أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة آيت عمي - فصل الشتاء














المزيد.....

فصل الشتاء


خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)


الحوار المتمدن-العدد: 3569 - 2011 / 12 / 7 - 20:45
المحور: الادب والفن
    


كعادتي استيقظت مبكرة جدا هذا الصباح على الساعة الثالثة وسعدت لكوني إستعدت ملكة النوم بعد صراع حلّ أسابيع لديّ بين الحياة و الموت والذي يأخذ النوم أحد أشكاله (الموت)، ففضلت إيواء الفراش في ساعات الظلام الأولى بالضبط وكما يفعل الدجاج لتدارك الأمر المتفاقم الذي لم يعد يجدي معه شئ .
إحتسيت القهوة متلذذة بيوم جديد ، أو ظلام جديد إذ لم يغادرنا الليل بعد ولم يحلّ النهار كذلك . نظرت من نافذة غرفة النوم لأرى رذاذا من الماء ينسكب على الرصيف و الطريق يغسلهما في رفق و هدوء وخطر ببالي أن ألتحق بالموكب احتفالا بفصل الشتاء الذي حلّ بجو غير معهود .
فتحت النافذة ،كان الطقس دافئا كما لو أننا لم نغادر الصيف بعد ، إذ ناذرا ما يقع عندنا مثل هذا الخلط فتقرر الفصول المكوث عوض الرحيل إلى مكان بعيد آخر .
إستنشقت الهواء الطريّ الذي كان يعبق به المكان . . كل المكان، وانتبهت إلى أنه نادرا ما يُسمع هدير سيارة وهي تمر مسرعة باتجاه العمل والحقيقة أن جنوب لندن يتمتع بالمساحات الخضراء الكثيرة وبقلّة السكان ،وأنه حان موعد الفرص الناذرة و خطر ببالي أن أغادر البيت للإستمتاع ، واهتديت إلى وجود مكان ما بداخلي يجعلني في أمسّ الحاجة إلى الإنبثاق والخروج .
إنتابني إحساس عارم بالحرية ،أجل الحرية متدفّقا من الداخل منسكبا نحو الخارج في انتظار لحظة القرار ،أي لحظة أغلق فيها الباب ورائي دون رجعة.
ألقيت نظرة أخرى حيث لاتزال الأشياء كما كانت عليه ،لكن شيئا ما أثار انتباهي ألا وهواختفاء الثعالب كما لو أنها حسمت في الأمر و لم تعد ترغب في الخروج ليلا بحثا في القمامات عن طعامها كما هي عادتها ،إذ ما فتئت تجفّ هزيلة لا تكاد أقدامها تحملها إثر التهميش الذي تتعرض له دون شفقة .
"إنه موضوع يهمني للغاية إذ  ما الذي يجعل كائنات كهذه تخاصم البشر ولا ترغب في رؤيتهم حتى ؟" ، انتفضت قائلة في نفسي ، أجل إنه موضوع يخصّني و تذكرت حين كنت أترك بقاي الدجاج واللحوم بالحديقة ليلا ليتسلّل الثعلب خلسة في إطار معركته المستمرة مع الحياة .
نعم ، البناء المتكاثر المتناثر جعل مثل هذه المخلوقات تتوارى عن الأنظار ،فبأي حق يتوسع هؤلاء لينقرض الآخرون دون أن يثير ذلك ذعر أحد ؟ و إلى أين نحن ذاهبون ؟ خصوصا و أن من يشاركنا المكان ـ كالثعلب ـ مسالمون لا رغبة لديهم في إيذاء أحد ؟
كل هذا جعلني أفكر في بارانويا الكائن البشري المسكين ، الذي في الحقيقة هو من يحتاج إلى العطف أكثر من غيره .
استلمت فيما مضى ـ ولست أدري لماذا ـ رسائل تحذير من البلدية لأجل حفظ بقايا الطعام بأماكن محكمة الإغلاق ،لا بل ارتفعت حرارة إدارة " الصحة و
الوقاية " و أخذت تبتكر يوما عن يوم صناديق بلاستيك متنوعة الأشكال و الألوان ل "الروسيكلاج " بحجة القضاء على تكاثر الفئران .
لا زال الظلام ملحا و لم أعد أذكر سوى حلم التسرب باتجاه الخارج على أن يتدبر الثعلب أمره عملا بالقانون .



#خديجة_آيت_عمي (هاشتاغ)       Khadija_Ait_Ammi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب بين التحديث و التحريم
- المغرب ما بين الديكتاتورية و الديكتاتورية
- الجسم السليم في العقل السليم


المزيد.....




- محمد حلمي الريشة وتشكيل الجغرافيا الشعرية في عمل جديد متناغم ...
- شاهد رد فعل هيلاري كلينتون على إقالة الكوميدي جيمي كيميل
- موسم أصيلة الثقافي 46 . برنامج حافل بالسياسة والأدب والفنون ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- إندبندنت: غزة تلاحق إسرائيل في ساحات الرياضة والثقافة العالم ...
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- مسرح الحرية.. حين يتجسد النزوح في أعمال فنية
- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خديجة آيت عمي - فصل الشتاء