أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عبد العزيز - رجال الدين أفيون الشعوب1 (مستقبل غاندي 1 - 3)















المزيد.....

رجال الدين أفيون الشعوب1 (مستقبل غاندي 1 - 3)


أحمد عبد العزيز

الحوار المتمدن-العدد: 3641 - 2012 / 2 / 17 - 09:15
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لطالما لعب رجال الدين دوراً كبيراً في التأثير على مجتمعات متعددة، بل وحصرهم في دائرة مغلقة لا يخرج عنها إلا الضالين –من وجهة نظرهم- ولا يحذو حذوهم إلا صالحاً هداه ربه إلى سواء السبيل.

في كتابه (في سبيل الحق) أو (قصة حياتي) تحدث غاندي عن مراحل حياته منذ طفولته، مروراً بزواجه المبكر، ووفاة والده، ودراسته، وأصدقائه، تحدث أيضاً في الفصل العاشر عن الدين تحت عنوان (لمحات من الدين).

ولد غاندي على عقيدة الفيشنافا، وكان عليه أن يذهب إلى معبد الهافيلي الذي لم يكن يستسيغ الذهاب إليه، لأنه لم يعجبه ما فيه من بريق ومظاهر الأبهة والعظمة، كما كان قد ترامى إلى سمعه أن هناك آثاما ترتكب فيه، ولذلك فقد رغب عنه، إلا أن ما فاته منه فقد جناه عن طريق مربيته التي لطالما تذكر حبها له وحنانها عليه، وقد كان الخوف من العفاريت والأرواح يستبد به، ولذا اقترحت مربيته –رامبها- أن يتلو الراماناما المرة بعد المرة علاجاً لهذا المرض، وأخذ يتلوها إلتماساً للشفاء، وكما يقول: "ولكن البذرة التي غرستها هذه المرأة الطيبة في نفسي، وأنا لا أزال في طفولتي، لم تغرس سدى، فقد ظلت الراماناما علاجاً نفسياً لا يخيب معي إلى يومنا هذا".

ثم تحدث غاندي عن أبيه وقت مرضه، حيث كان يستمع كل مساء إلى تلاوة الراماناما من قارىء ورع وهبه الله صوتاً جميلاً، فكان ينشد بالثنائيات والرباعيات، ثم يأخذ في تفسيرها فينسى نفسه في تيه الحديث بعد أن يكون قد حمل سامعيه معه، ويكمل غاندي: "ومع أنني كنت لا أزال في الثالثة عشرة في ذلك الوقت فلا زلت أذكر ما كان لتلاوته وتفسيره من وقع كبير في نفسي".

وانتقل غاندي للحديث عن تلقيه الدروس الأولى في التسامح نحو جميع المذاهب الهندوسية ونحو غيرها من الأديان الشقيقة، فقد كان والداه يزوران معبد الهافيلي كما كانا يزوران معابد شيفا وراما على السواء، وكانا في تلك الزيارات يصحبانه معهما، وتارة أخرى يبعثان به إليها جميعاً، كذلك كان بعض الكهنة من أتباع الجينية يزورون أبيه أحياناً، ويضيف غاندي: "وكثيراً ما كانوا يخرجون عن طريقهم المألوف فيطعمون من طعامنا نحن الذين لم نكن ندين بدينهم، بل كثيراً ما كانوا يتذاكرون مع أبي في موضوعات شتى، منها ما هو ديني، وما هو دنيوي"، وقد كان لأبيه فوق ذلك أصدقاء من المسلمين ومن المجوس، كانوا يأتون إليه ويتحدثون معه في شئونهم الدينية، فكان ينصت إليهم دائماً في إجلال واحترام، وفي كثير من الاهتمام، وقد أتيح لغاندي أثناء قيامه على شئون أبيه خلال مرضه فرصة الاستماع إلى تلك الأحاديث، فيقول غاندي: "كل ذلك تجمع في نفسي وغرس في قلبي روح التسامح نحو جميع الأديان، إلا ديناً واحداً في ذلك الوقت، هو المسيحية، فقد كان له كراهية خاصة في نفسي يومئذ لسبب معين، ذلك أن المبشرين المسيحيين كانوا قد اعتادوا في تلك الأيام أن يقفوا في ركن قريب من المدرسة الثانوية، فينطلقوا في تبشيرهم، ويسخروا من الهندوس، ويستهزئوا بآلهتهم، ولم تحتمل نفسي ذلك، ولعلي لم أقف لأستمع إليهم إلا مرة واحدة، ولكن هذه المرة كانت كافية لأن تصرفني عن تكرار التجربة، وزاد الطين بلة أنني سمعت في حوالي ذلك الوقت عن هندوسي معروف ارتد إلى المسيحية، وكانت المدينة كلها تتحدث عنه وتلوك بألسنتها مسلكه بعد ارتداده، كيف أكل عند تنصيره لحم البقر وشرب بعض المشروبات الروحية، وكيف بدل ملابسه فأخذ يمشي بين الناس بالزي الأوروبي بما فيه القبعة، واشمأزت نفسي من كل ذلك وقلت لنفسي إن ديناً يرغم الناس على أكل لحم البقر وعلى شرب الخمر وعلى تغيير زيهم لا يمكن أن يكون جديراً بهذا الاسم، بل كنت قد سمعت فوق ذلك أن هذا المرتد قد شرع يسخر من دين أجداده وآبائه ويهزأ بعاداتهم وببلادهم، كل ذلك ولد في نفسي شعوراً بالكراهية للمسيحية في ذلك الوقت، على أن هذا التسامح نحو الأديان الأخرى الذي تعلمته في صغري لم يعن بالضرورة أن الإيمان بالله عن إدراك ووعي كان يملأ علي نفسي في تلك الأيام، ومع ذلك فإن شيئاً واحداً كان قد تغلغل إلى أعماق نفسي في ذلك الوقت، ذلك هو الإيمان بأن الأخلاق أساس كل شيء وبأن الحق هو أساس الأخلاق، ومن ثم فقد أصبح الحق الهدف الذي أبتغيه، وأخذ إيماني بالحق يزداد على مر الأيام وإدراكي لمعناه يتسع في مداه شيئاً فشيئاً".

لطالما لعب رجال الدين دوراً كبيراً في التأثير على مجتمعات متعددة، بل وحصرهم في دائرة مغلقة لا يخرج عنها إلا الضالين –من وجهة نظرهم- ولا يحذو حذوهم إلا صالحاً هداه ربه إلى سواء السبيل.

في كتابه (في سبيل الحق) أو (قصة حياتي) تحدث غاندي عن مراحل حياته منذ طفولته، مروراً بزواجه المبكر، ووفاة والده، ودراسته، وأصدقائه، تحدث أيضاً في الفصل العاشر عن الدين تحت عنوان (لمحات من الدين).


ولد غاندي على عقيدة الفيشنافا، وكان عليه أن يذهب إلى معبد الهافيلي الذي لم يكن يستسيغ الذهاب إليه، لأنه لم يعجبه ما فيه من بريق ومظاهر الأبهة والعظمة، كما كان قد ترامى إلى سمعه أن هناك آثاما ترتكب فيه، ولذلك فقد رغب عنه، إلا أن ما فاته منه فقد جناه عن طريق مربيته التي لطالما تذكر حبها له وحنانها عليه، وقد كان الخوف من العفاريت والأرواح يستبد به، ولذا اقترحت مربيته –رامبها- أن يتلو الراماناما المرة بعد المرة علاجاً لهذا المرض، وأخذ يتلوها إلتماساً للشفاء، وكما يقول: "ولكن البذرة التي غرستها هذه المرأة الطيبة في نفسي، وأنا لا أزال في طفولتي، لم تغرس سدى، فقد ظلت الراماناما علاجاً نفسياً لا يخيب معي إلى يومنا هذا".

ثم تحدث غاندي عن أبيه وقت مرضه، حيث كان يستمع كل مساء إلى تلاوة الراماناما من قارىء ورع وهبه الله صوتاً جميلاً، فكان ينشد بالثنائيات والرباعيات، ثم يأخذ في تفسيرها فينسى نفسه في تيه الحديث بعد أن يكون قد حمل سامعيه معه، ويكمل غاندي: "ومع أنني كنت لا أزال في الثالثة عشرة في ذلك الوقت فلا زلت أذكر ما كان لتلاوته وتفسيره من وقع كبير في نفسي".

وانتقل غاندي للحديث عن تلقيه الدروس الأولى في التسامح نحو جميع المذاهب الهندوسية ونحو غيرها من الأديان الشقيقة، فقد كان والداه يزوران معبد الهافيلي كما كانا يزوران معابد شيفا وراما على السواء، وكانا في تلك الزيارات يصحبانه معهما، وتارة أخرى يبعثان به إليها جميعاً، كذلك كان بعض الكهنة من أتباع الجينية يزورون أبيه أحياناً، ويضيف غاندي: "وكثيراً ما كانوا يخرجون عن طريقهم المألوف فيطعمون من طعامنا نحن الذين لم نكن ندين بدينهم، بل كثيراً ما كانوا يتذاكرون مع أبي في موضوعات شتى، منها ما هو ديني، وما هو دنيوي"، وقد كان لأبيه فوق ذلك أصدقاء من المسلمين ومن المجوس، كانوا يأتون إليه ويتحدثون معه في شئونهم الدينية، فكان ينصت إليهم دائماً في إجلال واحترام، وفي كثير من الاهتمام، وقد أتيح لغاندي أثناء قيامه على شئون أبيه خلال مرضه فرصة الاستماع إلى تلك الأحاديث، فيقول غاندي: "كل ذلك تجمع في نفسي وغرس في قلبي روح التسامح نحو جميع الأديان، إلا ديناً واحداً في ذلك الوقت، هو المسيحية، فقد كان له كراهية خاصة في نفسي يومئذ لسبب معين، ذلك أن المبشرين المسيحيين كانوا قد اعتادوا في تلك الأيام أن يقفوا في ركن قريب من المدرسة الثانوية، فينطلقوا في تبشيرهم، ويسخروا من الهندوس، ويستهزئوا بآلهتهم، ولم تحتمل نفسي ذلك، ولعلي لم أقف لأستمع إليهم إلا مرة واحدة، ولكن هذه المرة كانت كافية لأن تصرفني عن تكرار التجربة، وزاد الطين بلة أنني سمعت في حوالي ذلك الوقت عن هندوسي معروف ارتد إلى المسيحية، وكانت المدينة كلها تتحدث عنه وتلوك بألسنتها مسلكه بعد ارتداده، كيف أكل عند تنصيره لحم البقر وشرب بعض المشروبات الروحية، وكيف بدل ملابسه فأخذ يمشي بين الناس بالزي الأوروبي بما فيه القبعة، واشمأزت نفسي من كل ذلك وقلت لنفسي إن ديناً يرغم الناس على أكل لحم البقر وعلى شرب الخمر وعلى تغيير زيهم لا يمكن أن يكون جديراً بهذا الاسم، بل كنت قد سمعت فوق ذلك أن هذا المرتد قد شرع يسخر من دين أجداده وآبائه ويهزأ بعاداتهم وببلادهم، كل ذلك ولد في نفسي شعوراً بالكراهية للمسيحية في ذلك الوقت، على أن هذا التسامح نحو الأديان الأخرى الذي تعلمته في صغري لم يعن بالضرورة أن الإيمان بالله عن إدراك ووعي كان يملأ علي نفسي في تلك الأيام، ومع ذلك فإن شيئاً واحداً كان قد تغلغل إلى أعماق نفسي في ذلك الوقت، ذلك هو الإيمان بأن الأخلاق أساس كل شيء وبأن الحق هو أساس الأخلاق، ومن ثم فقد أصبح الحق الهدف الذي أبتغيه، وأخذ إيماني بالحق يزداد على مر الأيام وإدراكي لمعناه يتسع في مداه شيئاً فشيئاً".



#أحمد_عبد_العزيز (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا أحب.. إذن أنا إنسان


المزيد.....




- من يقف وراء حظر الاحتفالات الإسلامية في خوميا الإسبانية؟
- منظمة: السجن 5 سنوات لزعيم الطائفة البهائية في قطر
- الطلاق المدني في السويد قد لا يكفي – نساء يُجبرن على الذهاب ...
- الاحتلال يصادق على بناء 730 وحدة استيطانية جديدة في سلفيت
- الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء 4 آلاف وحدة استيطانية في سلفيت ...
- الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء نحو 4 آلاف وحدة استعمارية في سل ...
- لبنان: تفكيك مخيم تدريبي لحركة حماس والجماعة الإسلامية
- مصر.. ساويرس يترحّم على القيادي الإخواني عصام العريان ويتفاج ...
- الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء أكثر من 4 آلاف وحدة استعمارية ف ...
- نصرة الفلسطينيين فريضة لا يجوز التهاون فيها.. ما هي توصيات م ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عبد العزيز - رجال الدين أفيون الشعوب1 (مستقبل غاندي 1 - 3)