الوضع في أورُوربّا

السموأل راجي

الحوار المتمدن-العدد: 3561 - 2011 / 11 / 29 - 16:53
المحور: الارشيف الماركسي
    

إنعقَد مُؤخَّرًا المُؤتمر الدّوريّ للنّدوة الأُمميّة للأحزاب والمُنظّمات الماركسِيّة اللّينينيّة بمدريد،وعلى هامش الأشغال كانت هيئة تحرير "وحدة وصراع" اللّسان المركزيّ للنّدوة حاضِرةً لتقوم بندوة تبادل خِلالها الرّفاق في الأحزاب الأوروبيّة الأعضاء الآراء حول الأوضاع الإجتماعيّة والسّياسِيّة الرّاهنة،وكانت النّدوة بعنوان:"الوضع في أروربا من منظُور الأحزاب والمُنظّمات الماركسِيّة اللّينينيّة".

الحزب الشّيُوعِيّ الماركسيّ اللّينينيّ الإسبانِيّ (PCE(ml

تعيشُ إسبانِيا كبَقِيّة أقطار العالم أزمة عميقة،ولقد أفقدت الهجمات المُتعدِّدة من قِبَل الحُكُومة [الإشتراكيّة] اللّيبرالِيّة لثاباتيرو (Zapatero) السّنَد الشّعبِيّ النِّسبِيّ التي كانت تحضى به.
في الأشهر الأخيرة،سجّلت إسبانِيا تجَذُّرًا في حِراك الجماهير التي مَلَّت أوضاعَها،حركة 15 مايُو/آيار (M-15) الغاضبة (los indignados) هي الصّيغة الأكثر تعبيرًا عن هذا التجذُّر،وصاحب التوتُّر الإجتماعيّ القوِيّ تشتُّتٌ كبير،آلاف الشّباب سلكُوا درب النِّضال بدُون بَوْصَلَة وبأشكال ما قبل سِيَاسِيّة،عفوِيّة.
إنعَقَد مُؤتمر الحِزب في شهر أكتُوبر/تشرين الأوّل الأخير وكان الهدف منه تهيِئة الحزب وتحضير الرّفاق لمثل هذه الأوضاع وتمّ تكثيف الجُهُود من أجل مزيد الإلتحام بالجماهير وإيجاد صِيَغٍ وِحدويّة مع الحركات الإحتجاجِيّة وترجمة سياسة الحِزب لِلُغةٍ مفهُومة من قِبَل الجماهير المُتواجدة في الميادِين.

على المُستوى السِّياسِيّ،سنة ذات زخم

إثر إنتخابات ماي/آيار الماضي،سُجِّلت نتائج مُشجِّعة بالنّسبة للحزب الذي تقدّم في قوائم وِحدويّة "جُمهُورِيّة" (republicanos) وتلقّى الحزب الإشتراكِيّ الإسبانيّ أولى الهزائِم القاتِلة.بعد تفاقم الأزمة وزيادة السُّخط بسبب سياسة التّقَشُّف المفرُوضة من حُكُومة ثاباتيرُو،أعلن هذا الأخير عدم تقديمِهِ لترشُّحِه للإنتخابات التّشرِيعِيّة التي قدّمها للعشرين من شهر نُوفمبر/تشرين الثّاني ومن الوارد جِدًّا فوز اليمين بالمقاعد النِّيَابِيّة {وهذا ماحدث فِعْلاً} بما يُؤجِّج التوجّهات الفاشِيّة ويجعل من الصّراع الطّبقِيّ أشدّ حِدّةً.
إستعدّ الحِزب للمعركة المُقبِلة بخَلْق جبهة جُمهُورِيّة مع تنظيمات عديدة ترتكز على أربعةِ نِقاط:
1-القطع مع النِّظام المَلَكِيّ.
2-إقامة جُمهُورِيّة شعبِيّة فيدِرالِيّة.
3-مُخطّط ضدّ الأزمة.
4-المُطالبة بتحقيق الدّيمُقراطِيّة؛ديمُقراطِيّة فِعْلِيّة.
يسعى الحزب للتّقدُّم في 15 دائرة ويُواجِهُ قانُونًا إنتخابِيًّا يُجبِر الأحزاب غير المُمَثّلة في البرلمان على جمع آلاف التّوقيعات المُسانِدة في 20 يوم لتقديم ترشُّحاتِهِ،وتجد الجبهة نفسها مُنغَمِسة في جمع هذه التّوقِيعات.وسيُواصِل الحزب مساعِيه في بناء هذه الجبهة التي لم يتجاوز عُمُرها بِضعة أشهر مُحَقِّقةً نتائج إيجابِيّة {نجحت مُكوّنات في معركة التّواقيع}.

الحزب الشّيُوعِيّ الثّورِيّ التُّركِيّ (Türkiye Devrimci Komünist Partisi (TDKP

سجّلت تُركِيا نُمُوًّا مُتقطِّعًا مُنذُ سنة 2002 إذا ما غُضَّ الطّرف عن سنة 2008 حيثُ سُجِّل تراجُعًا بنسبة 8%. وفي سنة 2011 تبوّأت المرتبة الثّانِية عالمِيًّا بعد الصِّين من حيث مُعدّلات النُّمُوّ.
إنطِلاقًا من سنة 2002،تكوّنت الحُكُومة من حزب إسلامِيّ ليبرالِيّ يهدِفُ لِتقدِيم البلاد كنمُوذج يجمع بين نِسب نُمُوّ مُرتفِعَة وديمُقراطِيّة "مُستَقِرّة"؛ وتلعب الحُكُومة دوْرًا نشِطًا في المنطقة بالتّناغُم مع مُخطّطَات الإمبريالِيّة الأمريكِيّة.في المُقابِل،حقيقة أخرى تفرِضُ نفسها،هي واقع العُمّال والشُّعُوب في تُركِيَا،فمسألة إقامة نِظامٍ دِيمُقراطِيّ في البلاد تبقى قائمة الذّات رغم الحُصُول على هامِش من الحُرّيات المُفتكّة عبر النّضالات إذ تبقى تُركِيا سِجْنًا للقومِيّات ؛ مطالِب وحُقوق الأكراد غير مُعترفٍ بها،والقمع ضدّ القادة الأكراد مُتواصِل،ولا يرغب الشّعب الكُردِيّ في العيش بالوضع القانُونِيّ السّابِق وهُو ما يجعل من الكِفاح التحرُّرِيّ مُكَوِّنًا أساسِيًّا من مُكوّنات الصّراع الطّبقِيّ في تُركِيَا.
لم تتحسّن ظُرُوف عيش الشَّغِيلة رغم النُّمُوّ الإقتِصادِيّ ويتواصل الصّراع الطّبقِيّ بنسقٍ مُتفاوت صُعُودًا ونُزُولاً؛ والتّناحُر بين أجنحة الطّبقة المُهيمِنة إحتدَّ وأصبَحَت التّناقُضات بينها عُقْدَةً.
في مِثل هذا المناخ،أضحَى تقديم بدِيلاً للعُمّال والشّعُوب ضرُورَةً لِتلاَفِي الضُّعف المُسجّل طيلة العشرين سنة الماضِية من غياب بديل شعبِيٍّ مُنظّمٍ إذ وُجِدت فقط إئتلافات نِضالِيّة حول مطالِب مُحدّدة،ولقد تكوّنت كُتَلٌ في الإنتخابات السّابِقة بَقِيَت عُمُومًا رهينة مُناسبات الإقتراع حتّى لو إدّعى الكثيرُون العكس فلم يتمّ تحقيق نجاح في مساعي تشكيل وِحْدَات على قاعدة برنامج.وسَجَّلت السّنة الفارطة أهمّ الخطوات في إتّجاه توحيد القُوى إبَّان الإنتخابات ؛ فمُنذ بداية السّنة،تجمّعت القُوى التقدُّمِيّة والثّورِيّة في "كُتلة السّلام،الدِّيمُقراطِيّة والحُريّة" مُكوّنَةً بالأساس من الحزب العُمّالِيّ (EMEP - Emek Partisi) برئاسة سلمى غوركان (Selma Gürkan) والحزب الوطنِيّ الكُردِيّ و15 تنظيمًا آخر،ولم يَشِذّ عن هذه الكُتلة إلاّ الحِزب التّحرِيفِيّ ومجمُوعَتَيْن من "اليسار" اللّيبرالِيّ .حال الإعلان عن التّشكِيل،تحوّل إلى قُطْبٍ جاذبٍ للمُنظّمات النِّسائِيّة والمُدافِعة عن البيئة والمُثقّفِين،صرّحت مُكوّنات الكُتلة أنّ إئتِلافهُم لن يكُون إنتِخابِيًّا فقط وأنّ نُوّابهُم سيكُونُون ناطِقِين بإسم عُمُوم الحركة العُمّالِيّة والشّعبِيّة وكان البديل الوحيد أمام شغيلة وشُعُوب تُركِيا فنجح منهُم 35 نائِب من بينهم رئاسة الحزب العُمّالِيّ وتتواصل النِّقاشات حالِيًّا لتحويل الكُتلة إلى حِزب/ جبهة ،ليست جبهةً شعبِيّة لكنّ من الوارِد إرتِقاءها لتلك المرتبة.

حزب العُمّال الشّيُوعِيّ الدّانماركِيّ (Arbejderpartiet Kommunisterne- (APK

المنطقة الشّمالِيّة [الإسكندينافِيّة] تُعْتَبَرُ مجال سِلْمٍ إجتِماعِيّ،بدُوَلِ رَفاهٍ نَوَّهَ بِها حتّى فيدل كاسترو،لكنّ إيسلندا إنحدرت نحو الإفلاس وفي النّرويج قتل فاشِيّ 60 شابًّا من أعضاء المُنظّمة الشّبابِيّة للحزب الإشتراكِيّ الدّيمُقراطِيّ الحاكِم.
مُنذ عشر سنواتٍ،تَبِعَت الدّانمارك الولايات المُتّحدة في حربها على "الإرهاب" وكانت القُوّات في مُقدّمة الصّفُوف في أفغانِستان بِمَا أدخل فاشِيّة وعسكرة للمُجتمع على قاعدة سياسة إقتصادِيّة نيوليبرالِيّة ؛ وبتحالُف بين اليمين وأقصى اليمين يحكُم الدّانمارك، تصاعدت العُنصُرِيّة مع قوانين غاية في الزّجْرِيّة والتّعقيد ضدّ المُهاجِرِين.
صعّد الحزب من نضالِهِ ضدّ الحُكُومة ولَعِبَ دَوْرًا هامًّا في معركة مُناهضة الحرب والعُدوان الإمبِريَالِيّ وقوانين "مُكافحة الإرهاب" والقوانين العُنصُرِيّة وضدّ مُراجعة المُكتسبات الإجتِماعِيّة. ولقد مَسَّت الأزمة المُتفجّرة في سنة 2008 عُمُوم الشّعب،وتراجع الإنتاج بنسبة 5% ولم يتجاوز الإقتصاد لليوم الأزمة،ويَجِدُ الشّعب الدّانماركِيّ نفسه مُنْهَكًا جرّاء السّياسة المُتّبعة ويَنْشُدُ التّغيير.

إنتخاباتٍ حملت الإشتراكِيّة-الدّيمُقراطِيّة للحُكُومة

إبّان آخر إنتخابات،نجح الإشتراكِيُّون الدّيمُقراطِيُّون وإئتلاف من قُوى الإشتراكِيّين "اليساريّين" و "إشتراكِيّين" ليبرالِيّين والإشتراكيّين-الدّيمُقراطيّين "اليسارِيّين. الإشكال تمثَّلَ في وُجُود صياغة نيوليبرالِيّة وأُخرى ليبرالِيّة-إجتِماعِيّة لنفس السِّياسة النّيُوليبرالِيّة المفرُوضة من قِبَلِ الإتّحاد الأورُوبّي، أذاب اليمين مُعظم المكاسب الإجتماعِيّة وقدّم وُعُودًا أنّ المُواطنِين سيعملُون حتّى سِنّ السّبعِين(!) فناقَضهُ الإشتراكِيُّون الدّيمُقراطِيُّون بتقديم مُقترحٍ تمثّل في ساعة عملٍ إضافِيّة في الأسبُوع(!!) وأيّدَت كُلّ القُوى التّحرِيفِيّة و"الإشتراكِيّة-الدّيمُقراطِيّة" هذا المُقترح.
خَسِر اليمين لكنّ زاوِية النّظر الإشتراكِيّة الدِّيمُقراطِيّة التي لن تُراجع سياسات العسف الإجتماعِيّ والقوانين الفاشِيّة لم تُقنِع بما فيه الكِفاية بِمَا يجعلُ الشّغيلة تتحمّل أعباء السِّيَاسَتَيْن،وعَمل الحِزب على عدم الإسناد ونادى بالتّصويت "الأبيض" فكان 1% من النّاخبين ألقوا أوراقهُم فارغة : تُوجَدُ حركة لكن لا تُوجد سِياسة جديدة.
تتلخّصُ سياسة الحزب في هذا الظّرفي في ما يلي: خلق أوسع جبهة مُمكِنة لمُناهضة السّياسات النّيوليبراليّة على قاعِدة الإحتجاجات العُمّالِيّة وعبر إستغلال إحالة رائجة وهي أنّ الإشتراكِيّة-الدّيمُقراطِيّة هي الخيار السّياسِيّ الحِزبيّ لبن عليّ ومُبارك وأوباما ؛ سيُحدِّد مُؤتمر الحزب المُعزم عقده في ربيع 2012 تكتيك الحزب بصفة أكثر وُضُوحًا في هذه الظُّرُوف.

مُنظّمة إعادة بناء الحزب الشّيُوعِيّ اليُونانِيّ 1918-1956 ORPCG(1918-1955) Grecia

البلد في حالة إفلاس مُنذُ سنة 2006 وعمّقت الأزمة العالميّة الوضعِيّة،ويُدرك الإتّحاد الأوروبّي حالة اليُونان فلقد صرّح جانكر (Jean-Claude Juncker) رئيس المجموعة الأوروبيّة أنّ صمت أوروبّا أمام الإنهيار اليُونانِيّ كان بِطَلبٍ ألمانِيّ-فِرنسِيّ نتيجة إستغلال بنُوك البَلَدَين الظّرفِيّة للإثراء، ولم يعُد من المُمكن الحديث عن حُكُومة في أثينا إذ تُدَار الدّولة من طرف صندوق النّقد الدُّولِيّ،الإتّحاد الأورُوبيّ والمُفوّضِيّة الأوروبيّة التي أنشأت لجنة من 25 شخصِيّة للتحكُّم في البلاد بصفة مُباشرة عبر مُراقبة كُلّ الوزارات،وبالفعل إتّخذت اللّجنة عدّة قرارات أخذت حَيِّز التّطبيق ويرأسُها مسؤول ألمانِيّ في الإتّحاد الأوروبّي هُو هورست رايشنباخ (Horst Reichenbach) لتشهد اليُونان نهبًا كولونيالِيًّا جديدًا لكُلّ ثرواتِها ؛ وتتحدّثُ الصّحافة الألمانِيّة عن وضعِيّةٍ شبيهة لتلك التي كانت بين ألمانيا الشّرقِيّة والغربِيّة إبَّانَ الوِحدة بعد 1991 ليَغِيب مفهُوم السّيادة الوطنِيّة في البلاد.
فيما يتعلّق بالنّضالات،يُسجّل تصاعد الإحتجاجات وفي المُقابِل تنامِي النّزعات القومِيّة إذ يقوم اليمين اليُونانِيّ بأكبر حملاتِه القومِيّة ضدّ الألمان لتَتَشكّل نزعات شُوفِينِيّة في المُعسكر الألمانِيّ وتُؤكّد المُنظّمة على خُطُورة وسلبِيّة هذه الدّعاية وعلى ضرورة أن يُكافِح الماركسِيُّون اللّينينيُّون وُجُودها في كِلا البَلَدَيْن إذ لا يتعلّق الأمر بِصِرَاعٍ ضدّ برلين أو باريس وإنّما هُو كفاح ضدّ الإمبِريالِيّة.
تتصاعد الإحتجاجات النّضالِيّة في كُلّ أنحاء البلاد دِفَاعًا عن مصالح الشّغيلة وعُمُوم الشّعب،ولا يُمكِن القول أنّها نِضالات ضدّ الرّأسمالِيّة من زاوية مُناهضة النّظام في حَدّ ذاته وإنّما مُوجّهة ضِدّ الإجراءات الملمُوسة للحُكُومة مثل التّخفِيض في الأجُور والمعاشات والتّرفِيع في الأداءات القارّة والضّرائب ووجهُ الإشكال يتمثّل في أنّ الحراك لا يُوَجَّهُ ضِدّ الإمبريالِيّة.
تجمع الإحتجاجات قُوى من مُختلف المشارب الفكريّة والطبقيّة إضافة للعُمّال والبورجوازِيّة الصُّغرى وتجدر الإشارة لوُجُود قُوى رِجعِيّة تُناهِض البرلمانِيّة البورجوازِيّة ،وتسعى المُنظّمة لتجذير شِعار:"الخُرُوج من الإتّحاد الأوروبيّ" وفي نفس الوقت رفع المطالب المُباشرة للشّغِيلة.

الأرضِيّة الشّيُوعِيّة بإيطالِيا Plataforma Comunista Italia

بلدٌ إمبريالِيٌّ في إنهِيارٍ سريع ، الإقتصاد يعيش حالة رُكُود إذ تراجع الإنتاج الصِّناعِيّ ب17% وتُخَفَّضُ أجُور العُمّال ويتناقص الطّلب الدّاخِلِيّ.مُعدّلات البطالة بلغت 10% على الصّعيد الوطنِيّ منها 30% في أوساط الشّباب،وتصل بينهُم في الجنوب إلى 50%.بَلَغ التضخُّم 3% وإيطاليا أكبر بلد ذُو مديُونِيّة للإتّحاد الأوروبّي والرّابع في العالم ب1900مليار دُولار في ذِمّة بُنُوكٍ أجنبِيّة وعلى الأخصّ فرنسِيّة،ألمانِيّة،أمريكِيّة وصِينِيّة بِنِسَبِ فائدة تبلُغُ 15%.
وصل الفارق بين خدمة الدَّيْن بين ألمانِيا وإيطالِيا لأعلى مُعدّلاتِه،وأصدرت وزارة الإقتصاد كميّة ضخمة من سندات الدَّيْن ولم يعُد بمقدور الدّولة دفع خدمات الدّيُون وبالتّالي لن تُرجَع القُرُوض.
الوضع السِّيَاسِيّ بدوره مُتعثِّر،وأسفرت الإنتخابات المحلِّية الأخيرة عن نفس الجُمُود:حُكُومة برلسكُوني مُتحجِّرة والأجندة السّياسِيّة مُمْلاة من البُنُوك الأمريكِيّة والأوروبِيّة.في ظرف ثلاثة أشهر،تمّ إتّخاذ ثلاث إجراءات للحدّ من المديُونِيّة والمُوازنة الإجتماعِيّة والتّقليص من معاشات التّقاعُد، وتستعِدّ البُورجوازِيّة لتغيِير القائد بصياغة تحالُف مع الإشتراكِيّة الدّيمُقراطِيّة وأوساط "ليبرالِيّة" للحفاظ على "السِّلم الإجتِماعِيّ" : مشهد غاية في الدِقّة للإضطراب السِّيَاسِيّ ويُعمِّق المُضاربة المالِيّة.

تنامت النِّضالات الطّبَقِيّة وتجَذَّرَت،وأهمّ قِطاع واجه مُخطّطات رأس المال كان عُمّال الفيات (FIAT) وتصادم كِفاحهم مع السِّيَاسة الوِفاقِيّة للطّبقة الإداريّة النّقابِيّة وسُجِّل إضرابَيْن عامَّيْن بمُشاركة جماهيرِيّة وعشرات المُظاهرات المحليّة،والظرفِيّة الحالِيّة هي لِصِراعٍ طَبَقِيٍّ مفتُوح.
فَقَدَ البرلمان البُورجوازِيّ هالته وهُناك تحوّل نحو يسار الحركة العُمّالِيّة والشّعبِيّة ولكن يُوجد ضُعف سياسِيّ وفكريّ كبير،والنّشاط النّضالِيّ للأرضِيّة الشُّيُوعِيّة يتنزّلُ في هذا السِّيَاق،ورغم صِغر حجم المُنظّمة وحداثتها،فإنّها تواجدت في كُلّ المظاهرات والإضرابات الوطنِيّة والمحليّة الجُزئِيّة،ونشاطها السّياسِيّ يستهدِفُ بناء جبهةٍ مُوحّدةٍ ضدّ رأس المال على قاعدة شعارات:--لا لِدَفْع الدُّيُون النّاتِجة عن الأزمة ؛--الخُرُوج من الإتّحاد الأوروبيّ والحلف الأطلَسِيّ.
وأعلنت الأرضِيّة عن تشكيل لِجان الوحدة الشّعبِيّة،وشاركت جِدِّيًا في الإستفتاء حول الخُروج من الخانة النّووِيّة وحول خصخصة المياه،وزادت في أحجام توزيعِها لصحيفتها ولمجلّتها النّظرِيّة كما قامت بتوزيع وثائق النّدوة الأُمَمِيّة ووثائق الأحزاب الأعضاء فيها.
وفي علاقة بالعمل الجبهوِيّ،تدعم الأرضِيّة تكوين وحدة عملِيّة وميدانِيّة بين التنظيمات اليسارِيّة والنّقابات،وخلال الأسبُوع الثّانِي من شهر أكتوبر/تشرين الأوّل،صدر القرار بتأسيس هذه الجبهة التي تَبَنَّت وثيقة مبادِئ مثل "عدم دفع الدُّيُون" وتكوّنت من ثلاثين تنظيم ونقابة يهدِف مُناهضة السِّياسة النّيُولِيبرالِيّة وأوّل مُظاهراتها الكُبرى يوم 15 أكتُوبر تحت شعار:"لِتَسقُط حُكُومة برلسكُونِيّ".
هدف الأرضِيّة المركزِيّ هُو إكتِساب تأثير في القطاعات الحاسِمة للطّبقة العامِلة وتقوية الوضع التّنظِيمِيّ وتطوير صراعٍ فِكرِيٍّ ضدّ التيّرات التّحرِيفِيّة المُراجِعَة العامِلة على إعادة بناء الحزب التّحريفِيّ المُنحَلّ،وإقامة الوحدة بين القُوى الشّيُوعِيّة الحقِيقيّة في إيطالِيا لإعادة تأسيس حِزب شيُوعِيّ فِعْلِيّ للطّبقة العاملة.

مُنظّمة تأسيس حزب العُمّال الشّيُوعِيّ الألمانِيّ Organisation für den Aufbau einer kommunistischen Arbeiterpartei Deutschlands-arbeit zukunft

تعيش ألمانيا أزمة فَيْض إنتاج وتكفي العَيْن لإدراك الوضع خاصّة في مآوي داملر (Daimler) "مفخرة" الصّناعة الألمانِيّة حيثُ تتراكم سيّارات لم تجِد طريقَها للتّسوِيق، لقد ضخّت الحُكُومة اموالاً طائلة في البُنُوك لا في الإنتاج لتجاوُز الأزمة فكانت مبالِغ لتمويل المصارِف ولم تكُن بغَرَض أزمة فيْض الإنتاج.
لا يُمكن تحليل وضعِيّة ألمانِيَا خارِج إطار التطوُّو اللاّمُتكافِئ بين الأقطار الرّأسمَالِيّة إذ إستغلّت الإمبريالِيّة الألمانِيّة الأزمة لِتَقْوِيَة الإقتِصاد وصرّح أذْنَابُها من القادة النّقابِيّين أنّهُم على إستعداد لإنقاذ الرّأسمالِيّة بِقَبُول التّخفِيض في الأجُور مُقابل ضمان أكبر ما يُمكن من الوظائف فكان أن إنخفضت تكلُفة الإنتاج التي صارت الأكثر إنخِفَاضًا في أوروبّا بِمَا يُحَطِّمُ إيطاليا واليُونان وغيرِها وتتحسّن الاوضاع في ألمانِيَا.
فِعْلِيًّا لا يُوجد ما يكفِي من قُوى الإنتاج لتلبِيَة الطّلب، وحركة المُقاومة ضدّ رأس المال كانت ضعِيفة الأمر الذي إستغلّته الرّأسمالِيّة الألمانِيّة لتطوير الشُّوفِينِيّة وتُرَوّجُ في الإعلام دِعايات الإتِّعاض من درس اليُونان والحثّ على القبُول بالتّعاون مع رأس المال للحفاظ على العمَل وهُو ما يُؤسِّسُ لِذِهْنِيّة مناصرة للإمبريالِيّة في أوساط الشّغِيلة.

رغم توقيع إتّفاق مع النّقابات المُساهمة/التّعاونِيّة/الوِفاقِيّة ، جَدَّت تحرُّكات هامّة ضِدّ التّسريح والبِطالة ورفَعَت شِعار:"لن نَتَحَمَّل تكالِيف أزْمَتِكُم" وساهمت المُنظّمة في هذه الإحتِجاجات التي ساهمت في إحتداد بين التّحرِيفِيّة والمُراجَعَة (Revisionisten) بعد مُحاولتِها التخلُّص من خِطابها المُتغلِّف بالثّورِيّة وتبَنِّيها الكُلِّي لطُرُوحات إسناد النِّظام. هذه الوضعِيّة خلقت تيّارات مُعارضة للخطّ التّفرِيطِيّ تعمل المُنظّمة على دفع النّقاش معها ويجب الإعتراف أنّ الوضع في صالِح القُوى الماركسِيّة اللّينينِيّة لكنّها لا تزال مُنقَسِمَةً وضعِيفة.ومن هُنا جاء مسار العمل على التّوحِيد المُتّبع من المُنظّمة.

في الخِتام
ماوراء الإختلافات في تطوُّر نسق الأزمة والصّراع الطّبقِيّ،تتوافَرُ نقاط جوهَرِيّة مُشتركة. من ناحية ، يَعكِس "رفض دفع الدُّيُون" وعيًا بأنّه ليس على العُمّال أو الشُّعُوب دفْعَهَا.تُوجد تيّارت أخرى تعمل على توجيه الشّغيلة والشُّعُوب بعضها ضِدّ بعض وخِطابات شُوفِينِيّة تسعى لتطوير إنتِكاساتٍ قوْمِيّة،ولكِنّ واقع أنّ الأزمة تشمل كافّة العُمّال في شتّى الأقطار،وأنّ الشُّعُوب تتّهِم صراحةً البُنُوك والأسواق المالِيّة والصّنادِيق الإستثمارِيّة والحُكُومات الخادِمة لها،هُو عائِقُ صلبٌ أمام مُحاولات التّجزئة.
وتدفَعُ الحُكُومات الليبرالِيّة "الإجتماعِيّة" التي سلكت سياسات تقشُّفٍ ثمن خُضُوعِها للرّأسمال والطُّغْمة بِهَزَائم إنتِخابِيّة وتستفيد هذه الأخيرة من أحزاب اليمين التي تتبنّى برامج مُطابِقة لبرامج الحُكُومات المُطاح بها.
ومن النّاحِية النّقيض، في الوقت الذي تكون فيه حُكُومات اليمين من يضعُ سياسات تقشُّفٍ، تكُون الإشتراكيّة-الدّيمُقراطِيّة من يَعْدِلُ عنها لتذُوب في قالب الأسواق المالِيّة وتفرِض سياست تقشُّفٍ "من جديد".
تُبيِّن الوضعِيّة مدى الحاجة الضّرُورِيّة والمُلِحّة لبدِيلٍ سِيَاسِيٍّ يقطع مع هذا النّمط ، وفي عِدّة بُلدان تُبذَل الجُهُود لتطويرِ سِياسة وِحْدَةٍ للقطعِ مع النّظام السّائد والتّبايُن مع "اللّيبرالِيّة/ الإجتماعِيّة".
تسلُك الأحزاب والمُنظّمات الماركسِيّة اللّينينِيّة منهَجَ الجبهة الرّابِط بين النّضال ضِدّ السّياسة التّقشُّفِيّة وبِناء بديلٍ سِيَاسِيٍّ.
السّموأل راجي

#السموأل_راجي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات