أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم نافل والي - قصة قصيرة بعنوان/ معاناة عائلة














المزيد.....

قصة قصيرة بعنوان/ معاناة عائلة


هيثم نافل والي

الحوار المتمدن-العدد: 3564 - 2011 / 12 / 2 - 15:03
المحور: الادب والفن
    



تنويه:
( لا تصدقوا كل ما هو جاداً، على أنه حقيقة لا خيال... ولا كل الهزل خداعٌ واحتيال... ولا كل من صفقَ مسروراً، ولا كل من ذرفَ الدموع مهموماً... المؤلف)

هتفَ كريم البالغ من العمر الثالثة عشر، ذو القوام النحيف، كعمود النور! في سره بغضب جامح وبحماس يداري به ارتباكه، بعدَ أن على الوجوم محياة، فتلون وجهه بلون داكن يقطرُ يأساً كالموت... عضَ شفتيه بقوة، فأدماها وهو يردد بتحدٍ: سألقنه درساً لا يمكن له أن ينساه! ماذا يظن نفسه؟ سأجعله عرضه للسخرية والضحك، سيكون عبرة تذكر في كل مناسبة...
سمعته أمه وهو يخاطب نفسه، وكأنه يهذي! فذهلت وهي تتقدم نحوه ببطء وبدقة، كالسائر في منامه! فسألته بخوف وبرهبة:
- ماذا دهاك يا بني؟
كريم يحادث نفسه وكأنه يداعبها! دونَ أن يعير إذنً صاغية... وهو يصك على قبضة يده الصغيرة بقوة، وكأنه يريد ملاكمة أحدهم! وهتفَ بجسارة: تقدم نحوي يا جبان... هيا... ماذا أراكَ متردداً وخائفاً، كالفأر المطارد! ثمَ على صوته بشكل مريب وهو يصرخ كمن قطعت يده للتو، ها... هل خانتك شجاعتك؟ فأنا لا أسمع صوتك ولا حتى ضربات قلبك، الذي كانَ يرن في أذني كصوت الناقوس... ثمَ أستطردَ وهو يكافح من أجل أن يبقى متماسكاً: أنكَ لم تعد ترهبني منذُ الساعة! فأنا أتجاهلك كما أتجاهل قوة ذبابة! بل أكثر من ذلك، أبصق عليك... وظلَ يدمدم، كالمحموم ويقطب حاجبيه كالطفل الجائع! بينما بقيت نظراته الزائغة، وكأنها تبحث عن شيء ضائع، كنظرات لص وهو يسرق! تروم في الغرفة العارية الجدران، كأنها بئر فارغ! يدور حولَ نفسه، وكأنه يلعب... ويتنهد بصوت خافت كالصفير...
- ارتعبت الأم قلقاً وهي تنظر إلى أبنها بعيون واسعة، كالصقر! وهو يحاور نفسه بشكل صارخ، كالمجنون... عذبها منظرهُ وقطعَ أوصال قلبها، وكأنها ماتت بحياتها، فتراجعت إلى الوراء، كالمصعوقة، وهي تهمس بصوت غير مسموع، وكأنها مخنوقة: اللعنة على الشيطان... ماذا أصابَ أبني؟! لقد جن بكل تأكيد، وإلا ما كانَ يبدر منه كل ذلك! ثمَ دقت صدرها بيدها، كالمطرقة! صرخت بتذمر واستياء، كالمعترضة وقالت وهي تتنهد: اللهم أن يكون لنا الجنة بغير حساب! فقد شل منظر أبنها كل تفكيرها ولم تعد ترى أمامها سوى سحابة سوداء من الضعف والهوان والخوف والقصر... فتراجعت نحو الجدار، وكأنه يحميها، عندها خرجت صرخة مدوية شقت الآفاق، مجلجلة، كالرعد وصاحت بحزن لا يوصف... أبني قد مسه الشيطان!
وفي هذه اللحظة الحاسمة، وسط الدوامة، بينَ الجنون وهو يصارع القدر... تقدم كريم من أمه وهو راكعاً على ركبتيه، وكأنه ينوي الصلاة، وكادَ صدره يمس الأرض والدموع كانت قد فاضت على خده، همسَ بكل وجل، وكأنه أمام الله في يوم الحساب:
نحنُ يا أماه نصلح أن نكون ممثلين عالميين وبكل جدارة... أليسَ كذلك؟!
فنهضَ الأب من مكانه وكأنه مخرج المسرحية بثبات وعزيمة... بعدَ أن رنت من بينَ كفوفه صفقة فرح واعتزاز وهو يثني على قابلية زوجته وأبنه في التمثيل... فقالَ مهنئاً، وكأنه يبارك في زواج:
لقد اقتنعت اليوم بعمق لا يعرفه سوى البحر... وهو يشير بيده نحو الأفق، وكأنه شاعر على منبر! ثمَ أستطرد بحزم: أنكم وكما قالَ كريم... تستحقون أن تكونوا ممثلين عالميين!
بينما ظلت الأم باهتة، غارقة في دموعها دونَ صوت وهي تلهث بكدر، وكأنها تقمصت الشخصية التي تمثلها بجد! فعلت من وجهها نظرة عابسة، مليئة بالعناء كمن يستحضر خيالاً لا يرام أو روحاً لشيطان لا ينام.



#هيثم_نافل_والي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة / الطريق
- حكاية بعنوان / وعد
- رواية بعنوان / لحظات عبور المنقذ-الجزء الأول
- مجموعة قصص قصيرة بعنوان / مسكين في الزمن الحاضر
- قصة قصيرة بعنوان / ورطة
- قصة قصيرة بعنوان / لعنة
- حكاية امرأة عراقية
- قصة قصيرة بعنوان / صراع الروح
- قصة قصيرة بعنوان / الحدث
- قصة قصيرة بعنوان / سوء فهم
- قصة قصيرة بعنوان / شهرة
- حكاية بعنوان / رجل من الشرق
- قصة قصيرة بعنوان / حب في زمن الأخلاق
- قصة قصيرة بعنوان / الوداع
- قصة قصيرة بعنوان / رقم 101
- الدين وعلماء العصر الحديث
- قصة قصيرة بعنوان / مبارزة
- قصة قصيرة بعنوان / السر
- قصة قصيرة بعنوان / جنون الحزن
- قصة قصيرة - بعنوان قرار


المزيد.....




- فنان مصري يعلن وفاة طفل فلسطيني وجه له رسالة
- -فن الشارع المعاصر-.. افتتاح معرض ضخم للرسم على الجدران وسط ...
- ساعات وهتظهر… نتيجة الدبلومات الفنية 2024 بالاسم ورقم الجلوس ...
- -سفينة نوح اللغوية-.. مشروع ياباني لحفظ لغات الأرض على سطح ا ...
- محاكمة ترامب: هيئة المحلفين تبدأ المداولات في قضية الممثلة ا ...
- عرض منزل فيلم -Home Alone- للبيع بأكثر من 5 ملايين دولار
- -لا أعرف كيف أتعامل معك-.. شجار بين الممثل روبرت دي نيرو وأح ...
- “استقبل بسهولة لعيالك” .. تردد قناة ميكي الجديد 1445 بأعلى ج ...
- فيلمان لخريجتَين من -دار الكلمة- يشاركان بمهرجان سينما فلسطي ...
- “اضبط بسرعة لأطفالك” .. تردد قناة وناسة الجديد بإشارة قوية ب ...


المزيد.....

- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيثم نافل والي - قصة قصيرة بعنوان/ معاناة عائلة