أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء النادي - الصعود السلفي..الأسباب والتداعيات















المزيد.....

الصعود السلفي..الأسباب والتداعيات


علاء النادي

الحوار المتمدن-العدد: 3591 - 2011 / 12 / 29 - 08:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حار الكثيرون في تلك النسبة التي العالية التي حصلها حزب النور الذراع السياسي للدعوة السلفية بمصر،والتي فاقت كل التوقعات التي تنبأ بها بعض الخبراء في مجال الظاهرة الإسلامية.والحق أن هذا البون الشاسع بين توقعات الخبراء وما حصله السلفيون وإن كان يكشف في أحد أبعاده ضعف صلة البعض بمجال متابعة ودراسة الحركات والجماعات والأحزاب الإسلامية وتناولها من خلال العلاقة المكتبية إلا أنه يكشف في ذات الوقت مفارقة أخرى تخص حزب النور ذاته فقد صرح قيادي بالحزب قبل انطلاق السباق الانتخابي بأن الحزب سيتحصل على ما يقارب ال 15 بالمائة من أصوات المصريين الذين سيشاركون في جولات الانتخابات،ما يعني أن تقديرات الحزب السلفي ذاتها لم تكن دقيقة كما يمكن استشفاف ذلك من تلك التصريحات . هذا التقدير الذي لم يصادف مصداق موضوعي يكشف خلف عدم دقته أن هناك متغيرات صاحبت الاستحقاق الانتخابي أعطت الحزب فوق ما يمتلك من قدرات عملية ورهانات موضوعية .

عدم التقدير الموضوعي من جانب السلفيين انسحب إلى تقديرهم لوزنهم في الساحة قبالة الحضور الإخواني ،فقد أكد أكثر من قيادي في الدعوة السلفية وحزب النور أن شعبيتهم تفوق الإخوان بأضعاف كثيرة ،ومما ورد في هذا الصدد على لسان النائب الأول لرئيس مجلس شورى الدعوة السلفية ياسر برهامي أن كل الأحزاب السياسية في مصر لا تصل لمعشار قوة السلفيين ،وأن شعبية التيار السلفي تفوق الإخوان نفس المضامين كررها المتحدث باسم الدعوة السلفية عبدالمنعم الشحات ،ورئيس حزب النور عماد عبدالغفور.من المفترض أن هذا التصريحات ستكون محل مراجعات داخل البيت السلفي خاصة وأن ما حصله الإخوان حتى الأن تقترب من ضعف ما حققه حزب النور،إضافة إلى أن تلك التصريحات عن حجم الحضور والشعبية تكشف بجلاء ضعف الخبرة فكيف يمكن للحزب أن يتوقع الحصول على نسبة 15 بالمائة وشعبيته تفوق شعبية الإخوان الذين كانت أضعفت التقديرات تشير إلى توقع حصولهم على نسبة تقارب ال25 بالمائة من الكتلة التصويتية للناخبين المصريين وهو تقدير موضوعي ربما لا يختلف عليه أحد قياساً للخبرات والتجارب العملية السابقة للإخوان في الاستحقاقات الانتخابية وحجم حضورهم في المجتمع المصري.

من يتابع خارطة التيارات الإسلامية عن كثب كان يتوقع بلا ريب صعوداً لهذا التيار رغم خوضه الانتخابات للمرة الأولى في تاريخه.هذا التوقع مبني على الوعي بالحضور العميق لقوى التيار السلفي داخل الحالة المصرية صحيح أنه لا يشمل كل الرقعة المصرية لكنه منتشر ومتمدد ويتمتع بمراكز ثقل واضحة خاصة في بعض المحافظات الساحلية وبعض المحافظات الحدودية.وبمثل ما يساهم العمل الخيري ونشاطاته في تثبيت الحضور في الواقع المصري فقد ساهم المد الإعلامي السلفي في تمهيد الأرض أمام موجة الانتشار الكثيف للسلفيين والذين أصبحوا بعد عقود من عمر تجربتهم يزاحمون أحياناً جماعة مثل الإخوان المسلمين يربو عمرها على الثمانية عقود.ومن متمات تفسيرات التوقع بالصعود السلفي لمن يتابعون واقع التيارات الإسلامية المصرية أن الطيف السلفي الذي يتسم بالتنوع الذي يصل احياناً إلى حد التناقض بين مكونات مختلفة من سلفية دعوية إلى تقليدية إلى علمائية ومدخلية وحركية.كل هذا الطيف ورغم مقاربات بعضه السلبية من فكرة الحزبية والعمل السياسي بدت على خلفية الاصطفاف والاستقطاب في الساحة المصرية مهيئة للتكتل خلف الجماعة السلفية الأكثر تنظيماً في الحالة المصرية،فالدعوة السلفية التي نشأت في سبعينات القرن الفائت في مدينة الأسكندرية كانت الوحيدة داخل التركيبة السلفية التي نظرت للعمل الجماعي وحاولت تأسيس بنية تنظيمية صحيح أنها كانت تتسم بالبساطة لكنها مكنتها من امتلاك قاعدة للحركة وحسن التنظيم عندما حان موعد استحقاق يتطلب هذه الإمكانيات.

لا يعني السرد السالف أن النتائج المتحققة بحوزة السلفيين تتماهى تماماً مع تقديرات من يتابعون الشأن السلفي عن كثب فقد فاقت الغلة التي حصل عليها حزب النور كل التوقعات وتجاوزت كل التقديرات مع اختلاف في أوزان نسب الابتعاد بين تقديرات وأخرى.هذا البون بين كل التقديرات بمافيها تقديرات السلفيين أنفسهم وبين النتائج العملية يمكن عزوه إلى مجموعة أسباب يأتي في طليعتها ازدياد مناخ الاستقطاب الطائفي ،وفي مثل هذه المناخات الاستقطابية فإن السلوك التصويتي لكثير من الناخبين يتسم بالحدة وينحاز في أغلب الأحيان إلى الجناح الأكثر تشدداً ومحافظة داخل القوى الدينية وهو ما يمثله بجلاء التيار السلفي.يضاف إلى ذلك ما كشفت عنه التجربة الانتخابية من الضعف غير المتوقع للاحزاب التاريخية في الحالة المصرية وخاصة حزب الوفد التي أشارت بعض الاستطلاعات إلى احتمال اقترابه من مستوى النسبة التي سوف يتحصل عليها الإخوان المسلمون ،إلا أن أداء الحزب جاء ضعيفاً وهزيلاً بشكل فاق كل التصورات.لم يكن الوفد وحده من بين الأحزاب التاريخية والليبرالية التي ظهر ضعف حضورها وابتعادها عن الشارع فقد جاء أداء معظم الأحزاب المصرية على نفس الشاكلة فلم يكن التجمع أسعد حالاً ولولا دخوله في مظلة ائتلافية ضمته إلى جوار حزب المصريين الأحرار والحزب الديمقراطي الاجتماعي لكانت نتائجه الذاتية شديدة التدني.

كل هذه الأسباب وفرت مناخات جعلت نسب الصعود السلفي تتضاعف عن حجم التوقعات التي سبقت المشهد الانتخابي ،ولو أن السلفيين يمتلكون خبرات جيدة في العمل السياسي والمعتركات الانتخابية ولديهم ماكينة انتخابية جيدة ومدربة ولم يتورط بعض قياداتهم في تصريحات مستفزة للرأي العام لحصدوا ما هو اكبر مما بحوزتهم الأن.الحضور الأول للسلفيين انعكس سلباً في تجارب جولات الإعادة في الانتخابات المصرية ،فتلك الجولات التي تقوم على التنافس الفردي بعيداً عن نظام القائمة تتطلب قوى لها سابق حضور ورموز يعرفها الشارع وعايشها انتخابيا وهو ما توفر للإخوان ولم يتوفر لحزب النور الذي يخوض استحقاقه الأول وكان من البديهي أن يدفع أحياناً في ظل الدوائر المتسعة بأشخاص لا يمتلكون حظوظ الحضور الشعبي.
الصعود السلفي أصبح واقعاً والتفكير الذي يشغل بال الكثيرين الأن كيف سيؤثر هذا الصعود على ديناميات الساحة السياسية في مصر ويترك بصماته على تفاعلات المشهد السياسي ،وما هي حظوظ هذا التيار في التخلص من تصلبه الأيديولوجي وقابليته للتكيف والمرونة مع مقتضيات عالم السياسة .

أول ما يمكن أن يشكل محدداً على قدرة حزب النور باعتباره الأداة السياسية للدعوة السلفية نحو ممارسة العمل السياسي بعيداً عن وطأة الأيديولوجية وتقديم خطاب مرن ومنفتح هو ارتباطه العضوي بتلك الدعوة.ومما يفاقم من تلك الإشكالية أن رموز هذه الدعوة الذين يصنعون خطابها ينحتون في الغالب قوالب تقليدية ورؤى نصوصية وماضوية ويجنحون إلى الخيارات الأكثر تشدداً داخل المدونة الفقهية.وقد بدأ قدراً من التباين يظهر بين ما يحاول أن يكون عليه خطاب حزب النور من واقعية سياسية تتحول في بعض المواقف إلى وقوعية بسبب محدودية الخبرة جراء الضغط المتواصل عليه من الفضاء الاجتماعي، وبين خطاب الدعوة السلفية الذي مازال على حاله من السكونية وعدم الحراك صوب مقتضيات التحول التاريخي والقطع مع إرث الخبرة السابقة.
من المرجح مع دخول الحزب بكثافة داخل مختبر السياسة أن يزداد الفارق اتساعاً بين ما ينبغي أن يكون عليه خطاب الحزب من نزعة سياسية وبين خطاب الدعوة الدعوي الذي لا يتحمل كلفة سياسية جراء اطروحاته ومواقفه .ضبط هذا التباين ربما يكون من خلال سياسة أقرب إلى توزيع الأدوار بين الدعوة والحزب ،أو أن تسعى الدعوة إلى فرض الوصاية وتلجيم الحزب فيحدث الفراق وإن كان الخيار الأول أقرب للحدوث. فمن خبرات الحركات الإسلامية أنها تنزع نحو البراجماتية والتكيف في كل التجارب التي توفرت فيها فرص ادماجها داخل الحقل السياسي بشكل جدي .سيزيد من احتمالية حدوث هذا ما قد يتعزز من فرص سياسية متاحة أمام التيار السلفي وتقدماً في مضمار التجربة بإمكانه أن يجعل من المرجعية العلمائية للحزب في أروقة الدعوة السلفية شارحة وصاحبة تخريجات لما سيصار إليه من مواقف قد تراها قواعد التيار غير متوافقة مع القناعات السائدة.
إذا ما لاح في الأفق بوادر تأزم سياسي وأن ما حصله السلفيون وعموم الإسلاميين في طريقه للاحتواء والاستيعاب والتحجيم فمن المرجح جداً ساعتئذ انكفاء الحزب على مقولات أيديولوجية صلبة وتماهيه بالكامل مع خطاب الفضاء الدعوي الداعم له والذي سينتج حينئذ مقولات غاية في القسوة والصرامة حول تجربة العمل السياسي وجدوى المراهنة عليها.
كما أن حزب حرية والعدالة سيكون في موقف بالغ الصعوبة فيما يخص نسج تحالفاته السياسية فإن حزب النور لن يقل وضعه حرجاً من ناحية الحسابات المنطقية .فأمام الحزب خيارات من بينها الاحتفاظ باستقلالية كتلته وعدم الدخول في مظلات ائتلافية مع أي من القوى خاصة إذا ما كون الإخوان تحالفات مع قوى سياسية ليبرالية وسيكون الحزب في هذه الحالة في وضعية محاولة اثبات التميز والمزايدة الأيديولوجية على الإخوان وما يرتبط بذلك من طرح قضايا هامشية واشعال المواقف حولها للخصم من رصيد الإخوان وكسب ود الشارع لكن ذلك دونه سقف تطلعات الشارع المصري في همه الحياتي .فهذا الشارع وإن كان ثمة قطاعات منه صوتت للحزب السلفي فإن قطاعات أكبر لم تمنحه ثقتها ،كما أن من محضوه ثقتهم من الناخبين ينتظرون مثل غيرهم تطوراً في الأوضاع تخص مسائل الأمن والاقتصاد.
من بين الخيارات الصعبة لكنها ليست مستبعدة محاولة الحزب تكوين تحالفات بعيداً عن الإخوان وبالاقتراب من بعض القوى الوطنية لكن ذلك سيحد من فرصه الخلاف العميق وأزمة الثقة بين السلفيين وبقية الطيف السياسي المصري .جسرة هذه الهوة لن يكون سريعاً ويسيراً وسيتطلب تحولاً نوعياً في الخطاب والمواقف السلفية لن يكون الحزب القوة الممانعة أمامها كونه سيكتسب بالترجيح مع كل يوم سياسي جديد جرعات من البرجماتية جراء المعايشة والتكيف والمحاكاة ،إنما ستأتي الممانعة من قاعدة الإسناد والجسم الصلب الداعم للحزب في محاضن الدعوة السلفية ومدى قدرتها على تقديم خطاب غير تقليدي يتسم بالتجدد وهو أمر من غير المتوقع أن يحدث قريباً على مستوى التنظيرات والطرح الفقهي والدعوي والبدء في مراجعات تأسيسية تناسب التحولات العملية بقدر ما سيكون خطاباً تبريرياً يحاول أن يلتمس الأعذار للحزب ويتمسك في ذات الوقت برؤاه وتصوراته التقليدية .



#علاء_النادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان المسلمون..الصعود المأزوم
- المسكوت عنه في جدل الإسلاميين والليبراليين
- الإسلاميون المصريون..حتى يتبدد القلق
- الليبراليون والنقد الذاتي
- الإخوان المسلمون إذ يُحشرون في الزاوية
- الإسلاميون والليبراليون واستحقاقات التحول الديمقراطي
- الإخوان المسلمون و-الدولة-..الرؤى والإشكاليات-دراسة
- الاسلاميون وحتمية المراجعة


المزيد.....




- صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان.. الاحتلال يعيق وصول المواط ...
- السعودية.. الأمن العام يوجه دعوة للمواطنين والمقيمين بشأن ال ...
- صلاة راهبة مسيحية في لبنان من أجل مقاتلي حزب الله تٌثير ضجة ...
- الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول فيديو إمام مسجد يتفحّص هاتفه ...
- كيف يؤثر التهديد الإرهابي المتزايد لتنظيم الدولة الإسلامية ع ...
- دولة إسلامية تفتتح مسجدا للمتحولين جنسيا
- فيديو البابا فرانسيس يغسل أقدام سيدات فقط ويكسر تقاليد طقوس ...
- السريان-الأرثوذكس ـ طائفة تتعبد بـ-لغة المسيح- في ألمانيا!
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد انتصار المقاومة وشعب غزة، والمقاو ...
- سلي عيالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على النايل سات ولا يفو ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء النادي - الصعود السلفي..الأسباب والتداعيات