أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الشاوي سعيد - لماذا يقدم الواقع العربي الحركات الاصولية بديلا؟















المزيد.....


لماذا يقدم الواقع العربي الحركات الاصولية بديلا؟


الشاوي سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 3567 - 2011 / 12 / 5 - 16:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مساهمة في النقاش
لماذا يقدم الواقع العربي الحركات الاصولية بديلا؟
اي متتبع للوضع السياسي المغربي يمكنه ان يلاحظ بسهولة ان الطريقة التي مرت بها انتخابات 25 نونبر لا تختلف في شيء عن سابقاتها ، نفس الاليات والأدوات والوجوه ، لا شيء يوحي بالجديد ، فقط النهوض الشعبي العارم المتواصل المطالب بالمقاطعة وهو الوحيد العنصر الجديد في المشهد . هنا اتسائل اذا كانت انتخابات 2007 لم تدفع الى صناديق الاقتراع إلا ب 37% من الهيئة الناخبة حسب التصريح الرسمي رغم التوظيف الهائل للعديد من اساليب اغراء المواطنين بالتصويت والأموال الضخمة التي استعملت لتحقيق هذا الهدف ( تم احداث جمعيات لهذا الغرض ) ، فكيف يعقل ان تكون النتيجة 45 % وهناك اليوم معارضة شعبية شديدة لهذه العملية ، واضحة ومنظمة عكس السابق حيث كانت نداءات المقاطعة مبحوحة و ضعيفة.
اقدم هذه الافكار بمناسبة النقاش الذي يدور عن ما بعد 25 نونبر أو ما بعد " فوز " حزب العدالة والتنمية . حيث لا اعتقد أن استيعاب ما حصل ويحصل ممكن دون التعامل بتوجس كبير مع علاقة الأنظمة الغربية والعربية بالحركات الإسلامية من جهة و ماهية المخزن ومشروعه وطبيعته من جهة أخرى ،خصوصا وانه يبحث عن الالتفاف على هذا النهوض الشعبي ويحاول بشكل ارادوي ممنهج استغلال بعض الظواهر التي عرفتها مناطق عربية أخرى ، و تكييفها مع حاجته لإعطاء صورة مزيفة توحي بأنه يستجيب بمرونة للمطالب الديمقراطية للشعب المغربي .
الخطوة الأولى التي قام بها هي اصدار دستور جديد (جاء مباشرة بعد انطلاق حركة 20 فبراير حيث بدا التهييء له بعد خطاب الملك في 9 مارس 2011 ) والثانية هي اجراء انتخابات تشريعية في اطار هذا الدستور الجديد . وكانت هذه الإجراءات بمثابة الإطار السياسي الذي ستنتظم بداخله كل التصورات والسيناريوهات التي يعمل المخزن على إخراجها من المخاض السياسي الحاصل بالمغرب ومنها نتائج انتخابات 25 نونبر .
الحركات الاسلامية كونت عن نفسها صورة وخلقت فكرة لدى الرأي العام العربي عموما كونها الضحية الاولى والأساسية لغياب الديمقراطية والقمع الاسود ، لأنها صادقة مستقيمة وغير فاسدة كما لو كانت ازمة الرأسمالية والواقع المغربي والعربي مصدرها اخلاقي (هذا جزء مما تعرضه الحركات الاسلامية للإصلاح ، اي العمل على نشر الاخلاق من منظوره الميتافيزيقي ) ، وقد تم البناء التدريجي لصورة الضحية عن الحركات الاسلامية مند سنوات . حيث كان يتم الصمت عن جرائمهم من طرف الانظمة العربية بما فيها النظام المغربي خاصة في حق الشعوب (اغتيال المناضلين والمفكرين ، اختطافهم اصابتهم بعاهات وتعذيبهم ...) و تقدم تهمة الالحاد كذريعة لإقناع الجماهير بضرورة الجريمة وهذه في الواقع تتم نيابة عن الانظمة المستفيد الاول منها ، كما يتم الحديث عنهم كأبطال حين القيام بأعمال كانت في الجوهر تخدم اغراض امبريالية و تضر بقضايا الشعوب العادلة ( هذه الاعمال مازال التاريخ لم يفصح بعد عن تفاصيلها و حدود تدخل المخابرات الرسمية فيها وفي صناعتها ولكن قرائن عدة تدل على تقاطع المصالح بين حركات إسلامية و الأنظمة ) كما تم التساهل معهم للحصول على منابر اعلامية مرئية مسموعة ومقروءة بتمويلات ضخمة من طرف انظمة البيترودولار عبر قنوات المخابرات المحلية .
استطاعت الأنظمة العربية والغربية ترويض هذه الحركات بتقسيمهم الى معتدلين ومتطرفين ، حيث كانت الصفة الثانية تضغط على هذه الحركات للحصول على مزيد من الانبطاح والقبول بالمشروع الامبريالي الرجعي الصهيوني . وقد حولت هذه الحركات المسماة معتدلة تطرفها ضد الأنظمة إلى تطرف ضد الشعوب بالمزيد من التشدد والانغلاق في الدين خاصة في مجال العلاقات الاجتماعية و ألإنسانية وهذا السلوك لا يضر هذه الانظمة بل هي تشجعه بشكل خفي وأحيانا تسبقها الى ممارسته .
عمل المخزن بإتقان كبير على اخراج فوز الاسلاميين من صناديق الاقتراع ، و حاول تأكيد نزاهة الانتخابات الاخيرة ( 25 نونبر 2011 ) ودخول المغرب دائرة البلدان الديمقراطية بسلاسة وبطريقة سلمية ، باستعمال النتيجة كدليل ، خصوصا انها لا تختلف في شيء عن مثيلتها في بلدان اخرى وصل فيها النهوض الشعبي الى اخر فصوله ، حيث عند اللجوء الى الانتخابات لفرز ما تريده الشعوب ، كانت النتيجة لصالح الاسلاميين الذين كانوا مؤهلين دوما لذلك ،لكن القمع والفساد كان يقف ضدهم . ادن الديمقراطية في العديد من البلدان العربية جاءت بعد ثورات وإراقة الدماء اما في المغرب فقد كانت بإرادة ملكية ومن الطبقة الحاكمة ، هكذا يحاول النظام تأكيد الاستثناء المغربي. خصوصا ان الصورة التي تم الصاقها بهذا النهوض الشعبي العربي محليا ودوليا ان الاسلاميين هم وقوده وبالتالي نهايته الطبيعية هي بلوغهم السلطة او ما شابه ذلك ؟ من حيث الشكل ،المخزن مرر السيناريو بكل اتقان وحصر النقاش في الزاوية التي يريد ، واستطاع استعمال وضع من صنعه للتخفيف من ضربات الجماهير الشعبية المغربية التي ترغب في الجوهر استئصاله لأنه مصدر كل الشرور .
وهنا اتسائل عن ما الذي يساعد في الواقع العربي والمغربي على فوز الإسلاميين في الانتخابات بسهولة وقدرتهم على الاستقطاب السهل للمواطنين؟
1. المخزن هو شكل مركب لمشروع إسلامي وآخر ليبرالي مشوه وفاسد في نفس الوقت (جل الأنظمة العربية يسري عليها هذا الوصف ) ، فهو يدافع عن نظام ديني متشدد مغلق رجعي ويوفر له جميع شروط نجاحه واستمراريته ، كما يدافع عن مشروع ليبرالي يقبل بتجاوز جزئي للدين وحتى الخروج عنه أحيانا . وهذا الشكل المركب الذي هو المخزن يعطيه القدرة على التكيف مع جل الايديولوجيات البرجوازية الصغيرة بالمغرب وجرها الى دائرته . ويمكن ان نقول ان المخزن هو نظام سياسي واقتصادي رأسمالي مشوه و فاسد بإيديولوجية دينية لا تختلف كثيرا عما تدعو اليه الحركات الاسلامية وهو يفضل استعمال الايديولوجية الدينية لتكريس استبداده وممارسة الحكم ، يتعايش بسهولة مع الحركات الدينية ولا يتناقض معها كثيرا في طريقة استعماله للدين رغم كونه يقبل شكلا ببعض المظاهر التي تتعارض مع الدين ويزاوج بينهما أحيانا .
للتوضيح أكثر أشير إلى أن المخزن يوفر كل شروط نمو الفكر الديني وانتشاره وتوسعه ، من خلال المساجد التي توجد في كل مكان ،الأحياء والدروب وحتى الأزقة ، يؤطر روادها في خطب الجمعة وحلقات التفسير عناصر في اغلبها مخزينة متخلفة فاسدة .كما ان التعليم بالمغرب يستحوذ فيه الفكر الديني اما مباشرة او بغيرها على حصة مهمة ويكفي للتأكد مراجعة البرامج التعليمية ، الإعلام العمومي هو الاخر منبر لترويج هذا الفكر بامتياز ، حيث الحصص المخصصة للدين كثيرة وتهيمن على كل البرامج في بعض المناسبات مثل شهر رمضان .ادن باختصار نقول ان المخزن هو الضامن الاساسي لترويج الفكر الديني بالمغرب ، وهذا الوضع انتج ثقافة ومزاجا عاما مصانا ومراقبا بعناية ودقة من طرف المخزن وأجهزته المنتشرة في كل مكان ،و سهل كذلك على الأحزاب السياسية التي تجعل من الدين مصدر إلهامها الفكري والايويلوجي والسياسي استقطاب الناس إلى صفوفها ، لأنهم جاهزون لذلك.
ووجه العملة الاخر هو كون المخزن كذلك يسمح ببعض الممارسات الليبرالية في الحياة العامة لا تختلف كثيرا عما نشاهده بالدول الغربية ، وأحيانا يتراجع عنها ويعاقب ممارسيها حسب شروط محكومة بظروف سياسية واقتصادية واجتماعية .
تركيب هذا التناقض داخل بنية المخزن جعلته يشبه في المضمون الأنظمة الدينية ايديولوجيا ، وشكلا الرأسمالية اقتصاديا وسهلت عليه هذه الازدواجية التكيف مع جل أنماط المشاريع الحزبية واحتوائها ، باسثتناء التي تنشد بناء انظمة مختلفة جذريا ، و تناضل في المرحلة الراهنة من اجل نظام مؤسسات ديمقراطي علماني على شاكلة الانظمة الغربية، لان نظاما من هذا النوع بصفة عامة يجعل من الدين قناعة فردية وشانا خارج نطاق الممارسة السياسية ويطرح المسائلة وعدم الافلات من العقاب شرطا للمسؤولية ودولة المؤسسات مقابل الاستبداد الفردي .
كما نجد المخزن يضيق الخناق بشكل منهجي وصارم على كل فكر وممارس سياسة يسارية تفضح هيمنته وتفكك الارضية التي تسهل انتشار قيمه . فهو يهاجم العلمانية ويجند ضدها كل المنابر ( الاعلام ، المدرسة ، المساجد ، بعض الفقهاء ...)و يحارب كل القيم اليسارية التي يمكن ان تكون معبرا لفكر علمي نقيض الفكر الخرافي الذي هو سلاح فتاك في يده ونلاحظ ذلك من خلا تساهله مع تلك الكتب الصفراء والأشرطة التي تفوح منها رائحة البيترودولار والتي تتحدث عن يوم القيامة وعذابات القبور وتشجع الخوارق التي لا تمت الى العلم بصلة ويدعيها البعض احيانا .
كم مرة لاحظنا اسلاميين وليبراليين مخزنيين جنبا الى جنب في محاربة اي بدرة للفكر الذي يخرج عن ثوابت المخزن و ان بشكل مضمر ( خطة ادماج المرأة في التنمية في عهد حكومة اليوسفي ، حيث في مسيرة الدر البيضاء سار جنب الى جنب الاحزاب الدينية مع احزاب تدعي الى الليبرالية ) ، وكم مرة رأينا صمت الليبراليين المخزنيين بما فيهم احزاب تنادي بالحداثة عن مواقف مخزية صادرة من اطراف دينية (ما روج له حزب العدالة والتنمية بالخصوص عبر صحافته في زلزال تسونامي حيث اعتبرت ذلك عقابا من الله ، فتوى الزمزمي بنكاح المرأة الميتة ، اباحة الزواج بطفلة تسعة سنوات ، انتفاضة عبد الاله بنكيران في قبة البرلمان ضد صحفية تؤدي مهتمها لان لباسها لم يعجبه ، الاصطفاف العجيب ضد حركة مالي والذي انخرطت فيه مناهضته حتى بعض الاقلام المحسوبة على الاتحاد الاشتراكي ...)
2. حزب العدالة والتنمية كان يمكن ان يفوز في اي انتخابات سابقة ، لكن المخزن ماكان يرغب في ذاك حينها كمن كان يخبئ هذه النتيجة لوقت اخر ينتظر مجيئه . وفي الظرف الراهن فهم هذا الحزب ان الفرصة ذهبية ولن يدعها تمر ، وهذا ما جعله يخرج جميع اوراقه للضغط حتى لا يرضخ المخزن الى جهات لها مواقف اخرى. فما هي الاسباب التي تجعل من حزب العدالة والتنمية بطل اللحظة يا ثرى اولها صورته كحزب اسلامي يصطف الى جانب الاحزاب الاسلامية المنتشرة في طول وعرض العالم العربي و التي تحذر منها الانظمة الغربية ، هذا السلوك الغربي الامبريالي المنافق ، شكل لذا المواطن العربي والمغربي خاصة صورة مفادها ان الاسلام مستهدف من طرف الانظمة الغربية وبالتالي فهذه الاحزاب التي هي التجسيد لقيمه التي تم التخلي عنها مستهدفة ،خصوصا وان كثرة الحديث عن هذا الموضوع بمناسبة وبغيرها من طرف الاعلام الامبريالي يزكيها مع الاسف حتى بعض المثقفين الديمقراطيين الغربيين ، كل هذا وأشياء اخرى يضيق المجال لذكرها جعل الرصيد الشعبي لهذه الاحزاب يرتفع نموذج المغرب ( العدالة والتنمية والعدل والإحسان ). ليس لكونها تتوفر على برامج و حلول مقنعة او لأنها تناهض سياسة الغرب الامبريالي بل لأنها تلعب على وتر الدين ، هذا الاخير يختزل في منظور العديد من المواطنين الحل الحقيقي للوضع الذي تعيشه ( وهنا نعود للمخزون الثقافي لدى الشعب المغربي الذي تكون لسنوات عبر المدرسة والإعلام والتحكم في الدين ومواقف الانظمة الغربية المنافقة ) خصوصا في ضل الضعف البين لليسار ، وتراجع الاتحاد الاشتراكي الذي غادرته قاعدته بسبب اخطائه القاتلة وتحولت بالمناسبة في جزء مهم منها الى خزان بشري يزود الاحزاب الاسلامية باحتياجاته من الناس.
3. تداخل الإفراج عن الشرط الديموقراطي في البلدان العربية خلال هذا النهوض الشعبي غير المسبوق مع تبوء الأحزاب الإسلامية السلطة حيث اصبحت الواحدة تعني الاخرى ولو شكليا وهذا ما فهمته الانظمة العربية و الغربية، حيث سنوات صراع الغرب الامبريالي مع الحركات الاسلامية وتحويلها عمدا الى بعبع ، شكل رأيا عاما عربيا مختلفا يحضن هذه الحركات ويرى فيها الخلاص . نظرا للعنف المادي والمعنوي الذي مارسته وتمارسه الامبريالية وعلى رأسها امريكا والاتحاد الاوربي والمتمثل في الدعم اللامشروط للكيان الصهيوني الذي يغتصب ارضا ليست له يتوفر جزء منها على قدسية خاصة ويقتل آلاف المواطنين العرب الابرياء بدم بارد ومواقف اخرى يضيق المجال لذكرها . كل هذا كون لدى المواطن العربي حقدا عميقا على الانظمة الغربية والأنظمة العربية التي تسندها بانبطاح كبير ، واستأثرت في هذا الجو الاحزاب الاسلامية التي تصارع هذا الغرب باحترام المواطن وحبه .
في الوقت الذي تقفل الابواب امام اي فكر يساري مصدر اشعاع الفكر العلمي الناقد والناقض.
بعد فوز حزب النهضة بتونس تبين ان الغرب استوعب الدرس وأطلق مشروعه الذي صقله جيدا في محاولة منه لإجهاض تطور المد النضالي الشعبي العربي وبتنسيق محكم مع انظمة الاستبداد العربي وهذا دور المخابرات والسفارات .
الرأي العام العربي يزكي كل ما هو مرفوض لدى الغرب الامبريالي نظرا للعلاقة التي ذكرت سالفا والتي تعود الى سنوات من الظلم والقهر ومازالت . وقد استفادت الحركات الاسلامية من هذا الوضع واستوعبته كما استوعبته الانظمة الغربية والعربية، وهذا ما دفع هذه الاحزاب الى التركيز على خيار الانتخابات بسرعة ( تونس ، مصر ) لأنها تدرك ان قوتها الشعبية الكبيرة .
في هذا السياق يأتي "فوز" حزب العدالة والتنمية و أحزاب أخرى لها نفس الأيديولوجية في مناطق أخرى من العالم العربي، نتيجة تضافر شروط تاريخية وسياسية، وليس لكونها تحمل مشروعا ترى فيه الجماهير الشعبية مخرجا لوضعها المتردي.
هذه الاحزاب هي القادرة في الشروط الراهنة على توفير الوقت الكافي للرجعية العربية والغربية لترتيب اوراقها ، كما ان هذه الاحزاب يمكن استعمالها لامتصاص جزء هام من الغضب الشعبي لمرحلة قد تطول كما يمكن استعمالها وسيلة قهر للشعوب خصوصا وأن لها قاعدة مهمة متشبعة باطروحاتها وهي جزء من هذا المجتمع ومتغلغل فيه وخرجت من رحمه ومن معمعان صراع الشعوب العربية ضد الانظمة الحاكمة .
من هو حزب العدالة والتنمية ؟:
حزب العدالة والتنمية حزب فاشي يستعمل الشعبوية والعنصرية والشوفينية والذكورية المفرطة يستعمل كل شيء من اجل اهدافه فهو مع حركة 20 فبراير وضدها .... ، و لا يتوفر على اي مشروع اقتصادي او سياسي تحرري ولو من منظور ديني وهو امتداد للنظام السياسي السائد وتكريس له ، والأخطر في هذا هو قدرته على تنفيذ كل ما يمكن ان يعجز عن تنفيذه المخزن من بطش في ظروف اشتداد الصراع .
وعلينا ان لا ننسى ان الفاشية وصلت للسلطة في اوروبا ليس كونها نظاما بديلا عن النظام الرأسمالي الذي كان في اوج ازمته وكان يتعرض لضربات قوية من طرف العمال الثوريين المنظمين ، وقد كانت المانيا بداية القرن العشرين صورة واضحة لذلك ،بل لإيقاف زحف المد الثوري العمالي حيث استدعت البرجوازية الحاكمة في تلك المرحلة فيالق الفاشية لإيقاف هذا الزحف وإجهاضه .وانتصار الفاشية رغم ما جاءت به من تحريك لعجلة الاقتصاد الرأسمالي المنهار ادى بعدها الى الخراب والدمار الاقتصادي والاجتماعي والحروب بعد ان كانت قد قضت على كل بدور الثورة الاشتراكية باروربا .
الظروف تختلف هذا اكيد ، ولن يستطيع حزب العدالة والتنمية القيام بما قام به الفاشيون بأوروبا ، لكنه خزان لهذه الثقافة ويجسدها والممارسات التي توحي بذلك كثيرة لن تغيبها التقية التي يتجلبب بها اليوم .وهو يستطيع ان يقوم بما يعجز المخزن عن القيام به ليحافظ على مكانته وموقعه .
ما المطلوب ادن ؟
المطلوب راهنا بشكل اقوى من السابق هو تجميع صفوف اليسار المتشردم الضعيف ، خصوصا وان المخزن يمكنه ان يربح بعض الوقت بعد اخراجه لكل هذه السيناريوهات . واعني باليسار الفصائل التي ما زالت تستحق هذه الصفة ، النهج الديمقراطي ، الحزب الاشتراكي الموحد ، حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ، تيار المناضلة وبعض فصائل اليسار الاخرى مثل الجناح الديمقراطي في الحركة الامازيغية والبرنامج المرحلي والحركات الشبيبية الحاملة لقيم التحرر والحرية . وعلى بعض من هذه الفصائل ان تقطع نهائيا مع تأرجحها بين لا ضرر في التعامل مع المخزن والقطع معه والتوجه نحو الجماهير . وحدة اليسار كانت ضرورة وأصبحت اليوم مطروحة بشكل اكبر في هذا الجو من النهوض الشعبي ، لان اثر للفراغ الذي يتركه ضعفه يزيد من انغراس الحركات الدينية وسط الجماهير ويجدر طروحاتها اكثر فأكثر في اتجاه التشدد والانغلاق ضد الجماهير وليس ضد الانظمة ، لانها عندما ستستشعر عجزها سوف تغوص في عصور الظلام بحثا عن قيم تساعدها على التحكم في الناس .
وشرط وحدة اليسار نضجه الذي فقدت اطراف فيه جزءا مهما منه ، حيث تميع الاختلاف ، وأصبح الاختلاف ليس لضرورة موضوعية ، حيث ممارسته تدفع بتطور الفكر والنضال اليساريين .بل احيانا للتمايز وأخرى لخطب ود جهة ما .
نضج اليسار هو ضرورة ايمانه بان لا مستقبل لمشروعه خارج وضوحه الصارم وقطعه التام مع التدبدب ، وخروجه من دائرة انتاج وإعادة انتاج مفاهيم لها سياقات مختلفة بغرض محاكمة واقع مختلف .
نضج اليسار مرهون بقدرته على الايمان بأمرين ، الاول ان التغيير للوضع الحالي لن يتم من داخل المؤسسات الحالية والهياكل القائمة في اطار دولة المخزن ، اي ان التغيير لن يتم بإصلاح هذا النظام غير المؤهل لذلك بنيويا ، و تحديد افق اصلاح ما هو قائم سيعمق تدبدب اليسار وسيجعله يتأرجح دوما بين رغبته من عدمها في طرق باب المخزن وهي محفوفة بالإحباط والقطع معها .
و المكوث طويلا حبيس هذه الوضعية سيعمق ضعفه ويزيد من فرص تقوية الحركات الرجعية التي تنشد التخلف ، والأمر الثاني كذلك هو ان التغيير لا يوجد فيه مستويين فقط ، اي تكريس الوضع القائم او الثورة بمعناها ىالكبير العميق ، لان بين المستويين مراحل عديدة يجب اجتيازها وكل مرحلة هي تعبيد الطريق لأخرى وهنا دور التكتيك الذي مع الاسف يحتقره بعض فصائل اليسار المغربي التي ترى مراحل التغيير مفصولة عن بعضها البعض وتغيب الواقع المادي المرتبط بها مما يحول الصراع من اجل التغيير عندها فقط لعبة الفاض وهذه لا تختلف عن الاصولية الدينية المنغلقة التي لا ترى بين الامس السعيد والحاضر البئيس إلا اشخاص منحرفون منحلون وجب مسحهم لتعود الروح الى ينابيعها الاصلية لتعم السعادة ، ويعمق هذا التفكير عند هذا اليسار الذي نتحدث عنه هو انعزاله عن الجماهير و تقوقعه .
التغيير الجدري هدف ولبلوغه يتوجب على اليسار اي يتجاوز مراحل عدة بدقة وحنكة وتنظيم .
اليسار المغربي ليس امامه خيارات عدة ، ولتجاوز هذه المرحلة بالسرعة المطلوبة وجب عليه تحقيق الوحدة بقيادة سياسية حازمة وبرنامج واضح .من دون هذا ارى اننا سنخلف مرة اخرى موعدنا مع التاريخ وبالتالي سنزيد من فرص نجاح المخزن وحلفائه وسنعمق احباط الجماهير .



#الشاوي_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيان الاضراب العام بقطاع الجماعات المحلية ايام 15/16/17 نونب ...
- لماذا اضراب الجماعات المحلية بالمغرب يومي 14/15 يوليوز 2010
- العمل النقابي وسط الجماعات المحلية بالمغرب - اي واقع
- العمل النقابي وسط الجماعات المحلية - اي واقع


المزيد.....




- السعودية.. أحدث صور -الأمير النائم- بعد غيبوبة 20 عاما
- الإمارات.. فيديو أسلوب استماع محمد بن زايد لفتاة تونسية خلال ...
- السعودية.. فيديو لشخصين يعتديان على سائق سيارة.. والداخلية ت ...
- سليل عائلة نابليون يحذر من خطر الانزلاق إلى نزاع مع روسيا
- عملية احتيال أوروبية
- الولايات المتحدة تنفي شن ضربات على قاعدة عسكرية في العراق
- -بلومبرغ-: إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة المزيد من القذائ ...
- مسؤولون أمريكيون: الولايات المتحدة وافقت على سحب قواتها من ا ...
- عدد من الضحايا بقصف على قاعدة عسكرية في العراق
- إسرائيل- إيران.. المواجهة المباشرة علقت، فهل تستعر حرب الوكا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الشاوي سعيد - لماذا يقدم الواقع العربي الحركات الاصولية بديلا؟