أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الرشيدي - مات المشروع قبل الميلاد.














المزيد.....

مات المشروع قبل الميلاد.


محمود الرشيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 22:19
المحور: الادب والفن
    


قبل تسعة أشهر، وبفرحة لا مثيل لها ،كان قد استقبل بشارة الطبيب .بعد انتظار طويل تُوج باستسلامهما لليأس بسبب حظهما هو وزوجته من الإنجاب ،لسنين خلت،تناهز الأربعة عشرة .وكانت دهرا .
لكن الأطول منها ،هي تلك الساعات من الإنتظارذهابا وإيابا ،في ممر الجناح الخاص بالولادة .
الممرالذي تتقابل على جانبيه عدة أبواب، منها الواسع بدفتين ومنها الأقل إتساعا بدفة واحدة ، يبدو له طويلا كلما سمع أزيز باب قاعة التوليد يفتح ، وتخرج منه إحدى المسؤولات، ولا يتمكن من اللحاق بها ليسألها عن حالة زوجته ، والجديد عن وضعها . وقد ألزمه تحقيق هذا الهدف المثول ، والبقاء بجانب الباب مباشرة ، ليضمن تفقد زوجته ،ولومن بعيد .

أثناء هذه اللحظات بالذات ، أدرك أن لهفته عليها لاتقاوم ،وأن مكانتها الحقيقية ومقدار حبه لها يكاد يكون بوزن وصلابة وسمك هذه الأسوار، وكل الحواجزالتي تمنعه وتحجبها عنه .
في هذه اللحظات العصيبة فقط ، أدرك أن هناك من يوبخه ويؤنبه من داخله على بخل مشاعره وبرودتها طيلة حياتهما ، وعن عدم إظهار مودته وحبه لها... أحس بالفعل أن هذه الجدران ، التي تعزل عنه من يتلهف ويتوق لرؤيتها ؛ هي أو مثلها التي كانت تسيج أوتمنع فيما مضى ما كان يجب أن ينثره من عبق فياح برقيق الكلمات ، ونسيم المعاني التي تؤسس للمحبة والمودة .
فهو من كان دائما يحس بأنها تغديه الأمل في تحقيق الألفة والسعادة ، وتلوّح له في كل الأحوال بأنها جزء منه أو نصفه ، إن لم يكن هو:هي ، أوهي:هو .
لا يعرف لماذا كان يكبت مكنوناته لها ، وما الذي يحُول بينه وبين الإفصاح عن حبه لها ، ولا يريد أن يفكرأو يشغل باله بذلك ؛ ربما لأنه يخاف أن يجد بسهولة ، مبرراته في تراثه ، أوفي ذكوريته ، أو في ضعف الأنثى الذي يتغدى ويتقوى بعواطفها ، وربما في القوامة ، أو في العقل....
إنه متيقن تماما ، أنها كانت تُعزه طيلة حياتهما معا ، وكانت تنتظر منه بين الآونة والأخرى كلمات كعربون على حبه ، أوعشقه ،أو إعجابه بها ، خصوصا وأنها كانت تتفانى من جهتها في زيادة صبيب هيامها وتعلقها به بوحا ، وسلوكا ، لعلها تحرك تفاعله .
طال انتظارها ، رغم أنها كانت تستشعرأن في أعماقه طيبوبة متحجرة ، وأنها بدورها كانت تحس بدفء خاص يغمرها : هو مصدر إشعاعه .
اقتنع أخيرا أنه سيغير أسلوب معاملته ناحيتها ، وحسم نهائيا ،وأقسم على تعرية كل مدخراته وكنوزه من العواطف ، وإظهار شغفه بها ، عبر قنوات الكلمات ، وعبر أطيب العبارات ، وأن لا يبخل عليها أبدا في الإعتراف لها بما يجيش في قلبه ، ولأول مرة بدأ يخطط لمشوع يتحدي فيه نقصه ، ويفكك عقدته ، سوف يديب كل الحواجز والموانع سوف يضخ كل حميميته وحبه في عروقها بالكلمة والعبارة...
وما قطع التفكير في تخطيطه سوى أزيزالباب واندفاع الممرضة مهرولة ، ومُحاولةُ لحاقه بها بخطى سريعة ليسألها عن حبيبته/زوجته ، ودون أن تنظر إليه بشرته بمولود ذكر. قالت إنه جميل يشبه أمه .
توقف وهو رافع كفيه الى السماء ، يحمد الله ويثني عليه ، عندما تنبه أن جوابها ليس من طينة سؤاله ،فعاود بوتيرة أسرع اللحاق بها ، كما أعاد نفس السؤال عن حبيبته ، وسمع الجواب :"الله يعوض محبتها بالصبر"
تسمر في مكانه وتيبّس ...لقد مات المشروع قبل الميلاد .



#محمود_الرشيدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة بعنوان:سمائي...
- في غفلة مني...
- حظه مع الكلمات
- حلم في ليلة باردة.
- حلم جائر
- نحو الانعتاق ..من فكر الترات الى ترات الفكر.
- قصيدة بعنوان: شيء عنك يافلسطين
- قالت لي أمي:...
- قصيدة بعنوان:هناك بعيدا..
- قصيدة بعنوان : مكرالايقاع .
- قصيدة بعنوان :خربشات .
- قصيدة بعنوان:أنت تريد.. وأنا أريد..
- قصيدة بعنوان :وما أدراك ما الانسان


المزيد.....




- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود الرشيدي - مات المشروع قبل الميلاد.