لماذا فشل الاجتماع الشعبي لساحة السيندغما ( أثينا ) أو ما يسمى بحركة الساخطين

حسني كباش

الحوار المتمدن-العدد: 3551 - 2011 / 11 / 19 - 23:38
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

في فترة ليست بعيدة وجدت حركة ساخطين في ساحة السيندغما أمام البرلمان اليوناني حيث نعتهم الكثيرون بأناس ليس لهم شيء يفعلونه في حياتهم إلا أن يقفوا و يخمسوا للبرلمان
إلا أنني نظرت لهم بعين أخرى إذ أنني حينما رأيتهم أحسست بميدان التحرير يتحرك ذاهبا نحو أثينا . إلا أن هذه الحركة قد فشلت . لكن لماذا ؟
1- تركنا الساحة و ذهبنا في عطل صيفية :
في هذا المجال لا أود أن أهاجم الجموع الساخطة لأن ليست الجموع الساخطة هي من تلام بل الاستعداد الثوري العام للشعب اليوناني ذلك الوقت . فمثلا شعبنا السوري بقي لمدة 41 سنة لا يجرؤ حتى على فتح فمه إلا عند طبيب الأسنان و الآن نراه يقارب على رمي طاغيته بشار الأسد في حاوية التاريخ . و هكذا كل الشعوب في لحظة من اللحظات سوف تثور حتى يلغى كل شكل من أشكال القمع و الاستغلال و تحل مكانهما المساواة و الحرية . إلا أن سؤال متى يثور كل شعب فجوابه يقرره الشعب ذاته حين يرى نفسه مستعدا للتضحية و لا يملى عليه
2- الانقسام إلى متظاهرين في الأعلى و متظاهرين في الأسفل :
قسم متظاهرو السيندغما إلى قسمين
أ- قسم في الأعلى : كان له موقف سياسي جعله يترك كرسي البيت و يأتي لساحة السيندغما ليتظاهر أمام البرلمان و لو بطريقة التخميس لهذا البرلمان إلا أن هذا الجزء لم يكن يملك هوية سياسية
ب- قسم في الأسفل : كان يقوم بعقد الاجتماعات الشعبية اليومية و كان معظم أفراد هذا القسم من اليسار اليوناني بمختلف أطيافه مع عدم مشاركة الحزب الشيوعي اليوناني الذي في الآونة الأخيرة لا يشارك بأي شيء
بعض من كان في الأسفل اتهم أولائك الذين كانوا في الأعلى بالفاشية لحيازتهم على أعلام يونانية مما جعلهم يبقون في الأسفل
و معظم من كان في الأعلى لم يأتوا بغالبيتهم إلى الاجتماعات
و بقي من في الأسفل في الأسفل و من في الأعلى في الأعلى
و في أحد الاجتماعات نوقش موضوع هذا التقسيم و حينها قلت : (( كما نلاحظ جميعا هناك تقسيم داخل الحركة بين أناس في الأعلى و أناس في الأسفل , و بما أننا نعلم بأن موعد التظاهر يبدأ في الساعة ال18:00 و موعد الاجتماعات في الساعة ال21:00 فعلينا أن نصعد جميعا للأعلى منذ الساعة ال18:00 لنشارك من هم بالأعلى بالتظاهر و الهتاف و التخميس للبرلمان و لفتح بعض الأحاديث معهم و من ثم دعوتهم للاجتماع لنجمع جميعا معا عند الساعة ال21:00
ثانيا سمعت من البعض هنا من يتهم أولائك الذين بالأعلى بالفاشية و أنا أرد عليكم قائلا هؤولاء ليسوا فاشيين فقد رأيت بأم عيني بلوك بأعلام مصرية و لافتة تقول (( من ميدان التحرير إلى ميدان السيندغما نحن معكم )) و قابلهم من كان بالأعلى بالتصفيق و لا أعتقد بأن هناك فاشي يمكن أن يقابل بلوك مصريين بالتصفيق ))
أحسست حينها بأن ما قلته كان قد أعجب الحاضرين بالاجتماع و لكن بلا جدوى فلم يطبقه أحد و مرة أخرى بقي من في الأعلى في الأعلى و من في الأسفل في الأسفل
و بالحقيقة وجد بعض الفاشيين الأعلى و الذين كانوا أقلية ضعيفة جدا و كان باستطاعتنا منعهم حتى من التواجد لو وجدنا في الأعلى إلا أننا تركناهم وحدهم بين جموع غفيرة لا تملك هوية سياسية مما جعلهم يصبحون أغلبية مع الزمن
فمثلا مجموعة ( الثلاثمئة اليونانيين ) العنصرية لم تكن في بداية الأمر لتنشر بجرأة و وضوح بروباغاندتها المناهضة للمهاجرين غير الشرعيين إلا أنها استطاعة فع ذلك دون أي مضايقة فيما بعد
3- إضراب بدون نقابات ! مستحيل !
في أوكلاند في أميركا مؤخرا حدث إضراب بدون قرار نقابي
إلا أن هذا الأمر مستحيل أن يحدث باليونان و قد تم مناقشة إمكانية الدعوة لإضراب من قبل الاجتماع الشعبي إلا أن قوى اليسار الكلاسيكي قد رفضت و ظهر قرار يطلب من الاتحاد العمالي العام GSEE التي دعت إلى يومين إضراب
لقد كان هذا الاجتماع الشعبي يوما يحوي على 10000 مجتمع و قادر على إنزال 500000 متظاهر إلى الشارع . اجتماع كهذا قادر على إعلان إضراب من دون لا اتحاد العمال GSEE و لا جبهة النضال في كل اليونان PAME
إن ما لا يستطيع اليساري الكلاسيكي فهمه هو أن النقابة يجب أن تكون ملك للعمال و ليس العمال للنقابة
فليس قادة النقابات هم من يجب أن يقرر متى يعمل العامل و متى يضرب بل العامل هو من يجب أن يقرر متى يريد طرد كل قيادات النقابات المتآمرين عليه
أما الآن ففقط اتحاد العمال الكاذب هو من يستطيع الدعوة لإضرابات و مظاهرات بأعداد كبيرة هذا الاتحاد الذي يدعي لإضراب في أحسن أحواله مرة بالشهر و الذي في حال تشكل خطر على السلطة لن يدعو بعد لإضرابات
و أنصحكم بعدم انتظار ثورة من اتحاد عمال مسخ كهذا
هذه كانت بالنسبة لي سبب فشل حركة الساخطين

#حسني_كباش (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات