

" إلى السلاح لسحق المؤامرة الإستعمارية الرجعية!
أيها المواطنون! يا جماهير شعبنا المجاهد العظيم! أيها العمال والفلاحون والمثقفون وسائر القوى الوطنية الديمقراطية!
قامت زمرة تافهة من الضباط الرجعيين المتآمرين بمحاولة بائسة للسيطرة على الحكم تمهيداً لإرجاع بلادنا الى قبضة الإستعمار والرجعية، فسيطرت على مرسلات الإذاعة في أبي غريب، وهي تحاول أن تثير مذبحة بين جيشنا الباسل لتنفيذ غرضها ... للسيطرة على الحكم". ثم يدعو البيان الجماهير قائلاً: "الى السلاح للدفاع عن إستقلالنا الوطني، وعن مكاسب شعبنا! الى تشكيل لجان الدفاع عن الإستقلال الوطني في كل معسكر، وفي كل محلة ومؤسسة وفي كل قرية!
الى الأمام، الى تطهير الجيوب الرجعية، وسحق أية محاولة إستعمارية في أية ثكنة وفي أية بقعة من بقاع البلاد".
وينتهي البيان بالآتي: "إننا نطالب الحكومة بالسلاح!
فإلى الأمام الى الشوارع! الى سحق المؤامرة والمتآمرين".

أثر ذلك، إندفعت الجماهير بأعداد هائلة، من كل مكان، وخاصة من المناطق الكادحة، واتجهت جموع غفيرة وقد أشعل حماستها بيان الحزب الذي وزع في الشوارع والأماكن الشعبية، وتوّلى بعضهم قراءته على الجماهير. واتجهت جموع غفيرة صوب وزارة الدفاع لدعم القوات العسكرية ولتحصل على السلاح. ولكن قاسم رفض تزويد الجماهير بالسلاح. فأصدر الحزب البيان الثاني في الساعة الحادية عشر وقد جاء فيه:" ... إننا ندعو الجماهير لمهاجمة الجيوب الرجعية وسحقها دون رحمة وعدم الإنتظار. إن إستقلالنا الوطني أمام خطر مؤكد... إن مكتسبات الثورة أمام خطر مؤكد... إستولوا على السلاح من مراكز الشرطة ومن أي مكان يوجد فيه ... الى السلاح! الى الهجوم من كل أنحاء بغداد والعراق لسحق جيوب عملاء 6).

------------------------------------------------------------------------------------

في فجر 3 /تموز 1963 قامت مجموعات من الجنود وضباط الصف يقودهم النائب العريف حســن ســريـع بالاستيلاء على وحدة قطع المعادن ( ومنها انطلقت الشرارة ) ومشاجب سلاح سرايا الحراسة في معسكر الرشيد ،وسيطروا عليها واعتقلوا ضباطها. كما احتلوا كتيبة الدبابات الاولى وحاولوا استخدامها ،الا انها كانت فارغة من بطاريات التشغيل، وتم اعتقال قائد الكتيبة وهو ضابط برتبة مقدم وضباطه الاربعة. كما احتل المنتفضون مطار الرشيد العسكري، إذ كانت الطائرات الحربية جاهزة بحمولتها القتالية بسبب الحرب في كردستان ،وعلى استعداد للطيران بعد ان يتم تحرير جمهرة الطيارين الشيوعيين المعتقلين في سجن رقم (1) في المعسكر ذاته. كما تمت السيطرة على مدخليّ المعسكر والمستشفى العسكري ومقر اللواء الخامس عشر وغيرها من الوحدات العسكرية. كما إعتقل المنتفضون منذر الونداوي القائد العام للحرس القومي والقوة الجوية، ومساعده نجاد الصافي ووزير الخارجية طالب شبيب ووزير رئاسة الجمهورية حازم جواد وغيرهم . حتى وصل عدد المعتقلين 180 شخصا .

وتوّجهت مجموعة من المنتفضين لاحتلال السجن العسكري رقم واحد وتحرير السجناء. بيد أن هؤلاء لم يباغتوا السرية التي تحرس السجن، لذا واجهوا مقاومتها فعجزوا عن احتلاله وتحرير الضباط المعتقلين فيه . كما انهم لم يعتقلوا رئيس الجمهورية انذاك عبد السلام عارف الذي كان بيدهم صيدا سهلا .

لقد أكدت الحركة، كما جاء في تقييم الحزب لها، على"عجز أعنف موجة إرهابية على قتل الروح الثورية للشعب العراقي، وعرّت عزلة حكم إنقلابيي شباط حتى في معسكرات الجيش التي كانت تحت قبضتهم. وكانت عملاً بطولياً حقاً، وتجربة تستحق الدراسة من قبل حزبنا. ولا يتنافى تثميننا لها مع كونها كانت عملاً متسرعاً ألحق من الناحية العملية أضراراً وضربات جديدة بالحزب والحركة. وقد أثبتت التجربة من جديد ضرورة خوض النضال الحاسم ضد العدو تحت القيادة الواعية للحزب" (9).

ذعر حكام الإنقلاب كثيراً، كما يشير سباهي، وأقلقهم بوجه خاص وجود مئات من الضباط الشيوعيين والقاسميين في سجن رقم (1) في معسكر الرشيد قريباً من أي ثائر آخر يحررهم، كما أراد حسن سريع ورفاقه. تداولوا في أمر قتلهم، ولكنهم خافوا عاقبة الأمر. فإختاروا طريقة تسّبب موتهم، ويمكن تلفيق أي عذر لذلك بما فيه الإهمال أو التقصير من موظف ما. فحشروهم في صيف تموز القائض في قطار لنقل البضائع، في عربات مطلية بالقير ومحكمة الإغلاق، وهم في حالة يرثى لها من الجوع والعطش والقلق ومكبّلون بالسلاسل ومربوطون الى بعضهم، بقصد إرسالهم الى سجن (نقرة السلمان) سيء الصيت. وبسبب الحرارة الشديدة ونقص الأوكسجين وفقدان السوائل، أخذ السجناء يفقدون قدرتهم على تحمل الحرارة. فأوصاهم الجراح العسكري العميد رافد صبحي أديب، الذي كان من ضمن الموقوفين، أن يشربوا العرق الذي تنضحه أجسادهم بإستخلاصه من ملابسهم الداخلية. ومن حسن الصدف أن يعرف سائق القطار الشهم، بهوية ركابه في محطة الهاشمية في محافظة الحلة من أحد الأشخاص، فإنطلق بالقطار بأقصى سرعته مخالفاً الأوامر والتعليمات، رغم إحتجاج وصراخ الحرس القومي والجنود الذين يحرسون القطار. فوصل القطار الى السماوة قبل موعده بحوالي الساعتين، وكان الموقوفون في الرمق الأخير ومغمى على الكثيرين منهم. وفي محطة السماوة إستقبلت الجماهير المحتشدة القطار، وهي تحمل صفائح الماء البارد واللبن والرقي (البطيخ الأحمر) ، متحدّية بذلك الحكام الفاشست. فبادرالدكتور العميد رافد صبحي اديب الى تحذير الأهالي من الإقتراب من الموقوفين وسقيهم الماء، وطلب ملحاً فاستجاب المواطنون لطلبه، وجلبوا كميات من الملح. وتوّلى الأطباء العسكريون السجناء إسعاف رفاقهم، وقد إستشهد ثلاثة منهم في القطار وأستشهد الرابع وهو الرئيس الأول يحيى نادر في المستشفى. وصارت تعرف هذه الحادثة ﺒ"قطار الموت"(10

وورد ذكر هذا القطار في قصيدة الشاعر الكبير سعدي يوسف "إعلان سياحي لحاج عمران" أديس أبابا 19 آب 1983.

يا بلاداً بين نهرين
بلاداً بين سيفين
بلاداً كلما استنفرت الأسلاف، دقت طبلة الأجلاف..
قوميون لم يستنطقوا التاريخ إلا في قطار الموت.

--------------------------------------------------------------------------------------
اتسمت سياسة حزب البعث وإجراءاته بالتذبذب والتناقض في هذه الفترة. ولكن الموقف من الحزب الشيوعي العراق كان ثابتاً وهو: حصر نفوذه في دائرة محددة، وإعادته الى داخل تلك الدائرة، ولو بالحديد والنار، في حالة محاولته الخروج منها. فقد تم إطلاق سراح السجناء السياسيين وإعادة المفصوليين السياسيين الى وظائفهم واعمالهم، كما مر بنا. وألغيت القرارات المتعلقة بإلقاء القبض على عدد من كوادر وأعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، وأعلن عن إغلاق سجن نقرة السلمان. وأجيز نشر مجلة "الثقافة الجديدة". وشرعت الحكومة بإقامة علاقات وديّة مع الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية. واعترفت بجمهورية المانيا الديمقراطية. وعقدت اتفاقيات اقتصادية وفنية مع الاتحاد السوفيتي لمساعدة شركة النفط الوطنية في استثمار الحقول النفطية في شمال الرميلة وأرطاوي استثمارا مباشراً، وتطويرعدد من الاستثمارات والفعاليات الأخرى في هذا الميدان.

بالمقابل كانت منظمات الحزب الحاكم بالتعاون مع أجهزته الأمنية تتدخل في شؤون المنظمات النقابية العمالية والاتحادات الطلابية في كليات الجامعات والمعاهد والمدارس، وتزوّر الانتخابات العمالية والطلابية وانتخابات المعلمين وغيرها، وتعتدي على الفلاحين وتتجاوز على حقوقهم. وكانت "طريق الشعب" مليئة بهذه الأنباء، كما يشير سباهي. وكوّن حزب البعث جهازاً قمعياً خاصا، أسماه (جهاز الأمن القومي)، يرأسه الجلاد ناظم كزار وبإشراف صدام حسين المباشر. وكان من اول الأعمال القمعية لهذا الجهاز(عدا الاغتيالات)، المجزرة التي دُبرت في 5 تشرين الثاني 1968 لعمال معمل الزيوت النباتية المضربين، والتي راح ضحيتها عدد من العمال. وبعد أيام، بادرت "عصابات" جهاز الأمن القومي هذا، الى الهجوم على اجتماع جماهيري، في ساحة السباع في وسط بغداد، نظـّمه الحزب الشيوعي، احتفالاً بذكرى ثورة اكتوبر. وقد قتل في هذا الهجوم الغادر ثلاثة عمال وهم: وليد الخالدي، وأدور عبد النور، وعبيد البيدر. كما جرح الكثير من المجتمعين.

ومارس الحزب الشيوعي خلال تلك الفترة سياسة قوامها ، دعم خطوات الحكم التقدمية ودفعه لاتخاذ المزيد من الإجراءات في مختلف الميادين من جهة، ولكنه انتقد بشدة سياسة الحكم المعادية للديمقراطية وإجراءاتها الحثيثة للاستئثار بالحكم من الجهة الأخرى. وبقي الحزب الشيوعي يعمل بثبات من أجل إقامة الجبهة الموحدة رغم تجاهل حزب البعث لمشروع ميثاق الجبهة الذي طرحه الحزب الشيوعي في ايلول 1968. وقد لقي المشروع ارتياحا من جانب القوى الوطنية الأخرى، وسارعت الحركة الاشتراكية العربية، التي كان يرأسها الفقيد فؤاد الركابي، الى طرح مشروع ميثاق للجبهه من جانبها. ونشر المشروعان في مجلة "الثقافة الجديدة" عند صدورها في نيسان 1969 (11

وانتهج حزب البعث في هذا المجال نهجاً خبيثاً، وهو سرعان ما كان يوجه ضربة موجعة الى أية جهة تتعاون مع الحزب الشيوعي في نشاط سياسي معين، بهدف تجريده من حلفائه السياسيين الدائميين والمؤقتين. وهذا ما حصل لفؤاد الركابي لتوقيعه بياناً مع الحزب، في اواسط شباط 1969، عن الحركة الاشتراكية العربية، حول الأوضاع العامة. وقد طالب البيان بوضع حدٍ حاسم لهذه الأوضاع التي تهدد حرية المواطنين وحقوق الإنسان وتصفية جميع مظاهر الإرهاب والقمع السياسي التي يمارسها الحكم ضد الشعب ومنظماته الوطنية والقومية التقدمية وضمان حرية النشاط لها. وقد أعتقل الركابي بتهمة ملفقة. فكتبت "طريق الشعب" الصادرة في حزيران 1969 ما يلي: "إن ما أثار استنكار الرأي العام هو ورود إسم السيد فؤاد الركابي، أحد قادة الحركة الاشتراكية مع هؤلاء الرجعيين المشبوهين "، وقد أغتيل الركابي لاحقاً في السجن وبشكل مثير للشبهات.

وهذا ما حصل ايضاً لبعض ممثلي قوى المعارضة التي وقعت مع الحزب الشيوعي مذكرة إلى رئيس الجمهورية في ربيع 1969، طرحت فيها القضايا السياسية والمعاشية التي يُطالب الشعب بحلها، وأكدت بوجه خاص على ضرورة نشر الديمقراطية السياسية، وأهمية تظافر الجهود لمعالجة المشاكل. فقد اعتقل هؤلاء بحجة اشتراكهم في مؤتمر غير شرعي، هو مؤتمر الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي عقد في كردستان، وساهموا فيه وألقوا كلمات تعّبر عن وحهة نظر ديمقراطية معارضة. فما أن رجعوا من كردستان حتى اعتقلوا وأمضوا مدة في قصر النهاية مع التعذيب الوحشي كالذي تعرض له الدكتور رضا حلاوي والمحامي يوسف الحاج ذياب والاقتصادي البارزالدكتور محمد سلمان حسن (12

وإذا كان الحزب الحاكم قد ألغى سجن نقرة السلمان، فقد فتح من جديد "قصر النهاية" ذي السمعة الأسوء، من جديد، ليزجّ في دهاليزه كثيراً من معارضيه على اختلاف منظماتهم واتجاهاتهم، وليقضي فيه على العديد منهم بكل وحشية، مثل الشهداء أحمد الحلاق ومتي هندو وهاشم الآلوسي وآخرين. وكان هؤلاء الشهداء الشيوعيين الثلاثة قد انضموا الى المجموعة التي انشقت عن الحزب في عام 1967 وأسهموا في قيادتها. وقد اعتقلوا وزجّوا في "قصر النهاية" في اطار الحملة التي شنها النظام البعثي على تنظيمهم في شباط وآذار 1969، بعد أن رفعوا شعار إسقاط السلطة وايّدوا الكفاح المسلح لتحقيق ذلك. وفيما انهار آخرون من قادة المجموعة، وقف هؤلاء بصلابة حتى الموت . وشجب الحزب الحملة الإرهابية الشرسة التي تعرضت لها هذه المجموعة وطالب بوقفها وإطلاق سراحهم. وأدان الحزب ما تعرضوا له من تعذيب وقتل (13

وقام جهاز الأمن القومي باختطاف الشيوعي المعروف ستار خضير، عضو (ل.م)، وهو يسير في الشارع وقضي عليه في اليوم التالي. وكان ستار خصير مثالاً للبسالة والتفاني والخلق الرفيع. وفي ايلول 1969، اختطف الجهاز المذكور الكادر الشيوعي الجسور، الذي ظل يواصل العمل ومرتبطاً بالركيزة التنظيمية في بغداد خلال الانقلاب البعثي الأول، عضو لحنة منطقة بغداد، عبد الأمير سعيد، وأجهز عليه. وشملت سلسلة الاغتيالات والاعتقالات والتعذيب حتى الموت بعد ذلك، القائد الفلاحي المعروف والشيوعي الباسل كاظم الجاسم، عضو لجنة منطقة الفرات الأوسط، والكادر الشيوعي الجريئ والمتفاني، عزيز حميد رشيد، و الشيوعي المقدام مصطفى الظاهر، عضو اللجنة المحلية لمحافظة ذي قار، والشيوعي الجريئ محمد حسون الدجيلي ، عضو اللجنة المحلية لمحافظة بابل.


------------------------------------------------------------------------------------
كانت باكورة هذه الحملة الإرهابية الحكومية اختطاف الكادر الحزبي المتقدم الرفيق محمد الخضري في وضح النهار، وذلك في يوم 20 آذار وهو في طريقه إلى كازينو صدر القناة ببغداد لحضور الحفل الذي أقيم من قبل مجلس السلم والتضامن بمناسبة صدور بيان 11 آذار. وقد عثر عليه في اليوم التالي مقتولاً في سيارته المتروكة في طريق بغداد ـ بلد، وقد اخترقت جسمه 18 رصاصة وعلى جسده آثار التعذيب. وتجمّع الشيوعيون وأنصارهم في ساحة الميدان في قلب بغداد في يوم 21 آذار، عيد نوروز، للمشاركة بمسيرة دعماً لبيان 11 آذار. تصدرت المسيرة مجموعة من قادة الحزب المعروفين، فما كان من أزلام النظام إلا أن عزلوا القيادة وفرقوا التجمع بالهراوات ومزقوا الشعارات وجُرح عدد من المتظاهرين. وتوالت بعدها الاعتقالات في بعض المحافظات. ففي محافظة واسط اعتقل في مدينة الكوت وحدها 150 شخصاً. وفي النعمانية 120 شخصاً. وامتدت الاعتقالات لتشمل أقضية الصويرة والحي والموفقية. وشملت الاعتقالات والملاحقات قرابة 400 شيوعي وصديق للحزب في محافظات الفرات الأوسط. وأعتقل الكادر الفلاحي المعروف كاظم الجاسم، عضو لجنة منطقة الفرات الأوسط، والكادر الحزبي المتقدم عزيز حميد، خريج معهد كارل ماركس للاقتصاد في بلغاريا، في آب من نفس العام.
وكان هناك قلق جدي على حياتهما فقد كانا بيد الجلادين ناظم كزار وصدام حسين (14

----------------------------------------------------------------------------------------
ومن الجدير بالذكر أنه عند وصول الرفيق عزيز محمد الى مكان المؤتمر، واجتماعه باللجنة المركزية، تم اطلاع اللجنة المركزية عما دار في لقاء له مع كل من أحمد حسن البكر وصدام حسين بناء على طلبهما عشية توجهه الى كردستان. وخلاصة ما دار في هذا اللقاء هو إشارة صدام إلى بيان صادر عن الحزب الشيوعي حيث قال: " إنه يظهر النظام إرهابي وقمعي ويذكر أسماء ومعلومات غير صحيحة". دافع الرفيق عزيز محمد عن وجهة البيان وقال:"إنني إذ لا أعرف جميع الأسماء، إلاّ أنني أعرف اثنين منهم شخصياً بشكل جيد وهما كاظم الجاسم وعزيز حميد. وهنا أتصل صدام هاتفياً بأبي حرب (ناظم كزار) ولم يجده، فوعد صدام عزيزمحمد خيراً. وانتهى اللقاء بأن وعد البكر وصدام بفتح صفحة جديدة. وقررت اللجنة المركزية عدم اعطاء أهمية خاصة للموضوع وإخبار المندوبين به عن طريق صلاتهم التنظيمية. ولم يكن لهذه الوعود تأثير على المبادئ والأسس التي كان الحزب يراها ضرورية في التحالف، وقد كررها في وثائق المؤتمر. وفي الوقت الذي رفض المؤتمر شروط البعث للجبهة، فإنه لم يحرّم التحالف معه ، كما فعل الكونفرنس الثالث، إذا ما توفرت مستلزمات ذلك. ويعتبر هذا القرار أهم قرار سياسي صدر عن المؤتمر. وأخيراً انتخب المؤتمر اللجنة المركزية (*). اجتمعت اللجنة المركزية وانتخبت الرفيق عزيز محمد سكرتيراً لها، وانتخبت إلى المكتب السياسي كل من: زكي خيري وكريم أحمد وعمر علي الشيخ وباقر إبراهيم وثابت حبيب العاني (مرشح).


لم يلتزم أحمد حسن البكر وصدام حسين بوعودهما للرفيق عزيز محمد. فلم يطلق سراح الرفيقين كاظم الجاسم وعزيز حميد. وتواصلت الحملة الإرهابية وبضراوة أشد بعد بضعة أشهر من انعقاد المؤتمر. وقد حصل ذلك، كما يبدو لي، بعد أن اطّلع قادة البعث على وثائق المؤتمر وأعماله، فوضعوا، هذه المرة، تحطيم كل منظمات الحزب هدفاً رئيسياً لهم. لم يرق لقادة البعث تكتيك الحزب ولا ستراتيجته اللذان أقرهما المؤتمر، ولا التقارير التي القيت فيه، والتي أدانت السياسة المنافية للديمقراطية التي تتبعها سلطة البعث. ورأى البعثيون في نتائج المؤتمر خطراً على نظامهم ومستقبلهم. ويشير سباهي بحق، إلى أن عقد المؤتمر سراً وبنجاح، وبكثرة المندوبين الذين أسهموا فيه، والترحيب الذي قوبل به لدى الحركة الشيوعية العالمية، قد أثار حنق الحزب الحاكم وأجهزته الأمنية، التي لم تستطع رصده رغم الاستعدادات الكبيرة التي اتخذت تحضيراً له (15.

قبل أن تشتد الحملة اتخذت اللجنة المركزية التي كانت مجتمعة في اوائل عام 1971 في منطقة بالك ـ أربيل، والخاضعة لقوة أنصارنا، جملة إجراءات احترازية من بينها إبقاء عضو المكتب السياسي كريم أحمد الداود وعضوي اللجنة المركزية بهاء الدين نوري وكاتب هذه السطور، في كردستان، في الأراضي المحررة غير الخاضعة لسيطرة السلطة. وانضم اليهم لاحقاً الرفيقان مهدي عبد الكريم و شاكر محمود، عضوا اللجنة المركزية، وكذلك حوالي خمسون رفيقاً غالبيتهم العظمى من الكوادر الوسطية. واستمرت الحملة حتى صيف 1971 وشملت معظم منظمات الحزب. وقد كتبت صحيفة "طريق الشعب" في عددها الصادر في شباط 1971 ما يلي: " لقد اختار حزب البعث عملياً نهج الإرهاب الذي سلكه عام 1963 مع تعديلات شكلية في الوتائر والأساليب. فلقد أعيد بقصد مفهوم، فتح "قصر النهاية" الرهيب ليبقى رمز العلاقة بين الحكم والمعارضة الوطنية، كما استمر التمسك بذات الأساليب المنكرة في اعتقال المواطنين وتعذيبهم وقتلهم وتشويههم سياسياً أو اغتيالهم" (16

لقد أعتقل وعذب في هذه الحملة الإرهابية وحدها، التي بدأت في ربيع 1970، وخفت بضعة أشهر بعد المؤتمر وتواصلت حتى صيف 1971، آلاف الشيوعيين تعذيباً وحشياً واستشهد الكثيرون منهم تحت التعذيب أو الاغتيال من بينهم محمد الخضري وعلي البرزنجي وماجد العبايجي ومشكور مطرود وحسين نادر وأحمد رجب وعبد الله صالح ومحمد حسين الدجيلي وعبد الأمير رشاد وجواد عطية. وقبل هذه الحملة جرى اغتيال الشهيد ستار خضير عضو اللجنة المركزية، وإستشهد تحت التعذيب الكادر العمالي عبد الأمير سعيد.

واستولت السلطة على جميع أجهزة الطباعة المركزية واعتقلت ثابت حبيب العاني العضو المرشح للمكتب السياسي، وعامل النفط توفيق أحمد عضو اللجنة المركزية الذي لم يستطع الصمود أمام التعذيب فأسقط سياسيا. وسحقت منظمة الحزب في مدينة بغداد سحقاً كاملاً (17

وتواصلت الحملة الإرهابية وطالت كردستان، حيث أختطف في كركوك الرفيق علي حسين البرزنجي عضو اللجنة المركزية و40 رفيقاً، وتم السطو على مطبعة الحزب، ونقل المعتقلون إلى قصر النهاية. ولم يكن نهج الحزب السياسي المعتمد سوى المعارضة غير المطلقة وبالوسائل السلمية، والتى كانت مقتصرة على مطبوعات الحزب السرية وصلاته المباشرة. وقد أدينت الحملة الإرهابية من قبل قوى اليسار العالمي فحفلت الصحف الشيوعية في البلدان الرأسمالية وخاصة "المورننغ ستار" و"اللومانيتيه" و"اونيتا" بالمقالات الإحتجاجية، وكانت حملة الادانة ضعيفة جداً في البلدان الاشتراكية (18
--------------------------------------------------------------------------------------
ثورة الردة

( احتفظ الاستعمار واحتكاره النفطي منذ 14 تموز بموقعه المسيطر على حياة البلاد الاقتصادية وبالتالي بأدوات التأثير على حياتها السياسية وبالأخص شبكة عملائه المنتشرة في مختلف الأوساط في الدولة والمجتمع. وبدأ برسم المخططات التأمرية وهي تضم في إطارها الإقطاعيين والعملاء والرجعيين من أعداء الشيوعية والديمقراطية ودفع في شراكها مختلف أجنحة القوميين داخل العراق وفي البلدان العربية الأخرى هذه الفئات التي وضعت خصومتها مع الحكم القائم عهد ذاك ومع القوى الثورية التي يمثلها حزبنا فوق جميع الاعتبارات والمصالح الوطنية والقومية ومقتضيات النضال ضد الاستعمار. وواصل الإمبرياليون والرجعيون نشاطهم التآمري وفق هذا المخطط. والتقت نشاطاتهم هذه مع النشاطات التآمرية للفئات القومية سواءا بادراك من الأخيرة أو دون أدراك. وفي ظرف الصراع الدائر في كردستان تم انقلاب الردة في شباط 1963 بواجهة بعثية - قومية. وذلك بعد إصدار القانون رقم (80) الذي يقضي باسترجاع 99,5 بالمئة من أراضي العراق الخاضعة لامتياز شركات النفط الاحتكارية وأعداد لائحة قانون شركة النفط الوطنية. أن حكم الردة تمتع منذ اللحظات الأولى بعطف ومساندة القوى الإمبريالية والرجعية في العالم كله, وقد قبر لائحة قانون شركة النفط الوطنية في المهد. والغي قانون الأحوال الشخصية, وجمد قانون رقم (80), كما جمدت الاتفاقية الاقتصادية العراقية - السوفياتية وفتح الباب على مصراعيه أمام الرساميل الأجنبية الاحتكارية. ودشن عهده بالهجوم على الحركة الديمقراطية مركزا هجومه على الحزب الشيوعي العراقي. وأعلن البيان رقم (13) الذي يبيح قتل الشيوعيين وأبادتهم. فأطلق العنان للحرس القومي الفاشي بإباحة القتل والسلب والنهب وهتك الأعراض. وفتحت معسكرات الاعتقال التي ضمت عشرات الألوف من الوطنيين وجرت ممارسة سياسة التعذيب والتصفية الجسدية. واستشهد المئات من الكوادر الشيوعية والعسكريين الثوريين ومئات الأعضاء وقتل السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي سلام عادل والعديد من أعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي تحت التعذيب. وتم سلب المكتبات العمالية وجرى شن الغارات البوليسية "الزركات" على الفلاحين. وبعد أشهر من الهدنة مع قادة الثورة الكردية والتي استثمرت لتصفية أخر بقايا الديمقراطية شهدت البلاد أفضع حرب تدميرية ضد الشعب الكردي في العراق. وفي مثل هذه الظروف نهض حزبنا الشيوعي باندفاع إلى المساهمة الفعلية في الثورة الكردية المسلحة حيث خاض الأنصار الشيوعيون معارك بطولية حققوا فيها أروع الانتصارات, كما شهدت البلاد أعنف صراع ضد قوى التحرر على المسرح العربي. هذه هي ثمرة الانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963, وبكلمة أخرى إرجاع مسيرة الثورة إلى الوراء سنوات عديدة. ولكن المقاومة الجماهيرية الواسعة منذ اللحظات الأولى بقيادة الحزب الشيوعي بهدف صيانة الجمهورية واستقلال البلاد ومكتسبات ثورة تموز, واستمرار المقاومة وبخاصة الانتفاضة البطولية في معسكر الرشيد في 3 تموز 1963 والحملة العالمية ضد الحكم الرجعي الجديد, ومقاومة الشعب الكردي البطولية, وتدهور الوضع السياسي والاقتصادي زاد في عزلة الحكم وحطم الحلف بين الرجعيين والقوميين والبعثيين على الصعيدين الداخلي و العربي, وأزيحت بعض الفئات ذات الانتماءات القومية من الحكم. وبالتالي أشتد التناقض الداخلي داخل أجنحة البعث نفسه وبين المدنيين والعسكريين حتى انتهت الواجهة البعثية على أثر انقلاب فوقاني في تشرين الثاني 1963) الحزب الشيوعي العراقي - المؤتمر الوطني الثاني - ايلول 1970

-------------------------------------------------------------------------------------

مصادر الاستشهادات من 1 الى 18: اعمال وشهادات ووثائق الاسماء التالية

موقع الحوار المتمدن -عزيز سباهي - سعاد وزكي خيري - ثمينة ناجي يوسف - وثائق الحزب الشيوعي العراقي -حنا بطاطو - جاسم الحلوائي - سعدي يوسف - رحيم عجينة - باقر ابراهيم - عزيز محمد

-------------------------------------------------------------------------------------

قدم الشهيد سلام عادل السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي تقييما لا نقلاب 8 شباط 1963 الاسود في آخر رسالة كتبها حملت عنوان(ملاحظات أولية الى لجان المناطق والالوية):
أن انقلاب ( الردة) في 8 شباط قد بدا فكريا وسياسيا واقتصاديا منذ أواسط 1959 حينما تصرف قاسم بما يشبه الاستسلام للقوى السوداء التي اخذت تسترجع المواقع واحدا بعد آخر,في الجيش والدولة وفي الحياة الاقتصادية والمجتمع , ومنذ ذلك الحين فان الخط البياني لتفاقم التهديد الرجعي , وتفاقم أخطار الردة قد تموج فترات صعودا ونزولا, ولكن كخط عام بقى يتصاعد. وفي 8 شباط 1963 أسقطت الرجعية الفاشية السوداء حكم قاسم واستولت على الحكم.

ان قاسم الذي أعاد الروح للقوى الرجعية وغذاها , ودافع عنها , اتهم كل من ينبه للتآمر ولخطر الرجعية , بالخيانة , لذلك فان الكثير من قواها الخاصة قد فقد تدريجيا الامل في امكانية استمرار حكمه وفي جدوى الدفاع عن ذلك الحكم , بحكم عقليتها البرجوازية المتساومة. وفي اللحظات الحاسمة سلمت أجهزتها وسلمت نفسها لقوى التآمر السوداء متخاذلة جبانة واعلنت الولاء للمتآمرين.

وعندما انفجرت جماهير الشعب الكادح للوقوف بوجه المتآمرين بعزم واصرار ووعي عظيم , اصطدمت لا بالعناصر الرجعية المتآمرة من أجهزة الجيش والدولة فحسب , بل جابهت قمع عدد غير قليل من أعوان قاسم نفسه ممن كان يعتمد عليهم والذين فضلوا الركوع أمام الرجعية وتسهيل مهمتها في استلام الحكم والوقوف ضد المقاومة الشعبية الباسلة .

ان مشكلة قاسم واجهزته والقوى التي تدين له بالولاء هي مشكلة البرجوازية الوطنية كطبقة . ونقاط ضعفه المدمرة هي نقاط الضعف المدمرة في الطبقة التي ينتمي اليها ويمثلها,ولقد ظهرت هذه الصفات تبعا لوضع القوى الاجتماعية في بلادنا ولشروط النضال فيها . ونقصد بذلك بالضبط عمق واتساع الوعي الجماهيري الديمقراطي الثوري والقوى النسبية التي تتمتع بها الرجعية وضعف البرجوازية الوطنية .

ويتحمل المسؤولية بدرجات متفاوتة كل أولئك الذين ساندوا ردة قاسم منذ اواسط عام 1959 , وحملوا شعارات ضد" الفوضوية" و" الحزبية الضيقة ". ووقفوا موقف التاييد أو المساهمة أو تجاهلوا خطر النشاط الرجعي والعصابات الفاشية التي ذر قرنها منذ ذلك الحين .

ان القوميين الاكراد حاربوا قاسم بصورة عمياء وطلبوا العون والمساندة من أية جهة لاسقاطه, وغازلوا القوميين العرب اليمينيين وتعاونوا معهم وتصوروا بأن انقلاب 8 شباط 1963 كما لو أنه انتصار لهم .ان هذه السياسة تنم عن ضيق الأفق القومي وقصر النظر البرجوازي. انهم يجابهون عدوا اشرس من قاسم. ان مطامح الشعب الكردي تتعارض مع أهداف الانقلاب على خط مستقيم تماما. أن قادة الانقلاب أذاعوا بعض الاقوال التخديرية ولكن حتى الاطفال باستطاعتهم أن يدركوا أن هذه الاقوال لا هدف لها سوى التخدير ,وكسب الوقت لتركيز سلطتهم.

ان قادة الانقلاب وأعوانهم كانوا يضغطون على قاسم باعتباره لا يقمع الحركة القومية الكردية بالقسوة والشدة اللازمة . كانوا ولا يزالون يطمحون الى قمع عسكري أشد دموية وقسوة ضد الشعب الكردي . ان منشوراتهم حتى قبل انقلابهم بايام اعتبرت حركة القوميين الاكراد حركة أستعمارية مشبوهة.

ان القوميين الاكراد ييتحملون مسؤولية خاصة من بين الحركة الوطنية في تهيئة الظروف المناسبة للانقلاب الرجعي الفاشي رغم ان المسؤولية الأولى والاساسية تتحملها دكتاتورية قاسم .

لم ندافع عن الدكتاتورية , دافعنا عن مكتسبات الثورة ضد الردة , ضد دكتاتورية سوداء اشد فضاعة تجاه الشعب , تجاه العمال والمثقفين الثوريين وسائر القوى الديمقراطية .

انهم يهاجمون قاسم لا بسبب دكتاتوريته , بل ساندوا دكتاتوريته بكل قواهم طيلة ثلاث سنوات ونصف , أنهم يهاجمون وطنية قاسم وعدائه للاستعمار لصالح الاقطاع والرجعية وبالتالي لصالح الاستعمار
.
ان سياسة قاسم فرقت القوى الوطنية , والانقلابيون انتهجوا منذ 14 تموز سياسة تمزيق الوحدة الوطنية ,واتضح بعد انقلابهم بأنهم اشد عداء لوحدة القوى الوطنية من قاسم.

ان معاداة الشيوعية هي سياسة استعمارية , سياسة غلاة دعاة الحرب المستعمرين , هي السياسة الرسمية للأحلاف العسكرية, أنهم يطبقون الآن ذات السياسة وبحماس كبير , أنهم يعادون جميع الأحزاب الديمقراطية والوطنية , بما في ذلك الأحزاب البرجوازية , انهم لا يطبقون سياسة الاستعمار والرجعية وحسب , بل يطبقون سياسة غلاة الاستعماريين دعاة الحرب والعدوان و سياسة الاحلاف العسكرية العدوانية.
يقول المتآمرون بأن حركتهم هي امتداد لثورة 14 تموز , وأنها جاءت لتعديل الانحراف. وهذا بهتان واضح.ان أهداف ثورة 14 تموز يجسدها ميثاق جبهة الاتحاد الوطني , التي كانت تضم الاحزاب الاربعة والمستقلين , والتي ايدها والتف حولها العسكريون في العهد الملكي . ان اهداف الجبهة معروفة وهي اسقاط حكم عملاء الاستعمار والخروج من ميثاق بغداد وضد الاحلاف , أنتهاج سياسة وطنية مستقلة محبة للسلام والتضامن مع البلدان العربية المتحررة واعادة تقوية العلاقات مع البلدان الاشتراكية , التصنيع , الاصلاح الزراعي , حكم ديمقراطي و وحريات ديمقراطية لجميع القوى القوى الوطنية والشعبية . هذه هي أهداف الجبهة , أهداف ثورة 14 تموز . وبعد الثورة مباشرة عمل القوميون على الزوغان عن هذه الاهداف وادخال شعارات الوحدة وفرض الدكتاتورية ومعادة الشيوعية ... الخ . أين هذه الشعارات من أهداف ثورة 14 تموز , من أهداف الجبهة ؟ .
يقولون بأننا ( الحزب الشيوعي) حاولنا الانفراد بالثورة وحرفها . ومعروف البهتان في هذا القول . ان الحزب الشيوعي هو الوحيد الذي لم يشارك في الحكومة من بين أحزاب الجبهة , فاين الانفراد وأية شعارات نحن رفعناها خارجة عن شعارات جبهة الاتحاد الوطني ؟ , شعارات ثورة 14 تموز . أن نضالنا لم يتجه الا بالضبط لتحقيق أهداف الجبهة , أهداف الثورة المتفق عليها من قبل الجميع . ويصح هذا القول طوال نضال الحزب حتى انقلاب 8 شباط الرجعي . تمسكا بالنضال بصورة ثابتة لتحقيق مهمات الثورة في صيانة وتعزيز الاستقلال الوطني وارسائه على اساس ديمقراطي , بما فيها الحقوق الديمقراطية للشعب الكردي , ومن أجل تقوية التضامن العربي ضد الاستعمار والرجعية والصهيوينة , وتقوية العلاقات مع البلدان الاشتراكية , وتنشيط التصنيع وحماية تطوير الاقتصاد الوطني وضد الاستعمار والشركات النفطية الاحتلكارية , وضد الاقطاع والرجعية وضد الدكتاتورية .
ومنذ ثورة 14 تموز فان الانقلابيين كانوا يمثلون حركة نكوص عن أهداف الثورة , أهداف جبهة الاتحاد الوطني التي صادقوا عليها وعملوا تحت لوائها في العهد الملكي . فقد حاولوا فرض دكتاتورية عسكرية منذ الايام الاولى للثورة , وحملوا راية العهد الملكي والاستعمار , راية مكافحة الشيوعية واستندوا في ذلك الى الاقطاعيين والرجعيين .وكان لا مناص لاية قوة وطنية مخاصة لأهداف ثورة 14 تموز أن تقف ضدهم . ومن كان أكثر اخلاصا من الحزب الشيوعي الذي رفع راية الكفاح ضد مؤمراتهم الرجعية القذرة؟ اننا عبأنا الشعب والقوى الوطنية ضد المؤامرات ولكن السياسة الرسمية لم نكن نحن مسؤولين عن تفاصيلها , فهي لم تكن من وضعنا باي حال, كحزب خارج الحكم . ونحن ايدنا وساندنا خطها العام الصحيح ضد الاستعمار وضد الاقطاع والرجعية وضد أية حركة ردة.

انهم يعارضون بالدرجة الاولى سير الامور في العام الاول من الثورة ويصبون سخطهم على تلك الفترة بينما الجماهير الشعبية الكادحة وسائر القوى الديمقراطية والوطنية هي اكثر اعتزازا بتلك الفترة بالذات التي كانت اكثر تجاوبا مع أهداف جبهة الاتحاد الوطني , أهداف ثورة 14 تموز المتفق عليها من قبل الجميع .

أنهم يتبجحون الان بمعارضة الدكتاتورية وهذا بهتان , ففي الاشهر الاولى من الثورة التي يعادونها بشكل خاص كانت الجماهير تمارس عمليا الكثير من حقوقها الديمقراطية وكانت المبادرة الشعبية ذات شأن سياسي في مسيرة الثورة . وليس عبثا أن تحققت في تلك الفترة خيرة منجزات الثورة , القضاء على الحكم الاستعماري وانتهاج سياسة مستقلة , صدور قانون الاصلاح الزراعي والعمل السريع لتطبيقه , الخروج من حلف بغداد ومن الاتفاقيات الثنائية مع بريطانيا , عقد اتفاقيات اقتصادية وثقافية متعددة مع البلدان الاشتراكية والبلدان المستقلة مما يعزز استقلالنا الوطني ويطور اقتصادنا الوطني , قيام نقابات وجمعيات مهنية واجتماعية ... الخ انهم يعادون هذه الفترة اكثر من غيرها يينما هم ساندوا دكتاتورية قاسم منذ اواسط 1959 وكانوا ادواته المنفذة ضد الشعب والقوى الديمقراطية في كل القطاعات . وهذا كان شانهم طوال أكثر من ثلاث سنوات ونصف خدما اذلاء للدكتاتورية .ان انقلاب 8 شباط لم يحصل الا لغرض دكتاتورية أشد وطأة على الشعب ومختلف قومياته وطبقاته الوطنية , وعلى كل القوى الديمقراطية. ان الذين كافحوا بعناد ووعي ضد دكتاتورية قاسم , وفي طليعتهم الشيوعيون , كافحوا ببسالة ضد الدكتاتورية في جميع قطاعات الحياة السياسية والمجتمع . ليس عبثا أن قدم الشيوعيون وسائر الديمقراطيين مئات الشهداء وسجن واوقف منهم عشرات الالوف من المناضلين من أجل صيانة الاستقلال الوطني وضد الدكتاتورية , وقدموا التضحيات التي لم تشهدها بلادنا حتى ابان الحكم الملكي الاستعماري , ان سجون قاسم ملئت بآلاف المناضلين الديمقراطيين ضد الدكتاتورية ولم تكن تحوي منهم سوى افراد قلائل وعشرات ممن يعتقلون لبضعة أيام ثم يطلق سراحهم على اساس قاعدة " عفا الله عما سلف "التي كان يحرص قاسم أن يتخذها أسلوبا في علاقاته معهم . ان لآلاف المناضلين ضد الدكتاتورية من الشيوعيين والتقدميين الشجعات قد قبعوا سنوات في سجون قاسم وجاء الاتقلاب الرجعي الفاشي ليضيف اليهم آلافا جديدة ومضاعفة وليغتالوا في الشوارع والبيوت والثكنات آلافا آخرين من المناضلين ضد الدكتاتورية السوداء الجديدة الأشد بشاعة ورجعية , خادمة الاستعمار والاقطاع

ان الدكتاتورية السوداء الجديدة لم تات للقضاء على الدكتاتورية كما تزعم , ولم تأت من أجل الوحدة والحرية والاشتراكية أو " العدالة الاجتماعية " ان طبيعة الدكتاتورية السوداء الجديدة لا يمكن أن تسترها بغربال من الديماغوجية والتهويش. انها طبيعة رجعية قومية يمينية شوفينية عنصرية طائفية.وبطبيعتها هذه تخدم بالدرجة الأولى الاستعمار والرجعية والاقطاع, انها تمثل حركة ردة سوداء للنكوص ببقايا مكتسبات ثورة 14 تموز انها تحمل راية مهادنة الاستعمار الامريكي والانكليزي وشركاتهما النفطية , انها تحمل راية تخريب الاصلاح الزراعي , تخريب علاقات التعاون النزيه المتبادل بين بلادنا وبين الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية ,انها تحمل راية تخريب البقية الباقية من النزر اليسير من حريات الشعب ومنظماته ونقاباته وجمعياته المهنية والثقافية والاجتماعية , انها تحمل راية تخريب المقاييس الوطنية وتشويه أهداف الحركة الشعبية وحرفها لصالح الاستعمار والاقطاع , انها تحمل راية معاداة الشيوعية والديمقراطية والوطنية . راية ميثاق بغداد . غلاة دعاة الاستعمار والعدوان والحرب , وفرض ابشع اساليب الحكم البوليسية الفاشية على بلادنا , أنها تحمل راية تدمير جيشنا الوطني جيش 14 تموز وتصفية عناصره الوطنية الاشد اخلاصا للشعب والوطن. انها سلطة معادية للقوميات والأقليات التي يتألف منه شعبنا , تحمل راية العداء القومي والطائفي وضد الشعب الكردي وضد الاقليات القومية والدينية والطائفية , أنها تحمل راية معاداة العمال والفلاحين, معاداة المثقفين والثقافة والعلم.

ان السبب الرئيسي الذي أدى الى سيطرة الانقلابيين على الحكم هو العزلة التي أصابت تدريجيا دكتاتورية قاسم عن الشعب وعن القوى الوطنية. ولكن الانقلاب الرجعي الراهن يبدأ بعزلة اشد من تلك العزلة التي انتهت اليها دكتاتورية قاسم . ولا بد لمثل هذا الحكم المعزول أن يجابه نهايته السريعة جدا على يد شعبنا المجاهد الباسل. وبتضافر سائر طبقاته وقومياته وقواه الوطنية والديمقراطية وبالدرجة الأولى بتحالف العمال والفلاحين وسائر الكادحين والمثقفين والثوريين عربا وأكرادا وغيرهما وبالقيادة الحازمة الواعية للطبقة العاملة والحزب الشيوعي.

ان المتآمرين الخونة ينهجون الآن السبيل نفسه الذي انتهجه المغامرون أعداء الشعوب على مر التاريخ انهم يتصورون أن الارهاب والبطش يمكن أن يخيف الشعب , يمكن أن يرعب القوى الوطنية والديمقراطية الثابتة والمخلصة , يمكن أن يرهب الشيوعيين الأبناء البواسل لطبقتنا العاملة المكافحة ولشعبنا العظيم ولا يحتاج الى برهان جديد بأن من المستحيل فرض حكم غادر على الشعب بالنار والحديد وبأساليب الاعتقال والتشريد والتقتيل الجماعي.

ان الشعب لا يمكن افناؤه , أو فل ارادته , والمغامرون والخونة والذين يحاولون حكم الشعب رغم ارادته هم الذين دائما مصيرهم الفناء والدمار. والفاشست الانقلابيون الجدد المنعزلون كليا عن الشعب سيجدون مثل هذا المصير بصورة عاجلة وسريعة وبشكل استثنائي)

تلكم هي الكلمات الاخيرة للشهيد الخالد سلام عادل السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي , التي أختتم بها تقييمه الثوري للانقلاب البعثي الفاشي في 8 شباط 1963 الاسود , كلمات مفعمة بالثقة بشعبنا العراقي , ولم تمر على ذلك التقييم الا شهورا معدودات وسقط حكم الفاشست هذا

تلكم هي كلماته الاخيرة , المؤمنة بقدر المناضل للسير حتى النهاية , حيث قدم حياته فداء للشعب والوطن ( ورغم خسائر الحزب الجسيمة خلال الايام الاولى من الانقلاب حيث اشارت التقديرات الى أن عدد شهدائه خلال تلك الأيام قد وصل الى حوالي 5000 شهيد واعتقل 29 ألفا من الشيوعيين واصدقاء الحزب . وقد تمكن سكرتير الحزب سلام عادل وثلاثة من أعضاء المكتب السياسي وهم جمال ومحمد صالح العبلي من الاختفا ء اضافة الى عدد من أعضاء اللجنة المركزية وقيادة منطقة بغداد وكوادرها من الاختفاء وتنظيم التراجع ولم شتات المنظمات الحزبية واعادة الصلة بها وبالتنظيمات في منطقة الفرات الأوسط والمنطقة الجنوبية واقليم كردستان كما سلمت مطبعة الحزب السرية وظلت تطبع البيانات والمنشورات في تلك الايام الصعبة , لذلك بدا سلام عادل في الرسالة التي كتبها " ملاحظات أولية " متفائلا بسرعة القضاء على الانقلاب) ثمينة ناجي يوسف:سلام عادل - سيرة مناضل-الجزء الثاني-ص 357

اذن هكذا كانت هي صورة البارحة, كما عبر عنها قائد وطني ثوري برؤية وطنية مسؤولة , زعيم ثوري قدم حياته جنبا الى جنب مع الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم ورفاقهما واخوتهما من قادة الحزب الشيوعي العراقي وقادة الجيش العراقي والالاف من الشهداء من الشيوعيين والديمقرطيين العراقيين دفاعا عن ثورة 14 تموز المجيدة, في مقاومة انقلاب 8 شباط 1963 الفاشي , هذا الانقلاب الذي اشرفت على رعايته وتنظيمه المخابرات الامريكية , ونفذته القوى القومية الشوفينية والعنصرية والقوى الدينية الرجعية المتحالفة مع بقايا الاقطاع .

ومر العراق بمرحلة طويلة بين صورة ثورة 14 تموز 1958 وصورة اليوم في مرحلة سقوط النظام البعثي الفاشي الثاني واحتلال العراق

فما بين الانقلاب الفاشي الاول في 8 شباط 1963 واحتلال العراق في 9 نيسان 2003 ,استخدم حزب البعث الفاشي كرأس حربة بيد القوى الامبريالية العالمية , اذ رفع الشعارات اليسارية المزيفة لمواجهة المد اليساري الثوري المتصاعد في فترة الستينيات والسبعينيات , ضمن استراتيجية امريكية لقطع الطريق على صعود اليسار الثوري الحقيقي من الوصول الى الحكم.

ولما بدا المد الديني في الصعود على حساب القوى القومية واليسارية معا , خصوصا بعد سقوط الشاه وخطف الثورة الشعبية الايرانية من يد الطبقة العاملة والقوى الثورية لصالح القوى الاسلاموية , شن نظام البعث الفاشي بدفع من السيد الامريكي ايضا, حربه على ايران وتبرقع زعيمه ببرقع الدين عبر حملته الايمانية سيئة الصيت , التي اضاع فيها المشيتين , فهو لم يعد يساريا " مزيفا" حسب المودة القديمة , ولا اسلامويا" مزيفا" وفق المودة الجديدة.

كان العراق وشعبه في مطحنة الاستراتيجية الامبريالية الامريكية على مدى تلك العقود الاربعة , الممتدة من الانقلاب الامريكي الاول في 1963 , مرورا بالانقلاب الامريكي الثاني في 1968 حتى الاحتلال المباشر للبلاد في 2003

لقد امتطت الامبريالية الامريكية القوى القومية العربية ( البعث ) والقوى القومية الكردية ( البارزاني والطالباني) والقوى الاسلاموية الشيعية( ال الحكيم , بحر العلوم, والدعوة ) والسنية ( الحزب الاسلامي) والقوى الاقطاعية( على مستوى العراق كله), امتطاء جماعيا كما في انقلاب 1963 أو امتطاء جزئيا كما في انقلاب 1968, وامتطاءا شاملا
متعدد الاوجه , معقد, لكنه مكشوف في 9 نيسان 2003

ان صورة اليوم تعلن عن هويتها بالابادة الجارية للشعب العراقي , التطهير العرقي والطائفي , التهجير المليوني للسكان , التدمير الشامل للبنية التحتية للبلد , النهب الشامل للثروات, وصولا الى الهدف النهائي , تقطيع اوصال الوطن الى اقطاعيات طائفية عنصرية

ان الطبقة العاملة العراقية المتحالفة مع الفلاحين وسائر الكادحين , ممثلة بحزبها الثوري , الحزب الشيوعي العراقي , هي القادرة بالتعاون مع كل القوى الوطنية المعادية للاستعمار والاحتلال , على مواجهة هذا المشروع الامبريالي الجهنمي , وبالتالي انقاذ الوطن من التقسيم وتحريره واقامة دولة القانون والعدالة الاجتماعية

الجمهورية العراقية الحرة الديمقراطية هي الهدف التي كافح من اجلها بنات وابناء العراق الابرار جيل تلو الجيل الاخر, منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة حتى يومنا هذا , مسيرة معمدة بدماء الشهداء الزكية من اجل وطن حر وشعب سعيد

ان كلمات الشهيد سلام عادل التي نستعيدها اليوم بعد اربعة عقود من استشهاده , هي ذاتها التي صرخ بها بوجه الجلادين الذين اذاقوه اهوال العذاب حتى استشهاده مرفوع الهامة , مؤمن بالشعب العراقي واثق من النصر , اننا اذ نخوض المعركة التأريخية الكبرى , معركة وجود او عدم وجود بلادنا , معركة الحرية في مواجهة العبودية , نجدد العهد للشهداء بأن دمائهم لن تذهب هدرا , ويوم حرية الوطن والشعب لقريب , وما مصير الغزاة وعملائهم الا مزبلة التأريخ


مكتبة اليسار - فصول من كتاب يعد للنشر*
عنوان الكتاب : اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة
(1921-2011)
الكاتب : صباح زيارة الموسوي

تاريخ نشرالمادة : 2008-04-16



#التيار_اليساري_الوطني_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة (1921-2011) : :م ...
- اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة (1921-2011)* : ا ...
- اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة (1921-2011) * - ...
- اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة (1921-2011) * - ...
- اليسار العراقي - مكتبة اليسار / فصول من كتاب يعد للنشر* - بي ...
- اليسار العراقي - مكتبة اليسار / فصول من كتاب يعد للنشر* - وش ...
- اليسار العراقي - موقفنا :انقلاب 8شباط1963 البعثي الفاشي خطوة ...
- ملف اللقاء اليساري العربي الثالث - ورقة التيار اليساري الوطن ...
- اللقاء اليساري العربي الثالث : يسار خالي الدسم - فلسطين – فض ...
- اللقاء اليساري العربي الثالث - الاسلام السياسي والاقتصاد الا ...
- اللقاء اليساري العربي الثالث : تبني استرتيجية اليسار العربي ...
- - العراقية - عاهرة الكتل السياسية الفاسدة
- بغداد تودع العام 2011 بتحدى القوى الظلامية والطائفية الاجرام ...
- احتفال بالنصر واصرار على تصفية آثار الاحتلال
- لحظة انهيار العملية السياسية الاحتلالية : ماهية الدور السياس ...
- نطالب بتقديم اعضاء مجلس الحكم الى المحاكمة فوراً باعتبارهم ص ...
- ورقة حوار مقترحة موجهة الى القوى اليسارية العراقية : العراق ...
- مواصلة النضال بكافة أشكاله طريق الشعب لضمان الانسحاب الأمريك ...
- نداء من أجل التبرع لجريدة اليسار
- السجن 10 سنوات للمالكي والطالباني وعلاوي والنجيفي وجميع اعضا ...


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - التيار اليساري الوطني العراقي - اليسار العراقي توأم الدولة العراقية الحديثة (1921-2011) : ليس ردا على ديماغوجية أيتام البعث الفاشي المفضوحة بل تذكيرا عسى ان تنفع الذكرى