أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام عابد - بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة















المزيد.....

بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة


هشام عابد

الحوار المتمدن-العدد: 3550 - 2011 / 11 / 18 - 18:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    




الإهداء إلى: المرحوم محمد عابد الجابري

إن الحاجة إلى الفلسفة هي تقريبا الحاجة إلى الحرية والانعتاق والحياة، والفلسفة هي المساءلة الدائمة للحياة وللواقع. و من أهم شروطها أنها تحارب الأنماط الجافة والجامدة والممارسات الفكرية والسلوكيات الاجتماعية التقليدية والساكنة وتخلخلها وتعيد بناءها. وهي في تصور البراغماتيين الأمريكيين لا تستحق ولو دقيقة من الاهتمام إذا لم يكن لها أي نوع من أنواع الفائدة الاجتماعية.
والفلسفة فلسفات بصيغة التعدد و ليس الإفراد؛ فهناك فلسفة ماركسية حملت إرادة إصلاح المجتمعات، وفلسفة بنيوية حملت هم الصرامة المفاهيمية، والآن الفلسفة التحليلية تحاول ملأ الفراغ. لكن أين الفلسفة الإسلامية؟ لماذا لا تنتج مفاهيمها وتصوراتها لمعالجة قضاياها والقضايا العالمية.
أما الفلسفة في مغربنا الحبيب على المقاس المخزني أثبتت أنها مضيعة للوقت وغاية في الخطورة ومنبئة بالانحرافات الأخلاقية والسياسية، لذلك فالدولة عن طريق الحملة التي شنت على الفلسفة في بداية الثمانينات بإيعاز من قوى معينة كانت تدخل في إطار الحملة ضد اليسار والفكر العقلاني المتنور خصوصا، وتحديدا منذ تسعينيات القرن الماضي قايضت بين الفكر الإسلامي والفلسفة، فزكت الأول على حساب الثانية، وكان لذلك تبعات عرفتها ساحات الجامعات والشارع المغربي والمشهد الحزبي أيضا، وأثر في الاتجاه الفكري المغربي عامة، وكان الهاجس الأمني وراء إفراغ الفلسفة من محتواها العلمي والعقلي.
وما زاد الطين بلة هو أنها ربطت ربطا بالفكر الإسلامي ودرست من خلاله، إضافة إلى بعض الأساتذة الذين كرسوا المنهج المتخلف في تدريس الفلسفة للأسف مثلهم مثل آخرين في مختلف المواد والشعب. فوضعت النصوص الفلسفية أو بالأحرى "حنطت" في الكتب المدرسية و ذيلت بأسئلة محددة
وبليدة، ووضعت للتلقين والتلقي والاسترداد. بينما الذي نعرفه أن الفلسفة جاءت ضد ذلك، وجاءت لتقوض الجمود وتفتح المجال واسعا رحبا للتفكير وطرح الأسئلة، إذ يستحيل ممارسة الفلسفة إلا عن طريق ممارسة التفلسف والتفكير وجعل التلميذ يتعرف على خصائص التفكير الفلسفي بالاشتغال الحي والمباشر على النصوص الفلسفية وتفكيكها وإبراز أطروحاتها ومقارنتها مع ما كان يعرف أو يملكه من مبادئ عامة شخصية أو جمعية في المجتمع ثم يتعلم كيف ينظم أفكاره وينسقها ويبرهن عليها ويحاجج ويستنتج ويتعلم كيف يعارض بشكل ديمقراطي ومبني فلسفيا وعقلانيا.
إن الدولة المغربية، ومن خلال الحصص الزمنية والمجالات المكانية المخصصة للفلسفة بالمغرب والتي عرفت تقليصا خطيرا زمنا ومكانا، خنقت درس الفلسفة وبالتالي التفكير الحر والعقلاني، لصالح تكريس ثقافة الحفظ والعقلية الفقهية وكرست الجمود والتقليد بدل التجديد والإبداع. إن جمهور الدرس الفلسفي المتلقي داخل أقسام المدارس المغربية خاضع لإكراهات المؤسسة والضوابط التربوية النابعة من روح المقررات والبرامج المدرسية المحددة.. إن درس الفلسفة كمادة وكشعبة وكتخصص وكبحث، ليست للحفظ والاستظهار بل للثورة والتمرد على التقليد والجمود. إنه حر جميل كالفراش وليس صلبا متشنجا كالصخر والخشب!
إن الفلسفة "ملكة المواد" و"عروسة الشعب"، دون تردد، أحب من أحب كره من كره..! إنها تكسب المتعلم القدرة على الانتقال من الفكر العفوي الجاهز إلى الفكر النقدي المنظم. وتسمح له بامتلاك قدرات تفكيرية ومهارات عقلية مثل: التحليل، التركيب، الاستنتاج، المقارنة، النقد، المناقشة... واستيعاب المتعلم للقيم التي يتأسس عليها التفكير الفلسفي، ويعمل على ترسيخها مثل: ممارسة حرية التفكير، والاستقلالية في الرأي، والعقلانية في التحليل والحوار، والنقد في تقييم الوقائع والأفكار، واحترام الآراء في التواصل...
كما أنها تقوي حس الدهشة والتساؤل العلمي الدقيق، والمنهجية في التفكير وتناول القضايا العامة.
إننا ندافع عن درس الفلسفة من حيث أن المنهجية الفلسفية يمكن أن تنفع في فلسفة الحياة كلها، وتتدخل بشكل مباشر وفعال في نقد الواقع باستمرار وتجديده، بل والتفاعل معه بالشكل الصحيح. إن سمة "النقد" التي تتحلى بها الفلسفة تسمح بهامش واسع من أجل تجديد الفكر وتنمية قيم المجتمع وتحديث ثقافته وضخ الدماء فيها من أجل مراجعة للتقاليد ولنظام المؤسسات وإعادة النظر في طبيعة العلاقات السائدة وتصحيحها باستمرار.
إن الفلسفة أساس من أسس التنمية والحداثة ولا مناص من اقتحام بابها لمن أراد دخول عصر التقدم ولمن أراد تسجيل اسمه في لائحة حضور الموجودين داخل التاريخ وليس خارجه...
إن الفلسفة على العموم تقدم للباحث أدوات لتفكيره وتفسيره وتنظيره للواقع، وهي مادة للتكوين المعرفي، الفكري، الحضاري، الديمقراطي، وهي تربية وقناة حقيقية نحو الديمقراطية والتقدم. إذ الفلسفة والتقدم وجهين لعملة واحدة، منذ الزواج "الكاتوليكي" بين الفلسفة والديمقراطية على مسرح "الآغورا" على العهد الإغريقي حيث ترعرع التفكير الفلسفي الحر المنبثق من أحشاء التفكير الجمعي. الأمر الذي يثبت أن هناك زواجا ضروريا بين الفلسفة والحرية، فلا حرية بدون فكر فلسفي، ولا فلسفة بدون هامش للحرية..
وليس من الغريب أن نجد أن بداية الانحطاط لدى الأمم مرتبطة بكبت الفلسفة فيها (الإغريق، العرب...). وأن الدول التي تقدمت هي التي كانت لها فلسفة للعمل(اليابان، ألمانيا، أمريكا...)، بينما الفلسفة عندنا وعند الشعوب العربية عموما مرتبطة بـ "السخرية" كما كانت بالأمس مرتبطة بـ "الزندقة"، فما أن يتخذ حديثك طريقه نحو العمق أحيانا حتى يبادرك الآخر بالقول؛ (براكا من التفلسيف، خلي داك الفلسفة الخاوية عندك)...
لقد دافعت الفلسفة دائما ضد فكرة لا جدوى الفلسفة التي كانت إما:
- إدعاء إخفائيا، يحتمي وراءه الضعفاء حسب تعبير "باسكال"؛ أي الذين لا يستطيعون الدفاع عن الحقيقة.
- إدعاءا ديماغوجيا، يتسلح به الدوغمائيون الذين ترعبهم رؤية الأشياء من زوايا مغايرة قصد الإبقاء على "زاوية" أحادية يرتاحون إليها ويطمئنون (متى ينتهي دفن الفلسفة. العلم الثقافي. السبت،11 أكتوبر 1997).
إن الفلسفة وحدها تميزنا عن الأقوام المتوحشين والهمجيين، وإن حضارة الأمم وثقافتها تقاس بمقدار شيوع التفلسف الصحيح فيه كما يقول "ديكارت".
لن يستطيع أحد أن يدر الرماد في عيوننا ويغسل دماغنا عن كون الفلسفة طب حضاري وأنها هي الكفيلة برسم استراتيجية للمجتمع، وبأنها مكون قوي للتحرر من ضغوط الماضي والتقليد وهيمنة الغرب وسيطرته، وأنها لقاح فعال ضد الاستلاب وتدعيم للهوية ومحرك للإبداع والإنتاج العقلي البناء، وأنه لا مناص لنا من الفلسفة من أجل تنمية حقيقية والتي يريدون لها أن تكون "مستدامة"! كما يأتي في خطاباتهم وشعاراتهم الفلسفية! السوفسطائية والديماغوجية.. بل نريد فلسفة كما نفهمها ونريدها نحن؛ ديموقراطية، عقلانية، حرة، وفاعلة..



#هشام_عابد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فكرة الحرب عند ابن خلدون من خلال المقدمة؟
- فلسفة الحرب عند سن تزو؟
- الشعب والدستور؟
- دولة كامونية وشعب انتهازي..!
- إحراق الذات-اللغة الجديدة للحتجاج-
- تاريخانية عبد الله العروي؟


المزيد.....




- احتفال ينتهي بذعر وهروب للنجاة.. إطلاق نار يحوّل لم شمل سنوي ...
- أكبر رئيس في العالم يسعى لولاية ثامنة
- شباب مبدعون.. مهارات وابتكارات ذكية بأيد شبان في عدد من دول ...
- احتفالات فرنسا بالعيد الوطني تبرز -جاهزية- الجيش لمواجهة الت ...
- فرنسا.. أي استراتيجية دفاعية لمواجهة التهديدات الأمنية المتف ...
- أعداد القتلى إلى ارتفاع في اشتباكات متواصلة.. ما الذي يحدث ف ...
- زيلينسكي يستقبل مبعوث ترامب على وقع هجمات متبادلة بين روسيا ...
- زيلينسكي يقترح النائبة الأولى لرئيس الوزراء لقيادة الحكومة ا ...
- أكسيوس: إدارة ترامب تلاحق موظفي الاستخبارات باختبارات كشف ال ...
- الأحزاب الحريدية تعتزم الاستقالة من حكومة نتنياهو


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هشام عابد - بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة