أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ريما كتانة نزال - الحزن والفرح في فلسطين














المزيد.....

الحزن والفرح في فلسطين


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 3524 - 2011 / 10 / 23 - 23:06
المحور: القضية الفلسطينية
    



فرحت كل فلسطين لتحرير الأسرى، ضحكت الروابي والسهول، هدر ماء البحر. خشعت السماء لتحلل القيود والبيوت تركت أساساتها. قُهرت فلسطين وحزنت كلها لبقاء الأسرى في السلاسل، رشحت العيون بالملح وتجمعت الغيوم للنحيب. سكن موج البحر وابتلعت الأرض نفسها كمدا، هاجرت الينابيع ومدّت الصحراء أذرعها بلوعة.
في فلسطين، الحزن والفرح صديقان، وبالأحرى يتعايشان كتوأم سيامي لا فكاك بينهما، يمتلكان فكرين متقابلين لكنهما يصران على الحركة باتجاه واحد معا. ينام الحزن والفرح، في بلادنا، في سرير واحد جنبا إلى جنب، يسافران مع الحقائب المؤقتة لتوزيع الشذرات وتقاسم التركة باتفاق. يترافقان في السهر والسمر ويعليان من مكانة تضاد التوأمة. الحزن والفرح، في بلادنا، في حالة عناق وعراك. لا غنى للحزن عن الفرح في مراسيمنا، ولدى غياب أحدهما عن أحد المشاهد الطقسية.. يفتقده الآخر باحثا عنه حتى يجده. على هذه الأرض، تختلط المشاعر بوفرة، وتتبادل المتناقضات الأماكن بنسق دقيق دون قدرة على السيطرة وحسم التناقض، في بلادنا تخجل المشاعر الحزينة من أن يضيء وجهها بفرحة ما ولو عابرة.
الحزن النبيل محق في حزنه، لكنه لحرية بعض الأسرى، يقرر عدم السماح لنفسه أن يبالغ في الانتقاص من بهجة المحبة. الحزن أكثر حكمة من الفرح، ولا يناسبه الغرق في الخيالات والتهويمات الباذخة، يهنئ الأسرى على تعديل مكان "الفورة"، وعلى انزياح أربع وتسعين ألف سنة عن كاهلهم، يبلغ عن نكسته ويتوارى، يترك رسالة عن تضخم الباطل فوق الأرض، وعن غواة المناكفة، وعن حرية بمقدار وقسط، عن حرية لا تختار مكان حريتها، عن تحرير يساوي غربة.
الفرح في بلادنا، يبحث عن اكتمال مغامرته الخطيرة، عن ترميم انكسارات حياة لم تبدأ، عن فرصة سجين في تخفيف شح الضوء. عن بارقة امل تمكن من مراقبة الحياة من شارع ونافذة، عن إدخال الوقائع في ثنايا حلم يتكرر.
الحزن والفرح متفقان، هما متأكدان بأنه لسبب وجيه ما تنفس بعض الأسرى الحرية، حيث أعلن السجان عن انتقال "الفورة" إلى باحة السجن الكبير، إعلان كبير يطلقون عليه عادة اسم الصفقة يؤكد على قرار تجميع محدود في غرفة انعزالية كبيرة بين جدران وحواجز عملاقة.
الصورة الجديدة الجميلة تفتقد إلى تكبير الحناجر، تبحث عن ابتسامة مرسومة بعناية فرح "عبلة" و"فدوى" و"خولة". المشهد الجميل يفسده دلالات عنصرية غبية، خيبة أمل زوجة لم تنقطع عن الزيارة منذ ثمانية وعشرين عاما، فزع أم وأب،على البركة، التزما بموعد مع وعد صادق بوداع بكرهم الأسير، قلق زوجة امتزج ليلها الساكن في الخوف مع انهيال الدولارات والدعوات لقتل الزوج المحرر، الصورة الجميلة تبحث عن عظام مقيدة برقم سري جعلت الحرية أمرا ممكنا.
في فلسطين حيث الرسالة والحكمة، حيث نرتل سورة الحزن الدفين الموشى بالذكريات والتجارب، نهوى الرجوع دائما إلى المصدر والأصل، لا يخطفنا البريق ولا ننسى، نعود الى العداد التاريخي الدقيق، إلى الرواية الشفهية المختبرة. إنها حكاية مصفحة مدججة تقف آخر الليل أمام الباب، تخرج منها الأيدي السوداء والوجوه الملثمة، تتناول الحبيب من أحلامه، تحزم المعاصم بذات الأساور البلاستيكية الضيقة، ونفس الربطات المحكمة تدور حول الرؤوس. تقذف الأيدي الجسم في قعر مصفحة مدججة أخرى، يرتطم الجسم بجسم آخر، ويعاجَل الجسمان بقذفهما بجسم جديد.. بينما الركلات الهمجية تحاصر اللحم المستباح والصدور العارية، انها حكاية كتم الأنفاس المكابرة.
على هذه الأرض تتجاور المشاعر المتناقضة وتعيش بسلام، على هذه الأرض يسكن وطن يتوجع من استيطان الوجع، إنها الأرض التي يودع أهلها شهداءهم بالزغاريد وإشراق الدمع، إنها الأرض التي تجزع من فائض السعادة وتتشاءم من ارتفاع منسوب الفرح..انها باطن الأرض التي يتفجر فيها التاريخ حمم المشاعر.. وأنتجت بغفلة منه خريطة وشعبا له خصوصيته وفرادته.. يهنئ المحررين وينتظر موعدا بذات الطعم ..



#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصف -دزينة- من النساء
- خطاب الرئيس: الى نيويورك
- التأجيل الرابع للانتخابات المحلية..
- هل سيتم الالتفاف على قرار محكمة العدل العليا..!
- ظاهرة اغتيال الشخصية الناجحة
- المصالحة من منظور نسوي
- جمعة هدم الجدار في بلعين
- على هامش -من أوراق العمر-..
- خمس وعشرون عاما على فراق خالد نزال، عن تجربة التعايش مع الفق ...
- مقترحات -توماس فريدمان- من ميدان التحرير
- القتل دفاعا عن -شرف العائلة- يقتل العائلة..!
- رمزية حضور المرأة في مشهد المصالحة
- حركة التضامن الدولية مستمرة في فلسطين
- أهمية قيام حركة اجتماعية للنساء الفلسطينيات
- لقاء رئيس الوزراء مع ممثلات من قطاع المرأة الفلسطينية
- الشعب يريد إنهاء الانقسام والاحتلال-
- المرأة المصرية جزء أصيل من ثورة التغيير في مصر العربية
- أرى.. لا أسمع.. ولا أتكلم
- 52% من عضوات المجالس المحلية الفلسطينية لا يرغبن في الترشيح ...
- احياء يوم الشهيد في بلعين


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ريما كتانة نزال - الحزن والفرح في فلسطين