أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلعمري اسماعيل - الصحراء الغربية و امكانية العودة الى الكفاح المسلح, المشروعية و الجدوى















المزيد.....


الصحراء الغربية و امكانية العودة الى الكفاح المسلح, المشروعية و الجدوى


بلعمري اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3586 - 2011 / 12 / 24 - 13:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أختتمت أشغال المؤتمر الثالث عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و واد ى الذهب –البوليساريو- بحر هذا الأسبوع باءعادة ءانتخاب محمد عبد العزيز أمينا عاما للجبهة في جو ديموقراطي نادر عند حركات التحرر, و بصفة خاصة في المنطقة و على الأخص الحركات التي لم تحقق بعد الغاية من نشأتها و التي غالبا ما تدفعها مقتضيات مرحلة الكفاح ءالى تأجيل العمل بالآلية الديموقراطية ءالى ما بعد بلوغ الغاية.
و على خلاف المؤتمر السابق, لم تطرح مسألة العودة ءالى الكفاح المسلح على أجندة المؤتمرين هذه المرة لأسباب عديدة مرتبطة أساسا بالوضع الدولي خاصة ولكن أيضا بالوضع الداخلي المغربي الذي بدأت فيه الأوضاع تتحرك على غير ما يشتهي المخزن و الذي دأب على ءاستغلال مسألة الصحراء الغربية لاءثارة العاطفة الوطنية و العزف على وترها كلما تحسس رغبة ءانعتاق لدى رعاياه, و هي سياسة ناجحة ءالى حد بعيد ءابتدعها الملك الراحل الحسن الثاني و شغل بها جيشه و شعبه بعد أن تكاثرت عليه الثورات و الاءنقلابات و سمحت له الحفاظ على عرشه حتى أخر رمقه.
و هي أيضا سياسة اتبعها و يتبعها الملك الحالي للغاية ذاتها و لكن بمهارة أقل و ءانفعالية أكبر راجعة أساسا لفارق الخبرة و الكفاءة عن سابقه,المشهود له بالحنكة في ءادارة شؤون الحكم و متطلبات الحفاظ على عليه.
و فيما رأت قيادة جبهة البوليساريو أن تسحب من المخزن الحجة التي يمكن له أن يعيد ءاستخدامها مرة أخرى لتعزيز تماسكه, تعالت أصوات الشباب الصحراوي منادية بالعودة ءالى الكفاح المسلح بعد أن تبيّن لهم أنه السبيل الوحيد لحمل المخزن على الاءعتراف بحقوق شعبهم المشروعة في تقرير مصيره و التي اعترف هو ذاته بها أيام الملك السابق تحت ضربات المقاتلين, قبل أن يعود للمناورة بعد أن التقط أنفاسه في السنوات التي تلت وقف ءاطلاق النار و الذي مكنه من تجنب الاءنهيار الاءقتصادي و الاءجتماعي و التمرد العسكري الذي كان و شيكا بشهادة الكثير من الضباط المغاربة أنفسهم.
ويمكن تفهم دعوات الشباب الصحراوي بالنظر ءالى "أن الجندي أصبره على الأخطار منه على الاءنتظار" و لكن أيضا لقناعة أضحت راسخة لديه الآن بثبات حول عزم المخزن المضي بعناد في سياسة تعاكس تماما اماله و متطلعاته.
و قبل الحديث عن مدى جدوى العودة ءالى الكفاح المسلح, رأيت من الجدير ءالقاء نظرة موجزة عن الأسس التاريخية و القانونية لقضية الصحراء الغربية, كونها القاعدة التي ينطلق منها أي مسعى نضالي, سلميا كان أو مسلحا بحسب ما تقتضيه الظروف.
> الاءطار القانوني لقضية الصحراء الغربية من و جهة نظر الأمم المتحدة و محكمة العدل الدولية:
أولا:
القرار رقم 1514 في 14/12/1960 الصادرعن الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بمنح الاستقلال للشعوب والأقاليم المستعمرة حيث أشار ألإعلان الى:
1. إن إخضاع الشعوب لاستعباد الأجنبي وسيطرته واستغلاله يشكل إنكارا لحقوق الإنسان الأساسية، ويناقض ميثاق الأمم المتحدة، ويعيق قضية السلم والتعاون العالميين.
2. لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعي بحرية إلي تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
،3. لا يجوز أبدا أن يتخذ نقص الاستعداد في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو التعليمي ذريعة لتأخير الاستقلال.
،4. يوضع حد لجميع أنواع الأعمال المسلحة أو التدابير القمعية، الموجهة ضد الشعوب التابعة، لتمكينها من الممارسة الحرة والسلمية لحقها في الاستقلال التام، وتحترم سلامة ترابها الوطن
ثانيا:
قرارات مجلس الأمن 377 و 379 و بصفة أخص 380 و التي طالبت الملك الحسن الثاني بسحب المشاركين في مسيرته المسماة "الخضراء" و اعتبارها عملا ءانفراديا لا يؤسس لأي حق قانوني مشروع في الاءقليم.
ثالثا:
القرار الإستشاري لمحكمة العدل الدولية بتاريخ16 اكتوبر 1975: الذي اكد على عدم وجود سيادة للمغرب على الصحراء الغربية ولا لموريتانيا كذلك.

وتضيف المحكمة شارحة ما خلصت ءاليه:
" وصلت المحكمة بعد ان نظرت فى هذه البيّنة وفى ملاحظات الدول التى اشتركت فى المداولات الى انه لا الاعمال الداخلية ولا الاعمال الدوليةالتى استند إليها المغرب تدل على وجود روابط قانونية او اعتراف دولى بالروابط القانونية بين الصحراء الغربية والمملكة المغربية فى الفترة المعينة وحتى مع مراعاة التركيب الخاص لتلك الدولة فهى لاتدل على ان المغرب قد اظهر اى نشاط فعّال او خالص فى الصحراء الغربية."
وتقول ايضاـ
"ومن ناحية اخرى فأن المحكمة قد خلصت الى ان المواد والمعلومات المقدمة إليها لاتقيم الدليل على وجود رابطة من روابط السيادة بين إقليم الصحراء الغربية والمملكة المغربية وهكذا لم تجد المحكمة اية روابط قانونية كتلك الروابط ذات الطابع الذى يمكن ان يؤثر على تطبيق قرار الجمعية العامة للامم المتحدة1415فى إنهاء استعمار الصحراء الغربية ولاسيما مبدأ تقرير المصير من خلال التعبير الحر والحقيقى عن إرادة سكان الاقليم


رابعا:
اللآئحة 37/34 الصادرة عن مجلس الأمن و التي تقر للشعوب الواقعة تحت الاءحتلال بالمقاومة المسلحة و تعتبر ذلك دفاعا مشروعا عن النفس, . وبالتالي مقاومة الشعب الصحراوي مشروعة وتكيف قانونا بإعتبارها دفاعا عن النفس طبقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.كما أن مجموعة من لوائح الجمعية العامة الخاصة بالنزاع في الصحراء الغربية تؤكد على شرعية النضال الصحراوي السلمي و المسلح على حد سواء.
خامسا:
سبق للمخزن أن استغل الحساسية التي تبديها أغلب دول العالم و الدول الغربية على الخصوص و منذ أحداث 11 ايلول 2001 تحديدا من مسألة الأمن لتشويه النضال الصحراوي و وصل به الحد في خطوة مثيرة للسخرية أن زعم غداة العمليات الاءرهابية في نيويورك و واشنطن أن جبهة البوليساريو حليف للقاعدة بعد أن كانت توصف من قبله بالحركة الشيوعية و المحسوبة تارة على كوبا و تارة على يوغوسلافيا و هلم جر, و لم يكف النظام المغربي عن كيل الاءتهمات الرابطة بين الاءرهاب و جبهة البوليساريو حتى عندما عجز أن يقنع أحد بمسرحية تفكيك خلية ءارهابية في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية العام الماضي و التي أفرد لها حيزا واسعا في وسائل ءاعلامه, القرار التالي يبيّن وعي منظمة الأمم المتحدة بضرورة وضع حد فاصل بين الارهاب و النضال المشروع للشعوب تحت الاءحتلال, باءعطاء تعريف وافي لكلاهما.
القرار رقم 3034 – تاريخ18/12/1972 وكانت الأمم المتحدة في هذا العام مركزاً لمحاولات عديدة استهدفت وضع تحديدات لظاهرة العنف السياسي والتمييز بين الإرهاب والمقاومة الشرعية للاحتلال. وكان أول قرار صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن معالجة الإرهاب (القرار رقم 3034 – تاريخ 18/12/1972) واضحاً لجهة تأكيد قانونية النضال من أجل التحرر الوطني والتمييز بين هذا النضال ومشكلة الإرهاب الدولي. وقد نص هذا القرار، إن الجمعية العامة تعيد
- التأكيد علىالحق الثابت في تقرير المصير والاستقلال لجميع الشعوب الواقعة تحت الاستعمار وأنظمة التمييز العنصري وأنواع السيطرة الأجنبية الأخرى، وتدعم شرعية نضالها، وخصوصاً نضال الحركات التحررية، وذلك وفقاً لأغراض ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وسواه من قرارات أجهزتها ذات الصلة بالموضوع.
. أيضاً اعتبرت أن "إنكار حق الشعوب الشرعي في تقرير المصير والاستقلال عمل إرهابي بحد ذاته", بهذا ينقلب السحر على الساحر و يصبح باءمكان نعت النظام المغربي بالاءرهابي لاءنكاره الحق المشروع للشعب الصحراوي في النضال لأجل تقرير مصيره.
وكررت الجمعية العامة للأمم المتحدة مرة ثانية في 14/12/1974 في جلستها رقم 2319 القرار رقم 3246،على شرعية كفاح الشعوب في سبيل التحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية والقهر الأجنبي بكافة الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكفاح المسلح:"وهي تؤكد من جديد حق جميع الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية والقهر الأجنبي، غير القابل للتصرف في تقرير المصير والحرية والاستقلال وفقاً لقرار الجمعية العامة رقم 1514 (د – 15) وقرارات الأمم المتحدة الأخرى في هذا الشأن".
و أكثر من ذلك ذكر القرار "ان أية محاولة لقمع الكفاح ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية، هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
سادسا:
مؤتمر تطوير القانون الإنساني، المنعقد في جنيف عام 1976 برعاية الأمم المتحدة، أقرّ بروتوكولان يعتبران أن حروب التحرير هي حروب دولية، حيث جاء في المادة الأولى من البروتوكول الأول" أن حروب التحرير الوطني هي حروب مشروعة وعادلة، وهي حروب دولية تطبق بشأنها كافة القواعد التي أقرها القانون الدولي بشأن قوانين الحرب، كما أن حركات التحرر الوطني هي كيانات محاربة ذات صفة دولية، وهي بمثابة الدول التي لا تزال في طور التكوينِِ"، وضمن هذا المنحى يأتي تدخل الصليب الأحمر الدولي لمعالجة الجوانب الإنسانية المترتبة عن الصراع القائم بين المغرب و الشعب الصحراوي و عمليات تبادل الأسرى و التي خضعت لتفاقية جنيف حول أسرى الحرب و التي تم قبول توقيع جبهة البوليساريو عليها بوصفها حركة تحرر, و هو أمر ليس متاحا لحركة طالبان مثلا و المثال يساق للرد على السعي العبثي للمخزن لاءلصاق تهمة الاءرهاب بالنضال الصحراوي.
هذا بايجاز الاءطار القانوني لمشروعية الكفاح المسلح الصحراوي في وجه الاءحتلال المغربي من و جهة نظر القانون الدولي و لوائح الأمم المتحدة, و للمشروعية التارخية و الأخلاقية ينبغي ءالقاء نظرة خاطفة أيضا على التاريخ.
لن نغوص عميقا في التاريخ فالدولة المغربية نفسها حديثة النشأة, العودة ءاذا ءالى القرن الثامن عشر أكثر من كافية,
> الأسس التارخية لمشروعية النضال الصحراوي لأجل تقرير المصير:
أورد المؤرخ المغربي أبو القاسم الزياني في كتابه "الترجمانة الكبرى" أن حدود المغرب الجنوبية تقف عند وادي نون. وهو ما أكده المؤرخ المغربي أحمد الناصري المتوفي سنة 1897م، في كتابه "الإستقصاء لأخبار المغرب الأقصى" والذي يورد في صفحته 630 أن " حد المغرب الأقصى من جهة الغرب البحر المحيط ومن جهة الشرق وادي ملوية مع جبال تازة ومن الشمال البحر الرومي ومن الجنوب جبل دزنة (أي درعة ) قاله إبن خلدون." أي 80كلم شمال الصحراء الغربية الحالية و بعبارة أخرى أنه حتى حدود الفترة التي دخل فيها المغرب تحت الحماية الفرنسية لم تكن له أيّة سيادة حتى على الجنوب الأقصى لحدود المملكة المعترف بها حاليا, على ءاعتبار أنه لا توجد دولة في العالم تعترف للمغرب بالسيّادة على الصحراء الغربية و التي يدعوها المخزن "أقاليمنا الجنوبية", و لا حتى فرنسا نفسها.

أما المؤرخ والديبلوماسي الفرنسي لويس شنيير، في كتابه "أبحاث تاريخية حول المسلمين وتاريخ الإمبراطورية في المغرب" الصادر في باريس سنة 1887م، فيقول "تمتد الإمبراطورية المغربية من الخط 27 درجة عرضا في الجنوب حتى الخط 36 درجة شمالا. بمعنى من الأطراف الجنوبية لولاية درعة (مملكة سوس ) حتى جبل طارق", و لفظ امبراطورية هنا لا ينسجم و دولة بالحدود المذكورة,يذكرني هذا باءمبراطورية ءافريقيا الوسطى أيام بوكاسا العظيم.
مراسلات ملوك المغرب مع ملوك ءاسبانيا و أوروبا في هذا الشأن:
رسالة السلطان محمد بن عبد الله ءالى الملك الاءسباني كارلوس الثالث في الأول من محرم 1118 هجرية الموافق لثلاثين ماي 1767م، يقول فيها "حول إقامة الكناريين موقعا على شواطئ واد نون للصيد، نحن متأسفون لأن ذلك سيكون في غير صالحكم، فسيثير عرب تلك المنطقة لكم ولرعاياكم المشاكل لأنهم غير خاضعين لأحد، ولا يخشون أحدا ولا سلطان لنا عليهم، وهذا كان مصير الإنجليز قبلكم إذ هاجمهم أولئك العرب. ."، مضيفا "أما شواطئ سانت كروز دي ماربيكينا فلا يمكنني تجاوزها ولا أتحمل المسؤولية عما يمكن أن يقع فيها لأنها غير خاضعة لقوانيننا".
هذه المراسلة تحديدا و المحفوظة في الأرشيف الملكي الاءسباني كانت الحجة القانونية لاءسبانيا لاءحتلال الصحراء الغربية بوصفها غير خاضعة للمملكة الجارة, كما كانت أحد الأدلة القوية التي استندت عليها المحكمة الدولية في قرارها.

أما السلطان مولاي سليمان (1792-1822 ) فيكرر نفس الحقيقة في اتفاق سلام مع إسبانيا موقع في واحد مارس 1799م، ينص في البند الثاني والعشرين منه على ما يلي:

"في حالة غرق باخرة إسبانية في واد نون أو شواطئه حيث لا يمارس جلالة سلطان المغرب أية سلطة، يقدم رغم ذلك كعربون صداقة لجلالة الملك المسيحي كلما في وسعه من إمكانيات لإنقاذ البحارة ومن معهم".
و الاءتفاقية نفسها تكررت مع الاءنجليز بتوقيع السلطان مولاي عبد الرحمن (1822-1857 ) في اتفاق موقع معهم بتاريخ 9 ديسمبر 1856م. . . (لورنسيو دياز فرانسيسكوالصحراء الغربية: ماض وحاضر ص:87 ).
و حيث أن هذه الأدلة كانت كافية لمحكمة العدل الدولية و لمجلس الأمن للاءقرار بالحق المشروع للشعب الصحراوي في تقرير مصيره فالاءكتفاء بهذا الحد أمر سليم من الناحية العلمية.
و يكون من المفيد أيضا ءاثارة النقاش حول ءاحدى أهم النقاط التي يرتكز عليها المخزن لعزل القضية الصحراوية عن محيطها و التأليب عليها, و هي مسألة الهوية, هذه المسألة بالذات تحوي من المتناقضات ما يثير الحيرة, و قبل الخوض فيها هي الأخرى يكون لزاما تقديم لمحة موجزة عن الطبيعة الاءثنية و الثقافية للشعب الصحراوي.
باستثناء فوارق طفيفة فاءن للصحراء الغربية نفس المسار التاريخي لعموم البلاد المغاربية, و بصفة خاصة منذ دخول الاءسلام و ما تلا ذلك من تغيرات ءاجتماعية و سياسية عميقة صاغت الوجه الحالي للمنطقة من جوانب عدة أهمها الجانب الروحي و فلسفة الحياة الاءجتماعية المبنية بالكامل على أسس ءاسلامية سنيّة صوفية, لكن ما يهم هنا هو الجانب الاءثني لسكان الاءقليم لأن الأمر مرتبط بمناورات مخزنية تدور أساسا حول هذه النقطة بالذات, و التي يحاول النظام المغربي أن يجعل منها أداة لزرع التباغض و الكراهية بين الصحراويين و شعوب المنطقة و بصفة خاصة تلك المعتزة بأصولها الأمازيغية في المغرب كما في الجزائر و لكن في الجزائر بصفة ءاستثنائية حيث يدفع اليأس بهذا النظام في ءايجاد و لو ثلة توافقه أطروحاته ءالى ءاستخدام كل الوسائل بما فيها تزييّف التاريخ بعد أن زيّف الجغرافيا لتحقيق حلمه في اءمبراطورية مغربية, جرّت أحلام الملك الراحل المنفلتة من ضوابط العقل و المنطق البلاد الى ورطة تاريخية يصعب الخروج منها دون خسائر قد تطال العرش نفسه.
الصحراء الغربية لم تكن مأهولة بشكل كثيف شأنها شأن كل الصحراء الممتدة من المحيط الأطلسي الى البحر الأحمر, وهي كباقي مناطق الصحراء في المنطقة المغاربية كانت معمرّة من طرف قبائل صنهاجة كثيرة العدد اذا يعتبرها البعض الى اليوم كبرى القبائل الأمازيغية و التي كانت تغطي بتواجدها كل الصحارى الممتدة من السنغال الى موريتانيا و المغرب و الجزائر و حتى مناطق من بوركينا فاسو و بالطبع الصحراء الغربية حيث تعد صنهاجة بلا أي جدال المعمّرة الاولى لها قبل أن تلحق بها قبائل عربية صريحة النسب كقبائل بني معقل في أوائل العهد الموحدي ثم قبائل بني حسّان في أواخره, و الذين كان لتواجدهم أثار اجتماعية و سياسية كبيرة في الصحراء الغربية مازالت متجلية الى اليوم بوضوح في اللهجة الصحراوية المسماة بالحسّانية نسبةً لقبائل بني حسّان,و لكن أيضا في شمال موريتانيا و مناطق من الجزائر في منطقة تندوف بصفة خاصة.
لا ينغي الاءنخداع بمسألة اللّغة هذه, فتونس دولة معّربة بالكامل, الجزائر بنسبة تزيد عن الثمانين بالمئة و تزيد النسبة عن السبعين في المغرب و نسبة ساحقة في ليبيا, و لكن اللغة غير العرق, ما يهم في كل هذا هو الاءنتباه الى حقيقة مغاربية يلمسها كل عارف بهذه المجتمعات أو مقيم بينها, و هي ءانتساب كل الناطقين بالعربية حتى في المناطق الأمازيغية للجنس العربي بخلفيات شتى ليس هنا مجال مناقشتها, أكثر من ذلك حتى القبائل الأمازيغية التي حافظت على لهجاتها الى اليوم تنسب نفسها الى حميّر مستدلة ببعض اجتهدات النسّابة العرب, و لهذا الأمر مبرراته التي أطنب الكثيرون في شرحها و التي سنتجاوزها الآن, في هذا الاءطار لا يشكل الصحراويين أي استثناء, فبمثل ما ينسب أمازيغ المغرب و ليبيا و الجزائر أنفسهم للجنس العربي يفعل الصحراويين, و للغاية نفسها و يضاف اليها غاية أخرى ذات أهمية بالغة, و هذه الأخرى هي محل مناورة مخزنية تستحق الكشف,
التنظيم السياسي الهيكلي للنضال الصحراوي يقضي بوجود تنظيمات مدنية و عسكرية داخل هيكل دولة معلنة على المناطق المحررة من أرض الصحراء الغربية و عاصمتها المؤقتة تيفاريتي, لاحظ التسمية الأمازيغية و كيف تمت المحافظة عليها, هذه الدولة تحمل اسم "الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية" , و هذه التسمية لا تحتاج لمعرفة خارقة في علم السياسة لمعرفة المقاصد من ورائها و القاء نظرة على الدول المعترِفة رسميا بالجمهورية الصحراوية كفيل بشرح معنى لفظ "الديموقراطية" في سياقه المصطلحي, أما لفظ "العربية" فليس تعبير عن هوية بقدر ماهو رهان على دعم عربي للقضية أو على الأقل تحيّيد "الأشقاء" العرب, العلم الصحراوي نفسه خاضع لهذا المنطق, اذ استلهم من العلم الفلسطني لرصيده النضالي و وقعه على النفوس العربية.
المناورة المخزنية تتحرك تحت عنوان "هؤلاء الأعراب يريدون اقامة جمهورية عربية على أرض تامزغا التاريخية", غريبة هذه النغمة عندما تصدر من نظام يستمد شرعيته من خرافة تفاضل الأنساب و التي تجعل ملوكه العلويين العرب أحق من أمازيغ بلاد تامزغا التاريخية و الحاضرة بالحكم على هذه البلاد,/ قد أكتب يوما عن الخرافة العلوية من زاوية ما كشفه ادريس البصري/.
محاولة جر نشطاء القضية الأمازيغية المشروعة في كل من المغرب و الجزائر للتصادم مع النضال القضية الصحراوية المشروعة هو جهد مخزني يرمي الى تحييّد القضيتان الأساسيتان اللتان تشكلان خطرا فعليا على ديمومته, مستغلا البعد الرمزي للعبارات اللّفظية الوظيفيّة المستخدمة لغايات نضالية براغماتية بحتة من طرف أصحاب القضية لزرع الأحقاد و الاءستثمار فيها.
ففي خضم النضال يكتسي البعد الرمزي أهية لدى أصحاب القضية الذين يبدون حساسية تكون في بعض الاحيان مفرطة ازاءه.
هل العودة اذا الى الكفاح المسلح أمر مشروع ؟
الجواب على هذا السؤال يوجد بين أسطر نصوص القانون الدولي و قرارات الأمم المتحدة و مواثيقها الموردة باءيجاز أعلاه, لكن السؤال الأهم هل هذه العودة في الظرف الدولي و الاءقليمي الراهن تكفل تحريك ملف القضية الى الأمام................... ربما يبنغي العودة للاءستلهام من النضال الفلسطيني المزاوج بين البندقية و غصن الزيتون, الأمر خاضع في كل الأحوال لمتطلبات المرحلة.



#بلعمري_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوتفليقة و معركة الفساد, الوهم و الحقيقة
- الربيع العربي هل يسقط خرافة الجزائر عربية
- لكل ثورة فتوى و فتوى مضادة, و لكل فتوى ثمن
- أيّها الوطن الناكر للجميل, لن تكون لك عظامي


المزيد.....




- وزيرة تجارة أمريكا لـCNN: نحن -أفضل شريك- لإفريقيا عن روسيا ...
- مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية
- استئناف محاكمة ترمب وسط جدل حول الحصانة الجزائية
- عقوبات أميركية وبريطانية جديدة على إيران
- بوتين يعتزم زيارة الصين الشهر المقبل
- الحوثي يعلن مهاجمة سفينة إسرائيلية وقصف أهداف في إيلات
- ترمب يقارن الاحتجاجات المؤيدة لغزة بالجامعات بمسيرة لليمين ا ...
- -بايت دانس- تفضل إغلاق -تيك توك- في أميركا إذا فشلت الخيارات ...
- الحوثيون يهاجمون سفينة بخليج عدن وأهدافا في إيلات
- سحب القوات الأميركية من تشاد والنيجر.. خشية من تمدد روسي صين ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلعمري اسماعيل - الصحراء الغربية و امكانية العودة الى الكفاح المسلح, المشروعية و الجدوى