أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم نافل والي - حكاية بعنوان/ جلسة معَ رئيس الطائفة














المزيد.....

حكاية بعنوان/ جلسة معَ رئيس الطائفة


هيثم نافل والي

الحوار المتمدن-العدد: 3609 - 2012 / 1 / 16 - 19:13
المحور: الادب والفن
    




ولدَ لضياء في الغربة طفلان، وهما اليوم في ربيع العمر... ومنذ سبعة عشر عاماً لم يقم بزيارة لأي دولة عربية، فظلَ الولدان يجهلان عادات وتقاليد وأعراف الشرق تماماً، سوى أن أبويهما من أصل عراقي ليسَ إلا...
حطت الطائرة التي أقلتهم من مدينة روما في مطار دمشق، بعد رحلة غريبة ملئيه بالصياح والعربدة وصراخ أولاد المسافرين العرب بالإضافة إلى أكياسهم وحقائبهم وأمتعتهم التي جاءت على كل أركان الطائرة ولم يبقى فيها من مكان لمحط قدم... ناهيك عن الذين افترشوا الأرض كالسجاد الملقى! فسدَ الطريق على الذاهب والقادم... حتى قالَ ضياء في نفسه باكياً: لعنة الله على قراري في السفر!
وصلوا في ساعة متأخرة من الليل... وهم في حالة من التعب والإرهاق والبؤس لا يعلم بها إلا الله! تلقفتهم سواعد الضباط في المطار وعيونهم تتربص بهم وكأنهم من كوكب آخر! فتشوا بهدوء قاتل ثمَ سمح لهم بدخول الأراضي السورية بعدَ أن نقدوا لأحد الضباط ورقة مالية من فئة عشرين يورو زرقاء بلون البحر!
وما أن استقرت في أيديهم مفاتيح الغرف حتى غرقوا في نوم عميق كالأموات...
دخلَ عليهم أول شعاع من الشمس ومعه أنفجرَ صوتاً كالقنبلة! نهضوا مذعورين من الفزع والخوف، وعيونهم مفتوحة تطرح ألف سؤال وسؤال وهم ينظرون إلى بعضهم البعض بذهول وحيرة وقلق... ثمَ وقفَ أبنهم الكبير( أبن الخامسة عشر) وهو يتوسط الغرفة وصاحَ بهوس:
ما هذا الصوت القبيح الذي تنفر منه الثعابين؟! وما هذا الغناء الغريب الذي جعلنا نصحو من نومنا كالمجانين وكأنَ حريقاً هائلاً قد شبِّ في الفندق؟! ثمَ هرعَ إلى سماعة الهاتف ورفعها بعصبية وقال:
سأتصل بالبوليس حالاً!
- أجابه أبيه بنبرة ناعسة... بعد أن عرفَ مصدر الصوت وماهيته، فقالَ مهدئاً: أرجوك يا بني أترك سماعة الهاتف، ثمَ أردفَ بثقة، سوفَ لن يفعلوا شيئاً! وهو ينظر إلى أخيه الصغير الذي بدا شاحباً وهو يزفر من الخوف كقطة مبللة ومهددة بالخطر!
- ردَ عليه عابساً وهو يقول: ماذا... لن يفعلوا شيئاً؟!
- نعم... لن يفعلوا شيئاً، ثمَ استطردَ بهدوء سلبي:
عزيزي، نحن في دولة تتخذ الإسلام ديناً لها... وهذه هي أعرافهم وتقاليدهم، وهم لم يأتوا بجرم، بل ما قامَ به هذا الرجل الذي سمعت غنائه! ثمَ غلبتهُ ابتسامة قاهرة رغم أنفه لم يستطع مقاومتها... فاستدركَ نفسه وقال مصححاً... أقصد يا بني سمعت صوته وهو يدعوا الآخرين إلى الصلاة! ثمَ شرع متأثراً لحال أولاده وهو ينظر لهم وهم واجمون، فقال:

أعذروا حماقتي وغبائي... إذ كانَ عليّ أن أخبركم من قبل ما سيحدث لنا ونحن نزور الشرق!
تنهد أبنه الصغير( أبن السادسة) وكأنه متوجع وقال بامتعاض بعدَ أن لوي شفتيه:
هذا يعني بأننا سوفَ لن نستطيع النوم منذ اليوم مادمنا هنا( وهو يقطب حاجبيه الصغيرين كالخيوط)؟!
- ستتعودان على هذا الوضع الجديد سريعاً... وأنا متأكد مما أقول( قال ذلك بفتور كي لا يخدعه أن لم تتحقق نبوته)
بعدَ اليوم الثالث الذي قضياه بين الأهل والأحباب بعدَ طول غياب دامَ أكثر من سبعة عشر عاماً... أشارَ ضياء إلى أخيه الذي يصغره وقالَ برجاء يملأه اللهفة: أود زيارة رئيس الطائفة( ستار جبار حلو) ثمَ أردف بحرارة بعدَ أن تشجع فجأة، لقد سمعت بأنه يقيم هذه الأيام في سوريا، وتابعَ قائلاً:
أنها فرصة قد لا تتكرر ثانيةً، فأنا أسمع عنه ولم أره!
- أبتسمَ كعادته وقال: ليكن، ثمَ أستطردَ بتفاؤل، سأرتب لكَ موعداً للقائه...
ولم تمض إلا دقائق بعدد أصابع الكف... حتى كانوا يرتقون السُلّمَ الذي لم يُكْمَلْ بناءه! تحت فناء شبه مظلم! فهَمسَ ضياء في أذن أخيه بقلق:
هل يسكن رئيس طائفتنا هنا؟!
- بهدوء ينبت فيه الأمل أجاب مقتضباً: في الطابق الأول!
دخلوا غرفة الجلوس... فقام الشيخ مرحباً بهم بهيئتهِ الرائعة، التي جعلت ضياء يشعر بالرهبة والخشوع... لقد كانَ أنيقاً في لباسه رغم بساطته، تعلو شفتيه ابتسامة حالمة لم يرى مثلها من قبل... تتجسد بها الطهارة والنقاء، تجعل المرء يشعر بأنه يعشق الحياة فجأة! ثمَ حاول الشيخ كسر طوق خجل ضياء الذي كانَ واضحاً عليه... فقالَ بقصد:
كلماتك قد وصلت قبلَ زيارتك!
- استولى الارتباك والحرج عليه... فهمسَ بصوت منخفض: ماذا تقصد يا شيخنا؟!
- لقد قرأت لك، قبل أن نتشرف بمعرفتك... ثمَ ابتسم فأحسَّ بأنَ الخير ملأ الأرض... ولم يعد يشعروا بالزمن...تلاشى على حين غرة، وكأنهم في كوكب لا يحكمه منطق ولا تحده حدود! تحاورا في كل شيء... وخرجوا من مجلسه وهو يشعر بطاقة للحياة يستطيع من خلالها أن يعيش دهراً دونَ ملل أو كلل! فقال في نفسه راضياً:
لم يخطئ من أختاره... شيءٌ خارق لا يصدقه العقل! ثمَ أردف بإكبار قائلاً:
شيخ له حكمة الفلاسفة وقوة مناظراتهم، ودفيء الأب وحنانه، وحرارة مشاعر الشاعر وإحساسه، ووقار الأنبياء وصدق حدسهم...











#هيثم_نافل_والي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة بعنوان/ المغرور
- قصة قصيرة بعنوان/ كؤوس الخمر
- قصص قصيرة بعنوان/ كؤوس الخمر
- قصة قصيرة بعنوان/ معاناة عائلة
- قصة قصيرة / الطريق
- حكاية بعنوان / وعد
- رواية بعنوان / لحظات عبور المنقذ-الجزء الأول
- مجموعة قصص قصيرة بعنوان / مسكين في الزمن الحاضر
- قصة قصيرة بعنوان / ورطة
- قصة قصيرة بعنوان / لعنة
- حكاية امرأة عراقية
- قصة قصيرة بعنوان / صراع الروح
- قصة قصيرة بعنوان / الحدث
- قصة قصيرة بعنوان / سوء فهم
- قصة قصيرة بعنوان / شهرة
- حكاية بعنوان / رجل من الشرق
- قصة قصيرة بعنوان / حب في زمن الأخلاق
- قصة قصيرة بعنوان / الوداع
- قصة قصيرة بعنوان / رقم 101
- الدين وعلماء العصر الحديث


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم نافل والي - حكاية بعنوان/ جلسة معَ رئيس الطائفة