أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمود حامد - تحرير الإعلام المصرى طريقنا للريادة والتحدى















المزيد.....


تحرير الإعلام المصرى طريقنا للريادة والتحدى


محمود حامد

الحوار المتمدن-العدد: 3625 - 2012 / 2 / 1 - 16:30
المحور: حقوق الانسان
    


حتي نستنشق هواء الحرية عبر الأثير
هيمنة الحكومة مستمرة.. وخطوات الاستقلال ممكنة

آن الأوان لخلق إعلام مستقل بشكل كامل عن الحكومة أيا كانت هذه الحكومة والتي من المتوقع أن تتغير وفقا لأصوات الناخبين وفي إطار تداول السلطة الذي كان يمثل جريمة علي أرض مصر لصالح استقرار الحاكم وبطانته إلي أبد الآبدين.والقضية تستحق أوسع نقاش ممكن حتي نخلق إعلام الدولة لا الحكم، وحتي يتنسم المصريون هواء الحرية عبر الأثير، علي ألا يكون هذا الحوار حكرا علي بعض الذين «طنطنوا» لإعلام الشريف والفقي وكانوا بوقا للسلطة وتمترسوا خلف عضويتهم بلجان إعلام ما يسمي بالحزب الوطني دون أن يقيموا وزنا أو اعتبارا لوضعهم الأكاديمي. وحسناً يفعل المجلس الأعلى للقوات المسلحة حين يطرح الأمر للحوار .
كلنا أصحاب حق في ملكية اتحاد الإذاعة والتليفزيون.. ليس في ذلك أي مبالغة فالاتحاد بكل هيئاته وقنواته وإذاعاته ملك الدولة وليس ملكا لشخص معين أو حكومة محددة.. وبما أن المواطن يدفع الضرائب من المنبع خصما من مرتبه فهو واحد ممن يمولون الميزانية المحددة لهذا الاتحاد في الموازنة العامة للدولة.
هذه الحقيقة غابت في ظل هيمنة الحكومات السابقة علي الاتحاد وتحوله إلي ناطق رسمي باسم حكومات مبارك وحزبه المنحل خاصة في عهد صفوت الشريف مهندس السيطرة الإعلامية ومحاولات خداع الناس من خلال حجب الحقائق في إطار سياسة كانت قائمة علي شعار «لا صوت يعلو علي صوت مبارك ونجله وحزبه».
ورغم أن سامي الشريف ليس قريبا لصفوت الشريف لكنه - فيما يبدو – سار علي النهج نفسه ونسي أن هناك ثورة اسمها (25 يناير) وأن هناك عهدا جديدا لابد أن يبدأ وأن مهمته مؤقتة لحين إعادة هيكلة الإعلام الرسمي الذي «تغول» بشكل لا مثيل له في أي دولة من دول العالم.
إعلامنا - نعم إعلامنا - لابد أن يعبر عنا ولكن الملاحظ أن استضافة «القتلة» أهم من اللقاء مع حكماء الوطن.. وإفراد مساحات كبيرة لأصحاب الأفكار المدمرة أهم من السماح بظهور شباب الثورة المفرح والجميل والواعي والذكي والذي يملك رؤية متكاملة في إصلاح البلاد والعباد. تتواتر الأنباء عن وجود قائمة - غير مكتوبة - باسماء ممنوعة من الاستضافة في تليفزيون الدولة أو غير مرحب بها كما تتواتر الأنباء عن قرار غير مكتوب بعدم استضافة قيادات بعض الأحزاب السياسية أو تتم استضافة بعضهم دون الإشارة لصفته الحزبية .!
ويقولون إن جهاز أمن الدولة قد جرى حله وهذا صحيح ولكن الشاهد أن هناك أمرا يكاد يكون أخطر من أمن الدولة لأنه أقرب إلى «اللهو الخفي» الذى لا يعرفه أحد تم فى عهد د. سامى الشريف.. ولا ندري من الذي قرر استضافة أعداء الديمقراطية والحرية وحجب أصحاب الدولة المدنية الديمقراطية وهل هي جهة غير معلومة أو جهة حكومية أو جهة سيادية رغم أن الشفافية مطلوبة لأن من حقي وحق كل مواطن أن يري من يعبر عنه في قنوات هو أحد مالكيها.
وعموماً فإن هذه الورقة تركز على الإعلام المرئى والمسموع لأهمية دوره فى مجتمعنا ( الإحصائيات تقول إن متوسط مشاهدة المواطن فى مصر للتليفزيون يفوق المتوسط الأوربى بمرتين ونصف تقريباً .. بما يعنى أن المتوسط فى مصر نحو 233% بالنسبة للمتوسط الأوربى ) ، آملاً أن يكون فيها ما قد يفيد .
محمود حامد


الطريق نحو إعلام حر وديمقراطى بعيداً عن الهيمنة

لكاتبنا الراحل الكبير، توفيق الحكيم، قصة قصيرة تحكي كيف استقبلت القرية بالزغاريد والطبول « راديو حضرة العمدة » الذي كان الراديو الوحيد بالقرية بحجمه الضخم آنذاك والذى يقترب من حجم التليفزيون 20 بوصة حاليا.. ويصور الحكيم بأسلوبه البديع كيف فوجئ العمدة في أربعينيات القرن الماضى بزوجته، وقد أحالت الراديو إلى مجرد عش لتربية الحمام.. كان الراديو آنذاك قمة التكنولوجيا، وأراد توفيق الحكيم أن ينبه إلى ما نسميه الآن إساءة استخدام التكنولوجيا أو خطر الجهل بها.
من يتابع الإعلام الرسمى المصرى يكتشف سوء استخدام التكنولوجيا ويتحسر على ما وصل إليه إعلامنا طوال أكثر من ثلاثين عاماً بعد أن استخدمه النظام البائد ـ تحت قيادة صفوت الشريف ـ في تزييف الوعي وترويج الأكاذيب وتمجيد الحاكم الأوحد والتهليل له ولما يسمى حزبه الوطني الديمقراطي الذي أصبح « فص ملح وداب ». وما فعله أنس الفقي في الأيام الأولى من ثورة 25 يناير جريمة مكتملة الأركان رغم « الريادة الإعلامية » التى كان صفوت الشريف يتغني بها بعد أن أرسي قواعدها علي أساس إعلام احتكاري لا يعبر سوي عن القلة التي كانت تتحكم في البلاد والعباد.
كان طبيعيا عند اندلاع ثورة 25 يناير أن يتجه المصريون ليتابعوا أصداء ثورتهم علي قنوات أخري عديدة بعد أن اعتادوا أن تخذلهم القنوات المصرية رغم ميزانياتها الضخمة من أموال المصريين وعرقهم.. وفي كل حدث مهم كان المصريون يتابعونه في كل قنوات الدنيا إلا تليفزيون بلدهم.. حدث هذا عند الاجتياح الأمريكي للعراق واحتلاله وعند كل انتفاضة للشعب الفلسطيني وعند الغزو الإسرائيلي علي غزة وأحداث أخري كثيرة بما فيها أحداث محلية داخل حدود مصر.
مصر كلها - تقريبا - في الشارع.. في ميدان التحرير وميدان سيدي جابر بالإسكندرية وميادين وشوارع السويس وطنطا والمحلة ودمنهور وأسيوط.. لكن تليفزيون مصر لا يرى ذلك كله كما لو كان قد أصيب بالعمي لأنه اعتاد على نشرة أخبار رتيبة لا ترى إلا الحاكم وبطانته ، وإذا كان الفقي قد فعل ذلك فهو تلميذ نجيب لصفوت الشريف مهندس المنظومة الرسمية التي تبدأ بخبر عن مبارك ثم زوجته سوزان ثم المعجزة جمال مبارك ثم بعد ذلك تأتى أو لا تأتى الأخبار المهمة في العالم، ويذكر الناس - كمثال - نشرة أخبار التليفزيون المصري عقب قرار تعيين صفوت الشريف أمينا عاما للحزب الوطني فلقد كان الخبر الأول آنذاك قرار مبارك بتعيينه ثم أعقبه بخبر اجتماع الشريف مع هيئة مكتب الحزب ثم خبر اجتماع سيادته مع أمناء الفلاحين بالمحافظات وتلاه خبر اجتماعه مع أمناء الإعلام بالمحافظات.. وكل هذه الأخبار كانت مصحوبة بمادة مصورة لهذه الاجتماعات.
ومن التصريحات التي أدلي بها الشريف مزهوا قوله منذ سنوات « نمتلك شبكات إذاعية عديدة فضلا عن القنوات التليفزيونية العديدة مما حقق [ السيادة الإعلامية ] على أرض مصر ».. وكان بذلك يعبر عن فكر شمولى قاهر ومانع للحقيقة فكثرة عدد المحطات والفضائيات ليست دليلاً على النجاح، وحكاية العدد في الليمون هي التي خلقت إعلام الزفة والزيطة وغير ذلك من البهرجة الكلامية ، حتى زاد عدد القنوات الفضائية الرسمية على عشرين قناة " وهو رقم لا مثيل له فى أية دولة من دول العالم " .. وعندما تسأل عن تأثيرها تجده صفراً كبيراً .
ومن أغرب الغرائب أن تليفزيون النظام هو الوحيد فى العالم الذى كان يذيع نشرة أخبار مسجلة مسبقا.. لا تندهش فهذه هي الحقيقة أحداث 24 ساعة كانت تذاع على القناة الثانية ثم تذاع هى نفسها على الفضائية المصرية في توقيت مختلف!!
والأغرب أيضا أن قطاعات التليفزيون المختلفة لا تملك أن تعد نشرة أخبار مختلفة حتي ولو في إطار التنافس المهنى.. نشرة الأخبار فى كل القنوات هي مسئولية قطاع الأخبار الذى جري تسميته « أخبار مصر ».
وعندما كان الخبراء ينتقدون ذلك كان الرد الجاهز دائما: « يجب أن تراعوا أننا تليفزيون حكومى » وهي عبارة ملتبسة لأن الإعلام ليس ملكا للحكومة بل هو ملك للدولة والفارق كبير.. وحتي في إطار تبريراتهم ينسون أن قناة أبوظبي - علي سبيل المثال - قناة حكومية لكنها تنافس وبشدة الفضائيات الخاصة فى نشرات أخبارها.
ويتجاهلون أن إذاعة «صوت أمريكا» مثلا التي كانت تابعة للإدارة الأمريكية أجرت حوارا مع الملا عمر زعيم طالبان فهل اتهمها أحد آنذاك بأنها إذاعة راعية للإرهاب؟
لقد كان واضحا أن قرار إنشاء قطاع الأخبار «أخبار مصر حاليا» صدر كأداة سياسية - لا علاقة لها بالمهنية - لتتحكم فى كل نشرات الأخبار حتي تظل تحت السيطرة بطريقة أمنية بغيضة تقتل الإبداع فى فن الإعلام، وطرحنا منذ أكثر من عشر سنوات فكرة تفتيت هذا القطاع بحيث يكون لكل قناة إدارة إخبارية خاصة بها وبحيث ينطلق الجميع ليتنافسوا فى تقديم أفضل خدمة إخبارية تجعل المشاهد يبحث عنها ويحرص علي متابعتها.
الحل فى الحل
ولكن شعب مصر لا يقبل بعد أن فجر شبابه ثورة 25 يناير أن تستمر الأمور علي المنوال نفسه.. وما حدث منذ أيام من " انفتاح ما " على شاشات التليفزيون المصرى لا يشفي غليل المصريين مما فعله بهم فلول النظام البائد.. بل إنه فى الأغلب الأعم " انفتاح مع وقف التنفيذ أو مع وقف الانطلاق " فما زال البون شاسعاً بين تليفزيوننا وبين تليفزيونات العالم .
نقطة البداية تكون في المطلب الأساسي الذي طرحناه قبل الزمان بزمان ومنذ أكثر من خمسة عشر عاماً وهو إلغاء وزارة الإعلام التي لا وجود لها في الدول المتقدمة والديمقراطية والتي تحترم عقول مواطنيها وتؤمن بحق تدفق المعلومات دون رقابة حكومية ، ولكن صفوت الشريف كان يقف بالمرصاد ضد أية دعوة تنطلق من إيمان ثابت بحرية الفضاء وحق استنشاق هواء نقى بعيداً عن هيمنة واحتكار السلطة . وظل الأمر معلقاً حتى جاءت الثورة العظيمة يوم 25 يناير واستجاب المجلس الأعلى للقوات المسلحة لهذا المطلب المتسق مع حقوق الإنسان.
أما اتحاد الإذاعة والتليفزيون فإن إعادة النظر في وجوده صار ضرورة موضوعية فعندما اقترحه الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل عندما كان وزيرا للإرشاد القومي «الإعلام» كان يهدف إلي إعادة ترتيب الإعلام وفق نموذج هيئة الإذاعة البريطانية ولكن صفوت الشريف جعل من مجلس أمناء الاتحاد مجرد هيئة استشارية تصدر توصيات لا يؤخذ بها في الأغلب وذلك عندما أدخل سيادته نصاً يقول : " تبلغ قرارات مجلس الأمناء إلى الوزير .... فإذا اعترض عليها كلها أو بعضها أعيد ما اعترض عليه منها إلى مجلس الأمناء .. : وذلك فى القانون رقم 223 لسنة 1989 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 13 لسنة 1979 فى شأن إتحاد الإذاعة والتليفزيون .
بدون التفكير في شكل جديد بديلاً عن اتحاد الإذاعة والتليفزيون لن يتمتع الوطن بإعلام حر ومحايد وشفاف يليق بمصر وثورتها وشعبها وجيشها وشبابها.
ولكن المشكلة إن إلغاء الوزارة لا يلغي - حتي الآن- هيمنة الحكومة على الإعلام بنص القانون رقم 13 لسنة 1979 بشأن اتحاد الاذاعة والتليفزيون وتعديلاته التي تمت بالقانون رقم 223 لسنة 1989، وقد سبق الإشارة إلى ذلك .
والحل - بعد حل وزارة الإعلام - يكمن في التفكير في إنشاء المجلس الأعلي للإذاعة المسموعة والمرئية ومنحه سلطات محددة وواضحة وبحيث يأتي تشكيله معبرا عن المجتمع بكل تفاعلاته انطلاقا مما ينص عليه ميثاق الشرف الإعلامي حين يقول: «إن الإذاعة المصرية المسموعة والمرئية ملك لشعب مصر» وحين ينص أيضا علي «عرض وجهات النظر المختلفة عرضا متوازنا أمينا في كل القضايا التي تهم الشعب دون تحيز أو تحزب أو إثارة» .. وأمامنا نموذجان يمكن الاهتداء بهما:
النموذج الأول : هو النموذج الفرنسي فهناك المجلس الأعلي للوسائل السمعية والبصرية الذي أنشئ عام 1989 لضمان ممارسة الحرية في نطاق الإعلام ويتكون مجلسه من 9 أعضاء منهم ثلاثة يعينهم رئيس الجمهورية المنتخب انتخابا حرا وثلاثة يختارهم مجلس الشيوخ المنتخب بلا تزوير طبعا، وثلاثة تختارهم الجمعية الوطنية «مجلس الشعب» المنتخبة أيضا بلا تزوير أو بلطجة،. ومدة عضويتهم ست سنوات لا يجوز خلالها للأعضاء ممارسة أي نشاط مهني آخر كما لا يجوز أن يكونوا نوابا في البرلمان أو المحليات مع الحرص في أن يمثل أعضاؤه كل التيارات الفكرية من يمين ويسار وأغلبية وأقلية، ويهتم المجلس بالرقابة علي الحصص المخصصة للاتجاهات المختلفة ولكنه - بالطبع - لا ينوب عن المشاهدين والمستمعين في اختيار ما يشاهدونه وما يسمعونه كما يقول ارفيه جورج رئيسه السابق باعتبار المجلس حارسا للحريات وهو ما نأمله عندنا في مجال الإعلام.
النموذج الثاني : هو هيئة الإذاعة البريطانية وهى هيئة مستقلة لا تتلقى أى دعم حكومي ويأتي تمويلها من خلال الضرائب التي يسددها المواطن البريطاني راضيا، ولعل تحررها ماديا من التبعية الحكومية جعل سياستها تتسم بالشفافية والحياد إلي حد بعيد في تناول كل القضايا بما فيها أية قضية تكون الحكومة البريطانية طرفا فيها . بل وصل الأمر ـ مثلاً ـ أن الـ B.B.C. ( راديو وتليفزيون ) أذاعت تقريراً يتضمن آراء عديدة ضد استمرار النظام الملكى فى بريطانيا ! .
لست من دعاة الاستعجال ، فإذا كنا صبرنا كل هذه السنين على هذا الاحتكار الإعلامي في مصر، فإن الأمر يقتضي التمهل للوصول إلي أحسن الصيغ علي أن نضع في اعتبارنا نقاطا أساسية:
عندما أنشئت هيئة الإذاعة البريطانية عام 1927 كانت مجرد محطة اذاعية تأسست على يد شركات خاصة عام 1923 ولذلك لم تكن هناك مشكلة تواجهها مصر الآن تتمثل فى امتلاك الحكومة لأكثر من 20 قناة تليفزيونية، أما محطات الإذاعة فإن العدد في الليمون مما يتطلب أيضا البحث عن صيغة تؤدي إلى طرح بعض القنوات للبيع كأسهم في البورصة وإعادة النظر بشكل عام في ملكية قنوات أخري.هيئة الاذاعة البريطانية تمتلك الآن نحو ثماني قنوات تليفزيونية وطنية وعشر اذاعات عامة و40 اذاعة محلية ولكل قناة وإذاعة استقلالها الكامل ماليا وإداريا ومهنيا ، فلا توجد في بريطانيا جهة واحدة اسمها مثلا «مركز أخبار بريطانيا» مثلما موجود عندنا حيث يحتكر «مركز أخبار مصر» إعداد نشرة أخبار موحدة ويهيمن علي البرامج والمواد الاخبارية في جميع القنوات الفضائية مما يتطلب تفكيك مركز أخبار مصر بحيث تكون لكل قناة إدارتها الاخبارية المستقلة التي تعمل في اطار من المنافسة المهنية فيما بينها وأمام القنوات الأخري.. ونعتقد أن هذا القرار يمكن صدوره فورا دون انتظار اكتمال الشكل الجديد للإدارة والملكية.
هيئة الاذاعة البريطانية مستقلة ماليا وبشكل كامل عن الحكومة ، وما يقوله البعض عن حصة حكومية تمول جزءا من احتياجات الهيئة المالية هو قول غير دقيق فما يحدث أن بريطانيا تفرض ضريبة خاصة بكل جهاز تليفزيوني تقوم الحكومة بتحصيلها وتوريدها لصالح الـ B.B.C ولهذا تتمتع باستقلال كامل وتمارس عملها بحرفية عالية وحيادية شبه تامة. ولا يعني ذلك أن نفرض هنا ضريبة على كل جهاز وإنما نبحث عن صيغة تضمن الاستقلال المالى للهيئة الجديدة المزمع انشاؤها.
وعموماً .. فى أوربا والدول المتقدمة ، لا يوجد قانون مثلنا ينص علي «الالتزام بما تطلب الحكومة اذاعته رسميا وكل ما يتصل بالسياسات العامة للدولة» وهو النص الذي جعل الحكومة والحزب الوطني هما البديل عن كلمة الدولة طوال ممارسات الإعلام « الصفوتي ». إن نقطة البدء هي أوسع حوار ممكن ، وحسناً فعل المجلس العسكرى بهذه الدعوة للحوار حول الإعلام بحيث يمكن دون تعجل تغيير القوانين المنظمة للإعلام وإلغاء معظمها وخلق كيان مستقل يكون مسئولا عن البث الإذاعي والتليفزيوني دون هيمنة حكومية ودون تدخل من أي مسئول أيا كان هذا المسئول.المهمة ليست سهلة ولكنها ليست مستحيلة بعدما قال الشعب كلمته في إعلام كريه لا يعبر عن طموحات شعبنا العظيم.
ولكن .. كيف يكون التصرف فى ظل هذه التركة المثقلة التى تركها لنا نظام مبارك بفضل سياسة صفوت الشريف ؟.
نحن أمام مبنى متضخم يضم أكثر من 20 قناة وعشرات الإذاعات ونحو 44 ألف من العاملين يقدر الإعلاميون والمهنيون منهم بنحو 6 آلاف فقط [ وهو أمر يناقض المتعارف عليه عالمياً حيث إدارى واحد لكل ثلاثة إعلاميين ] ولا يعنى ذلك تشريد هذا الكم الكبير دون ذنب اقترفوه .


حتى لا يضيع الخيط منا لأن الكلام طال كثيراً
.. هذه مقترحات قد تصلح للمناقشة :
ـ الإبقاء على نحو ثلاث قنوات فقط ملكاً للدولة ( وليس الحكومة ) وتعمل باستقلال تام.. قناتان تقومان بدور ما يسمى " الخدمة العامة " لأهميتها بالنسبة للجمهور العام . أما القناة الثالثة فهى قناة إخبارية بحيث تعمل وفقاً للمعايير الدولية المتعارف عليها والتى تجعلنا نشاهد ونسمع نشرة أخبار ليس فيها بالضرورة خبر عن السيد رئيس الجمهورية أو عن رئيس الحكومة بحيث يجرى ترتيب الأخبار حسب أهمية الحدث وبحيث تنافس القنوات الإخبارية المعروفة عالمياً وبحيث يضبط الناس فى مصر وخارجها مؤشر الريسفر عليها ، ومصر بأبنائها وخبرائها قادرة على ذلك لو صدقت النية .
ـ الإبقاء على قناة نايل تى فى ( التى تبث باللغات الأجنبية ) .
ـ الإبقاء على القنوات التعليمية وقناة الصحة (صحتى) لدورها الخدمى المشهود .
ـ طرح القنوات الأخرى للبيع سواء للعاملين بها أو كأسهم فى البورصة مع وضع الضوابط الضرورية التى تحول دون الاحتكار .
ـ الإبقاء على عدد محدود من المحطات الإذاعية ( مثل البرنامج العام ـ صوت العرب ـ القرآن الكريم ـ البرنامج الثقافى ) والتعامل مع بقية المحطات الإذاعية مثل بقية القنوات التليفزيونية .
ـ الإبقاء على الإذاعات الموجهة لدورها المعروف .
ولكى يتم ذلك يتطلب الأمر ما يلى :
ـ إلغاء قطاعات اتحاد الإذاعة والتليفزيون [ على سبيل المثال : قطاع الأخبار يتم توزيع عدد من العاملين به على القناتين المزمع الاحتفاظ بهما ملكاً للدولة كإدارة إخبارية فى كل قناة .. والباقى يكون أساس قناة الأخبار المقترحة.. وهكذا فى بقية القطاعات ] .
ـ التفكير فى إعادة تدريب العاملين الإداريين أو تخييرهم بالإحالة للمعاش المبكر وفق قواعد عادلة تتفق مع ما هو معمول به فى العالم .
إشارة سريعة لبعض الهيئات التى كانت تابعة لوزارة الإعلام :
■ هيئة الاستعلامات يمكن تفتيتها هكذا :
ـ إلحاق قطاع الإعلام الخارجى بوزارة الخارجية ( كان أصلاً تابعاً للخارجية تحت مسمى المكاتب الصحفية والملحقين الصحفيين بهيئات التمثيل المصرى بالخارج وتم نقلهم للإعلام وفقاً لنص المادة الثانية من قانون رقم 270 لسنة 1952 بإنشاء وزارة الإرشاد القومى التى تحولت إلى الإعلام ) .
ـ إلحاق قطاع الإعلام الداخلى ومراكز الإعلام بالمحافظات بوزارة التنمية المحلية .
ـ إلحاق المركز الصحفى للمراسلين الأجانب بمجلس الوزراء .
ـ إلحاق قطاع المعلومات والبحوث وشبكة الانترنت إما بوزارة الخارجية أو مركز دعم المعلومات واتخاذ القرار بمجلس الوزراء .
■ مدينة الإنتاج الإعلامى :
تضم مكونات عديدة ويحتاج الأمر لدراسة خاصة بها ، وإن كان من الأوفق الاحتفاظ ببعض مكوناتها كشركة عامة تابعة للدولة وتدار على أسس اقتصادية بحتة ويستخدم جزء من عائدها فى دعم قنوات الدولة التى سيتم الإبقاء عليها .
أقول قولى هذا وأتمنى أن يكون فيه ما يفيد الوطن والشعب والحاضر والمستقبل .



#محمود_حامد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حملة لا تهدأ لإنقاذ مصر من جلاديها
- لجنة للوعى الانتخابى بمبادرة من حزب التجمع
- نؤذن في مالطة
- دستور .. يا أسيادنا


المزيد.....




- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمود حامد - تحرير الإعلام المصرى طريقنا للريادة والتحدى