أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصر حسن - الدم السوري المباح بين مهلة وأخرى!















المزيد.....

الدم السوري المباح بين مهلة وأخرى!


نصر حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3572 - 2011 / 12 / 10 - 18:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



(1)
مضى على الثورة السورية تسعة أشهر ،دفع خلالها الشعب أعلى فاتورة دموية في ربيع الثورات العربية ،وأظهر أرقى حالة احتجاج سياسية سلمية ، واجه الشعب الأعزل أسوأ الأنظمة الأمنية وأكثرها همجية ووحشية وانحطاط ، استخدم ويستخدم النظام كل ما يملك من سلاح وحقد ضد الأبرياء الصادحين بالحرية ، كباراً وصغاراً ، أطفالاً ونساء ً ورجالاً ، طالت وحشيته كل شيء ، منفذاً علانية ً فيلماً دمويا ً مروعاً بالصوت والصورة ، لم يشهد العالم مثيله في الترويع والقتل الجماعي والإهانات ،التي فجر فيها النظام وشبيحته ورعاعه المدججين بكل أصناف الأسلحة والحقد والكراهية التي تجاوزت غرابتها كل عجائب طغاة التاريخ .
غرابة المشهد السوري ، تكمن في نظام يقتل شعبه ، يقتل ويعتقل ويجتاح المدن والقرى ، مستمراً في مسلسله الدموي ،مصراً على إجهاض ثورة سلمية بلغت تضحياتها رقماً قياسياً في تاريخ الثورات , مسجلة ً(الثورة ) تفوقاً سياسياً وأخلاقياً أفرز تمايزاً واضحاً بين نهجين ، نهج الثورة السلمي وبرنامجها الوطني المدني الديمقراطي ، ونهج النظام الدموي الذي يمثل العنف المنفلت من كل إطار سياسي وطني أخلاقي ، ورغم ذلك الخلل في موازين القوى المادية ،والفرق أو التناقض بين سلمية الثورة وتفوقها الأخلاقي , وعسكرية النظام وانحطاطه الوطني والأخلاقي ، بقي النظام الرسمي العربي ممثلاً بجامعة الدول العربية متفرجاً على الجرائم ، يتعامل بمنتهى البطء والارتباك مع أحداث دامية في قلب العروبة النابض! .
واليوم ،يتلخص المشهد السوري بطرفين وعدد كبير من المتفرجين ، الأول هو ثورة شعبية سلمية ذات مطالب شرعية ،وطرف آخر يمثله نظام متصلب متوحش أغلق كل الأبواب ،وأضاع كل الفرص ،يتخبط بالدماء خارج التغطية العقلية والوطنية والسياسية والأخلاقية، منفلتاً يصطف معه من على شاكلته ، يسانده بالمال والسلاح والصمت والتسطيح والغوغائية ، والوقت والمُهل والمراهنات والسمسرات، نظام أدمن القتل والترويع ، كشف نهجه الدموي على المستوى الداخلي ، كاذب منافق مراوغ على المستوى العربي، قاعدي على المستوى الإقليمي والدولي ، تلك محددات المشهد السوري اليوم في جمعة " إضراب الكرامة " ، الذي يفصح عن عنوان قيمة أخلاقي موجها ً لجامعة الدول العربية قبل الآخرين ، في وقت يقوم النظام المجرم بحملات إبادة ضد المدنيين ، مطمئناً إلى سيناريو مُهَل جامعة الدول العربية !.
(2)
نفهم دور الجامعة ،وآلية عملها، ومدى قدرتها على حل الأزمات سواء ً بين الدول العربية أو بين الأنظمة وشعوبها ، ونعرف تجاربها وحلولها في كل الأزمات العربية ، لكن من غير المفهوم لدى الشعب السوري وثورته هو ذلك التمايز في الحرص والسرعة بين دولة عربية وأخرى ؟!، وبطء الجامعة وارتباكها في مواكبة الأحداث الخطيرة في سورية؟!، رغم أنها الأكثر سلمية ودموية ولا إنسانية وتأثيراً على واقع ومستقبل العرب جميعاً !.
استبشر السوريون خيراً بقرار الجامعة بتعليق عضوية النظام وفرض العقوبات عليه ، واعتبرها الشعب السوري وثورته تطوراً نوعياً وربما ثوريا ً في تاريخ الجامعة، عكست الثورة ذلك في شعاراتها التي شحنت الشعب بقدر من الأمل في وقف النظام أو ردعه ومعاقبته على جنونه وجرائمه ، والجامعة والعالم يعرفون طابع الثورة السلمي وخيارها المدني الديمقراطي، عمدت ذلك الخيار بآلاف الشهداء ،ومابرحت تصر على خيارها المدني السلمي رغم ذلك الكم المخيف من القتل والترويع ، وأيضاً تدرك الجامعة جيداً طبيعة النظام، وهي على يقين أنه سبب المشكلة وعدم الحل ، وتعرف تماماً أن النظام مصراً على الحل الأمني العسكري ، وأن الحل السياسي معدوماً مع النظام ورموزه المجرمة التي استباحت الدم والعرض والكرامة في طول سورية وعرضها! ولعل قرار الجامعة بتجميد عضوية النظام وتطبيق العقوبات عليه ،هو نتيجة إصرار النظام على القتل والكذب على الجامعة والدول العربية ،ومراهنته على كسب الوقت عبر المماطلة والتلاعب بفقرات القرار، والتعامل معه كبنود لإدخال الجامعة في متاهة مستمرة، يظن واهماً أن كسب مزيداً من الوقت ،يعني إضعاف الثورة وإرباك الجامعة ليبقى يقتل بحرية على أمل وقفها وإخفاء معالم جرائمه!.
لعل الجامعة تدرك وضوح المعادلة السورية في متغيراتها وثوابتها على المستوى الداخلي بما يخص الثورة والنظام وتطور الأوضاع الميدانية على الأرض ، وأن النظام المجرم سوف يستمر في خياره العسكري حتى الهاوية ، لكن من غير المفهوم تردد الجامعة ، أكثر من ذلك وقوعها في فخ النظام وألاعيبه عبر تمديد الوقت والمساجلة معه بعد صدور القرار الذي أصبح من الناحية القانونية نافذاً للتطبيق، وترى يومياً سلوك النظام الدموي الذي زاده عنفاً وترويعاً بعد صدور القرار، كما تشير قوائم الشهداء التي كانت بما معدله ثلاثين شهيداً في اليوم قبل القرار، وأصبح معدله خمسين بعده، هل هذا مؤشر يُطمئن الجامعة باستمرار الحوار مع القتلة ؟!، وهل أصبح ثمانمائة شهيداً على هامش قرار الجامعة مجرد أرقام ؟! فهل الدم السوري رخيص لهذا الحد لدى الجامعة العتيدة؟! .وهل تدرك خطورة التردد والضعف على حافة الهاوية ونتائجه الخطيرة ؟!
(3)
لاشك ، أن الجامعة تدرك أن توقف الثورة بات مستحيلاً، وهذا ليس رأياً وتحليلاً نظرياً ، بقدر ما هو قراراً قالته الثورة مراراً وتكراراً ،وتدرك الجامعة أيضاً تعقيدات الوضع الداخلي والإقليمي والعربي والدولي ، وتلمس ارتباك الجميع وغياب رؤى سياسية للحل ، وأيضاً قد اجتمعت مع عديد أطراف الثورة والمعارضة السورية ، وسمعت آراء الجميع ولمست اتفاقهم على هدف واحد هو إسقاط النظام كله وتفكيكه والانتقال إلى سورية الجديدة المدنية الديمقراطية ، يبقى بعض الاختلاف في الوسائل بين أطراف المعارضة ،هذا شيء طبيعي ، بل يمكن اعتباره كتمرين استباقي على التعددية والديمقراطية والاحتكام إليهما ، بمعنى آخر ،إن النظام المجرم موضوعياً وقانونياً فقد شرعيته الوطنية، وأن الثورة والمعارضة وهياكلها السياسية فرضت نفسها كشرعية بديلة ، تأسيساً على ذلك واتساقاً مع تعامل الجامعة مع المعارضة وخاصة ً المجلس من جهة ، ومن أخرى عدم تجاوب النظام ولو بالحد الأدنى مع الجامعة ، بل أهان الجامعة أكثر من مرة ، وشبيحته الإعلاميين وصفوها بأقذع الألقاب ، هنا يفرض الأمر على الجامعة أن تتعامل مع الشرعية الوطنية الجديدة ،وتبحث معها عن الحل الفوري الذي يردع النظام المجرم ويوقفه عند حده بشتى الوسائل الممكنة .
أخيراً ، تحرص الثورة والمعارضة والمجلس الوطني على دور الجامعة في بلورة حل عربي يقطع الطريق على النظام وسلوكه الدموي الأحمق في دفع الأمور إلى استجلاب التدخل الخارجي والتدويل والحرب الأهلية ، وتدرك الثورة جيداً التوازنات في مؤسسة الجامعة التي تمكنها أو تعيقها من القيام بدورها بالحد الأدنى للحفاظ على الأمن الوطني والقومي ، وتدرك أيضاً أن هناك قوى عربية وإقليمية ودولية تحاول إعادة ترتيب التوازنات الداخلية في الجامعة والتأثير على عملها وقرارها الأخير الخاص بالنظام السوري لتطويق الثورة وإجهاضها.
هنا تكمن الخطورة والاستهانة بالدم السوري الطاهر ، لكن على الجميع أن يدرك أن الثورة تراهن على الجامعة نسبياً في حقن الدم السوري وليس المساهمة في إهداره أولاً ، وأن الدول العربية التي وقفت مع النظام المجرم وضد الشعب السوري غير مؤهلةً سياسياً وأخلاقياً للدخول كوسيط ،لأنها شريكة النظام في قتل الشعب السوري ثانياً، وأن الثورة السورية غير مرهونة البتة لبطء تنفيذ القرار أو التلاعب فيه والتحايل عليه بما يؤذي الشعب السوري ثالثاً ، وأن فجور النظام المجرم وتماديه سببه هو هذا الارتباك لدى الجامعة وعدم قدرتها على فرض آلية عملية فورية تردع النظام وتوقفه عند حده رابعاً ،وأن سياسة التساهل والباب الدوار تسهم في إراقة الدم السوري خامساً ، والثورة تعتمد على الشعب وإرادته القوية في تحقيق النصر وكل الخيارات لحماية المدنيين مشروعة ومفتوحة أولاً وأخيراً.
ما أشبه اليوم بالبارحة ! ما أشبه الابن بأبيه ! ما أشبه الطغاة ! ما أشبه حمص بحماه ! ما أشبه حاضر الجامعة بماضيها ! لكن حاضر سورية تجاوز ماضيها ، والشعب السوري كسر حاجز الخوف وغادر مملكة الصمت ...وانتفض المارد الشعبي ولن يتوقف سوى بإسقاط النظام كله وكنس مخلفاته في الدولة والمجتمع .
من حمص التي تذبح بوحشية بالصورة المباشرة ،تذكرنا بتكرار مأساة حماه عام 1982 ووحشيتها ، وبغياب وارتباك الجامعة وعجزها عن ممارسة دورها في حماية المدنيين ، ومن كل سورية سوف يكون الرد على النظام المجرم وشركائه وكل من يسهل له أو يساعده على استباحة الدم السوري ، سوف تستمر الثورة سلمية وتتسع وتفاجئ النظام المجرم ومن معه بخيارات متعددة، وهي ليست مرهونة سوى للشعب السوري وحريته وكرامته وخياراته ومستقبله.
د.نصر حسن



#نصر_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان التيار القومي العربي حول بيان الدكتور برهان غليون
- بيان التيار القومي العربي
- التمو البطل ...مشعل الحرية مضيئاً أبدا
- مبروك كبيرة ..تشكيل المجلس الوطني السوري
- مامعنى لاءات مؤتمر هيئة التنسيق الوطنية
- سموها جمعة البطل المقدم حسين هرموش
- في تكاثر المؤتمرات !
- مؤتمرات ولجان وخيام ... ونظام يذبح حماه ثانية ً!
- ثلاثة أشهر دامية ..وبشار ضاحكا ً...متى تعقل أيها الرئيس؟!
- النظام المقاوم يرتكب جرائم إبادة جماعية في جسر الشغور !.
- جرائم الكراهية في سورية !
- القتلة في حماه مرة أخرى !
- بن جدو اذ نطق !!!
- رصاصة وحنجرة ..
- تحية إلى الشباب - المندس - في سورية !.
- إلى من قال أن الشعب السوري سيبقى صامت !
- بشار أسد يغني على ليلاه ...
- مأساة حماه في شباطها التاسع والعشرين...جاء زمن العدالة
- سؤال برسم الإجابة ...مجرم برسم العقاب..
- القومية العربية بين فكر البعث وسلطته!.


المزيد.....




- قيادي حوثي يوجه رسالة للسعودية بعد -تباطؤ- مسار المفاوضات
- رياض منصور لـCNN: تغمرنا السعادة بمظاهرات الجامعات الأمريكية ...
- جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية ن ...
- فيضانات كينيا: بين معاناة إنسانية وسوء تخطيط رغم تطوير العاص ...
- شاهد: طلاّب يرفعون اسم الطفلة الفلسطينية -هند- على مبنى تاري ...
- -الصواريخ أصابتها وانفجرت فيها-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استه ...
- -انطلقت ووصلت إلى هدفها-..الحوثيون يعرضون مشاهد من استهداف س ...
- أمير قطر يبحث في اتصال هاتفي مع الرئيس المصري تطورات الوضع ب ...
- مدينة أسترالية يعيش سكانها تحت الأرض!!
- غزة : هل تتوفر ضمانات الهدنة؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نصر حسن - الدم السوري المباح بين مهلة وأخرى!