أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - دينا عمر - الشعوب تريد ثورة اجتماعية















المزيد.....

الشعوب تريد ثورة اجتماعية


دينا عمر

الحوار المتمدن-العدد: 3620 - 2012 / 1 / 27 - 19:07
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


منذ أن اجتاحت التظاهرات الشعبية الواسعة شوارع الوطن العربي قبل عام مضى، لم تزل حتى الآن الهتافات المطالبة بالعدالة الاجتماعية تعلو الميادين. وبرغم ما تحاوله القوى السياسية من تصدر المشهد بتحويل الثورات إلى مجرد مطالب سياسية تنتهي بتنصيبهم على السلطة، إلا أن الحركة الاحتجاجية الشعبية تواصلت في بعض البلدان بأشكالها المختلفة بهدف إنجاح الثورة وتحقيق التغيير الاجتماعي المنشود.

ففي تونس، وهي أولى الدول التي أشعلت نيران الثورة، استطاع أهالي مدينة بوزيد الانتفاض ثلاث مرات كان أحدهم بسبب خروقات لقوانين الانتخابات ونزول مرشحين من فلول النظام السابق حيث تم مواجهة المتظاهرين بالأجهزة الأمنية بنفس تعامل بن علي المخلوع.

وبرغم الميل المبدئي للاستقرار بتكوين المجلس التأسيسي والانتخابات البرلمانية، إلا أن مكتسبات الثورة لم تتحقق فعليا من محاكمات لقتلة الثوار من ضباط الداخلية أو تطهير جهاز القضاء والمؤسسات الحكومية من فلول النظام السابق، هذا ما انعكس اجتماعيا على شكل الحراك الشعبي، فأهالي بوزيد الذين ثاروا ضد الفلول ثاروا أيضا ضد التهميش والبطالة باعتصامهم أمام مقر الولاية، واعتصام آخر أمام المجلس التأسيسي من أجل توفير العمل والحياة الكريمة، وبنفس الطريقة انتشرت الاعتصامات والإضرابات بقطاعات حكومية مختلفة بغرض تطهير المؤسسات من الفلول سارقي الشعب وكان في المقابل رفع مطالب اقتصادية بتحسين الأجور وظروف العمل ومحاكمة الفاسدين.

أما ليبيا التي شهدت أكبر ثورة مسلحة لم تقل في قوتها عن معارك التحرر الوطني، فقد شهدت أكبر الميادين بمدينتي طرابلس وبني غازي اعتصاما ضم ثوار عزموا على تصحيح مسار الثورة برفع مطالب اقتصادية خاصة بإلغاء الضرائب على المرتبات وإعادة النظر في سقفها والاهتمام بذوي الدخل المحدود والعاطلين عن العمل، كما طالب الثوار الذين تم الاعتداء عليهم من قبل الأمن الوطني بمحاكمة الفاسدين وإبعاد كل معاوني نظام القذافي والذي ثبت أن بعض منهم مازالوا يتحكمون في احتكار أكبر الشركات الاستثمارية بالاقتصاد الليبي.

وفي الأردن أدرك العمال أن احتجاجات الشارع ضد تزوير الانتخابات كمطالب ديمقراطية أو إلغاء اتفاقية وادي عربة كمطالب وطنية لا ينفصلا أيضا عن مطالب اجتماعية كرفع الحد الأدنى للأجور، في هذا الإطار الاحتجاجي والمطالب يالعدالة الاجتماعية، شهدت المواقع العمالية من شركات حكومية وأخرى خاصة احتجاجات تضاعفت ما يقارب الخمس مرات عن العام الماضي على الأقل، ففي المملكة التي التهمت الخصخصة وسياسات المنافسة العشوائية ضاعت معها الحقوق العمالية، الظرف هنا لا يختلف في الحقيقة عن كل الدول المحيطة بالأردن والمتبعة لنفس السياسات مثل مصر حيث عجلة الإنتاج التي تعمل لصالح المحتكرين هي نفسها التي تهرس عظام العمال، وقرر الاتحاد العام لنقابات العمال إعلان الإضراب العام بالتوقف عن العمل إلى حين تحقيق عدد من المطالب العمالية منها رد قانون الضمان الاجتماعي المؤقت وتعديل أحكام قانون العمل ورفع الحد الأدنى للأجور، كما وجه الاتحاد الدعوة إلى كافة المواقع للاستجابة لهذا القرار تماشيا مع حركة الشارع المطالبة بالإصلاح، لذلك لا يمكن أن توصف تلك المطالب بالفئوية بل هي اكتمال لحلقة ثورة ضد الفاسدين والمحتكرين الذين دمروا الاقتصاد القومى وأغرقوا البلاد بالبضائع الاسرائيلية.

أما المغرب التي شهدت تحركا اجتماعيا قبل اندلاع الثورات العربية، فقد استطاعت أيضا الجماهير تكوين حركة 20 فبراير التي تميزت بكونها حركة سياسية اتخذت من مطلب إسقاط الفساد والاستبداد شعارا سياسيا لها بالتحول إلى الملكية البرلمانية وحل الحكومة والبرلمان، ولكنها في الوقت نفسه حركة اجتماعية تناضل من أجل مطالب الشعب المغربي الاجتماعية والاقتصادية، كان ذلك واضحا في أولى تظاهرات الحركة بمدينة بومالن دادس التي تعاني الإفقار والتهميش وانتشار البطالة فعمدت الحركة من خلال تحركاتها بالشارع إلى فضح الفساد المالي ونهب الأراضي من قبل المسئولين والتي انعكست سلبا على مستوى معيشة المواطنين.

الحركة استطاعت التحرر من قيود القوى السياسية التي تؤمن دائما بحسبة المصالح، واستطاعت الحركة من خلال شعارتها الاجتماعية بأولى أيام الاحتجاج أن توسع نطاق التواجد الحقيقي للحركة بالشوارع.


وجدت الحركة أن الثورة الحقيقية التي يحتاجها الشعب المغربي هي ثورة اجتماعية تقضي على نظام اقتصادي جائر خلق الأغلبية الفقيرة التي تعاني القمع والجهل والأقلية التي تنهب البلاد وتستحوذ على خيراته، فكل ما تحتاجه الشعوب العربية هي عدالة اجتماعية لن تتحقق إلا بثورة اجتماعية تكون قادرة على ربط كل القضايا السياسية والاقتصادية بعضها ببعض وتقوية شوكتها باتخاذ كل الأساليب الثورية المتاحة من إضرابات واعتصامات واحتجاجات داخل أماكن العمل وخارجها.

ماذا تحتاج الجماهير للانتصار؟

منذ أن انطلقت الشرارة الأولى لثورة أهالي بوزيد التونسية، ثم تجاوبت الجماهير العربية هي الأخرى واشتعلت بثورات ضد جلاديها. وبعد مرور عام من انتصار أو تراجع الثورات فإن التشابه بين الحكومات وأنظمتها بدا واضحا بفرض حالة القمع والاعتقال والقتل، كما تشابهت الجماهير على الجانب الآخر في مشاركات شعبية واسعة لم يكن متوقع لها.

ففي الثورات العربية استطاعت الجماهير كسر حواجز الخوف الذي فرضته الأجهزة القمعية قبل عقود من القهر والاستبداد، لم تكن الثورات عدوى أو تقليد اتبعته الشعوب فالموجة الثورية التي تشهدها المنطقة ظهرت وفق نفس الظروف التي تتحكم بالمنطقة ككل من قمع سياسي تبعه فساد مالي وأزمات اقتصادية طاحنة دفعت ثمنها الشعوب بشكل مباشر من فقر وبطالة والجماهير، وهذا كله لم ينفصل عن أزمة اقتصادية عالمية تنتفض فيها كذلك جماهير أوروبا.


هنا كسرت الجماهير أيضا حواجز الصمت أمام كذب الحكومات ومؤشرات التنمية التي لم تخف حقائق بيع البلد وخصخصتها، تلك هي أسباب اتساع حجم المشاركة الشعبية، ففي الجزائر تظاهرت الجماهير في ظل قانون الطوارى ولأول مرة يسجل فلسطيني مدينة الزرقا الأردنية مشاركة بالتظاهرات كذلك فرضت النساء قوتهن في تظاهرات البحرين وتوحدت قبائل ليبيا ضد السفاح كما سجل الحراك الجنوبي باليمن تضامنا مع المعارضة بالشمال ضد نظام الديكتاتور.


الأهم من ذلك أن الانتفاضات الواسعة خلقت تلك الحالة الثورية لدى الشعوب بضرورة استمرار الثورة حتى تحقيق أولى أهدافها بإسقاط النظام كما في سوريا حاليا، أو بتصحيح لمسار الثورة بعد انحرافها بانتهاز القوى السياسية لها كما في مصر وتونس وليبيا.

وبرغم اتفاق الثورات بمواجهتها للدولة والإصرار على إسقاط أنظمتها، إلا أن الثورات اتفقت على الجانب الآخر بعدم تشكيل البديل الثوري من الجماهير المنتفضة نفسها، فالجماهير احتشدت بالفعل داخل الميادين واعتصمت لشهور طويلة داخل الخيام مثل اليمن وقدمت أرواحها فداء للثورة، لكن أن يتم استمرار الثورة على نحو ينتهي باستيلاء الثوريين على السلطة وفرض أوامر الثورة فهذا لم يحدث.


وقد شهدنا في هذا الإطار إضرابات عمالية وتحركات اجتماعية تربط القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية كما في المغرب والأردن وقد تعتبر تلك الخطوة مقدمة للأمام لكن لن تكتمل حلقاتها بمجرد تظاهرات لا نقلل هنا من شأنها، ستكتمل حلقة الثورة بتكوين قواعد شعبية داخل أماكن العمل وحزب ثوري يقود الطلائع الثورية ويقدم البديل الثوري بالقضاء على كل السياسات الرأسمالية الفاشلة وإحلال الشعب الثوري محل السلطة القمعية.



الحزب الثوري الذي يقوده العمال في مصانعهم والثوار في قواعدهم هو ما سيحول مطالب الثورة إلى أوامر وسيحول انتقال السلطة إلى انتزاع السلطة، فضرورة تكوين القواعد والمجالس الشعبية القادرة على التعبئة تؤكده على العكس الائتلافات التي تكونت في أعقاب الثورة والتي لم تنجح في قيادة الجماهير المنتفضة برغم تكونها من ثوار شاركوا أحداث التظاهر والاعتصام، فلم تكن خيارات التفاوض مع عمر سليمان من مطالب الميدان ولم تكن لقاءات المجلس الانتقالي السوري بالإدارة الأمريكية حماية للشعب من دبابات الديكتاتور.

وكانت النتيجة المباشرة بأن الثورات العربية لم تقض على الأنظمة وتقتلعها من جذورها بقدر ما استطاعت تنحية رأس النظام فقط، كما في مصر واستيلاء مجلس جنرالات مبارك على الحكم وكما في تونس بترشح فلول النظام البائد في الانتخابات، بل أن الأوضاع ذهبت إلى أبعد في اليمن حيث شهدت اعتصامات لعدة شهور أسفرت عن المعارضة كبديل سياسي تطرحه الثورة، وهي نفسها المعارضة التي لم تقدم بديل ثوري للاستيلاء على الحكم بل وضعت كل الخيارات بالتوقيع على المبادرة الخليجية التي اعتبرت بن صالح جزءا من العملية السياسية باعتباره رئيس حزب المؤتمر حتى بعد تنحيته عن السلطة، وهو ما قد يضع مطلب محاكمته مواجها بقوى مسلحة من أنصاره لم يتم القضاء عليها هي الأخرى.

الثورات العربية تطرح تراكم الوعي لدى الجماهير وانتقالها من حالة اللا ثورية إلى حالة الثورية، التي لن تقبل بمزيد من الوعود الكاذبة وسيفتضح معها صراع السلطة بين القوى السياسية المختلفة، إذن لن تكون سرقتهم للثورة هو قتلها نهائيا، بل سيزيد ذلك من وعي الجماهير بضرورة تنظيم الحركات الاحتجاجية تحت قيادة ثورية لا تلين من نقابات عمالية ولجان شعبية ومجالس قاعدية، وهذا ما يحتاجه الثوار وما تراهن عليه الثورة.



#دينا_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مات القذافي.. وعاشت الثورة
- ندوة الثورة الديمقراطية والثورة الاشتراكية
- الثورات العربية وأزمة الرأسمالية العربية
- الشعوب ترفض إصلاحات الحكومات


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - دينا عمر - الشعوب تريد ثورة اجتماعية