أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زوليخا موساوي الأخضري - قصة قصيرة و يلعق الثلج الرسالة














المزيد.....

قصة قصيرة و يلعق الثلج الرسالة


زوليخا موساوي الأخضري

الحوار المتمدن-العدد: 3555 - 2011 / 11 / 23 - 19:47
المحور: الادب والفن
    


و تلعق.. الثلج .. الرسالة
لماذا يذكّرني الماء بأطفال أنفكو ؟ شيء محيّر فعلا. ما علاقة الماء بأطفال موتى؟
ربما عليّ أن أتمدد قليلا على أريكة فرويد كي أتمكّن من تبصّر الأمر برويّة.
الماء. الثلج. أو الثلج الماء. علاقة منطقية و علمية. أنفكو قرية الثلج. أطفال أنفكو ضحايا الثلج. ضحايا الثلج فقط؟ أو ليسوا أيضا ضحايا السياسة الغولية نسبة إلى الغول الذي يلتهم الأطفال من دون أن يشبع. السياسة الغولية إذا المتعاقبة على أنفكو و أطفال أنفكو.
الحملة على أشدها. مسعورة. تخرج كل يوم في جمع من النساء. سأعطي كل واحدة منكن مائة درهم في آخر النهار.
هل عليّ أن أتحمّل رائحة عرقهن و طلباتهن السخيفة؟ سألت زوجها في الصباح .
و عليك أن توافقي عليها دون تردّد إذا كنت تريدين المحافظة على منصبك.
آه لا أرجوك عزيزي أريد أن أغيّر هذه الوزارة المشؤومة. كيف أوفّر للناس العلاج في بلاد تنزّمرضا؟
خلعت ساعتها. نظرت إليها ، وضعتها على المنضدة و هي تبتسم.
يا إلهي ثمنها يعادل ميزانية الموزنبيق! تذكّرت صرخة أختها حين أخبرتها عن ثمن الساعة و عن المجوهراتي السويسري الوسيم الذي بدا معجبا بها.
ما هذه الملابس التي ترتدين؟ تبدين كمهرّج هل ستحضرين حفلة تنكّرية؟ قلت لك البسي ملابس بسيطة و لم أقل لك البسي ملابس مضحكة.
أوليست مضحكة هذه الحياة التي نعيشها منذ أيام؟ و الدرّاجة النارية المهترئة التي استأجرتها من عند البستاني؟ يا إلهي لم أتصور يوما نفسي أركب وراءك تلك الآلة التي تلفظ أنفاسها الأخيرة!
سنرجع إلى حياتنا الطبيعية بمجرّد أن تنتهي الحملة الانتخابية عليك أن تتحلّي بالصبر. كيف تريدين من الناس أن يعطوك أصواتهم و هم يرونك تركبين سيارة تساوي عمارة بأربعة طوابق؟
الماء و ما يمنح من استرخاء. دفء لذيذ. خدر يسري في خلايا الروح. دفء البيت الأول و أمان الحضن الأول: رحم الأم.
ألا تكون هذه الأم هي الوطن؟ هل حافظ هذا الرحم على أبنائه ووفّر لهم ما يحتاجونه من أمان و دفء؟
أعانق الماء .. أعبر المسبح جيئة و ذهابا عشرات المرات. كلما توقفت أشعر بالبرد فأتابع السباحة. منذ أيام و الهياكل العظمية لهؤلاء الأطفال تملأ قاع المسبح. عليّ ألا أنظر إليهم. هل أنا أهلوس؟ يتبعون حركاتي. أسمع صوت عظامهم ترتطم ببعضها. يقشعرّ بدني. لا بدّ أنّي محمومة. لم أعد أستطيع أن أتحمّل.
ماذا تريدون منّي؟
حتّى أنت؟ لا تخافي لا نريد لك أي سوء. ألن توصلي رسالتنا؟
رسالتكم؟
نعم. تكتبين عنّا.

الكلمات تتزاحم. تريد أن تعانق البياض. الآن. الآن. لماذا يقع لي هذا أنا بالضبط؟ لا تستولي عليّ الأفكار إلا و أنا في وضعية تستحيل معها الكتابة. أريد أن أكتب الآن. ماذا أفعل؟ ليتني أتوفر على ذلك القلم الذي يكتب به الغطاسون و هم في أعماق البحار. رأيت ذلك مرة في برنامج وثائقي على قناة غربية بطبيعة الحال يخترعون كل شيء فيه مصلحة الإنسان. و نحن ماذا اخترعنا؟ بول البعير يعالج القصور الكلوي بإذن الله و الله أعلم.
أعرف أن جلّ هذه الأفكار. هذه الكلمات ستضيع إن لم أسجّلها الآن في التوّ و اللحظة. أغادر المسبح، أمرّ على البقال و الجزار و الخضار.
ألم أقل لك يا أستاذة البارحة أن هذه المرّة أيضا ستكون مثل كل مرة و لا شيء تغيّر؟ كان مرشّح الدائرة عندي منذ قليل لو أتيت قبل خمس دقائق لوجدته هنا. تصوري لم نره منذ سنوات. و كرّر نفس الكلام الذي قاله في حملته الإنتخابية السابقة. ليتني كنت أتوفّر على كاميرا. كنت سأسجّل له ذلك الحديث الشيق. كان سيبقى ذكرى عزيزة على قلبي و قلوب كل سكان الدائرة.
ألم تسأله هل رأى أطفال أنفكو؟
منهم أطفال أنفكو؟
لا شيء لا تشغل بالك اعطني نصف كيلو من اللحم المفروم.
مساكين. لا أحد يتذكّر مأساتهم مع الثلج و الحصار و الجوع و المرض في قريتهم النائية في جبال الأطلس: أنفكو ذات شتاء. مات الكثير منهم.
نشرت الخبر بعض القنوات المأجورة التي تتآمر على مصلحة البلاد. هؤلاء الذين يغارون من كون بلدنا أجمل بلد في العالم!
تظهر بعض الصور في القناة الوطنية التي لا يشاهدها أحد بعض المسؤولين يوزّعون بعض المحافظ و الكرّاسات على بعض الأطفال في زمبابوي. بلدنا يساهم في الحملات الإنسانية للقضاء على الجوع في العالم.
اتضح أن الصورة قديمة و مفبركة.
أفكاري تضيع . كيف يمكن أن أستعيدها؟ حتى لو استعدتها، هل ستكون هي بالضبط؟ ألن تكون شبيهة لها فقط؟ ستفقد كلماتي عذريتها بعد أن يعلوها غبار الأزقة المتّسخة، أكاذيب الحملة الانتخابية، الكلام البذيء لحارس السيارات يتشاجر مع زبون و الضيق الذي انتابني بعد أن هاتفني ابني:
أمي لقد أضعت تذكرة القطار و أنا في ورطة.
أرمي الكرة بعيدا عن مرماي:
لماذا لا تكلّم أباك؟
أعود إلى البيت، أتأبط كلماتي الضائعة، ورطة ابني، أكاذيب الحملة الانتخابية و كيس البضائع و أحاول أن أستنسخ ما طبعته على حاسوب دماغي.
لا بدّ أن أوصل رسالة أطفال أنفكو.
لم تستمع إليهم السيدة الوزيرة. غطّت أذنيها بشعرها المستعار و مضت إلى حملتها الانتخابية لا تلوي على شيء. الهياكل العظمية للأطفال أمامها، جنبها و وراءها.
باتت ليلتها أمام مسجد السنّة قابعة في جلباب مهترئ ترتجف من البرد، مادة يدها:
صوت لله يا محسنين! يا محسنين صوت لوجه الله و الله لا يضيّع أجر المحسنين.
خرجت وسط جموعها المكترية بمائة درهم للصوت. تزغرد، ترفع شعارات حزبها و تلوك سلسلة من الأكاذيب. لم تنته الحملة الإنتخابية لكن السيدة الوزيرة انتهت في حجرة في درب بويا عمر مسلسلة من رأسها إلى أخمص قدميها و تصرخ بأعلى صوتها:
ابعدوا عنّي الهياكل العظمية لأطفال أنفكو. ابعدوا عنّي الهياكل العظمية لأطفال أنفكو.



#زوليخا_موساوي_الأخضري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم في حديقة قصة قصيرة
- قصيدة نثر
- جدارية لمن يرقص الغجر


المزيد.....




- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زوليخا موساوي الأخضري - قصة قصيرة و يلعق الثلج الرسالة