أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم العدراوي - الحاكم والديمقراطية والجمل














المزيد.....

الحاكم والديمقراطية والجمل


إبراهيم العدراوي

الحوار المتمدن-العدد: 3580 - 2011 / 12 / 18 - 17:02
المحور: الادب والفن
    




يحكى، والعهدة على الراوي، أن احد الملوك عهد إلى وزيره بالإشراف على تربية وتعليم أبنائه. وكان الملك حريصا على أن يتملك "ملوك الغد" كل أنواع المعرفة ، ويطرقوا جميع أبوابها.
وذات يوم، استقدم الملك الوزير ليسأله عن كل صغيرة وكبيرة في سير تعليم أبنائه. عدد الوزير قيمة المعارف التي تبحر فيها الأمراء، وما قصر في مدح الفقهاء والعلماء والمعلمين الذين ربوا فأحسنوا التربية، وعلموا فأحسنوا التعليم. وكان كلما تفرس تقاسيم وجه الملك أدرك أنه يريد المزيد لأبنائه، فاستدرك خطبته الطويلة بأن هناك علما واحدا مازال الأمراء لم يطرقوه، وهو من العلوم النادرة في العالم. وهو علم "الفلسفة".
اهتز الملك من مكانه، وأمر بإحضار أحسن معلم للفلسفة على وجه البسيطة، مهما كان ثمنه وكان مكانه. ولم يكن إلا ما أراد.
انشغل الملك بأمور الدولة، وتفرغ الأبناء لتعلم مبادئ الفلسفة والتبحر في فروعها.
مرت الشهور قبل أن يعرض لقاء للملك مع أبنائه. لم يكن يهمه من أمرهم سوى تعليمهم، فاستدرجهم ليعرف أين وصلوا في درسهم.
ذكر كبير الأمراء أنهم يدرسون "الديمقراطية".
وحسب حكاية الراوي،العالم بسرائر شخصياته، فالملك الذي كان يسير أمور الدين والدنيا، لم يكن يعرف شيئا عن هذه الكلمة "الدخيلة"، فزاد فضوله يستفسر عن معناها وتفاصيله.
أجاب الأبناء جماعة، ولم يذكر الراوي هل كانوا جلوسا أم قعودا...:
"الديمقراطية هي أن يحكم الشعب نفسه بنفسه"
صدم الملك، وهو الذي ائتمن معلما غريبا على أبنائه، ففجر غضبه على الوزير المسكين. وانتهى إلى ضرورة إنزال عقاب يليق ب"الجريمة" التي اقترفها هذا المعلم المارق، فطلب من الوزير أن ينزل بالمعلم عقابا لم يعرفه إنس ولاجان من جن سليمان.
استقدم الوزير بنائين وأمرهم بتشييد غرفة صغيرة، متينة الحيطان، لا تطل عليها الشمس من أي مكان. ثم أمر بإحضار جمل.
أدخل السجانون المعلم والجمل إلى الزنزانة العجيبة، وصاح الوزير في وجه المعلم:
"لن تخرج من هنا حتى تعلم هذا الجمل الفلسفة"
ثم أغلق البناء، ولم يترك سوى كوة صغيرة، يدخل منها النذر القليل من الماء والطعام يضمنان بقاء المعلم والجمل على قيد الحياة.
عاد الوزير إلى ملكه يخبره بما فعل، فسر الملك بذلك غاية السرور، فهذا المعلم لايستحق تعليم سوى جمل، وهذه الفلسفة لاتستحقها سوى الحيوانات.
مرت الأيام والشهور، والمعلم في سجنه مع الجمل لايسمع له سوى عبارات قوية تتردد بين جدران البناء العجيب، وتنفذ من الكوة فيسمعها كل من في القصر.
كان يقول: "إما....وإما...وإما......"
ولما كان الملك حريصا على ترويض "الفيلسوف"، فقد كان يمر من أمام السجن، فلا يسمع سوى صوت أجش، واثق " إما....وإما...وإما......" .
ضحك في البداية، ثم بدأت الكلمات تطلع في أحلامه، ويراها تتراقص في فنجان قهوته، وسمعها أقوى من عزف سهراته. بدت له الكلمات مريبة، كيف لا وهو الذي قال:"الشعب يحكم نفسه بنفسه".
وقبل أن يطلع الصباح، هدم البناؤون الجدار، وجروا المعلم منهكا، أغبر، أشعث..يتمتم "إما..وإما..وإما".
طلب منه الملك أن يكف عن الكلام، وصاح فيه أن يشرح له العبارة التي كان يعلمها للجمل، وإلا سيكون هذا آخر يوم في حياته.
كانت آذان الحاشية تنتظر حل اللازمة التي غدا يعرفها علية القوم وحتى الرعاع. المعلم لم يزد الموقف تشويقا، قال، والعهدة على الراوي،:
كنت أقول للجمل: إما تموت فتستريح مني، وإما أموت فأستريح منك، وإما يموت الملك فنستريح معا.
وجم كل من في القصر للإجابة اللعينة، فلم يجرؤ أحد من قبل أو من بعد أن يذكر "يموت الملك" في غياب الملك ، فكيف في حضوره.
أما الراوي اللعين فقد اختفى قبل أن يكمل الحكاية، وحدهم الناس تناقلوا أخبارا غير موثوقة عن مصير المعلم.
فمنهم من قال أن الملك قتل المعلم. ومنهم من قال أن الجمل ثار في القصر ولم توقفه لا سيوف ولارماح الحراس وحمل المعلم على ظهره وهرب بعيدا، ومنهم من قال أن الملك عفا عن المعلم وحمل الجمل سبائك ودنانير من ذهب ولكن المعلم ترك الجمل بما حمل ومنه أخذ المثل المأثور.
أما أغرب حكاية يتناقلها الناس، فهي أن "المعلم" مازال مسجونا يتوارثه الملوك، ولن يعرف مصيره حتى "يحكم الشعب نفسه بنفسه".
ومن الناس من يقول إن الحكاية لا أصل لها، ولكنه يردد في دخيلته: إما وإما وإما.



#إبراهيم_العدراوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ربيع في الرماد
- رسالة مفتوحة إلى السيد مندوب وزارة الصحة بسيدي بنور بمناسبة ...
- الملائكة لا تحلق في سيدي بنور


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم العدراوي - الحاكم والديمقراطية والجمل